مازلنا نسترجع معا أهم المحطات التى لن أنساها فى مشوارى الكروى سواء مع نادى الزمالك أو المنتخبات الوطنية أو احترافى فى إيطاليا وهولندا، وهى فرصة طيبة لإعادة الذكريات مع القراء سواء من عاصرنى وشاهدنى فى الملاعب أو لمن لم يشاهدنى ويرغب فى أن يتعرف على سيرة الرجل الذى يطل عليه بين الحين والآخر لتحليل المباريات.. عموما تحدثت أمس معكم عن الدورالإيجابى الذى لعبه الكابتن محمود الجوهرى عندما تولى تدريب الفريق الكروى الأول بنادى الزمالك وكيف كان مهتما بكافة التفاصيل الدقيقة فى كرة القدم، فضلا عن أنه كان يستيقظ مبكرا فى الثامنة صباحا من أجل أن يقود التدريبات البدنية الفردية التى كنت أخضع لها تحت قيادته فى صالة «الجيم» فى وجود الدكتور عمرو المطراوى إخصائى العلاج الطبيعى، وتحدثت أيضا عن اعتذار المدرب الرومانى «ستايكو» الذى كان يقود المنتخب الأوليمبى، لكنه لم يكن مقتنعا بإمكانياتى فى بداية انضمامى إلى المعسكرات، وقلت لكم إنه اعتذر لى بعد تألقى فى بطولة الفرانكفون التى شاركنا فيها وقال لى: «سيكون لك مستقبل كبير»، وعقب رحيل «ستايكو» تولى المدرب الهولندى الشهير رود كرول المدير الفنى مهمة المنتخب الأوليمبى وهو من أبرز المدربين الذين تعاملت معهم، فهو رجل يمتلك «كاريزما» وشخصية قوية ولديه رؤية فنية ويعشق التدريبات البدنية، فقد كان يتسم بالجدية والصرامة وكنا «مرعوبين» منه، ووقتها كان المنتخب يضم عددا من اللاعبين المميزين أبرزهم محمد صبرى ومدحت عبدالهادى وهانى العقبى وهشام حنفى وغيرهم، وكان كرول أول من علمنا أن هناك مدربا لتحليل الأداء الفنى للاعبين، فقد كنت مصابا فى أحد المعسكرات ولم أتمكن من المشاركة مع زملائى فى التدريبات الجماعية.. ففوجئت بـ«كرول» يمنحنى ورقة وقلما حتى أسجل عدد التمريرات الصحيحة لبقية اللاعبين أثناء مشاهدتى للمران من خارج الخطوط، وكان كرول يقوم بمعاقبة أى لاعب على تمريراته الخاطئة ووصلت أحيانا إلى الخصومات المالية، وكان اللاعبون يطلبون منى أن أتغاضى عن التمريرات الخاطئة التى كانوا يقعون فيها أثناء التدريبات وهو ما كنت أفعله حتى لا أغضب زملائى، فكنت أتغاضى عن تمريرات كثيرة خاطئة يرتكبها زملائى فى الملعب أثناء المران حتى لا يقعوا تحت طائلة عقاب المدير الفنى، وعندما كان كرول يطلب منى الإحصائيات فى نهاية المران كنت أمنحها له دون أن أخبره بما فعلت، وكان الرجل يتسلم منى الإحصائية ولا يعترض على شىء، وأذكر أنه كان يهتم بالنواحى البدنية وكان يقوم بتدريبنا ثلاث مرات يوميا وهو ما تسبب فى إصابتى فى بداية الأمر لكنه أفادنى بعد ذلك، خصوصا عندما كنت أعود إلى الزمالك.. فكنت أشعر أننى الأفضل بدنيا مع بقية زملائى الذين كانوا فى المنتخب الأوليمبى، لدرجة أن بعض اللاعبين الكبار كانوا يعنفوننى أثناء المران إذا ظللت أجرى طوال المران وهناك من كان يراقبنى ويضطر للجرى معى طوال الوقت فكانوا يقولون لى «يا بنى براحة شوية».. وشاركنا فى دورة الألعاب الأفريقية وقدمنا عروضا قوية وظهرت خلالها بشكل مميز، وكان كرول أول من جعلنى أرتدى فانلة رقم «14» الذى ظل مرتبطا بى حتى الآن.. فقد دخل علىّ كرول فى أحد المعسكرات وقال لى: «إنت هتلبس رقم 14» فقلت له: «لكننى أرتدى رقم 9 أو 11 أو 19»، لكنه قال لى: «لأ أنت أداؤك يتماشى مع هذا الرقم وده رقم النجم الهولندى كرويف وأنت هيكون لك مستقبل مثله» فاقتنعت بكلامه وارتديت رقم 14 الذى لازمنى حتى الاعتزال وارتبطت به جماهير الزمالك، وساعد على ارتدائى نفس الرقم أن جمال عبدالحميد نجم الزمالك والمنتخب الوطنى الأسبق وقائد المنتخب فى مونديال 90 منحنى نفس الرقم أثناء اعتزاله، حيث أعلن فى إحدى الصحف أننى خليفته فى الملاعب رغم اختلاف أدائنا وأنه سيمنحنى رقم 14 لأننى قادر على تحمل مسؤولية هذا الرقم الذى ارتبطت به الجماهير معى، ومن ثم ارتدائى للرقم جاء بترشيح من كرول واختيار من جمال عبدالحميد الذى كنت أعشقه كلاعب، وهو من الشخصيات التى أحترمها داخل وخارج الملعب، وهذه هى القصة الحقيقية لارتباطى بالرقم 14 ولم أفكر يوما فى أن أرتدى رقم والدى، والبعض كان يعتقد أننى ارتديت هذا الرقم استمرارا لوالدى.. لكنهم نسوا أن حمادة إمام كان يرتدى رقم 8، فلم تشغنلى هذه الأمور كثيرا وكنت أركز فى الملعب بصرف النظر عن الرقم الذى كنت أرتديه، رغم أننى كنت قد ارتبطت بالرقم 11 مع المنتخب الأوليمبى وأبلغت كرول بذلك لكنه هو الذى أصر على رقم 14 ومن وقتها حافظت على هذا الرقم فى الزمالك والمنتخب الوطنى، وبعدما عدت مع الزمالك كنت أشارك على فترات متباعدة فى المباريات سواء فى الدورى الممتاز أو المباريات الودية لكننى كنت أتألق فى اللقاءات التى أشارك فيها، فبدأت الجماهير تعرفنى بشكل كبير وبدأت أشعر بأننى سيكون لى مستقبل فى كرة القدم وأننى قادر على الاستمرار فى الملاعب، وبعدها انضممت للمنتخب الوطنى وشاركنا فى بطولة أمم أفريقيا 96 التى تألقت فيها لكننى كنت أتسم بالفردية لدرجة أن كرول عاقبنى بالتدريب منفردا عقب مباراة أنجولا بسبب شكوى اللاعبين من فرديتى، وقال لى أمام الفريق بأكمله: «يا جماعة حازم النهارده هياخد الكورة يتمرن لوحده عشان مش بيلعب مع زملائه»، وسأتحدث غدا عما رواه لى الكابتن أحمد الكأس نجم المنتخب الوطنى والعروض الأوروبية التى تلقيتها بعد بطولة أمم أفريقيا من سامبدوريا وأودينيزى الإيطالى ومن ألمانيا وفرنسا ومانشستر يونايتد الإنجليزى من خلال العرض الذى أحضره لى الكابتن عبده صالح الوحش نجم الأهلى الأسبق.