تواصل «المصرى اليوم» نشر القصص الإنسانية لشهداء «جمعة الغضب»، الذين سقطوا خلال المظاهرات التى تطالب بالتغيير، ومن بينهم شباب فى عمر الزهور خرجوا للتعبير عن أنفسهم، والمطالبة بالإصلاح، وانتهت أحلامهم برصاص الشرطة، وآخرون استشهدوا، وتركوا وراءهم أسراً تواجه مصيراً مجهولاً بعد أن فقدت عائلها، فمن السويس يأتى أشرف العامل بشركة السويس للأسمنت، الذى دفع حياته ثمناً للمطالبة بالتغيير وكان يتمنى الشهادة ونالها، وعبدالعزيز العامل البسيط الذى خرج لشراء العشاء لأسرته فعاد إليها جثة هامدة بعد أن اخترقت إحدى الطلقات رأسه وخرجت من عينه، ومن بورسعيد نجد محمد الذى رحل قبل أن يكمل شهره الأول فى الوظيفة، وتم دفنه بلا تصريح ولم تصدر له شهادة وفاة حتى الآن، ومن الإسكندرية هناك حسام الذى استشهد بثلاث رصاصات ومصطفى الذى دفع حياته ثمناً لإنقاذ زميله ومن الشرقية محمد الذى سافر إلى القاهرة للمشاركة فى مظاهرات ميدان التحرير، وأوصى الجميع بأن يسامحوه وأن يتقبله الله من الشهداء.
«محمد» استشهد قبل أن يكمل شهره الأول فى الوظيفة.. ووالدته: سأقاضى النظام
كانت مصادفة غريبة أمام مشرحة مستشفى بورسعيد العام، يوم السبت 29 يناير الماضى، حينما وقف مندوب «المصرى اليوم» أمام سيدة تسأل عن ابنها الذى تبحث عنه، وعندما سألها عن اسمه، قالت محمد محمود التميمى، فنكس رأسه لعلمه بوفاته وأن جثته ظلت مجهولة لأكثر من 14 ساعة، ولم يتعرف عليها سوى محمود فتيح ابن عم والدته، فانطلقت السيدة فى الصراخ.
وفى منزل الأسرة بحى الشرق التقت «المصرى اليوم» والدته هانم أحمد فتيح «55 سنة» وقالت: إن ابنها كان خير شباب المنطقة وإنه أنهى دراسته فى كلية الحاسب الآلى فى بورسعيد دفعة 2007، وأشارت إلى أنه عقد قرانه فى رمضان الماضى، والتحق بالعمل فى أحد مصانع الاستثمار يناير الماضى، وأنه استشهد مساء 28 من الشهر نفسه.
وأضافت: «القدر رسم النهاية لابنى وآخر يوم معه كان يوم جمعة الغضب، كانت زوجته فى ضيافتنا وجاء حماه ليأخذ ابنته، حتى لا ينزل محمد ويتعرض للأذى من المظاهرات، خاصة بعد إطلاق النار وإشعال الحرائق، ونزل مع حماه وحدثنى على الموبايل وجاء إلى المنزل إلا أنه خرج مرة أخرى وحدثنى من الخارج، وأشار إلى أن الموقف صعب، وطلبت منه الحضور إلى البيت، وقررت له النداء بالعودة إلا أنه رفض، وسجلت له المكالمة على الموبايل وعندما تأخر اعتقدت أنه فى أحد الأقسام وظللت أبحث عنه فى كل الأقسام، إلا أنه لم يظهر، واعتقدت أنه تم اعتقاله، وفى اليوم التالى طال بحثى عنه وسألت بالمصادفة وأبلغتمونى بنبأ وفاته، ولم أصدق إلا بعد أن شاهدت الشظايا فى كل جزء من جسده الطاهر، قد تكون أكثر من 50 شظية، على هيئة كرات بلى صغيرة ولفتت إلى أن هناك أثراً لطلقة خرطوش فى رقبته، وتابعت: عثرت فى ملابسه على بقايا شظايا وعلمت من بعض المواطنين أنه أصيب بطلق عند قسم شرطة العرب.
وأكدت أنها لن تترك دم ابنها يضيع هدراً، وأنها ستقاضى الرئيس مبارك ورئيس الوزراء ووزير الداخلية السابق حبيب العادلى ومدير أمن بورسعيد دولياً، لسماحهم للشرطة بإطلاق النيران على الشعب وعلى ابنها.
وأضاف محمود فتيح ابن عم والدته: «بحثت عنه ولم أعثر عليه وفى اليوم الثانى توجهت إلى المشرحة بالصدفة، ووجدت نقيب المحامين هانى قزامل، وشرحت له عن فقد أحد أقاربى، وقال لى هناك جثة لم يتم التعرف عليها، وطلب منى رؤيتها، وكانت المفاجأة أنها لمحمد، الذى أبحث عنه فتوجهت لإخبارها إلا أننى عدت إلى المستشفى لأجدها فى صراخ مستمر، وكشف محمد فتيح أن محمد دفن بلا تصريح دفن، ولم تصدر له شهادة وفاة رغم اتصاله بالمحامى العام، إلا أنه لم يرد، وكان ذلك يوم 29 يناير الماضى، وهو اليوم الثانى لوفاته، حيث توفى فى الساعة العاشرة مساء، ولم يكن هناك أحد موجود فى النيابة، ولم يعط لنا مدير المستشفى تقريراً بالحالة يثبت إصابته بطلق نارى أدى لوفاته، حتى مندوب الشرطة الذى كان موجوداً بالمستشفى اختفى ولا نعرف أين ترك مهماته، بعد أن تلقى أوامر بترك عمله، وطالب محمود الجهات الرسمية بضرورة إصدار شهادة وفاة لمحمد وتقرير الطب الشرعى وأسباب الوفاة، لأن ما حدث يعتبر إهانة لكل مصرى.
أمام النصب التذكارى لميدان الشهداء بمحطة مصر فى الإسكندرية، وقف وعلامات الأسى والحزن تعتلى وجهه، لا يفسر سبب هذا الحزن الشديد سوى لوحة خشبية، أمسكها بيديه ورفعها عالياً وكتب عليها «الشهيد حسام فتحى.. يسقط النظام» وإلى جوارها صورة لشاب لم يتجاوز الـ20 عاماً.
فتحى محمد إبراهيم، والد الشاب «حسام»، الذى «استشهد» يوم «جمعة الغضب»، ولم يعلم بوفاته سوى أمس الأول، بعد أن عثر على جثته فى المشرحة وبها طلقات نارية وإصابات شديدة قال: «كان فى مقدمة المظاهرة بعدما حفزته على المشاركة فى تغيير النظام، والتعبير عن رأيه، لكنه تأخر هذا اليوم، واعتقدت أنه سيوالى المبيت فى الشارع مع المعتصمين، تمهيداً لاستكمال الاعتصام فى اليوم التالى. «وجدته داخل المشرحة وبه رصاصتان وجرح برصاصة ثالثة وبطنه مفتوح».. هكذا قالها وانخرط فى البكاء، وقال إن الفقيد طالب فى الثانوية العامة، يواصل قائلاً: «علمت بعد ذلك أن المستشفيات الحكومية رفضت استقباله وعندما وصل مستشفى (جيهان) أجروا له جراحة فى البطن، لكنه توفى».
المشهد لم يبد مختلفاً لدى عمر عبدالله فى العقد الخامس من عمره، الذى وقف أمام حشد من الجماهير، داخل نفس الميدان، وقت الاحتجاج يهتف: «حق مصطفى مش هيموت.. اللى هيهتف مش هيموت».
«شاب فى عز شبابه خرج المظاهرة واتقتل».. هكذا بدأ الحديث عن ابنه «مصطفى» قائلاً: «ابنى طلع يطلب حقه، نفسه يتجوز ويتعلم ويعيش زى أى شاب، وابنى ضرب برصاصة خرجت من رأسه، ومش حسيب حقه، اللى بيخبط واحد بعربية بينقذه، لكن ابنى اتقتل بشكل غير آدمى من شوية سفاحين».
«حسام» استشهد بـ3 رصاصات فى «جمعة الغضب» ورصاصة فى الرأس أنهت أحلام «مصطفى» فى «الرمل»
أمام النصب التذكارى لميدان الشهداء بمحطة مصر فى الإسكندرية، وقف وعلامات الأسى والحزن تعتلى وجهه، لا يفسر سبب هذا الحزن الشديد سوى لوحة خشبية، أمسكها بيديه ورفعها عالياً وكتب عليها «الشهيد حسام فتحى.. يسقط النظام» وإلى جوارها صورة لشاب لم يتجاوز الـ20 عاماً.
فتحى محمد إبراهيم، والد الشاب «حسام»، الذى «استشهد» يوم «جمعة الغضب»، ولم يعلم بوفاته سوى أمس الأول، بعد أن عثر على جثته فى المشرحة وبها طلقات نارية وإصابات شديدة قال: «كان فى مقدمة المظاهرة بعدما حفزته على المشاركة فى تغيير النظام، والتعبير عن رأيه، لكنه تأخر هذا اليوم، واعتقدت أنه سيوالى المبيت فى الشارع مع المعتصمين، تمهيداً لاستكمال الاعتصام فى اليوم التالى. «وجدته داخل المشرحة وبه رصاصتان وجرح برصاصة ثالثة وبطنه مفتوح».. هكذا قالها وانخرط فى البكاء، وقال إن الفقيد طالب فى الثانوية العامة، يواصل قائلاً: «علمت بعد ذلك أن المستشفيات الحكومية رفضت استقباله وعندما وصل مستشفى (جيهان) أجروا له جراحة فى البطن، لكنه توفى».
المشهد لم يبد مختلفاً لدى عمر عبدالله فى العقد الخامس من عمره، الذى وقف أمام حشد من الجماهير، داخل نفس الميدان، وقت الاحتجاج يهتف: «حق مصطفى مش هيموت.. اللى هيهتف مش هيموت».
«شاب فى عز شبابه خرج المظاهرة واتقتل».. هكذا بدأ الحديث عن ابنه «مصطفى» قائلاً: «ابنى طلع يطلب حقه، نفسه يتجوز ويتعلم ويعيش زى أى شاب، وابنى ضرب برصاصة خرجت من رأسه، ومش حسيب حقه، اللى بيخبط واحد بعربية بينقذه، لكن ابنى اتقتل بشكل غير آدمى من شوية سفاحين».
«عبدالعزيز» خرج لشراء العشاء فعاد جثة هامدة وشقيقه: «الطلقات اخترقت رأسه وخرجت من عينه»
«دماء أخى فى رقبة الشرطة ولن تضيع هدراً» بهذه العبارات بدأ على ماهر، شقيق الشهيد عبدالعزيز ماهر محمد فكرى، أحد ضحايا مظاهرات الغضب فى السويس، حديثه قائلاً: «أخويا مات يعنى مش راح يرجع.. الله ينتقم منهم ويحرق قلبهم». قال والدموع تنهمر من عينيه إن شقيقه كان يبلغ من العمر 27 سنة متزوج ولديه طفلان شهد 3 سنوات وعلى 4 شهور ويعمل فى ورشة دوكو سيارات وكان عائداً من عمله يوم الحادث وفور وصوله إلى المنزل خرج مرة أخرى لشراء العشاء من الأربعين وتأخر فى العودة وبسبب انقطاع الاتصالات التليفونية لم يتمكن أحد من الاتصال به.
وأضاف: «بعد مرور عدة ساعات تسرب القلق إلينا - وفى الساعة الثانية عشرة مساءً هرولت إلى الشارع للبحث عنه وخلال سؤال عدد من أصدقائه أكد أحدهم أنه أصيب فى المظاهرات فذهبت إلى المشرحة لأجده جثة هامدة وعليه آثار طلق نارى فى رأسه وانفجار فى عينه.
واقعة استشهاده مختلفة وموثقة بالفيديو الذى يظهر فيه رجال مباحث قسم ببا وهم يطلقون النار عليه و8 آخرين، إنه الشهيد رامى سيد حمزة ابن مدينة ببا ببنى سويف.
قال والده سيد حمزة منصور، نجار موبيليا «50 سنة» إن رامى «31 سنة» راح ضحية الشهامة والمروءة أثناء محاولته إنقاذ أحد زملائه بعد إصابته بطلق نارى، وحاول سحبه بعد وقوعه على الأرض من أمام مركز الشرطة إلا أن، رئيس مباحث قسم الشرطة، أطلق الرصاص عليه فى ظهره وأرداه قتيلاً بين زملائه. وأضاف: إن المظاهرات كانت صباح يوم التاسع والعشرين من يناير الماضى، واستمرت حتى الظهر وأن ابنه يعمل نقاشاً وفى الخامسة مساء اليوم نفسه، اتصل به أحد زملائه، وقال له إن رجال المباحث أطلقوا النار عليه فترك عمله وسارع إليه لإنقاذه، لكنه تلقى طلقتين من رئيس المباحث، فاستشهد على الفور.
أشرف دفع حياته ثمناً للتغيير.. ووالدته: الشرطة غدرت بابنى
شغلته أوضاع البلد المتردية، وانتشار البطالة بين الشباب، فراح يطالب أسرته بالانضمام لمظاهرة يوم الغضب.. إنه الشهيد أشرف نور الدين محمد، 37 سنة، عامل بشركة السويس للأسمنت، الذى دفع حياته ثمناً للمطالبة بالتغيير يوم الجمعة 28 يناير الماضى.
قالت والدته سيدة جاد المولى، 70 سنة، وعيناها لا تكاد تفتحهما من شدة البكاء: «ولدى مات.. غدروا بيه، الشرطة المفروض إنهم اللى بيدافعوا عنا هى اللى قتلته، اتقلب حال الدنيا، أشرف ما يتنسيش، إزاى أنسى أحن أولادى كان طيب.. عمره ما زعلنى. قالت شقيقته سمية: «نحن 11 شقيقاً، 6 ذكور و5 فتيات، تعودنا الذهاب يوم الجمعة من كل أسبوع إلى منزل والدتى ومعنا أزواجنا وأولادنا ليجمعنا منزلنا البسيط بمدينة الأمل لنشارك أمى العجوز الغداء، يوم الحادث دخل علينا أشرف الذى كان مهموماً بقضايا البلد، ولا ينتمى لحزب أو جماعة لكنه مهموم بالإصلاح، وهو يردد بحماس شديد: إنتم قاعدين هنا وسايبين المظاهرة اطلعوا عبروا عن رأيكم، وشاركوا فى يوم الغضب، وكانت هذه آخر كلمات نطق بها معنا، عقب خروجه للمظاهرة مكثنا أنا وشقيقاتى مع أمى نطمئنها على سلامة أخى وأنه سيعود بخير وقتها كانت اتصالات المحمول مقطوعة فاضطرت أمى للاتصال بزوج شقيقتى على الهاتف الأرضى فى السابعة صباح اليوم التالى، فخرج مسرعا يبحث عنه فى المستشفى العام». عندها التقط حسام على جاد المولى، ابن خالة الضحية وزوج شقيقته، طرف الحديث قائلاً: «أعطانى موظف بالمستشفى كشفاً وقال لى: ابحث فيه، فلم أجده، فأعطانى كشفاً آخر ووجدت اسمه رقم 10 فسألته: هو فين فأخبرنى أنه فى ثلاجة الموتى فخشينا على الأم من الخبر الحزين، وبعد ساعتين قلنا لها الحقيقة وجدناها تدخل علينا المشرحة وهى تردد (ولدى ولدى وينك يا حبيبى) كان ملفوفاً فى بطانية قديمة وإلى جواره أكثر من جثة لرجال فى زهو شبابهم وآثار دماء تنزل من أنفه.
«رامى» دفع حياته ثمناً لإنقاذ زميله وواقعة استشهاده موثقة بالفيديو
واقعة استشهاده مختلفة وموثقة بالفيديو الذى يظهر فيه رجال مباحث قسم ببا وهم يطلقون النار عليه و8 آخرين، إنه الشهيد رامى سيد حمزة ابن مدينة ببا ببنى سويف.
قال والده سيد حمزة منصور، نجار موبيليا «50 سنة» إن رامى «31 سنة» راح ضحية الشهامة والمروءة أثناء محاولته إنقاذ أحد زملائه بعد إصابته بطلق نارى، وحاول سحبه بعد وقوعه على الأرض من أمام مركز الشرطة إلا أن، رئيس مباحث قسم الشرطة، أطلق الرصاص عليه فى ظهره وأرداه قتيلاً بين زملائه. وأضاف: إن المظاهرات كانت صباح يوم التاسع والعشرين من يناير الماضى، واستمرت حتى الظهر وأن ابنه يعمل نقاشاً وفى الخامسة مساء اليوم نفسه، اتصل به أحد زملائه، وقال له إن رجال المباحث أطلقوا النار عليه فترك عمله وسارع إليه لإنقاذه، لكنه تلقى طلقتين من رئيس المباحث، فاستشهد على الفور.
«بهاء الدين» عريس الثورة.. قتلته سيارة مطافئ فى «جمعة الغضب».. وأسرته وأصدقاؤه: «كان نموذجاً للشاب المكافح»
«بهاء الدين» شاب مصرى مكافح، عمره 36 سنة، تزوج بعد رحلة كفاح منذ 7 أشهر فقط، قتلته سيارة مطافئ فى ميدان الساعة بدمنهور، عصر جمعة الغضب، السيارة كانت تدور حول الميدان بسرعة جنونية لمحاولة تفريق المتظاهرين، صدمته وفرت، وتركت لأهله الحسرة ولأمه المرض، ولزوجته العروس البكاء الدائم، هكذا وصفه عمرو عادل غباشى، زميله فى العمل بشركة الأدوية، التى كان يعمل بها سائقاً وموزعاً، وقال: «الله يرحمك يا بهاء، حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى قتلوك وفى النظام».
وأضاف: «كان الشهيد محترماً وخجولاً وملتزماً، وليس له انتماء سياسى، ويوم وفاته سقطت نظارته على الأرض فانحنى ليلتقطها فدهسته سيارة المطافئ، ربنا يعوض على أهله، وكان- رحمه الله- يعمل بالشركة منذ شهرين فقط، ورغم ذلك كان الجميع يحبه، رغم أنه كان لايزال تحت التدريب.
وقال جمال فرج عبدالغنى، محام وصديقه: «بهاء كان نموذجاً للشاب المصرى، الذى شقى كتير، واتبهدل كتيرو تخرج من كلية التربية الرياضية، عام 1999، وكان تم إلغاء تكليف العمل لخريجى كليات التربية، وأصبح فى أزمة واشتغل مدرس تربية رياضية فى مدرسة بالحصة، فلم يكفه الراتب فعمل سائقاً على تاكسى، وعامل فى مخبز وبياعاً فيشار، ومندوب مبيعات وفى النهاية صاحب الشركة لم يعطه مستحقاته، حتى وجد له أحد زملائنا مكاناً للعمل كسائق فى شركة أدوية، وظل يعمل بها 8 سنوات برخصة مهنية، وتزوج منذ 7 شهور فقط بعد رحلة كفاح، فهو الذى بنى نفسه بنفسه، وانتقل للعمل بشركة أدوية أخرى منذ شهرين.
وأضاف: «الله يرحمك يا بهاء، كان صديقى لأكثر من 20 سنة، من أيام الثانوية، كان صاحب صاحبه، ويبيع نفسه من أجل صديقه، شالنى فى فرحى ووقف بجوارى ولم يتركنى، وحتى فى وفاة والدى جاءنى الساعة الثالثة صباحاً، ولم يتركنى إلا بعد أن رجوته أن يذهب لينام ويأتى فى الصباح».
وأكد شقيقه أمين بهاء الدين زغلول الجروانى، أن بهاء كان بالنسبة له الأب بعد وفاة والده منذ أكثر من 15 عاماً، ويقول: «هو الذى ربانى وتكفل بالأسرة بعد وفاة الأب ووفاة الأخ الأكبر فى حادث قطار، وكان كل طموحه تكوين بيت وأسرة، وظل خاطباً لمدة 3سنوات، وتزوج فقط فى 17 يونيو 2010 الماضى عن قصة حب».
وأضاف: «تعرضت لحادث سيارة وكنت مهدداً ببتر قدمى، وظللت بالمنزل 8 شهور، وتكفل بكل مصاريفى، وصرف على علاجى أكثر من 15 ألف جنيه، ورفض أن يأخذ منى مليماً واحداً، وأسهم فى تكاليف زواج شقيقتنا، وتزوج كأى شاب وعليه ديون نحو 10 آلاف جنيه قمنا ببيع قطعة الأرض التى تركها لنا والدنا، وكان نصيبه منها عشرة آلاف جنيه فقام بسداد كل ديونه قبل وفاته مباشرة».
21شهيداً حصيلة مظاهرات الغضب فى السويس يومى 25 و28 يناير
كشف الدكتور حازم شوقى، مدير عام الطوارئ بمستشفى السويس العام، المتحدث الرسمى باسم مديرة الصحة بالمحافظة، أن عدد الشهداء الذين سقطوا فى احتجاجات يومى 25 و28 يناير بلغ 21 شهيداً، وقال إن المتوفين، هم: سليمان صابر على محمد، 41 سنة، مصطفى رجب محمود عبدالفتاح، 20 سنة، غريب عبدالعزيز عبداللطيف، 41 سنة، محمود أحمد محمود، محمد شعبان بشير إسماعيل، 27 سنة، مصطفى جمال وردانى رمضان، 25 سنة، محمد أحمد محمد يوسف، 24 سنة، إسلام متولى محمد متولى، 20 سنة، سيد زكى محمد خليل، 37 سنة، علاء عبدالمحسن سعيد عبده، 46 سنة، فايز فهيم السيد زمزم، 54 سنة، أحمد على أحمد، 40 سنة، مصطفى عبدالله عبدالوهاب، 51 سنة، فرج عبدالفتاح عوض عبدالرحمن، 45 سنة، محمد محروس أنور محمد، 22 سنة، محمد السيد لبيب محمد، 22 سنة، أشرف نورالدين محمد عبدالرازق، 25 سنة، عبدالعزيز ماهر محمد فكرى، 27 سنة، عادل عبدالحكيم أحمد، 20 سنة
عبدالكريم سافر للمشاركة فى مظاهرات التحرير وطلب أن يتقبله الله من الشهداء
هو أحد شهداء «جمعة الغضب» ذهب ليعبر عن رأيه، مطالباً بالتغيير، سافر من الشرقية إلى القاهرة للمشاركة فى مظاهرات ميدان التحرير، وكتب وصيته، وكأنه يشعر بأنه على موعد مع القدر، إنه عبدالكريم أحمد رجب، 24 سنة، حاصل على بكالوريوس علوم جامعة الأزهر، وابن قرية الصنافين بالشرقية.
قال الحاج أحمد رجب، والد الشهيد: «ابنى راح شهيداً ليسطره التاريخ، ضمن شهداء أعظم ثورة فى تاريخ مصر الحديث، واكتشفت أنه كتب وصيته قبل مغادرته المنزل، وطلب الشهادة بصدق فنالها، ولفت إلى أن نجله كان يساعده على تحمل أعباء المعيشة وتوفير علاجه، الذى يقدر بأكثر من ألف جنيه شهرياً، نظراً لإصابته بفيروس سى و«السكر»، عندما شاهد الثورة طالبنى بالسماح له بالانضمام إليهم، لكننى رفضت خوفاً عليه، فأبلغنى أنه سيسافر للعمل فى القاهرة فوافقت.
وأضاف شقيقه الأكبر محمد: إن عبدالكريم منذ اليوم الأول وعيناه لا تغادران شاشات التليفزيون، يترقب كل ما يحدث لكنه لم يستطع مجرد المشاهدة، وقرر الذهاب بنفسه إلى ميدان التحرير، وأضاف: كنت أتابع الأحداث وعلمت فجر الخميس أن هناك قتلى فى ميدان التحرير فأسرعت بالاتصال به، وطالبته بضرورة الابتعاد عن أماكن الخطر وتوخى الحذر، فرد قائلاً لا تخف، فلا يحق لنا الخوف بعد اليوم، مؤكداً أنه فى الصفوف الأولى فى مواجهة البلطجية، ثم أخذ يضحك معى، إلا أنه صمت فجأة بعدها سمعت طلقاً نارياً، وهنا شعرت بأن أخى سقط أرضاً، وبعدما سمعت اشخاصاً يرددون «لا إله إلا الله» علمت أن أخى أصابه مكروه، وأكد أن شقيقه قبل أن يسافر كتب بيده وصيته وقال فيها: (أوصيكم بأن تكثروا من التصدق على، ومن الصدقات الجارية، وأن تستقبلوا خبر استشهادى بالفرحة، وأن تجعلوه دعوة للناس للتضحية من أجل هذا الدين القيم، ومن أجل هذا الوطن الغالى، وأطلب من الجميع أن يسامحونى إن أخطأت فى حقهم عمداً أو سهواً كما أطلب من والدى ووالدتى أن يدعوا الله أن يتقبلنى من الشهداء.
لم يكن محمد مصطفى محمد مرسى «22سنة» الطالب بالفرقة الثالثة بأكاديمية المستقبل «تخصص نظم ومعلومات» وابن مدينة مغاغة فى المنيا، يعلم أن حلمه فى أن يصبح أفضل مصمم برامج حاسبات فى العالم، سيتبدد برصاصة تصيبه فى مقتل أثناء مروره أمام قسم شرطه المرج، حيث يقيم، لينضم إلى قائمة شهداء ثورة 25 يناير، ولينضم أيضاً الى سجل أسرته التى حرص أبناؤها على المشاركة فى حروب تحرير الوطن، حيث استشهد جده حسن مرسى فتح الباب فى حرب 1967، وشارك والده مصطفى «62 سنة» وعمه مجدى «60 سنة» فى حرب أكتوبر 1973، إذ تفخر العائلة الآن باستشهاده «محمد» ليسجل التاريخ عمله البطولى فى مكافحة الفساد.
قال والده مصطفى محمد مرسى «62 سنة»، ضابط سابق بالقوات المسلحة إن «محمد» خرج يوم 28 يناير وأثناء سيره فى الشارع أمام قسم شرطة المرج أطلق أفراد الأمن أعيرة نارية على المارة والمتظاهرين فى الشارع، مما أدى إلى إصابته بطلق فى رأسه نقل على إثره إلى مستشفى المطرية حيث فارق الحياة وأكدت التقارير الطبية أنه استشهد متأثرا بتهتك بالرأس مما أدى إلى حدوث نزيف بالمخ وهبوط حاد بالدورة الدموية.
وأضاف أن والدة الشهيد وأشقاءه مى، عبدالله، وإسراء، رفضوا الجلوس فى المنزل وفضلوا الوقوف بجانب الشباب فى ميدان التحرير حتى يرحل الرئيس مبارك من الحكم، مطالبا بضرورة ملاحقة الفاسدين فى كل موقع وكل مكان.
وأضافت والدته منى جابر توفيق «48 سنة» أن محمد كان مهموماً بالعمل الوطنى وكان يتحدث مع والده دائما عن حربى 1967 و1973 وكان يقول دائما إن مصر فى حاجة إلى ثورة فى جميع المجالات خاصة مجالات البرمجيات والحاسبات والمعلومات، وكانت أمنيته أن يكون أحد رموز البرمجة فى العالم لنجاحه فى تصميم العديد من البرامج خلال فترة دراسته وطالبت بمحاكمة «العادلى» ورجاله.
وأكد الأشقاء عبدالله «17 سنة»، مى « 19 سنة»، إسراء « 8 سنوات» أن محمد كان مهتماً بموقع «فيس بوك» وكان يحب أصدقاءه ويعشق تراب مصر وكانت أمنيته استحداث العديد من البرامج الإلكترونية وودعنا جميعا يوم استشهاده، وكأنه كان يعلم أنه يودعنا وطالبوا المسؤولين بالقصاص لشقيقهم وباقى الشهداء. وكشفوا أن 11 شابا استشهدوا وأصيب 66 آخرون فى نفس اليوم أثناء تواجدهم أمام قسم شرطه المرج.
وأشارت ماجدة على مرسى، عمة الشهيد، إلى أن الدماء لم تستجب للمنظفات وظلت ملتصقه بملابس الشهيد وكأنها تعلن أن محمد مات شهيداً وهو يدافع عن بلده وحريتها مثل أى مقاتل فى ميدان المعركة حيث لقى الشهادة مساء يوم الغضب عقب أن لفظ أنفاسه الأخيرة بمستشفى المطرية أثناء تواجده فى طابور المصابين بالمستشفى.
وقالت هبة زارع محمد «مدرسة» ابنة خالة الشهيد، إنها تحتفظ بألبوم صور للشهيد جمعته من مواقع الفيس بوك وألبومات الأصدقاء والأقارب فى المناسبات، وجلست تروى قصصاً تكشف عن شهامته وحبه للأطفال والأصدقاء والتواجد فى جميع المناسبات بين الأقارب. وطالب إيهاب عبدالعظيم، عضو مجلس الشورى «مستقل» عن مركز مغاغة، بإطلاق اسم الشهيد على أحد شوارع المدينة. مؤكدا أنه سيتقدم بطلب لمجلس محلى مدينة مغاغة لاختيار أحد الشوارع وإطلاق اسمه عليها، تخليداً لذكراه.
.