انقسم متظاهرو ميدان التحرير، الأحد، بين قرار البقاء فى الاعتصام والعودة إلى منازلهم، وفى الوقت الذى قال فيه مؤيدو البقاء إن جزءا من مطالبهم فقط هو الذى تحقق، بينما تتبقى مطالب إلغاء قانون الطوارئ والإفراج عن جميع المعتقلين، قرر عدد من المتظاهرين تفكيك خيامهم، داعين زملاءهم إلى الاكتفاء بما تحقق من نصر بتنحى الرئيس مبارك.
فيما توافد إلى الميدان الآلاف من مؤيدى البقاء فى التحرير، وتنوعت الهتافات بين «الشعب يريد إخلاء الميدان»، و«مش هنمشى»، و«الشعب يريد تنظيف الميدان».
قال المؤيدون للبقاء فى الميدان إن مطالبهم تتلخص فى ضرورة الإفراج الفورى عن جميع المعتقلين على خلفية التظاهرات وجميع المعتقلين السياسيين، وإسقاط حكومة الفريق «أحمد شفيق» التى شكلها الرئيس المتنحى قبل مغادرته منصبه، وفتح معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى الفلسطينيين فى غزة.
وأعاد المتظاهرون ترديد هتاف «الشعب يريد إسقاط النظام» بهدف إسقاط حكومة «شفيق» التى أكد معظمهم أنها لاتزال تضم رموز «الحرس القديم»، ورفض مؤيدو الاستمرار فى الاعتصام تفكيك خيامهم، مقررين البقاء فى 6 خيام كبرى بالميدان، مطالبين بالإفصاح عن مصير المختفين والإفراج عن المعتقلين ومحاكمة وزير الداخلية السابق حبيب العادلى.
وفى المقابل، استجاب عدد من المعتصمين لمحاولات قوات الجيش تفكيك خيامهم، مؤكدين أنهم سيعودون إلى منازلهم بعد تحقق المطلب الأول وهو تنحى الرئيس.
ومروريا، عادت حركة المرور جزئيا إلى ميدان التحرير بعد فتح جميع المنافذ المؤدية إليه عدا المنطقة القريبة من مجمع التحرير، حيث احتشد المئات أمام الحديقة والسور المقابل لها.
وبدأت الساعات الأولى من صباح الأحد هادئة وسط اجتماعات شبابية تحت حراسة الشرطة العسكرية، التى ركزت على تسهيل عملية مرور السيارات، التى بدأت فى عبور الميدان للمرة الأولى منذ 18 يوما، وفى الساعة الحادية عشرة صباحاً حضر أفراد من وزارة الداخلية لإعلان انضمامهم للمتظاهرين، إلا أنهم نجحوا فى إبعادهم عن الميدان، مرددين: «إزاى نصدقكم بعد ما قتلتم إخواتكم».
وعند الواحدة ظهراً، توافد الآلاف على الميدان، منقسمين إلى فئتين، واحدة تطالب بالرحيل بعد تحقيق مطلبهم الرئيسى، وأخرى تطالبهم بالبقاء حتى تحقيق المطالب الأخرى، وعند تجمع الفئتين نجحت قوات الشرطة العسكرية فى صنع ما يشبه «كردوناً بشرياً» بينهما يفصله فراغ كبير لمرور السيارات.
قالت شيماء عبدالله، إحدى الفتيات المتمسكات بالبقاء فى التحرير، إنها لن تغادر الميدان حتى يكون هناك ضمان لتحقيق ما طالبوا به، مضيفةً أن الجميع يردد أنهم سيوفرون لنا الوظائف والشقق، ولكننا لا نرى أى ضمان لذلك، مستطردة: «الشباب لو روّحوا هايموتوا فى بيوتهم عشان مفيش شغل ولا فلوس ولا أى حاجة، وأنا بقولهم موتوا هنا أحسن».
بينما ردت صفاء عثمان، إحدى المتظاهرات التى طالبت برحيل المعتصمين، بأن «الأمور ستأتى على مراحل لأنه من المستحيل قدومها على مرحلة واحدة»، مطالبة الفنانين والمسؤولين الذين غادروا الميدان بالرجوع مجدداً لإقناع المعتصمين بالرحيل طالما أنهم اشتركوا فى التظاهرات منذ البداية.
وظهرت مشاهد جديدة على ساحة اعتصام التحرير مثل بيع كتاب «الدستور المصرى» بـ 5 جنيهات، وردد البائعون: «لازم تعرف إيه هو دستورك وإيه اللى لازم يتعدل فيه»، وآخرون رفعوا لافتات تشكر «القوات المسلحة» على توليها إدارة شؤون البلاد بعد تنحى الرئيس وحتى تسليم السلطة.
واستمر تعليق لافتات الشهداء فى أنحاء الميدان، وحمل أربعة أفراد لافتة أخرى تبلغ حوالى 5 أمتار حملت مانشيت جريدة «المصرى اليوم» أول أيام الاحتفال بالثورة وهو «إن مت يا أمى متبكيش.. راح أموت علشان بلدى تعيش».
وبدأ أفراد حملة «يلا ننضف بلدنا» فى التجمع عند حديقة التحرير أمام خيمة «ممتلئة بمئات المكانس والمساحات وقفازات الأيدى وكمامات الوجه وأكياس القمامة»، وشارك فى الحملة نحو 5 آلاف متظاهر.
قال عمرو المهدى، منسق الحملة، مهندس ديكور، إن المتظاهرين تمكنوا من تنظيف ساحة مسجد عمر مكرم وإنهم بصدد الانتهاء من تنظيف الساحة الأمامية للجامعة الأمريكية والمنطقة المقابلة للمتحف المصرى وأخيراً حديقة التحرير التى كان يبيت فيها المعتصمون حتى رحيل الرئيس مبارك.
وقامت اللجنة المنسقة للحملة بتسجيل بيانات الأفراد والمتطوعين فى الحملة من أجل ضمان استرجاع الأدوات المستخدمة فى عملية النظافة والإعمار.
وأكد المهدى فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»، أن أفراد الحملة بدأوا فى تنظيف وتنسيق المحال التى تعرضت للقذف يوم «الأربعاء الدامى» عندما دخل مؤيدو مبارك الميدان، مشيرا إلى أن الخطوة المقبلة للحملة هى مشاركة الشيوخ والقساوسة فيها من أجل تشجيع الأفراد على المشاركة والاستمرار فيها.
وفى مساء السبت احتفل المتظاهرون بتحقيق مطالبهم وحضرت فرق موسيقية تغنى وتعزف الأغانى الوطنية وسط أعلام مصر وترديد المتظاهرين: «تحيا مصر.. تحيا مصر»، واستمر الاحتفال حتى ساعات الصباح الأولى من اليوم التالى.