x

حكايات من دفتر شهداء الوطن جديد

السبت 12-02-2011 21:16 | كتب: مصطفى المرصفاوي |
تصوير : اخبار

 

لن ننساهم.. لن تضيع دماؤهم هدراً.. عشرات الشهداء الذين سالت دماؤهم، بحثاً عن الحرية.. وقفوا بأجسادهم أمام قنابل مسيلة للدموع ورصاص مطاطى وخرطوش ولم يتراجعوا حتى مع إطلاق رصاص حى. خرج الشهداء وتركوا أمهات وآباء وأبناء يبكون حزناً وقهراً.. يجلسون فى منازلهم يتذكرون الضحايا واللقطات الأخيرة لهم، وهم يؤكدون أن حق أبنائهم لن يضيع.. ولا ترضيهم محاكمة العادلى بتهمة الخيانة، ويجب أن يحاكم بتهمة القتل العمد، فهو المحرض ومصدر الأوامر. 4 قصص جديدة ترويها «المصرى اليوم» لشهداء ثورة 25 يناير، وهم: الشهيد محمد السعيد ياسين، خريج كلية العلوم الذى خرج إلى المظاهرات بعد أن سمع خطاب الرئيس الأول.. خرج ليهتف للحرية ليعود محمولاً على الأعناق ليترك زوجته وطفلته الرضيعة. الشهيد كريم عبدالسلام، الذى شارك فى المظاهرات منذ انطلاقها يوم الثلاثاء 25 يناير، وظل يهتف طوال المظاهرات «سلمية.. سلمية».. طبع أوراقاً تدعو إلى التهدئة والتظاهر بشكل سلمى، ووقف يوم الأربعاء الماضى بين المتظاهرين ومؤيدى مبارك يحاول التهدئة ومنع العنف، ولكن رصاصة طائشة أنهت أحلامه وحياته. الشهيد محمد محروس، الذى رحل بعد أسبوعين فقط من خطوبته، وترك والدته تبكى وتصرخ فى منزلها، وهى تمسك بصورته فى يد وفى يد أخرى شهادة وفاته.


والأشقاء الثلاثة مينا وسمير ومجدى، الذى لم يفرق الرصاص بينهم ليقتل الأول ويصيب الثانى فى قدمه، بينما يقف الثالث فى ميدان التحرير حتى يسقط النظام


كريم بنونة خرج فى مظاهرات 25 يناير وسقط شهيداً على يد «بلطجية مبارك»فى «التحرير»

حاول كريم عبدالسلام الذى شارك فى المظاهرات منذ انطلاقها يوم الثلاثاء 25 يناير أن تستمر المظاهرات سلمية، وألا يقع بين مؤيدى النظام ومعارضيه أى اشتباكات، طبع أوراقاً تدعو إلى التهدئة والتظاهر بشكل سلمى، ووقف بين الفريقين يمنع المتظاهرين من الاشتباك، ولكن رصاصة طائشة أطلقها المؤيدون أنهت أحلامه، تبعثرت الأوراق فى يده، وانتهت حياته بلا نذب اقترفه.


يوم الخميس الماضى، كان الأخير فى حياة كريم، بات ليلة الأربعاء فى الميدان وسط زملائه المعارضين للنظام، طبع منشورات ووزعها على المتظاهرين، دعا فيها إلى السلمية وعدم استخدام العنف، أو رد اعتداء المؤيدين للنظام بالاعتداء، والاكتفاء بمنعهم من الدخول إلى الميدان فقط.


البداية، كانت يوم الثلاثاء 25 يناير، خرج الشهيد كغيره من المعارضين للنظام، والمطالبين بإسقاطه، وعندما وصل إلى الميدان قرر ألا يتركه حتى تحقيق مطالب المتظاهرين، يبات كل ليلة فى التحرير، تاركاً طفلين أكبرهما 3 سنوات، وزوجة فى منزل أسرته، نام فى العراء وهو يتمنى أن يسقط النظام بأكمله وليس الحكومة فقط، حتى جاءت أحداث الأربعاء الماضى، ووقف كريم بين المؤيدين للنظام والمعارضين يحاول التهدئة حتى لا يشتبك المصريون فيما بينهم، مر اليوم سالماً وفى المساء قرر طباعة منشورات وتوزيعها على المتظاهرين دعا فيها إلى السلمية وعدم استخدام العنف أو ضرب المؤيدين والاكتفاء بمنعهم من الدخول إلى الميدان فقط.


بات كريم ليلته الأخيرة فى الميدان وهو يدعو الله ألا تتجدد الاشتباكات.. فى ليلة الخميس، لم تر عينه النوم حتى أيقظه صديقه ياسر ليصليا سوياً صلاة الفجر، جلساً سوياً وتناولا إفطاراً بسيطاً ثم انطلقا فى الميدان يوزعان التمر على المحتجين والمتظاهرين حتى تجددت الاشتباكات مرة ثانية، وقف كريم فى الصفوف الأمامية يدافع عن الميدان وبجانبه صديق عمره ياسر، انطلقت رصاصة طائشة تجاهه واستقرت فى صدره، ليسقط شهيداً.


داخل منزله، تجد طفليه عمر 3 سنوات ومريم سنة يبحثان عنه فى المنزل، يقترب عمر من والدته وهى تبكى وترتدى ملابسها السوداء.


ويسألها: «هو بابا فين.. بابا سافر عند ربنا»، تبكى الأم ولا تستطيع الرد عليه، تقول الزوجة: كريم لم يخرج للتخريب أو النهب، كريم ليس ناشطاً سياسياً، إنما هو مواطن مصرى، خرج بحثاً عن الحرية، كان يريد التغيير، لم أمنعه لأننى أعرف أنه خرج من أجل أبنائنا وأبناء المصريين جميعاً، خرج يبحث عن مستقبل جديد لهم يضمن حياة كريمة دون إهانة أو تعذيب فى أقسام الشرطة أو فساد حكومى أو تزوير انتخابات، كنت أنتظر مكالمته مساء كل يوم يحكى لى فيها عن تفاصيل المظاهرات وكيف قضى ليلته، وما هتفه وما حمله من لافتات، كنت أتمنى أن أنزل إلى الميدان معه، ولكنه كان يرفض ويؤكد لى أنه سيسمح لى بالنزول وقت الاحتفالات بعد رحيل الرئيس.


لن أترك حق زوجى، أنتظر وعد الفريق أحمد شفيق، رئيس الوزراء، بالتحقيق فى الأحداث ومحاكمة من حرض البلطجية على الدخول إلى الميدان والاعتداء على المحتجين، أنتظر حدوث التحقيقات والكشف عن المحرضين وأشاهدهم داخل المحاكم يحاكمون بتهمة القتل والتحريض على القتل، ولكنى أنتظرت أيضاً تنحى الرئيس لأشارك فى الاحتفال بنصر شارك فيه زوجى بدمائه.


الشهيد محمد محروس رحل بعد خطوبته بأسبوعين ووالدته تحمل «صورته» فى يد و«شهادة وفاته» فى الثانية

فى حفل صغير لم يشارك فيه سوى عدد من أصدقائه وأسرته، احتفل الشهيد محمد محروس قبل أسبوعين بخطوبته، محمد مهندس ديكور، وليس له أى اتجاهات سياسية أو دينية، وكان ينوى الخروج فى مظاهرات الثلاثاء 25 يناير، لكن ظروف عمله منعته، فعزم على الاشتراك فى جمعة الغضب، ودع والدته وخرج من منزله بالحلمية الجديدة ليلتحم مع أعداد كبيرة من المتظاهرين بحثاً عن الحرية، وعن تغيير نظام ثبّت قواعد الفساد فى كل مكان.. استمر فى التظاهر حتى أدى صلاة المغرب ليصاب بعدها برصاصة تنهى حياته.


وقف الشهيد فى البداية يتابع الموقف من بعيد وهو يحاول الالتزام بتعليمات والدته بالبقاء بعيداً عن الاشتباكات.. لم يهتف ضد الحكومة، لكنه وقف صامتا يشاهد بعينه التفاصيل، وكيف أن الأمن يتعامل مع المتظاهرين بقوة وعنف، وعندما اقترب من الصفوف الأمامية لمشاهدة ما يدور من اشتباكات بين الطرفين، بدأ ضباط قسم الدرب الأحمر فى إطلاق الأعيرة النارية، ليجد نفسه دون أن يشعر يهتف: «الشعب يريد إسقاط النظام»، إلا أن رصاصة غادرة أسكتته إلى الأبد، بعدما استقرت فى قلبه، إلا أنه تماسك للحظات نطق خلالها الشهادتين قبل أن يلفظ أنفاسه.


رحل محمد وهو لم يكن ينوى المشاركة فى المظاهرات، ذهب إلى المظاهرة وهتف بعد أن شاهد مصابين ومتوفين أمامه، ملأ الحماس قلبه وقاده إلى الاستشهاد، هو أحد الأعمدة الرئيسية بمنزله، وهو من يتولى تدبير نفقات منزله بعد رحيل والده، رفض الزواج حتى يطمئن على أشقائه وإنهاء تعليمهم، ومنذ أسبوعين فقط أعلن خطوبته.


قال عمرو، أحد أصدقاء الشهيد: تربطنى علاقة صداقة بمحمد منذ أكثر من 10 سنوات، كنا أخين وليس صديقين، لم أحضر خطوبته بسبب ظروف عملى، اكتفيت بتهنئته فقط وإطلاق لقب العريس عليه، كنا نتجمع أسبوعيا على أحد المقاهى بمدينة نصر، نضحك ونتحدث فى أمور البلد، ولكن فى المقابلة الأخيرة كنا نتكلم فقط عن العريس، ونحن لا نعلم أنه عريس السماء الذى سيرحل عنا بعد أيام.


داخل منزل الشهيد تجلس والدته تسمع صوت بكائها من الداخل بوضوح، تجلس وهى تمسك فى يدها صورته وفى اليد الأخرى شهادة الوفاة، تبكى وتدعى على من قتل ابنها، تقول الأم: «حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى قتل محمد، ابنى كان طيب، لم يضر أحداً من قبل، كان يريد الاشتراك فى المظاهرات ولكننى كنت أمنعه خوفا عليه، كنت أشعر بأن الموت ينتظره فى الخارج، حاولت منعه ولكن الموت كان أقوى منى، يجب أن يحاكم حبيب العادلى، وزير الداخلية السابق، بتهمة القتل العمد.. الضباط كانوا يطلقون رصاصهم بعشوائية.. كانت لديهم أوامر بضرب النار.. ومن أعطى الأوامر يجب أن يحاسب».


رصاصة فى الرأس أنهت حياة «محمد ياسين» وبددت حلمه بسماع كلمة «بابا» من رضيعته «رغد»




قطع الشهيد محمد السعيد ياسين، خريج كلية العلوم، مسافة طويلة من محافظة القليوبية التى يعيش بها للوصول إلى ميدان التحرير للمشاركة فى المظاهرات، لم يكن الشهيد ناشطا سياسياً، لكنه كان واحدا من آلاف الشباب الذين فشلوا فى الحصول على فرص عمل مناسبة بسبب «الوساطة» والمجاملات، فرغم تفوقه الدراسى، والعلمى، والكيميائى إلا أن الوساطة حرمته من التعيين والتثبيت فى العيادة الطبية بمجلس الشعب على الرغم من أن الجميع يشهد له بالكفاءة، خلال 3 سنوات هى مدة عمله فى المكان، وتم تعيين آخرين بـ«الواسطة».


لم يشارك الشهيد فى مظاهرات الثلاثاء 25 يناير، أو مظاهرات جمعة الغضب، ولم يكن ينوى النزول إلى الشارع نهائياً، ولكنه أثناء جلوسه فى منزله بالقليوبية، بعدما قرر الاكتفاء بمتابعة الأحداث من خلال القنوات الفضائية، فوجئ بخطاب الرئيس الأول، الذى قال فيه إنه من قاد الحرب والسلام وإنه طلب من الحكومة الاستقالة وإنه سيظل فى الحكم، لم يشعر الشهيد بنفسه.


انفجرت بداخله ثورة عامرة، أخذ يصرخ بأعلى صوت وهو يبكى ويهتف ضد الرئيس، مرت دقائق ليقرر بعدها النزول والاشتراك فى المظاهرات، بعدما شعر بأن الرئيس لم يتفهم مطالب شعبه، وبعد أن قطع المسافة من منزله إلى ميدان التحرير، قرر أن يكون واحدا من هؤلاء الشباب الذين قرروا التظاهر أمام وزارة الداخلية، وبمجرد وصوله إلى مقرها، اخترقت رأسه رصاصة، لتنتهى حياته فى الحال.


خرج محمد من منزله وحده، اكتفى بقبلة لابنته الرضيعة وزوجته ووالدته، أخبرهم بأنه لو أراد الله أن يموت سيموت على سرير، وأنه يفضل أن «يموت شهيدا»، وخرج إلى الميدان، والحماس يشعل قلبه ليلتحم مع المتظاهرين ويهتف بأعلى صوت «الشعب يريد إسقاط النظام»، و«ارحل.. ارحل»، وصل إلى المكان ووقف ساعتين يهتف ويصرخ ويقفز فى الهواء ثم قرر الانتقال إلى وزارة الداخلية والتظاهر أمامها لتخترق رأسه رصاصة تنهى حياته فى الحال.


رحل محمد فى أول مظاهرة يشترك فيها فى حياته، لم يكن ناشطا سياسيا - والكلام على لسان زوجته - ولكنه تخرج فى كلية العلوم وطاله الظلم فى عمله بسبب الوساطة، على الرغم من تفوقه الدراسى والعلمى والكيميائى، إلا أن الوساطة حرمته من التعيين فى العيادة الطبية بمجلس الشعب رغم كفاءته وعمله لأكثر من 3 سنوات وتعيين آخرين اقل منه كفاءة بسبب الوساطة.


وتضيف: «استشهد محمد وترك رسالة ماجستير سهر ليالى لتحضيرها ليرحل قبل موعد مناقشتها بـ3 شهور، استشهد وترك رضيعة لم يسمع منها كلمة (بابا)، التى كان يتمنى سماعها، رحل محمد وتركنى بعد زواجى منه منذ عامين».


وقالت: «أنا فخورة بزوجى الذى استشهد فى المظاهرات، بعد أن قتله ضباط الداخلية، لمطالبته بإسقاط النظام، دموعى لن تتوقف على زوجى الشهيد، الذى ارتبطت به بعد قصة حب طويلة استمرت 4 سنوات، كنت دائما أشجعه فى عمله الذى يحبه منذ صغره.


كلما أصيب بإحباط بسبب الظلم الذى يتعرض له فى العمل، أطلب منه الصبر وأقول له إن الخير قادم، وكان حديثنا لا ينقطع عن حال البلد وظروفها السيئة والفساد المنتشر بها، كان يرغب فى الاشتراك فى مظاهرات الثلاثاء والجمعة ولكنى طلبت منه عدم النزول خوفا عليه وبالفعل استجاب لطلبى، قضينا يوم الجمعة نتابع التفاصيل، ونطلق الهتافات من منزلنا «حرية.. حرية».. حتى ألقى الرئيس مبارك كلمته الأولى وأكد أنه أقال الحكومة ولكنه باق فى الحكم، وقتها انهار محمد وظل يبكى لأكثر من ربع ساعة، ثم قرر الخروج إلى الشارع للاشتراك فى المظاهرات، حاولت منعه ولكنه رفض،


وقال لى (من الأفضل أن أموت شهيدا)، وقتها تركته وأنا أشعر بأن مكروها سيحدث له، وقفت أتابع خطواته السريعة من شرفة المنزل وأرسل له التحية وأنا أحمل رضيعتنا (رغد)، وأنا لا أعلم أنها المرة الأخيرة الذى سأراه فيها، لم أستطع النوم حتى جاء خبر فى اليوم التالى أنه توفى برصاصة فى رأسه من أحد قناصى وزارة الداخلية، استشهد محمد وتركنى وحيدة فى بلد انتشر فيه الفساد، لن أترك حقه وسأقاضى وزير الداخلية وسأتهم قناصى الوزارة بالقتل العمد».


الأشقاء الثلاثة خرجوا فى «جمعة الغضب».. «مينا» عاد جثة هامدة وأصيب «سمير».. و«مجدى» استمر فى الميدان حتى أسقط النظام

مينا، وسمير، ومجدى.. 3 أشقاء خرجوا فى مظاهرات جمعة الغضب، ودعوا والدهم وأخبروه أنهم سيخرجون للتظاهر بحثاً عن الحرية والتغيير، لم يستطع الأب «نبيل هلال» منعهم، فهو يعرف جيداً الظروف التى تمر بها البلد، ودعهم بهدوء وهو يشعر بأن مكروهاً سيصيب أحدهم. انطلق الثلاثة فى شارع الهرم، التحموا بالمحتجين فى المظاهرة وهم يهتفون مع الجميع ويصرخون بأعلى أصواتهم أملاً فى العدالة الاجتماعية وإسقاط النظام، وعندما وصلوا إلى مدخل كوبرى قصر النيل اشتبك رجال الشرطة مع المتظاهرين، التفوا حول بعضهم لحماية أنفسهم، إلا أن ضابطاً صوب سلاحه تجاه مينا، وأطلق رصاصة مطاطية اخترقت وجهه وأصابته بنزيف داخلى، تسبب فى وفاته، ليطلق الضابط بعدها طلقة ثانية تجاه سمير، فأصابه فى القدم، ووجد مجدى نفسه وحيداً بين جثة شقيقه المتوفى والثانى المصاب.


داخل منزل متوسط الحال فى منطقة فيصل، تعيش أسرة الأشقاء الثلاثة، يخرج الأب للعمل سائق تاكسى، ويعود فى نهاية اليوم.


وقرر الأشقاء الخروج إلى العمل لمساعدته فى تدبير النفقات، ورغم الهدوء الذى كان يسيطر على المنزل الأيام الماضية، انفجرت بداخله الثورة قبل أيام من التظاهرات، بعد أن عاد الأب فى أحد الأيام يضرب كفاً على كف بسبب دفعه رشوة لأحد أمناء الشرطة حتى لا يسحب منه رخصة السير.


ويوم الثلاثاء 25 يناير اتفق الثلاثة على الخروج، استأذنوا والدهم، لم يرفض، ولكنه طلب منهم ألا يفترقوا، وأن يكونوا حذرين، حتى يعودوا إلى المنزل سالمين، نفذ الأشقاء الثلاثة التعليمات جيداً، وعادوا إلى المنزل، ليخبروا الأب «أنهم سيخرجون من جديد يوم الجمعة لإسقاط النظام، ولكن الأب سيطر عليه الخوف هذه المرة، وتردد بعد شعوره بأن أحدهم سيصيبه مكروه، وبعد ساعات وافق أمام إصرارهم، بشرط أن يلتزموا بتعليماته، وفى الموعد المحدد انتظر الأب عودتهم سالمين، فعاد «مينا» جثة، وسمير مصاباً، وظل مجدى فى الميدان حتى يثأر لشقيقيه، وأسقط النظام.


داخل غرفته، جلس الأب ودموعه لا تتوقف، بينما زوجته فى الغرفة المواجهة تصرخ بأعلى صوتها على مينا، جلس الأب ومن حوله بعض صور الشهيد، يمسك واحدة تلو الأخرى، وهو يتذكر تفاصيل متى وأين تم التقاطها.


يقول الأب لـ«المصرى اليوم»: «أُفضل أن يستشهد ابنى فى المظاهرة، على أن يموت فى المنزل، لست حزيناً ولكنى فخور بما قدمه أبنائى من بسالة فى المظاهرات، فشهود العيان ومن حملوا ابنى مينا إلى مستشفى الهرم، رووا لى كيف كان الثلاثة يداً واحدة يدافعون ويقتحمون الحواجز الأمنية بقوة، كنت أعلم جيداً أن البلد يحتاج إلى انتفاضة، يحتاج إلى ثورة وإلى شهداء، وأنا قدمت أحد أبنائى للبلد، لن أحزن عليه، ولكنى سأبحث عن حقه، تقدمت ببلاغ للنائب العام اتهمت فيه حبيب العادلى وضباط الأمن المركزى المسؤولين عن كوبرى قصر النيل بالقتل العمد، ولن أرضى إلا عندما يحاكم حبيب العادلى بـ«الخيانة العظمى».

.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية