أعدت مجلة «نيوزويك» الأمريكية تحقيقاً مطولاً سردت فيه الأسباب التي أدت إلى سقوط الرئيس السابق حسني مبارك. وقالت المجلة في تحقيقها الذي حمل عنوان «مأساة مبارك»، إنه بقى في السلطة لعقود، حتى جاء موت حفيده، وهو ما رأته المجلة المحطة التي بدأ مبارك ينهار بعدها.
وقالت المجلة، في تحقيقها الذي نُشر الأحد، إن خطاب مبارك الأخير أشار إلى دراما طويلة تساعد على شرح شخصية الرئيس العنيد الذي لم يستوعب شعبه، ناقلة عن السفير الأمريكي السابق لدى مصر دانيال كيرتزر قوله «هذه هي مأساة مبارك حيث أنه يعتقد دائماً أنه الشخص الوحيد الذي يمسك بالدفة، وأن بعده سيأتي الطوفان».
وأوضحت المجلة أن مأساة آل مبارك تكمن في «غرورها أكثر من فسادها»، في إشارة إلى أنه على الرغم من تكتيكات الشرطة السرية وتعذيب المتظاهرين وإعتقالهم أيام الثورة، إلا أن أسرة مبارك ظلت مقتنعة أن ما فعله الرئيس كان من أجل مصلحة البلاد.
وأشارت المجلة إلى قول سوزان مبارك لإحدى المقربين لها، في أعقاب تفاقم الأزمة، «لقد بذلنا قصارى جهدنا، ولكننا سنغادر».
ووصفت مبارك بـ«البطريرك» الذي لا يمكنه تخيل انتهاء سلطته، مضيفة أنه لم يستطع فهم أن مصر تغيرت خلال الـ 30 عاماً الماضية، في ظل التطور ووسائل الإتصال الحديثة.
وأضافت المجلة أن سوزان مبارك، ابنة الممرضة الإنجليزية والطبيب المصري، كانت شريكة هي الأخرى في مأساة الرئيس مبارك، مشيرة إلى أنها كانت أذكى منه بـ10 مرات.
وقالت المجلة إنه «بالرغم من أنها كانت تحمل شعوراً بالعالم الخارجي، خارج قصر الرئاسة، إلا إنها حملت أيضًا طموحات كبيرة داخلها».
وتابعت المجلة أن سوزان مبارك هي من أمَن ثروات أولادها وأحفادها، حيث عكفت على تأسيس سلالة سياسية تستمر لأجيال، بدءاً من علاء، وهو رجل أعمال يفضل كرة القدم عن لعبة السياسة، ما جلب له شعبية كبيرة، والابن الأصغر المتحفظ، جمال، والذي ظل لسنوات الوريث المحتمل للقصر الرئاسي.
وأكدت المجلة أن عام 2009، كشف عن خطط واستراتيجيات آل مبارك، معتبرة أن وفاة حفيد الرئيس السابق كانت بمثابة نقطة تحول بالنسبة له، حيث ماتت الفرحة التي كانت تضع الإبتسامة على وجهه، مشيرة إلى مدى تأثره بوفاة حفيده، محمد.
ولفتت المجلة إلى أن لحظة وفاة محمد كانت لحظة مجد بالنسبة لمبارك، مشيرة إلى أنه لو كان قرر التنحي حينها؛ كان سيتوسل الشعب له للبقاء، إلا أنه لم يتنحى ولكنه بدأ يفقد قبضته على السلطة، مؤكدة أنه منذ ذلك الوقت بدأت التكهنات تتأكد على أن جمال هو من سيكون الخليفة المقبل لمصر.
وأشارت إلى أنه بالرغم من تألق جمال مبارك التكنوقراطي، إلا أنه يفتقر بشدة للتواصل مع الناس، فضلاً عن بعده عنهم، وافتقاره للكاريزما، مشيرة إلى التفاف العديد من رجال الأعمال حوله، وهم من استفادوا كثيراً من وجودهم معه.
ورصدت المجلة بعض التحركات التي قام بها جمال مبارك والتي حولت بدورها المشهد الإقتصادي في مصر مثل الخصخصة، والاتصالات، وبناء الفنادق، وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر.
وأكدت أن الأموال الجديدة التي جلبتها هذه التحركات أنشات طبقة جديدة من الأثرياء المصريين، والتي أثارت استياء الشعب المصري الذين يعيشون على حافة البقاء، والشباب والمثقفين الذين يعانون من البطالة، وهو ما جعل الاستياء ينمو تجاه جمال مبارك.
وأوضحت أن أحد عوامل مأساة الرئيس السابق كانت مجموعة صغيرة من المستشارين حوله، والذين حرصوا على العمل بجهد للحد من رؤيته للشارع المصري، في إشارة إلى صفوت الشريف، الأمين الأسبق للحزب الوطني الديمقراطي، والذي وصفته بـ«الأسوأ من حيث السمعة».
ولفتت المجلة إلى أن الشريف معروف في الدوائر الحكومية بأنه يعتبر مهمته في الحياة هي الاحتفاظ بملفات مدمرة لأي شخص يمكن أن يشكل تهديداً لمبارك، واصفة إياه بـ «المبتز السياسي».
وأشارت المجلة إلى أنه لم يكن أحد في مصر يجرؤ على مواجهه تلك الدائرة المحيطة بالرئيس مبارك.
وأستطردت بالقول إنه بحلول عام 2010، بدأ المصريون التطلع إلى الانتخابات البرلمانية في نهاية العام، والانتخابات الرئاسية في عام 2011 ، وكان نجم جمال مبارك حينها بدأ يتلاشى، حتى بين العديد من مؤيديه وشركاؤه.
وأوضحت المجلة أن الإنتخابات البرلمانية الأخيرة كانت أهم عوامل مأساة مبارك، والتي قام خلالها الملياردير أحمد عز، أمين التنظيم الأسبق بالحزب الوطني الديمقراطي، بإقصاء جميع مرشحي المعارضة في عملية إنتخابية مزورة بشكل صارخ، مما أثار غضب المصريين الشديد، حتى جاء منتصف يناير 2011، عندما أسقطت الثورة التونسية الرئيس زين العابدين بن علي، وهو ما دفع المصريين لخطوة غير مسبوقة للحذو بحذو تونس، وإسقاط الرئيس مبارك.