x

عباس الطرابيلي الموبيليا.. وعلم التصدير والتسويق العالمى عباس الطرابيلي الخميس 25-05-2017 21:18


وغداً.. إن شاء الله ننشر رسالة المهندس العالم الكبير حسين بك صبور التى تروى حكاية حلم إنشاء سيارة مصرية، من واقع تجربته.. أما اليوم فالحديث متصل عن مدينة الأثاث وتلك الصناعة التى برع فيها الدمايطة أكثر من غيرهم.. والحديث هذه المرة يأخذ أطرافه الدبلوماسى «التقيل قوى» زميل دراستى فى دمياط الثانوية وابن حارتنا النجم السفير جمال بيومى.. إذ له تجارب مع هذه الصناعة الرائدة فى دمياط.. فضلاً عن دوره الذى مازال مستمراً فى اتحاد المستثمرين.

والسفير جمال بيومى يتفق معى كثيراً فيما قلته عن «الإنتاج الكمى» للأثاث لأنه يفتح أبواباً فى الشرق والغرب لتسويق هذه الموبيليا التى يحلم بها كل من يعرفها.. ولكنه هنا يحذر من إهمال «أجمل» ما فى الموبيليا الدمياطى.. وهو الجانب الجمالى المتمثل فى «الأويمة» أى فن الحفر على الخشب.. وعلى الأذواق الراقية.. لأن هذه المزايا لها زبونها الذى يجرى وراءها.. وحكى لى كيف أن كثيراً من الوزراء - الأفارقة والعرب بالذات - يعشقون هذه القطع الفنية التى تعمر وتزين البيوت.. ومادام لهذه النوعية زبونها، لماذا نخسره.. ولما قلت له إن إنتاج غرفة صالون - من هذه النوعية التى تشتهر بها دمياط - أو غرفة نوم، أو سفرة يحتاج إلى عمل متواصل لعدة شهور.. مما يرفع من ثمن الغرفة بسبب أجور العمالة الفنية العالية.. رد بلهجة الدمايطة المحببة: يا سيدى وماله.. نستمر فى إنتاج هذه النوعية لنلبى رغبات من يطلبها.. مع اتجاهنا إلى الإنتاج الكمى الموحد الذى ينتج عدداً كبيراً من الغرف فى الوقت نفسه الذى تنتج فيه غرفة واحدة من النوع الجمالى.

وهنا فجر الدبلوماسى «المعتق» معلومة، قال: أتعرف أن تجارة الأخشاب من أوروبا - ومن فنلندا بالذات - معفاة من أى جمارك أو ضرائب.. وأن الأخشاب التى نستوردها - أيضاً - من أفريقيا تحظى بنوع كبير من الحماية بفعل اتفاقيات الكوميسا وغيرها.. أى أن الخشب - وهو المادة الخام الأساسية اللازمة لصناعة الأثاث معفى من هذه الجمارك والضرائب.. وهنا قلت: ولكن مستلزمات هذه الصناعة تحتاج أيضاً غير الخشب مواد أخرى عديدة.. وهذه لا تخضع لمثل هذه الإعفاءات.. وكذلك معدات وآلات التصنيع نفسها.

واستمر السفير جمال بيومى فى مفاجآته. قال إن سفير فنلندا، وهى أكبر دولة مصدرة لأخشاب الأثاث لمصر، أوضح أن بلاده تصنف أنواع الخشب بسبع درجات من الدرجة الأولى.. إلى الدرجة السابعة.. ولكن كثيراً من مستوردى الأخشاب من المصريين يطلبون أخشاباً من الدرجة الثامنة أو التاسعة، أى نوعية خارج هذا التصنيف.. وهى بذلك من أسوأ أنواع الخشب هناك.. وهذا ينعكس على هذه النوعية، وعلى المنتج النهائى نفسه، ومنها عملية تبخير الخشب!! وقلت للسفير: مثلما يحدث مع المنتجين الصينيين.. فالمدير الصينى يقول للمستورد المصرى: نستطيع أن نقدم لكم السلعة التى تطلبونها بسعر 10 دولارات.. ونستطيع فى نفس الوقت تصنيعها لكم بسعر 5 دولارات.. دون أن يظهر أى فرق.. فيرد المستورد المصرى: أريدها بثلاثة دولارات فيوافق المصنع الصينى.. ولهذا تجد عندنا سلعاً صينية من الفئة الأقل جودة من تلك الموجودة فى أى دولة فى العالم!! أى أن العيب، بل المشكلة هى فى المستورد المصرى!! وتلك حقيقة.

** وفجر السفير المصرى جمال بيومى مفاجأة أخرى، قال إن حاكم الشارقة المحب لمصر الشيخ سلطان بن محمد القاسمى خصص مساحة كبيرة من الأرض واستطعنا أن نقيم عليها أكبر مركز مصرى للمنتجات المصرية، خارج مصر.. وفى هذا المركز مكان متقدم للموبيليا الكلاسيك التى اشتهرت بها دمياط.. لأن الأشقاء العرب - وأبناء الخليج بالذات - يعشقون هذه الموبيليا الكلاسيك شديدة الجمال.. على عكس الأوروبى، أو الأمريكى، الذى يريد غرفة يستطيع تركيبها بيديه.. بسهولة وأتذكر هنا أن الإخوة فى لبنان نجحوا فى غزو أسواق الخليج بالنمط الدمياطى من الموبيليا الكلاسيك بعد أن نجحوا - فى العصر الناصرى - فى جذب عمال الأثاث الدمياطى ليعملوا، هناك فى لبنان، ومعهم كل التسهيلات وأجور المواد الخام ليتم تصديرها لدول وإمارات الخليج.. بينما كانت هذه الصناعة تعانى من قحط ونقص المواد الخام الضرورية.. فى مصر!!

** نحن نحتاج إلى مراكز ومعارض خارجية، ليس فى الشارقة وحدها.. بل فى كل الدول العربية.. والأفريقية أيضاً فهذه وتلك هما مجالنا الحيوى للنهوض بالصناعة المصرية.

** وبالمناسبة، هل مصر تهتم بالتجارة أكثر من اهتمامها بالصناعة.. إن لم تصدقوا اسألوا عن الاسم الرسمى للوزارة المصرية حيث اسمها هو وزارة التجارة والصناعة.. بالذمة ده كلام ثم نسأل عن تحديث «الصناعة المصرية!!».. وعجبى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية