x

المحامى الكبير فريد الديب فى ندوة «المصري اليوم»: دافعت عن الجاسوس الإسرائيلى «عزام» بطلب من مبارك (3 -3)

الأحد 11-06-2017 23:34 | كتب: طارق صلاح |
المحامي فريد الديب في ندوة المصري اليوم المحامي فريد الديب في ندوة المصري اليوم تصوير : أدهم خورشيد

كشف المحامى الكبير فريد الديب، عن كواليس دفاعه عن الجاسوس الإسرائيلى عزام عزام، فى القضية التى هزت الرأى العام قبل سنوات، موضحاً أنه ترافع عنه بناءً على طلب الرئيس الأسبق حسنى مبارك، الذى تدخل شخصيا لإسناد القضية إليه، وقال إن أسامة الباز، مستشار مبارك للشؤون السياسية، وقتها، نقل له رسالة من مبارك تتلخص فى جملة صغيرة: «عايزك تشتغل القضية براحتك وحريتك ولاتقلق أبدا، واكتب مذكرتك وماتخافش من حاجة». وأضاف الديب فى الحلقة الثالثة والأخيرة من ندوة «المصرى اليوم»، أن العامل الرئيسى فى نشأة قصة قضية «عزام» هى «الملابس الحريمى الداخلية»، إذ أدت إلى دخول عناصر إسرائيلية إلى مصر والعكس، وسافر شباب من الوطن إلى تل أبيب للعمل فى مصانع إسرائيل، ومع بداية الأحداث تفجرت قصة غرام بين فتاة إسرائيلية تدعى زهرة وأحمد إسماعيل مدرس من المنوفية، وحكم عليه بالمؤبد، مؤكدا أنه اشتهر فى قضايا المخدرات، خاصة الجلب والاتجار، لافتا إلى أن ضميره لا يؤنبه إطلاقا على عمله بهذه القضايا، لأن عمله يقوم على خرق السلطات للقانون أثناء القبض على المتهمين. وذكر الديب أنه أحيل للمعاش بعد أن كان وكيلا للنائب العام، فيما عرف بمذبحة القضاء نهاية الستينيات، بسبب تدوينه فى تحقيقات النيابة التى باشرها بنفسه فى نهاية فترة الستينيات، أن المظاهرات التى قام بها طلاب الجامعة جاءت للتنديد بحكم عبدالناصر.

■ فى البداية هل لديك حصر بأرقام القضايا التى أسندت إليك منذ بداية عملك فى المهنة؟

- مدون فى سجل المكتب 7500 قضية منذ بداية عملى بالمحاماة بعد أن خرجت من سلك النيابة العامة فيما سمى بمذبحة القضاء، وكان عمرى وقتها 26 عاما، وكنت أحلم بأن أعمل محاميا منذ صغرى، لكن بصراحة وددت أن أمكث فى القضاء حتى درجة مستشار، وبعدها أقدم استقالتى، لاكتساب خبرة أوسع وأكبر، ثم أتجه للمحاماة، لكن إحالتى للمعاش فى هذه السن لم أتوقعها.

■ ما سبب إحالتك للمعاش؟

- أتذكر كل أحداث مذبحة القضاء بالتفاصيل، وتحتاج وقتا طويلا لسردها، لكن كل ما يمكن قوله إننى فوجئت بخطاب إحالة للمعاش بتاريخ 31 أغسطس من عام 1969، ضمن القرار الذى تضمن 128 عضوا بالقضاء، وبالطبع يعد هذا رقما كبيرا، لأن إجمالى الأعضاء كان أقل من 2000 قاض، والأسباب التى ذكرت وقتها وعلى أساسها أدرج اسمى فى كشوف المذبحة، هى أننى كتبت فى التحقيقات التى كنت أباشرها بصفتى وكيل نيابة فى قضية مظاهرات طلاب جامعة عين شمس عام 1968، تلك الهتافات التى وجهها الطلاب ضد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بسبب هزيمة 1967، وكانت عبارة عن انتقادات شديدة لعبدالناصر، لكن نظامه لم يكن يرغب أن تكتب الحقيقة المتمثلة فى أنها مظاهرات مناوئة للرئيس، لكنهم حاولوا أن تدون ضد آخرين، ولم أفعل ذلك بالطبع، والسبب الثانى يرجع إلى اشتراكى فى طبع البيان الذى أصدره نادى القضاة فى 28 مارس عام 1968، الذى أرجع فيه هزيمة يونيو إلى عبدالناصر، وكان أيضا شديد الانتقاد له، وهناك سبب ثالث وهو فوز القائمة التى كنت أدعمها فى انتخابات نادى القضاة عام 1969، والتى عرفت باسم قائمة الشرفاء، وكان على رأسها مستشارون عظام مثل ممتاز نصار، ويحيى الرفاعى، ونجاح هذه القائمة تسبب فى استفزاز عبدالناصر ورجاله، وجاءت المذبحة لتطيح بكل معارضى النظام وقتها.

■ من ساعدك للعمل فى النيابة العامة؟

- «مافيش حاجة اسمها حد يساعدك»، فى ذاك الزمن الجميل لم تكن هناك وساطة مطلقا فى التعيينات بالنيابة، ولم نر توريثا فى هذه الأمور، فقط مجهودك وتفوقك هما السبيل لدخولك هذا الوسط، وأنا حصلت على تقدير جيد جدا، وترتيبى جاء العاشر على الدفعة فى عام 1963، وتم تعيينى معيدا بكلية الحقوق جامعة القاهرة، ومندوبا مساعدا فى مجلس الدولة، نظرا لتفوقى، ورفضت الوظيفتين لأننى كنت أهوى العمل بالنيابة العامة، التى قدمت لها أوراقى، وبالفعل صدر قرار تعيينى فيها بتاريخ 25 أكتوبر 1963، وبدأت العمل على الفور فى نيابة الحوادث بقسمى السيدة زينب والخليفة، وهذه البداية أصقلتنى ومنحتنى كثيرا من الخبرة والمعرفة، ما أفادنى فى مهنة المحاماة، وبرغم قصر مدة العمل فى النيابة التى لاتتجاوز الـ6 سنوات، إلا أننى استفدت منها بشكل كبير، خاصة أننى عملت فى بدايتى مع رئيس النيابة ممدوح عطية، الذى أصبح وزيرا للعدل ورئيسا للمحكمة الدستورية، وتمرست معه وازددت معرفة ودراية فى أمور مختلفة.

■ هل تتذكر أول راتب من النيابة العامة فى بداية تعيينك؟

- طبعا متذكر جدا، كان راتبى 15 جنيها، وبعدها زاد 4 جنيهات، ولا أنسى أن والدتى أشركتنى فى جمعية بـ10 جنيهات وقتها، وتحصلت على 250 جنيها، تزوجت بها، وللعلم هذه أرقام عالية وقتها، والغريب أن هذا الراتب كان أقل كثيرا مما حصلت عليه فيما بعد عندما عملت بالمنظمة الدولية العربية ضد الجريمة، التابعة لجامعة الدول العربية، بعد أن طلبونى من وزارة العمل التى كنت قد التحقت بها بعد أن تركت النيابة، وجاء طلب الجامعة لشخصى بعد حصولى على الماجستير، وبالنظر إلى سيرتى الدراسية والعملية، كان قرار ضمى إلى إحدى الجهات التابعة لها، ولم أستقر كثيرا فيها، واستقلت رغم أننى كنت أحصل على 400 جنيه، راتبا شهريا، وكنت أتقاضى 300 جنيه بالمصرى، والباقى بالدولار، وكان وقتها بـ33 قرشا، وقدمت استقالتى من هذه الوظيفة لعدم قدرتى على تحمل تصرفات العرب والتى ظهر فيها اختلاقهم للمشاكل، ما يشعرك أنك غير قادر على إرضاء الجميع، ويخلق أجواء غير صحية لاتساعد على الإنتاج والتميز، واتجهت للمحاماة منذ عام 1972 حتى الآن، وأذكر أننى كنت أذهب للمحاكم وأنا طالب للاستماع للمرافعات التى استهوتنى، خاصة فى قضايا الجاسوسية، لأنها تحتاج إلى مهارة وذكاء وإخلاص، وبدأت عملى فى مكتب يحيى الرفاعى بوسط القاهرة، وكنت شغوفا بهذا المجال الذى استهوانى واستغرق وقتى وعقلى معا.

■ هل تتذكر أكبر الأتعاب التى تقاضيتها فى بداية عملك بالمحاماة وكيف بدأت شهرتك؟

- أتذكر أن أعظم مذكرة كان لا يزيد أجرها على مبلغ 70 جنيها، لكن أكبر رقم تقاضيته فى بداياتى كمحام هو 700 جنيه، وهى عبارة عن قضية مخالفات على تاجر كبير كان يدعى الحاج سعيد الجوهرى، الذى تخصص فى بيع الآلات الزراعية، وعندما تحدثت مع الجوهرى فى البداية قال لى: «لو خلصت لى القضية دى سأعطيك 700 جنيه»، فقلت له: «بجد الكلام ده»، فأجابنى: «نعم»، وذهبت للمحكمة بمذكرة كنت قد سهرت واجتهدت فيها، وقدمتها للنيابة التى حفظت القضية، وعندما طلبت شهادة تدل على الحفظ سألونى عن الكارنيه، ولم أكن عضوا بالنقابة وقتها، فلجأت لوكيل النيابة الذى منحنى الشهادة، وأخذتها واتجهت إلى الجوهرى، وعندما شاهد الأوراق استدار من على مكتبه وقام بفتح الخزينة وأعطانى الأتعاب، ولم أصدق نفسى، لدرجة أننى كنت أسير فى الشارع ولدى هاجس أن هناك عصابة تتبعنى لخطف الـ700 جنيه منى، لأن هذا المبلغ وقتها كان رقما خياليا لم أتوقعه أبدا.

بعد ذلك بدأت أشتهر فى قضايا المخدرات، وتحديدا فى الجلب والتهريب، لدرجة أنى أصبحت مشهورا فى بيروت، وكنت أسافر وأعمل مع محام لبنانى، لكن لم أسع للشهرة على الإطلاق.

■ هل تشعر بتأنيب الضمير بعد مساعدتك لمجرم مخدرات بالإفلات من العقاب؟

- لا أشعر بتأنيب الضمير ومرتاح للغاية، لأن المخالفة فى تطبيق القانون هى التى أدت إلى إفلات المجرم وليس المحامى، وقد وُضع القانون كضمانة وحماية للأفراد وحقوقهم، ولا يجب أن يتم تطبيقه بطريقة خاطئة أو متسلطة، والقاعدة هى أن يخضع الجميع أمام التشريع سواسية، وقانون الإجراءات الجنائية يحمى الناس من تعسف استخدام السلطة، ولا سبيل عن تطبيق العدالة بشكل سليم دون تعنت أو مخالفة.

■ قضية عزام عزام الجاسوس الإسرائيلى عام 1997 نقطة فاصلة فى حياتك.. اشرح لنا كيف بدأت العمل فيها؟

- فى أحد الأيام وأنا جالس بمكتبى، فوجئت بالسكرتيرة تخبرنى بوجود قوات أمنية وأشخاص غرباء موجودين بالخارج يريدون مقابلتى، قلت لها أدخليهم، وعندما استفسرت عن الأمر، أبلغنى ضابط أنهم حرس شخصية دبلوماسية، ترغب فى مقابلتى، وأشار إليه، وبعدها خرج الأمن، وجلست معه بالمكتب، وقال لى إن اسمه أسعد الأسعد، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلى لشؤون الدروز، وقدم لى الباسبور الدبلوماسى الخاص به، وأخبرنى بأنه جاء إلى القاهرة خصيصا لمقابلتى بناء على اتفاق مع الراحل الدكتور أسامة الباز، المستشار السياسى للرئيس الأسبق حسنى مبارك، وقتها، وسألنى ألم يخبرك بذلك؟، فقلت لا، لم يحدثنى «الباز» بشىء، فقال لى، وهل مبارك اتصل بك؟ فأجبته لأ، وأفصح لى أنهم يرغبون أن أكون محامى الشاب الإسرائيلى عزام، وعندما استفسرت عن عزام، شرح لى الموضوع بالتفصيل، وطلبت منه فرصة لقراءة القضية التى أعطانى منها نسخة كانت جاهزة معه، وانصرفوا فى وقت متأخر من الليل، وفى اليوم التالى اتصلت بـ«الباز» للوقوف على الأمر، لكنه كان مسافرا، وبعد أيام وجدته يتصل بى وشرحت له ما حدث، فقال لى: «أنا كنت هكلمك فى الموضوع عندما تقابلنا يوم حفل زواج ابنتك، لكننى فضلت الانتظار لفرصة أخرى».

■ ألم تستفسر منه عن الأسباب التى دعت مبارك لاختيارك كى تدافع عن عزام الجاسوس الإسرائيلى؟

- بالطبع سألت الباز، فقال لى إن رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو أثناء زيارته لشرم الشيخ، طلب من مبارك التدخل للإفراج عن عزام، الذى كان محبوسا على ذمة القضية الشهيرة والمعروفة إعلاميا بالتجسس، وأن مبارك كان «عايز يسلمه لهم ويخلص من قرفهم»، لذلك سأل النائب العام عن موقف القضية فأخبره بأنها دخلت المحكمة، ولذلك شرح لهم الرئيس الأسبق الوضع، وطالبهم بتوكيل محام كبير للدفاع عنه، فطلبوا منه ترشيح اسم يثق فيه، فقال لهم عليكم بفريد الديب، وسوف «أكلمه فى الموضوع»، وقد حدث بالفعل، وقال لى الباز إن الرئيس مبارك يبلغك بأن «تشتغل فى القضية بدون خوف ولا تقلق أبدا، وخد راحتك واكتب فيها مذكرتك القانونية بكل حرية».

■ ماذا يقصد أسامة الباز من وراء جملة اشتغل القضية ولا تقلق؟

- الباز أوضح لى أن مبارك كان يرغب فى طمأنتى، وقال له لابد من طمأنته، وتوضيح أن عمله كمحام لن يزعج أحدا، وفهمت منه أن الدولة ليس لديها مشكلة فى الأمر مطلقا، واستفسرت عن الأتعاب وسألته من الذى سوف يدفعها لى، فأجابنى قائلا: «الإسرائيليون هما اللى هايدفعولك».

■ هل حصلت بالفعل على أتعابك كاملة؟ وكم بلغت؟

- نعم أخذت كل أتعابى كما اتفقنا لم ينقص منها شىء وحصلت عليها قبل الموعد المحدد لها منذ البداية.

■ ما التهمة التى وجهت إلى عزام من واقع أوراق القضية؟

- التهمة هى اشتراك المتهم الرابع عزام الإسرائيلى مع المتهم الأول عماد إسماعيل، مدرس مصرى الجنسية، من قرية الراهب بمركز شبين الكوم بالمنوفية، فى التخابر لصالح إسرائيل بقصد الإضرار بمركز مصر الاقتصادى، وقد كتبت فيها مذكرة من 312 ورقة، وخصصت 60 صفحة منها للحديث عن نشأة إسرائيل وتاريخ الدروز، لإثبات أن عزام لا يمثل الدولة العبرية، وكان ذلك بتاريخ 17 أغسطس من عام 1997.

■ ما الفرق بين التخابر والتجسس؟

- التخابر هو الاتصال بأحد الأجانب بهدف تقديم بعض المعلومات الاقتصادية التى يمكن أن تضر باقتصاد الوطن، أما التجسس فهو نقل أسرار الأمن والدفاع عن البلاد وإفشاء معلومات عنها لأى أجنبى.

■ ما كواليس قضية عزام؟

- القضية من الأساس جاءت بسبب الملابس الداخلية للنساء، حيث كانت إسرائيل ابتكرت شيئا جديدا فى عملية تصنيع الملابس الداخلية للنساء، وحاول ابن اللواء طيار أحمد عبدالمقصود عرفة، صاحب مصنع «جولدن تكس» للأصواف عمل صفقة مع صاحب المصنع الإسرائيلى، واتفقوا على أن يتم تدريب عمال من مصر داخل مصنع زيجى بإسرائيل، وبالفعل سافر 12 شابا، منهم عماد إسماعيل المتهم الأول فى القضية، وتعرف على عزام متعب عزام، وصارت بينهما صداقة، وقام عزام بتعريف أحمد على صديقاته زهرة المسيحية المارونية، ومنى الشواهنة، وأصبحوا جميعا عبارة عن صحبة واحدة، يقضون أوقاتا معا فى خارج العمل كأى أصدقاء، إلى أن عاد أحمد للقاهرة بعد فشل الاتفاق بين «زيجى وعرفة»، لكن صاحب المصنع عقد اتفاقا آخر مع مصانع سمير سامى رياض، وجاء عدد من الفنيين الإسرائيليين لتشغيل الماكينات الجديدة، وكان بينهم «عزام» الذى عمل بمصنع شبرا الخيمة واستقر به الحال فى أحد الفنادق، وسارت الأمور عادية جدا بالنسبة لعزام، بينما الشاب المصرى عماد إسماعيل، ظل متصلا بزهرة التى أحبته كثيرا، وطلبت منه السفر إلى الخارج، وحاولت تنصيره واستقدامه إلى تل أبيب، لكنها فشلت، فجاءت إلى القاهرة لكى تقابله، واتفقا على اللقاء داخل فندق شهير بالقاهرة، وبينما كان عماد يحاول رؤيتهم داخل الفندق اعترضه الأمن وقام بالقبض عليه عندما علم أنه يرغب فى الصعود لإسرائيليات، وبدأ التحقيق معه ثم تم القبض على عزام بعد فترة.

■ وما الأحكام التى صدرت على المجموعة؟

- جاءت كالتالى عماد إسماعيل المؤبد حضوريا وزهرة جريس ومنى أحمد شواهنة المؤبد غيابيا بينما حكم على عزام متعب عزام بالسجن لمدة 15 عاما، وقد أفرج عنه بعد 8 سنوات فى مقابل الإفراج عن 12 مصريا كانت قد قبضت عليهم إسرائيل بتهمة دخول المياه الإقليمية الإسرائيلية وبقى عماد يقضى مدة العقوبة داخل السجن.

■ وما قصة الحبر السرى الذى تم ضبطه فى القضية مع المتهمين؟

- لم يتم ضبط أى أحبار سرية فى هذه القضية المفبركة والملفقة، ولكن ما حدث أنه عند تفتيش الأمن لمنزل عماد إسماعيل بالمنوفية أثناء القبض عليه قاموا بتحريز ملابس داخلية خاصة بالسيدات وذكرت المحاضر بوضع هذه الملابس فى الماء المقطر ترسب أملاحا، وهذه الأملاح تصلح لتصنيع الحبر السرى بالرغم من أنهم لم يضبطوا حبرا سريا مطلقا لكن بدا لى تماما أن الأمر عبارة عن تلفيق قضية تخابر، وكل الأدلة والشواهد تؤكد ذلك والدليل أن عماد إسماعيل كان قد ذهب للأجهزة الأمنية وأخبرهم عن موضوع الفتاة الإسرائيلية بنفسه قبل القبض عليه بفترة طويلة وذكر للأجهزة أن هناك فتاة تدعى زهرة تقوم بمطاردته وهو يخشى من أن تكون لها علاقة بالموساد وتركته الأجهزة وبعدها قبضت عليه أثناء محاولته الاجتماع بها داخل غرفتها بفندق بالقاهرة.

■ برأيك لماذا سيتم تلفيق تلك القضية تحديدا؟

- لست أدرى، لكن قناعاتى التى ما زلت متأكدا منها والقصة من وجهة نظرى، أن زهرة الإسرائيلية كانت معجبة بعماد المصرى، لذلك قامت بمطاردته ولو كانت تعمل مع الموساد حقا فكيف لم تستطع أن تدخله تل أبيب؟ كما أن صديقتها منى أحمد شواهنة، قامت بإبلاغ أهل عماد عن العلاقة بين الاثنين، بعد أن دبت الغيرة فى قلبها، ولو البنتان أو إحداهما تعمل مع الموساد، لماذا أقدمت «منى» على إفشاء سر زميلتها مع ابن المنوفية، عموما كلها أسئلة ساعدتنى لتكوين رأيى.

■ هل اتصل بك مستشار رئيس الوزراء مرة أخرى؟

- نعم جاء فى اليوم السابق لجلسة النطق بالحكم أشقاء عزام وأعطونى الجزء الثانى والأخير من الأتعاب، وتعجبت من أنهم قدموه لى فى هذا التوقيت، لأن اتفاقنا يوجب حصولى عليه بعد النطق بالحكم، واستفسرت عن الأمر، فقالوا بكل صراحة كنا نشك فى أمانتك، وتملكنا الخوف أن تعمل بمبدأ الخلافات بين مصر وإسرائيل وتهمل القضية، كما أهدونى بعض المكسرات والتفاح الإسرائيلى، والغريب أيضا أننى سافرت إلى باريس فى نفس يوم الحكم، ووجدت مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلى يتصل بى فى الفندق الذى أقيم فيه، وقال لى إن رئيس الوزراء يرغب فى محادثتك لتقديم الشكر لك، فأجبته دون تردد: «شكره وصل وبلاش تخليه يكلمنى»، ثم اتصل بى مرة أخرى، وكنت وقتها فى سويسرا، وطلب منى أن أكتب التماسا بالعفو من قبل رئيس الجمهورية، فقلت له أى شخص ممكن أن يقوم بهذه المهمة، وأنا هنا ليس لدى إمكانية لكتابة هذه الورقة، فقال لى سنرسل لك كل شىء، وفعلا فى أقل من ساعة وجدت فتاة ومعها جهاز للكتابة تطرق باب الغرفة، وقمت بإلقاء الالتماس عليها، وانصرفت، وانتهت علاقتى بهم للأبد منذ ذلك التاريخ.

■ وجهت إليك انتقادات شديدة بسبب هذه القضية منها اتهامك بأنك محامى الموساد الإسرائيلى ما مدى تأثرك بهذا الاتهامات؟

- لم يؤثر هذا الكلام مطلقا فى نفسى، لأننى أعلم أن وراءه حاقدين على نجاحاتى، ويتمنى أى منهم أن يكون فى موقفى، لكن لم ولن يستطيع، لذلك يلجأ إلى التشويه والتجنى على شخصى.

■ من وجهة نظرك إن لم يكن عزام عميلا للموساد ما سبب اهتمام إسرائيل به، وطلب نتنياهو من مبارك الإفراج عنه فى بداية القبض عليه؟

- هذا الاهتمام يرجع لكون عزام ينتمى إلى الدروز، والأخيرة تتمتع باهتمام كبير داخل إسرائيل، لأنها تقوم على أسس تتلخص فى العناية الكاملة بأبنائها من الناحية الجسمية والعقلية، لذلك جميع أعضائها أقوياء وأصحاب عقول نابهة، ورغم أن القانون الإسرائيلى قد استبعد من تجنيده كل عرب 1948، لكنه لم يستبعد الدروز، وباتوا المكون الرئيسى لجيشهم، لأنهم مقاتلون شرسون أقوياء، وهم أصلا نازحون من اليمن، ويرجع تأسيس المذهب الدرزى إلى رجل مصرى يدعى إسماعيل الدرزى، ولنتذكر بأن عمرو ابن العاص قد استعان بهم عندما فتح مصر، لذلك تجد السلطات الإسرائيلية حريصة عليهم وتفعل المستحيل من أجل الحفاظ عليهم، وللعلم فإن أسعد الأسعد الذى حضر خصيصا للقاهرة للاتفاق معى على القضية هو مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلى لشؤون الدروز، ما يؤكد اهتمامهم بهذه الطائفة على وجه التحديد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية