x

الجنزوري (3-3): رحلت لأنى لست الرجل المناسب لمرحلة «التوريث»

الأربعاء 16-02-2011 22:06 | كتب: مجدي الجلاد, هشام علام, ملك عبد العظيم |

يواصل الدكتور كمال الجنزوى كشفه لكواليس الحكم فى مصر خلال الفترة التى قضاها رئيسا للوزراء، مؤكدا أن أسماء بعينها سعت إلى الإطاحة به، كشف عن أغلبها.

وقال الجنزورى، فى الحلقة الثالثة والأخيرة من حواره مع «المصرى اليوم»، إنه اضطر إلى تجميع بعض السلطات فى يده، بجانب كونه وزيرا مسؤولا عن 6 وزارات «لأن عددا كبيرا من الوزراء الذين ضمهم هذا التشكيل الوزارى لم يكونوا من أهل الثقة»، وأن منهم من اعتاد الحصول على الرشاوى لتسيير الأمور، كما أن بعضهم لم يكن ذا كفاءة للمناصب التى شغلها.

وإلى التفاصيل فى الحوار التالى:


■ نبدأ من حيث انتهينا فى الحلقة الماضية.. هل تعتقد أن الحملة التى شنت على المشروعات الكبرى، وبالتحديد على «توشكى»، كانت بغرض الإطاحة بك؟

- لم توجه أى انتقادات لهذه المشروعات إلا بعدما خرجت من منصبى، واللعبة الوحيدة التى قاموا بها ضدى كانت لعبة الدولار، والحمد لله فشلوا، وظلت قيمة الدولار ثابتة عند 3 جنيهات وخمسين قرشا حتى أغسطس 2000.

■ هل كانت هناك ألعاب أخرى للإطاحة بك؟

- «يوووه.. دول عملوا البدع».

■ من؟

- 6 أفراد من المقربين للرئيس.

■ وزراء؟

- نعم. ولكنى لو كنت أعرف أنى أنا المقصود كنت خرجت من بدرى.

■ وماذا كان رأى الرئيس مبارك فى مشروع توشكى؟

- بالتأكيد كان مقتنعا به، والدليل زيارته له مرتين عقب خروجى، «هما دخلوه فى حاجات تانية خالص، ولو كانت الأكاذيب اللى طلعوها على المشروع حقيقية كانوا يحاكموا الراجل اللى عملها، مش يوقفوه».

■ بعض المقربين من السلطة قالوا إن خروج كمال الجنزورى من السلطة سببه أنه صدق كونه رئيسا للوزراء.. ما رأيك؟

- طبعا.. لأنى كنت رئيس الوزراء.

■ لكن رئيس الوزراء فى مصر ليس رئيساً فعليا للوزراء؟

- دعنى أوضح الأمر، المشكلة بدأت مع هذه المجموعة عندما أعطانى الرئيس مبارك طائرته الخاصة لأقوم بجولة فى جنوب شرق آسيا منها الصين وسنغافورة وماليزيا فى عام 1997، وكانت هذه هى أول وآخر مرة يقوم رئيس وزراء مصر باستخدام طائرة الرئيس، وظنوا حينها أننى سأصبح النائب وسوف أقضى على كل طموحاتهم، وكان معى فى هذه الرحلة 6 رجال أعمال أصبحوا وزراء فيما بعد من بينهم المغربى وحاتم الجبلى ومحمد منصور، ولما لم يجدوا ما يتهموننى به من الاتهامات المعتادة (حرامى أو بتاع نسوان) قرروا أن يرسلوا رسالة للرئيس ذكروا فيها أن هذا الرجل «واخد باله من نفسه شوية»، ورصيده زاد فى الشارع، وأنا لا أحترم هذه الطريقة لأن السياسة المحترمة تقتضى اللعب وجها لوجه.

■ هل كانت هناك دائرة معينة من الأشخاص تستحوذ على أذن الرئيس؟

- نعم.. لكن هذه الدائرة كانت لا تحب أبدا أن يدخل بينهم أى شخص ويقترب من الرئيس، وأنا لم أكن أسعى لذلك، وعندما توليت الوزارة وجدوا شخصا له شخصية مستقلة ويجيد التحدث وطرح الأفكار ويفرض نفسه بأسلوبه الخاص، وهذا بالطبع أقلقهم، فقد كنت رئيس الوزراء ووزيرا لـ6 وزارات وجهات هى الأزهر والتخطيط العمرانى والحكم المحلى، والتعاون الدولى، والشباب والرياضة، والطيران، وأتحدى أن يكون أحد لاحظ هذا، أو أن يأتى أحد بطلب تأخر فى هذه الوزارات.

■ لكن البعض اعتبر ذلك رغبة منكم فى تركيز السلطات فى قبضة رئيس الوزراء؟

- «أنا كان معايا ناس عاوزة تتعلق، وكان لازم أشيل الشيلة اللى هما مش عاوزين يشيلوها، وألاقى الواحد منهم فى الاجتماع الوزارى قاعد متنح، وأقوله قولى إنت موافق ليه على القرارات اللى بناخدها، ادينى سبب مقنع، ولا بيحط منطق».

■ لكنك كنت تتدخل فى التفاصيل؟

- لأنى لم أكن أستطيع أن أتركها تمر هكذا.

■ لابد للرئيس أن يثق فى رجاله وأن يكون هناك تفويض لهم فى اتخاذ القرارات؟

- «لما يكون فى حد تثق فيه، كان معايا 20 وزير مش عاوزنى، وكانوا متعودين يعملوا اجتماع مجلس الوزراء بالساندويتشات والعصائر وأنا لغيت الكلام ده كله، وزى ما فى ناس معتادة إجرام، كان معايا ناس معتادة رشوة، وهم يعرفون أنى أعرفهم، كيف تتوقع أن أثق فيهم؟!».

■ ولماذا لم تغيرهم؟

- فكرت فى ذلك جديا، لكن لما لمست عدم رغبة الرئيس فى تغييرهم سكت.

■ هل معنى ذلك أنك لم تختر وزراءك؟

- لم أختر من التشكيل الوزارى سوى وزراء المجموعة الاقتصادية فقط، لأنها كانت تسمى قبل ذلك حكومة الجباية، فسعيت لتغيير هذا الانطباع، لكنى كنت أتمنى أن يرحل هؤلاء الوزراء، لكنى لم أسع إلى ذلك.

■ ما الدور الذى لعبه فاروق حسنى ويوسف بطرس غالى فى الإطاحة بك؟

- فاروق حسنى كان «عايش فى ملكوت لوحده»، أما يوسف فكان حريصا جدا على التخلص منى، وكنت الوحيد من أيام عاطف صدقى اللى كنت بقوله «اخرس»، لأنه إنسان ليس لديه ولاء لبلده ولا لأسرته ولا لدينه، وهو صاحب الرد على مقولة أن الجنزورى «طول ما هو موجود ما حدش ها يعرف يقرب من الرئيس»، وأبلغت السيد عمر سليمان بأنى لن أنحدر إلى هذا المستوى، وأرد على بطرس غالى، لكنى لو تكلمت فسوف أتكلم عن هذا الانحدار المالى، الذى وصل بمصر إلى الحضيض.

■ كيف وصلوا إلى الرئيس؟

- كان همهم الأول هو خلع ضرس العقل، ووصلوا إليه من خلال التراكمات، وكانوا بيقولوا إن «كتفى ضرب فى كتف جمال»، و«مبارك كان شخصية قوية داخل الأسرة، ومش سهل تتكلم معاه، ولما بيكون غاضب بيضرب ويشتم ويزعق، وهما بدأوا يلعبوها على ميه باردة على مدار شهور، وقدروا يوصلوله إن الجنزورى رجل بدأ تكون له شعبية، وده يتنافى مع شخصية مبارك، وأنا ما أخدتش بالى منها غير قبل ما أخرج من الوزارة بيوم».

■ من هم؟

- لن أقول، لكن على سبيل المثال فإن صفوت الشريف سحب الكاميرا من مكتب على لطفى أثناء لقائه أحد السفراء، وقال له أنا وزير الإعلام، وأحدد أين تكون الكاميرا، لكن عندما توليت رئاسة الحكومة جعلت هناك كاميرا فى مكتبى يوميا من التاسعة صباحا وحتى مغادرتى، واعتزازى الواضح بذاتى شارك فى تصديق الرئيس لهذه الوشاية، وهناك قاعدة فى البروتوكلات الإعلامية تقول إن رئيس الوزراء يظهر فى نشرة الأخبار مرة واحدة فقط يوميا، على أن تظهر صورة الرئيس فى نشرتى 6 و9 وموجز الأنباء، ولكن فى آخر شهرين لتواجدى فى الوزارة قام صفوت الشريف بوضع صورتى فى كل النشرات وموجز الأنباء، من أجل تكريس الصورة لدى الرئيس.

■ دعنا نخمن بعض هذه الشخصيات.. يوسف بطرس؟

- نعم.

■ زكريا عزمى؟

- نعم.

■ صفوت الشريف؟

- نعم.

■ جمال مبارك؟

- لا.. لكن كانت هذه الفترة هى مرحلة تجهيز جمال مبارك ليكون هو الحاكم، وشخصية مثلى لا تصلح معها، لأنى لم أكن لأقبل يوما أن يتخذ الحزب القرارات وتأتينى، لست من هذا النوع، فأنا لم أدخل الحزب خلال 4 سنوات سوى مرتين، ولم أعرض خطة على الحزب.

■ لو طلب منك الآن المشاركة فى ظل هذه الأحداث وقيادة المرحلة الانتقالية.. هل تقبل؟

- لا لن أفعل هذا، لن أكون مثل عمرو موسى، لقد ذهبت مرتين إلى ميدان التحرير خلال الـ18 يوما بشكل لم يرنى فيه أحد، لأنى كنت حريصا على أن أرصد الكواليس.

■ ما الدور الذى لعبه طلعت حماد أثناء رئاستك للحكومة؟

- تعرفون بالطبع فيلم التجربة الدنماركية، عندما استعان عادل إمام برجل يقوم بضربه طوال الفيلم «على قفاه»، طلعت حماد من الأشخاص البارعين فى خلق عداوات مع الناس، هو «إدارى جن أزرق»، يأتى المكتب فى التاسعة صباحا، ويعرض علىَّ مئات الأفكار والمشروعات، لكن المشكلة كانت فى الوزراء الضعفاء، الذين كانوا يشعرون بأن له مكانة عندى، وأنا «مش بتاع شلل»، وأنا أعرفه من سنة 67، لكنى طوال هذه الفترة لم أدخل بيته، ولا أعرف اسم أو شكل زوجته القديمة أو الجديدة، لم أر ابنته إلا وعمرها 40 سنة، وكى أتخلص من هذه المشكلة قلت أمام مجلس الوزراء أرجوكم تعاملوا مع طلعت حماد على أنه وزير ومدير مكتب رئيس الوزراء فقط، ولو «عاملتوه خلاف ذلك فليس لدى أدنى مسؤولية».

■ لكن البعض يقول إنه كان يتمتع ببعض السلطات؟

- غير صحيح.. السلطات كانت فى يدىَّ أنا، صحيح أنه كان يتمتع ببعض «الرخامة» مع الوزراء الضعفاء، وعندما كنت أعقد اجتماع مجلس محافظين كنت أناشد الوزراء عدم إرسال أى طلبات أو فاكسات إلى طلعت حماد، وقمت بتعيين رجل محترم اسمه الدكتور محمد شتا لهذه المهمة، لكن الضعفاء أيضا كانوا يذهبون إليه، وغير صحيح أنه ركب على السلطة فى عهدى، «إذا كنت أنا شديداً مع الراجل نفسه إزاى أسمح لحد يركب معايا، ما ينفعش، أنا شخصيا أتعجب كيف أبقانى معه طوال هذه الفترة بعصبيتى الواضحة فى المواقف التى تمس كرامتى».

■ هل حدثت خلافات بينك وبين الرئيس مبارك خلال رئاستك للحكومة؟

- طوال 20 عاما لم ينشب خلاف بيننا سوى مرة واحدة، ولم أسمع منه كلمة تجريح، وكانت بسبب وشاية فى آخر شهرين «بعد ما السيرك اشتغل عليا وأنا ماكنتش ملاحق عليهم».

■ هل هناك احتمال أن تتقدم للانتخابات الرئاسية المقبلة؟

- لن أجيب الآن.

■ ما صحة ما قيل عن خلافاتك مع جمال مبارك؟

- هذا كلام غير صحيح، والروايات التى تم تداولها كانت عن اعتراضه على أحد القرارات التى اتخذتها، وأنى علقت «مين العيل ده عشان يعترض»، هذا الكلام عار من الصحة، وعندى الشجاعة أن أقول هذا لو كان قد صدر منى فعلا، وللعلم فقد اتخذت قرارات حاسمة وصارمة ولم يعترض علىَّ أحد، منها أنى قررت حبس أى محافظ يتم البناء أو تجريف الأراضى الزراعية فى محافظته، وغيرها من القرارات، ما أريد أن أوضحه أن كل هذه اجتهادات وشائعات ليس لها أساس من الصحة.

■ هل كتبت مذكراتك؟

- لا.

■ هل تنوى؟

- لا.. «مش خوف إنى أترمى من بلكونة أو حاجة، لكن لأنى لا أملك أسرارا أخفيها، وكل ما أردت أن أقوله قلته، لكن نفسى قبل ما أموت إنى أشوف بلدى أحسن كتير مما اتولدت فيها».

■ كيف يمكن تحقيق إصلاح سياسى حقيقى الآن؟

- المفروض أن الدول تضع ما يسمح بالتحول السياسى والاقتصادى، أنت تملك الآن ما تنطلق من خلاله، وهو شرعية الثورة وإنجازاتها، عبدالناصر تصور أنه الوحيد فى الأرض، الذى يمكن أن ينقذ مصر، وهو الذى نجح فى أن يصنع دستور 56، وقعدنا فوق «خازوق» اسمه حكم الفرد، ولم يكن أحد يسأله «إنت بتعمل إيه»، ولما وصل السادات للحكم، كان رجلا معلما وأكثر عمقا ورؤية سياسية من عبدالناصر مئات المرات، فعمل دستور 71، وكان شبيهاً بدستور 54، «لكن اللى اتعرض على المجلس كان حاجة مختلفة، ولما وصل مبارك قال ولا حاجة هاتتغير، وكل ما الفترة تطول يتمسك برؤيته، وكان حواليه مجموعة بيزينوا له ده، وكلهم اغتنوا غنى فاحش غير شرعى، وأذكر أنى فى مرة كنت قاعد معاهم، وكان إلى جوارى المغربى ومنصور، فقلت للمغربى أنا عارف إنك وأخوك وابن خالتك وارثين، لكن الباقين دول لغاية 1984 ما كنش حيلتهم غير جزم زلط، جابوا الفلوس دى كلها منين»، لكن الفساد كان وصل إلى مرحلة كبيرة، وما فى يد هؤلاء من السلطة والقانون جعلهم يصنعون ما بدالهم.

■ ما الذى أطاح بالرئيس مبارك.. الفساد أم غياب الإصلاح السياسى أم جمال مبارك ومجموعته؟

- الأسباب الثلاثة مجتمعة، لكن أكثر شىء حدث فى العامين الأخيرين أن المواطن المصرى شعر بالفقر وبالظلم، وهذا وحده كاف للإطاحة بأى نظام.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية