x

درب النور : الإمام الجوهرى.. مكتشف رأس «الحسين» بالقاهرة

الخميس 08-06-2017 20:55 | كتب: شيرين رفعت |
مسجد الإمام الجوهرى من الداخل مسجد الإمام الجوهرى من الداخل تصوير : عزة فضالي

جامع وسبيل فى زقاق الجوهرى بحى الموسكى يحملان اسم العالم الأزهرى الإمام أحمد الجوهرى، وصفه إمام المؤرخين عبدالرحمن الجبرتى، بإمام المحدثين فى عصره، وسطر الشعراء وعلماء الأزهر مشهد تشييع أهل مصر لجثمانه فى كتاباتهم وقصائدهم.

فهو الإمام «أحمد بن الحسن بن عبدالكريم الخالدى الشافعى الأزهرى الجوهرى»، الذى ينتهى نسبه إلى الإمام الحسين، وشهرته بالجوهرى لأن والده قيل عنه إنه تاجر جواهر، وهو من الأئمة المحدثين فى مصر فى القرن الثامن عشر الميلادى، وأحد العلماء الأربعة الذين أثبتوا وجود رأس الإمام الحسين فى مصر، عندما شرع حاكم مصر فى القرن الثامن عشر عبدالرحمن كتخدا، فى ترميم مقام الحسين، فيقال إنه واحد ممن تشرفوا بوضع رأس الحسين فى مقامها بجامع الحسين.

ولد بمصر عام 1684، واشتغل بالعلم حتى فاق أهل عصره ودرس بالأزهر الشريف ثم رحل إلى الحرمين بمكة والمدينة 1708، وتلقى العلم على يد علمائها لمدة سبع سنوات، وانتهى الأمر بأن جعله عبدالله الشريف الحسينى خليفته فى مصر، فعاد إلى القاهرة وانقطع فى منزله ووضع عدة تصانيف أهمها منقذة العبيد عن ربعة التقليد فى التوحيد، وحياة الأنبياء فى قبورهم.

وظل على انقطاعه للعلم يُزار ويُتبرك به حتى مات 1182 هجرى، 1768 ميلادى، فصلى عليه بالأزهر الشريف، ودفن بالزاوية القادرية، ثم دفن بجواره أبناؤه الثلاثة، ورثاه علامة العصر الشيخ مصطفى بن أحمد الصاوى قائلاً:

يا دهر مالك بالمكاره تجترى.. ولفقد أرباب المكارى تحترى تغتال مناما جسدا مع ماجــــــد.. طابت طبائعه بطيب العنصـــر تردى الكريم ابن الكريم وما ترى.. حقا لعهد الماهر المتبصــــــر

عائلة الجوهرى وأبناؤه لم يهتموا بالعلوم الدينية فقط، فكانت لهم مؤلفات مهمة فى الجبر والكيمياء، وحاصر جنود الحملة الفرنسية فى عهد كليبر، مسجد الجوهرى فى ثورة القاهرة الثانية، للقبض على عبدالفتاح الجوهرى الابن الأوسط للإمام، أحد زعماء الثورة، وقتها، حيث شارك أبناء الجوهرى فى إثارة المصريين ضد الحملة الفرنسية، باعتبارهم علماء أزهريين وهم من الأشراف، وزعماء الطريقة الشاذلية الصوفية.

كما سيطر الجوهرية على شياخة الطريقة الشاذلية فى مصر قرنين، كما أعلن الشيخ رمضان حسن أحمد الجوهرى الطريقة الجوهرية الشاذلية رسمياً كإحدى الطرق الشاذلية المستقلة فى بداية القرن العشرين. شارع الجوهرى، شارع ضيق صغير يبدأ من شارع الأزهر إلى حى الموسكى، ثم تدخل فى بوابة صغيرة لتجد جامعا قديما كبيرا به نقوش عظيمة ومقام الشيخ الجوهرى، هذا الجامع داخل عطفة شمس الدولة بشارع السكة الجديدة قرب الأشرقية وهو مسجد مربع الشكل به ثمانية أعمدة من الرخام وقبلته من الرخام المنقوش الملون، ومنبره خشب متقن الصنعة وبه دكة للتبليغ ومئذنة وخزانة كتب عامرة، وصهريج يملأ من ماء النيل جدده محمد أبوالمعالى الجوهرى. وأسس جامع الجوهرى الشيخ محمد أبوالمعالى، ابن أحمد الجوهرى عام 1848، بجوار بيت الجوهرى الكبير، والشيخ محمد أبوالمعالى ابن أحمد الجوهرى له كتب تدرس حتى الآن بكلية الشريعة بجامعة الأزهر الشريف.

يتميز الجامع بأسلوبه الراقى فى العمارة الإسلامية وشكلة الجميل، فتتحدى الزخارف الإسلامية داخل مسجد الجوهرى، حيث مقام الإمام، الزمن رغم الإهمال الذى يضربها، كما يدل شموخ المسجد ومئذنته العالية على الأحداث التى شهدها خلال تاريخه الطويل.

ويبرهن زوار المسجد من محبى الإمام الجوهرى على مكانته فى قلوب الصوفيين، ويستقر مقام الشيخ الجوهرى، فى منتصف المسجد ذى السقف العالى، فى الركن الأيمن للمسجد، على شكل مستطيل كبير، به ثلاثة أضرحة، هم أبناء الجوهرى، وعليهم مقصورة واحدة من الخشب، ضربهم الإهمال، كما ضرب ضريح الجوهرى. وفى منتصف العام الماضى، اكتشفت لجنة الآثار الإسلامية، أن مسجد الجوهرى حيث ضريح الإمام، يوجد بداخله مصاحف أثرية، تم اكتشافها بالصدفة فى مكتبة المسجد، لتقوم اللجنة بترميم هذه المصاحف، وإيداعها فى أحد المتاحف الإسلامية.

ومما قاله المؤرخ الحسن بن القاسم المرادى المغربى عن الجوهرى: «الإمام العالم المحقق المدقق الهمام الفقيه الأوحد، وتصدر بالجامع الأزهر للإقراء والتدريس، وأخذ عنه جملة من الأفاضل وصار له غاية العز والرفعة بين أبناء عصره».

والناظر فى حياة الشيخ يجدها مليئة بالعلم المتين المسند إلى سيد الأولين والآخرين محمد رسول الله، ويظهر ذلك جلياً فى إجازات الشيخ رحمه الله. وكثرة مشايخه ورحلاته تدلنا على سعة علمه، واهتمامه بالعلم وصبره على تلقى العلم.

ويقول الشيخ عيسى الجوهرى، حفيد الجوهرى الكبير والشيخ الحالى للطريقة الجوهرية الشاذلية، لـ «المصرى اليوم» إن مسجد الجوهرى مهمل من قبل وزارتى الآثار والأوقاف التى استولت عليه منذ عام 2000، وتوقف المسجد لفترة تجاوزت السبع سنوات، كما منعت الصلاة فيه وإقامة حضرات الطريقة بحجة الترميم، مؤكداً أنه يحلم بإعادة دروس وحضرات وتراث شيوخ الطريقة الراحلين، وأن عائلته تفكر فى اتخاذ خطوات ضد الإهمال الذى يعانى منه الضريح.

وأضاف: «المسجد والضريح تعرضا لتشويه وطمس العديد من الزخارف الإسلامية الموجودة بهما، لدرجة وصلت إلى اختفاء بعضها، وهناك شكاوى قدمت لتسليم المسجد للسادة الجوهرية وشياخة الطريقة الجوهرية لأنها حق لأبنائها، وهم خير من يحفظ تراث الإمام الجوهرى».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية