x

كتب وحكـايات: طبائع الاستبداد للكواكبى

الجمعة 26-05-2017 22:00 | كتب: ماهر حسن |
عبدالرحمن الكواكبي عبدالرحمن الكواكبي تصوير : اخبار

تظل سيرة المفكر السورى عبدالرحمن الكواكبى، مرتبطة بأمرين، أولهما كتابه الشهير الصادر منذ أكثر من مائة عام «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد»، الذى إذا ما تأملنا ما جاء فيه ستتملكنا الدهشة، وكأن الكتاب صدر بالأمس القريب، إذ يحلل ويفسر أنظمة الحكم والفساد فى الدول العربية والإسلامية، أما الأمر الثانى فيكمن فى سبب وفاة «الكواكبى»، فالرجل توفى مسموما.

المفكر السورى الحلبى كتب «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد»، مستضيئا بسنوات الاستبداد العثمانى قبيل سقوط الخلافة العثمانية التى كانت سوريا تقع تحت وطأتها، وينطبق ما قاله على أنظمة استأسدت على شعوبها ووهنت أمام أعداء الأمة.

وكان الدكتور أسعد الحمرانى، أعاد نشر الكتاب عام ٢٠٠٦ بمناسبة الذكرى المئوية لرحيل«الكواكبى»، وبعدها بعام أصدر الدكتور محمد عمارة، كتابا بعنوان «الكواكبى.. شهيد الحرية ومجدد الإسلام»، تضمن سيرة الكواكبى وتحليل رؤاه وأفكاره، ومما ورد فى الكتاب من توصيفات للأنظمة المستبدة: «الحكومة المستبدة تكون طبعاً مستبدة فى كل فروعها من المستبد الأعظم إلى الشرطى، إلى الفرّاش، إلى كنّاس الشوارع، ولا يكون كل صنف إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقاً، لأن الأسافل لا يهمهم طبعاً الكرامة وحسن السمعة إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدومهم بأنهم على شاكلته، وأنصار لدولته، وشرهون لأكل السقطات من أى كانت ولو بشراً أم خنازير، آبائهم أم أعدائهم، وبهذا يأمنهم المستبد ويأمنونه فيشاركهم ويشاركونه، وهذه الفئة المستخدمة يكثر عددها ويقل حسب شدة الاستبداد وخفته، فكلما كان المستبد حريصاً على العسف احتاج إلى زيادة جيش المتمجدين العاملين له المحافظين عليه، واحتاج إلى مزيد الدقة فى اتخاذهم من أسفل المجرمين الذين لا أثر عندهم لدين أو ذمة، واحتاج لحفظ النسبة بينهم فى المراتب بالطريقة المعكوسة، وهى أن يكون أسفلهم طباعاً وخصالاً أعلاهم وظيفةً وقرباً، ولهذا لا بد أن يكون الوزير الأعظم للمستبد هو اللئيم الأعظم فى الأمة».

تواسى فئة من أولئك المتعاظمين باسم الدين الأمة فتقول: «يا بؤساء هذا قضاء من السماء لا مرد له، فالواجب تلقيه بالصبر والرضاء والالتجاء إلى الدعاء، فاربطوا ألسنتكم عن اللغو والفضول، واربطوا قلوبكم بأهل السكينة والخمول، وإياكم والتدبير فإن الله غيور، وليكن وردكم: اللهم انصر سلطاننا، وآمنّا فى أوطاننا، واكشف عنّا البلاء، أنت حسبنا ونعم الوكيل».

ووفقا لما ورد فى كتابى الدكتور الحمرانى والدكتور عمارة، نعرف أن عبدالرحمن الكواكبى مولود فى ١٨٥٤ فى مدينة حلب السورية لأبوين من الأشراف وتلقى تعليمه فى المدرسة الكواكبية التى كان والده مدرساً فيها ومديراً لها وعندما بلغ الثانية والعشرين فى ١٨٧٦ عمل فى جريدة «فرات» الرسمية وسرعان ما تركها ليصدر أول جريدة باسم «الشهباء» فى حلب بالاشتراك مع السيد هاشم العطار فى ١٨٧٧، لكن الأتراك الذين كانوا يحكمون البلاد فى تلك الفترة لم يتركوها أكثر من ١٦ عددا، على أثر مقالاته النارية ضد الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكنه لم يستسلم، فأسس جريدة الاعتدال عام ١٨٧٩، وواصل فيها مقالاته النارية حتى أغلقت هى الأخرى.

ومع بلوغ الصراع ذروته ضد الكواكبى بدأت المكائد تحاك ضده، فقرر الهجرة إلى مصر، ووصلها فى ١٨٩٩، وفيها وجد المناخ الحر والجو الصحى الذى يتيح له نشر أفكاره بعيداً عن تسلط العثمانيين، لأن الاحتلال الإنجليزى فى مصر كان يتيح قدراً من الحرية لأعداء الأتراك، بالإضافة إلى اجتماع القيادات العربية الثائرة والحرة فى أحضان القاهرة ولم يكد «الكواكبى» يستقر فى القاهرة حتى استأجر الأتراك العثمانيون أحد عملائهم، فحضر إلى القاهرة ودس السم للكواكبى، فأدركته الوفاة مساء الخميس فى الرابع عشر من يونيو ١٩٠٢.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية