x

40 دقيقة فاصلة لـ«المشير» فى محاكمة القرن

السبت 24-09-2011 19:00 | كتب: فاطمة أبو شنب |
تصوير : اخبار

قرابة «40 دقيقة» فقط، كانت مدة إدلاء المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بشهادته أمام محكمة جنايات القاهرة، صباح أمس، فى القضية المتهم فيها الرئيس السابق محمد حسنى مبارك ونجلاه جمال وعلاء ووزير داخليته حبيب العادلى و6 من قيادات الداخلية السابقين بقتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير. وجهت المحكمة إلى المشير 11 سؤالاً فيما وجه محامى «العادلى» 8 أسئلة ووجه محام مدع بالحق المدنى سؤالاً واحداً فقط، واكتفت النيابة بسؤالين رفضتهما المحكمة لتكرارهما.

وعقب انتهاء الجلسة المحظور نشر ما جاء فيها على لسان المشير، هلل أنصار «مبارك» بعد علمهم بمضمون ما قاله وهو ما أثار غضب أسر الشهداء الذين رددوا هتافات ضد «المشير» و«مبارك»، واشتبكوا مع أنصار الرئيس السابق، وتدخل الأمن للفصل بينهما، واعتصم المحامون المدعون بالحق المدنى داخل القاعة احتجاجاً على عدم تمكينهم من توجيه أسئلة للشاهد، وتقدم بعضهم بطلب لرد هيئة المحكمة فيما رفض البعض ذلك الإجراء، وقررت المحكمة بعدها رفع الجلسة ووقف السير فى الدعوى لحين الفصل فى طلب الرد، وحددت 30 أكتوبر المقبل لاستكمال الدعوى حال رفض طلب الرد.

السادسة صباحاً

كعادة كل الجلسات التى نظرت من قبل فى محاكمة القرن المتهم فيها الرئيس السابق محمد حسنى مبارك ونجلاه «علاء وجمال» ووزير داخليته حبيب العادلى و6 من قيادات الداخلية السابقين، بتهم قتل المتظاهرين والتربح والإضرار العمدى بالمال العام والموافقة على تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار أقل من السعر العالمى وبالمخالفة للقانون، استعدت أكاديمية الشرطة بآلاف من المجندين والضباط خارج وداخل القاعة، وعلى خلاف الجلسات الماضية كان هناك تواجد مكثف لأفراد من القوات المسلحة نظراً لمثول المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، للشهادة فى القضية. أمام البوابة الرئيسية للأكاديمية تمركزت قرابة 10 سيارات مدرعة بالإضافة إلى عشرات من سيارات الأمن المركزى وحول سور الأكاديمية انتشر مجندو الأمن المركزى والخيالة، أمام البوابة رقم 8 تواجدت قرابة 50 سيارة أمن مركزى و20 سيارة مصفحة و10 سيارات مدرعة تابعة للجيش، وآلاف من المجندين والضباط. المشهد فى الثامنة صباحاً كان يسوده الهدوء، ومع مرور الدقائق وصل أسر الشهداء والمصابين والمتضامنون معهم، وحملوا علم مصر ورمزاً لمشنقة وصوراً لمبارك مكتوباً عليها «السفاح»، وأخذوا يرددون هتافات ضد «مبارك ونجليه والعادلى».

تركهم الأمن يتجولون أمام المحكمة، طالما أنه لا يوجد أنصار «مبارك» وأحاطت بهم كاميرات التليفزيون، وأخذوا يرددون «يا مشير قول الحق.. العادلى قاتل ولا لأ»، و«يا مشير قول الحق مبارك قتل ولا لأ»، و«يا مشير قول لعنان مبارك قتل ولا لأ» و«عادلى عادلى يا كذاب إنت صانع الإرهاب»، ظلت تلك الهتافات لدقائق حتى ظهر أنصار «مبارك»، جاءوا فى أتوبيس بلغ عددهم قرابة 100 شخص، وما إن شاهدهم الأمن حتى فصل بين الطرفين، وأخذ أنصار «مبارك» يرددون هتافات تطالب ببراءة الرئيس السابق.

وبعد دقائق ظهرت مجموعة رابعة، جاءت فى سيارات نقل وملاكى جميعهم ملتحون، يحملون لافتات كتبوا عليها «الشعب يريد العفو العام عن السجناء السياسيين» و«40 سياسياً من ضحايا مبارك مازالوا فى السجون». وقالوا فى تصريحات لـ«المصرى اليوم» إنهم جاءوا اليوم لمطالبة المشير الذى يفشلون فى مقابلته بالتدخل للإفراج عن المساجين السياسيين الذين قدمهم النظام السابق للمحاكمات العسكرية، وطالبوا المشير بالتدخل للإفراج عن عمر عبدالرحمن، القيادى بجماعة الجهاد المحبوس فى أمريكا، وفصلت قوات الأمن بين المجموعات الثلاث بصدادات حديدية ومئات المجندين، وأخذ أنصار الشهداء والمصابين يلوحون بأحذيتهم لأنصار مبارك ويتهمونهم بأنهم مأجورون، والآخرون يرددون بأن «مبارك صاحب الضربة الجوية».

الثامنة و40 دقيقة

كانت الساعة تقترب من الثامنة و40 دقيقة تقريباً عندما وصلت معلومات أن جميع المتهمين وصلوا إلى مقر الأكاديمية على غير العادة، فقد كان معتاداً نقل المتهمين «علاء وجمال والعادلى وقيادات الداخلية» من سجن طرة فى الثامنة والنصف تقريباً، أما مبارك فكان يصل فى التاسعة والنصف أو بعدها. ولم يثر حضور المتهمين مبكراً تساؤلات لدى أى من الإعلاميين، كما وصل المشير «طنطاوى» فى الثامنة و40 دقيقة تقريباً فى سيارة تابعة للقوات المسلحة، حولها حراسة مشددة من قبل أفراد الشرطة العسكرية وقوات خاصة، دخلوا من البوابة الرئيسية وانتظر «المشير» دقائق قليلة فى غرفة ملاصقة لقاعة المحكمة، وكانت هيئة المحكمة قد وصلت أيضاً فى التوقيت نفسه، وسألت المحكمة عن المتهمين والشاهد فكان رد مسؤول الأمن بالقاعة إنهم موجودون فطلب القاضى بدء الجلسة.

صعدت هيئة المحكمة المكونة من المستشار أحمد رفعت، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين عاصم بسيونى وهانى برهام، ومن خلفهم سكرتارية المحكمة وأعضاء النيابة «المستشاران مصطفى سليمان المحامى العام، ومصطفى خاطر المحامى العام، وعاشور فرج ووائل حسين مديرا نيابة الاستئناف» أدخل الحرس المتهمين إلى القفص، دخل «العادلى» كعادته فى كل جلسة أولاً، مرتدياً ملابس السجن الزرقاء، ويمسك فى يده ورقة وفى جيبه قلم.

وتبعه باقى المتهمين من قيادات الداخلية السابقين، ثم علاء ثم جمال، وأخيراً كان دخول «مبارك» على السرير الطبى وبصحبته الطبيبان المرافقان له، ارتدى «مبارك» فى جلسة أمس «تريننج رمادى اللون» ورد «مبارك ونجلاه» على سؤال القاضى عن حضورهم بكلمة واحدة «موجود» فيما رد العادلى ومساعدوه بكلمة «أفندم».كانت القاعة شبه خالية مقارنة بكل الجلسات الماضية، عدد قليل من أفراد الأمن وقرابة 10 محامين عن المتهمين بينهم «فريد الديب» المحامى عن «مبارك»، أما المدعون بالحق المدنى فحضر منهم قرابة 5 محامين فى أول الجلسة. نظراً لانعقادها فى الثامنة و50 دقيقة تقريباً، ونظراً لأن المدعين بالحق المدنى اعتادوا بدء الجلسة فى العاشرة صباحاً.

كانت القاعة حافلة بأعداد من رجال المخابرات العامة والقوات المسلحة الذين جلسوا فى الصفوف الثلاثة الأولى خلف المكان المحدد للشاهد.

المشير أمام المحكمة

طلب القاضى من أمن المحكمة استدعاء الشاهد للمثول أمام المحكمة، فدخل المشير «طنطاوى» إلى القاعة مرتدياً الزى العسكرى، وقف فى المكان المحدد للشاهد، وحلف اليمين أمام المحكمة «والله العظيم أشهد بالحق»، ثم توالت الأسئلة من قبل المحكمة وبلغ عددها قرابة 11 سؤالاً ثم طلب المستشار مصطفى سليمان، ممثل النيابة، توجيه أسئلة للشاهد، وسمحت له المحكمة، ووجهت النيابة سؤالين للشاهد رفضتهما المحكمة نظراً لتكرارهما. وبعدها تولى المحامون عن المتهمين توجيه الأسئلة للشاهد واقتصرت على دفاع «حبيب العادلى» حيث وجه له المحامى 8 أسئلة رفضت المحكمة بعضها لتكرارها، أما المدعون بالحق المدنى فكان بعضهم قد حضر متأخراً نظراً لبدء الجلسة مبكراً.

وسمحت المحكمة لسامح عاشور، نقيب المحامين الأسبق، بتوجيه سؤال للشاهد، ولم يوجه أى من المتهمين أى أسئلة للشاهد. ولم ينظر «طنطاوى» ولو لمرة واحدة إلى الرئيس السابق داخل القفص، فيما كان «مبارك» ينظر إليه بين الحين والآخر، وبدا على وجهى «مبارك» و«العادلى» الارتياح بعد شهادة المشير، فيما حرص «جمال والعادلى» على تدوين بعض الملاحظات فى أوراق كانت معهما. وأثناء ذلك كان عدد كبير من المحامين المدعين بالحق المدنى قد وصلوا أمام القاعة، واشتبكوا مع الأمن الذى أخضعهم لإجراءات أمنية اتبعها فى كل الجلسات، ولكن نظراً لاعتقاد المحامين أن الجلسة قد تفوتهم تشاجروا مع الضباط وحاولوا تخطى البوابات الإلكترونية. وصل عدد قليل من المدعين إلى القاعة، إلا أن القاضى كان قد انتهى من شهادة المشير ورفع الجلسة، فأخذ المحامون المدعون بالحق المدنى يهتفون ضد المشير ومبارك والمحكمة.

وأسرع أفراد الأمن والمخابرات لتأمين خروج المشير من القاعة ثم من مقر الأكاديمية فيما دخلت المحكمة غرفة المداولة، وأخرج الأمن المتهمين من قفص الاتهام، وأودعهم الغرفة المخصصة لهم لحين صدور قرار المحكمة، فيما ظل المحامون المدعون بالحق المدنى يهتفون داخل القاعة ضد المشير والمحكمة ومبارك.

أعلن المحامون أنهم معتصمون داخل القاعة لحين تلبية طلباتهم بتوجيه أسئلة للمشير، ولم يتدخل الأمن وتركهم فى القاعة، ثم عادت المحكمة إلى الانعقاد مرة ثانية، وتزاحم المحامون أمام المحكمة وسادت حالة من عدم الانضباط فى الجلسة، وقال المحامون إنهم سيتقدمون بطلب لرد المحكمة لعدم تمكينهم من استجواب وسؤال الشاهد، فرفعت المحكمة الجلسة، وخلال ذلك تقدم المحامى عبدالعزيز على، المدعى بالحق المدنى عن الشهيد عمر محمد على، بطلب رسمى لرد المحكمة، فيما تقدم محام آخر عن المدعين بالحق المدنى بطلب لرفضه الانضمام إلى طلب الرد، ثم عادت المحكمة للانعقاد مرة ثالثة، وقررت التأشير على الطلبين المقدمين من المحامين وإيقاف سير الدعوى لحين الفصل فى طلب الرد، وعلى طالب الرد اتخاذ إجراءات الرد قبل يوم 26 سبتمبر الجارى وحددت جلسة 30 أكتوبر المقبل لنظر الدعوى فى حالة رفض طلب الرد. وصلت أنباء شهادة المشير إلى خارج القاعة، وهلل أنصار مبارك مرددين «يحيا العدل.. ظهر الحق»، فى إشارة إلى مضمون ما قاله المشير «طنطاوى» أمام المحكمة، وهو ما أثار غضب أسر الشهداء فاشتبكوا مع أنصار «مبارك» وتدخل الأمن للفصل بينهم وأجبروا أنصار مبارك على ترك المكان والمغادرة فوراً فاستجابوا لهم، واستقلوا الأتوبيس الذى أتوا به.

وبعدها خرج المحامون المدعون بالحق المدنى غاضبين، وقابلهم أسر الشهداء بهتافات ضد النظام السابق والمشير ومبارك والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، ونظم المحامون وقفة احتجاجية مرتدين روب المحاماة أمام مقر الأكاديمية أعلنوا فيها رفضهم ما حدث فى الجلسة. وقال المحامى عثمان الحفناوى: «حضرنا إلى المحكمة فى موعد كل الجلسات فوجدنا المشير قد انتهى وغادر المحكمة، ما حدث اليوم إجراء غير طبيعى لا يمكن السكوت عليه.. صحيح أن موعد المحكمة تحدده المحكمة ولكن لماذا تم تقديم موعد تلك الجلسة عن كل الجلسات ولماذا لم تخطرنا المحكمة، وأخطرت المتهمين والمحامين عنهم».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية