يبدأ مجلس الأمن اليوم بحث مصير طلب العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية فى الأمم المتحدة، وسط ضغوط أمريكية متواصلة على الدول الأعضاء بعدم التصويت على الطلب الفلسطينى، تفاديا لإحراجها باللجوء إلى استخدام حق النقض «الفيتو»، وإمكانية أن يصدر القرار النهائى للمجلس خلال أيام وبينما أكد الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن» رفضه أى تأجيل أو مماطلة فى المجلس لبحث طلب العضوية، أعلن نبيل شعث القيادى فى حركة فتح أن الفلسطينيين لن يدفعوا فاتورة إعادة انتخاب الرئيس الأمريكى باراك أوباما مقابل حقوقهم.
وقال «أبومازن» إنه سيطرح الاقتراحات التى عرضت عليه لاستئناف المفاوضات، على القيادة الفلسطينية لدراستها. وأضاف أنه «يريد العودة للمفاوضات لكن من دون الاعتراف بحدود عام 1967 ووقف الاستيطان فلن نعود»، وقلل من شأن التهديدات الإسرائيلية، معتبراً أنه إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يريد أن يهاجم الفلسطينيين أو يرغب فى إلغاء الاتفاقات، فليفعل لأنه هو المحتل.
ووصف «أبومازن» تقديم طلب الحصول على عضوية كاملة للدولة الفلسطينية بأنها قضية محسومة تماما وليست مغامرة، وقال: «ننتظر من مجلس الأمن أن يأخذ قراره فى الوقت المناسب من خلال إجراءاته الرسمية، لكن نرفض أن تكون هناك ألاعيب سياسية للتعطيل والمماطلة».يأتى ذلك بينما استعد آلاف الفلسطينيين فى رام الله لاستقبال أبومازن والترحيب به بعد خطابه التاريخى فى الأمم المتحدة.
بدوره، أعلن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح «نبيل شعث» أن 9 دول ستصوت لصالح طلب عضوية فلسطين فى مجلس الأمن، وقال: «لن ننقذ الرئيس الأمريكى باراك أوباما من أجل الفوز بفترة رئاسية جديدة على حساب القضية الفلسطينية»، ويضيف: «لا يستطيع أحد أن يجبرنا على التراجع لإنقاذه من الإحراج، أوباما يفضل الرضوخ إلى ضغوط اللوبى الصهيونى، لكنه سيخسر فى المنطقة العربية كثيرا»، وأكد أن الجانب الفلسطينى لن يتخلى عن مواصلة معركة عضوية فلسطين وسنواصل الضغط لإجبار مجلس الأمن على التصويت، وخلال فترة قريبة جدا. وقال: «نحن لن ندفع ثمن انتخاب أوباما، ولن نتخلى عن القضية الفلسطينية مقابل حفنة دولارات».
وعلى الجانب الإسرائيلى، يترأس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو جلسة حكومته لصياغة الرد الرسمى على اقتراح الرباعية الدولية باستئناف التفاوض المباشر. وتوقعت مصادر أن يكون الرد إيجابيا، لأن اللجنة لم تضع شروطا مسبقة ولم تتناول قضية الاستيطان، بينما أيد وزير الخارجية الإسرائيلى أجيدور ليبرمان بيان اللجنة الرباعية للتوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين قبل نهاية 2012، وقال: «إن إسرائيل مدينة للولايات المتحدة لأن الأمريكيين بذلوا جهودا جبارة فى اللجنة الرباعية للتوصل إلى هذا الاقتراح ودعموننا خلال الأزمة المتعل قة بسفارتنا فى القاهرة وفى خطاب الرئيس باراك أوباما».
وحذر الوزير الليكودى جلعاد أردان من اتخاذ خطوات أحادية الجانب ضد الفلسطينيين، فيما طالب وزير المالية الإسرائيلى يوفال شتاينتس بفرض عقوبات قاسية على السلطة الفلسطينية، تشمل وقف تحويل الإيرادات الضريبية، وهو الطلب الذى قوبل بتحذير فلسطينى من خلق حالة من الفوضى فى الأراضى المحتلة.
ودعا وزير الخارجية البريطانى وليام هيج فى مقال بصحيفة «صنداى تلجراف» البريطانية الفلسطينيين والإسرائيليين إلى العودة للتفاوض، وقال إن الوقت ينفد أمام حل الدولتين، وأن الرأى العام فى الشرق الأوسط صار غير متسامح بصورة أكبر تجاه «فشل تلبية الطموحات الفلسطينية المشروعة»، وأن إسرائيل تواجه عزلة متزايدة، معلنا أن بلاده ستمتنع عن التصويت، فى حالة طرح الطلب الفلسطينى على مجلس الأمن.
وزعمت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية أن الطلب الفلسطينى بالاعتراف بالدولة يتضمن «اعترافا بإسرائيل كدولة يهودية»، وذلك بموجب نسخة من الطلب حصلت عليها الصحيفة. وقالت الصحيفة إنه جاء فى الطلب أن العضوية تستند إلى الحقوق الطبيعية والقانونية والتاريخية للشعب الفلسطينى، وعلى قرار الجمعية العامة رقم 181 1947، والذى يتحدث عن «إقامة دولة يهودية بجانب دولة عربية».
وبينما أطلق الاحتلال يد المستوطنين ليواصلوا اعتداءاتهم المستمرة، شرع مستوطنون فى تعليق اللافتات على الشوارع الرئيسية والالتفافية القريبة من المستوطنات اليهودية فى الخليل وبيت لحم جنوب الضفة، تهدد بذبح العرب والفلسطينيين، وعلقوا عشرات الأعلام الإسرائيلية واللافتات العنصرية، التى تهدد بـ«سنذبح العرب» وتقول: «هذه أرض الآباء والأجداد».
وفى الوقت نفسه، توالت تحذيرات الصحف العبرية والمسؤولين الإسرائيليين من التداعيات السلبية على المنطقة حال رفض استئناف مفاوضات السلام، وحذر إيلى باهار، المستشار القانونى فى جهاز الأمن الداخلى الإسرائيلى من أن الفشل فى العودة إلى المفاوضات يمكن أن يؤدى إلى انهيار السلطة الفلسطينية واندلاع موجة جديدة من العنف، وقال إن أبومازن قد يضطر إلى ترك منصبه.
وحذرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» من أن «ما حدث فى الجمعية العامة يعيدنا إلى المربع الأول، وإلى نوفمبر 1947»، وأضافت أن نتيجة خطابى نتنياهو وأبومازن تعنى إغلاق «عملية السلام» وأن دولة فلسطين لن تكون، ودولة يهودية وديمقراطية لن تكون، بل سيكون خطباء ناريين واستقبالات حماسية وحرباً أبدية، وأن سلاما يتم فى السنوات القريبة لأن الفلسطينيين يريدون دولة، لكنهم غير جاهزين للسلام، والإسرائيليون يريدون سلاما ولكنهم غير جاهزين لمنح الفلسطينيين دولة، وحذرت الصحيفة من اندلاع موجة من العنف حال فشل الطلب الفلسطينى فى مجلس الأمن، وقالت «هاآرتس» إن من حق المتطرفين فى الجانبين أن يفرحوا لأن الصراع عاد للوراء وإلى المربع الأول.