بدأ الجيش المصري، في إزالة الحواجز في محيط ميدان التحرير بوسط القاهرة الذي شهد 18 يوماً من مظاهرات أدت الى تنحى الرئيس حسني مبارك عن منصب الرئاسة، وقام متطوعون من المعتصمين في الميدان بمساعدة الجيش في إزالة الحواجز وحطام السيارات وتنظيف الميدان ، كما بدأ المعتصمون في مغادرة الميدان والتوجه إلى منازلهم.
وبدأت مظاهر الحياة تعود إلى طبيعتها تدريجياً في مختلف المصالح الحكومية بالقاهرة والمحافظات،حيث شوهد الموظفون يتوجهون إلى أماكن عملهم فيما فتحت المحال التجارية أبوابها أمام المواطنين.
ومازالت ردود الأفعال تتوالى على قرار تنحي الرئيس مبارك عن الحكم، وإسقاط النظام المصري بالثورة الشعبية التي بدأت في الـ 25 من يناير، فرأت صحيفة «لوموند» الفرنسية اليومية المستقلة الصادرة السبت، أن الولايات المتحدة «لا ترغب.. في أن تسود الفوضى مصر ولا أن يهتز السلام بين مصر وإسرائيل، إلا أنها لم تشأ أن تنحاز إلى الجانب الخطأ في هذه الأحداث».
وقالت الصحيفة: «الحقيقة أن هذه التطورات في مصر لم يكن لها أن تحدث لولا الولايات المتحدة الأمريكية، التي صارت حائرة فيما يحدث إلى حد ما ولم تستطع أن تؤثر فيه كثيراً.. صحيح أن الولايات المتحدة تمتلك القنبلة النووية، وصحيح أنها يمكن أن تضر بمصر إذا امتنعت عن تقديم مساعداتها التي تصل إلى ملياري دولار سنويا، إلا أن السؤال المطروح هو: من المستفيد من إجراء مثل منع المساعدات عن مصر؟».
وذكرت الصحيفة: «يشبه تصوير الولايات المتحدة على أنها تمسك بجميع خيوط اللعبة من الخلف تصور نظرية المؤامرة المحبب لدى الكثيرين، وكلاهما بعيد عن الحقيقة. كما أن الحرب الباردة ولت منذ زمن بعيد، ولم تعد واشنطن وموسكو تحددان مسار الأحداث في نطاق نفوذهما، وما يحدث في مصر لم يكن ممكنا التنبؤ به على الإطلاق».
واستبعد خبير ألماني في شؤون الشرق الأوسط قيام دولة دينية في مصر بعد انتهاء حكم الرئيس مبارك للبلاد، والذي استمر قرابة ثلاثة عقود، وقال أودو شتاينباخ، إن خطر تولي الإسلاميين مقاليد الأمور هناك ليس ماثلاً في مصر.
وصرح شتاينباخ، الذي يعمل أستاذاً بمركز دراسات الشرق الأوسط والأدنى بجامعة ماربورج بولاية هيسن وسط ألمانيا، في لقاء مع صحيفة «باساور نوير بريس» الصادرة في باساو جنوبي شرق ألمانيا،السبت: «لن تنشأ في مصر دولة دينية، فقد أصبح المجتمع المصري متعدداً بما يكفي للحيلولة دون تطور من هذا النوع».
وأضاف شتاينباخ أن التظاهرات كشفت هذه التعددية بجلاء، مضيفاً القول: «نظمت التظاهرات على يد جماعات وتيارات عديدة، وفي تصوري أن تأسيس دولة دينية في مصر سيكون فرضاً جديدا لنظام لن يتقبله الشعب هناك».
من جانبها أشادت كوريا الجنوبية، بالإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك ووصفته بأنه انتصار للشعب المصري علي طريق الديمقراطية، وكان حكم مبارك الذي استمر ثلاثة عقود قد انتهى الجمعة (بالتوقيت المحلي)بعد أن قرر الرئيس المحاصر الإذعان لطلبات المحتجين بالاستقالة.
ونقلت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء عن الحزب الوطني الكبير الحاكم قوله، إن «الاستقالة انتصار للديمقراطية المصرية»، وذكرت المتحدثة باسم الحزب باي إيون هي في بيان «نأمل أن يتوصل الجميع في مصر إلى قرار سلمي وعقلاني» لاستكمال عملية تحقيق الديمقراطية.
وأعربت شا يونج، المتحدثة باسم الحزب الديمقراطي المعارض الرئيسي، أيضاً عن أملها في تحقيق المزيد من الديمقراطية في مصر في ظل حالة من الاستقرار والسلام.
ونقلت يونهاب عن شا قولها «نود أن ننقل تعازينا لهؤلاء الذين فقدوا أرواحهم خلال القتال. نود أيضا أن نعرب عن احترامنا لانتصارهم الرائع»، وأصدرت وزارة الخارجية في سول بيانا دعت فيه أيضا إلى تحقيق سلام واستقرار في مصر.
وقال شو بيونج جاي المتحدث باسم الوزارة «نتوقع أن يقود الوضع في مصر إلى انتخابات نزيهة وحرة كما يأمل الشعب. نحترم قرار الرئيس مبارك بالاستقالة. ستعمل حكومتنا عن كثب مع الحكومة والشعب المصري للوصول بعلاقاتنا القائمة على التعاون الودي مع مصر إلى مستوى آخر».
ورحبت الهند بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك، وأعربت عن أملها بأن يكون هناك انتقال سلمي للسلطة لإقامة الحكم الديمقراطي الرشيد، وقال وزير الشؤون الخارجية اس ام كريشنا، « نرحب بقرارالرئيس مبارك بالتنحي نزولا على رغبات شعب مصر».
وأضاف «نرحب أيضاً بالتزام المجلس الأعلي للقوات المسلحة بضمان انتقال سلمي للسلطة وفق جدول زمني محدد لإقامة إطار مفتوح وديمقراطي للحكم الرشيد».
وأشار كريشنا إلى أن الهند فخورة بالعلاقات الوثيقة التقليدية مع مصر وتعرب عن تمنياتها بأن ينعم شعبها بالسلام والاستقرار والرفاهية.
وصفت صحيفة سعودية، ثورة الشباب في مصر التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك بعد أن حكم البلاد 30 عاما- بأنها «خلاقة صنعت جيلاً قادرا على ردع السلطة ومواجهتها».
وقالت صحيفة الرياض في افتتاحيتها التي جاءت تحت عنوان «ثورة الكوابيس.. والأحلام»، «صحيح أن المظاهرات والاعتصامات المصرية، بدأت فوضوية بفعل انسحاب رجال الأمن وإطلاق السجناء، لكن المفاجأة أن الشباب هم من صان وحمى المصالح الوطنية والشخصية».
ورأت الصحيفة «أن الفوضى في مصر خلاقة بالفعل لأنها صنعت جيلاً مقتدراً على خلق فوضاه بأسلوب ردع السلطة ومواجهتها، وهي بادرة لم تحدث في التاريخ العربي في زمن الدول التعسفية أو الاستعمار، لكنه تلاحم الأجيال في العالم الذي كانت الحرية تمثل له المبنى والمعمار للانعتاق من العبودية».
من جانبها قالت صحيفة الوطن تحت عنوان «مصر على عتبات العهد الجديد» إن المطلوب من قيادة الجيش أن تعي جيداً مطالب الشعب المصري التي انتفض من أجلها وقدم في سبيلها بعضا من أرواح أبنائه، وأن يكون تحركها مطرداً مع تلك التطلعات، بل أن يكون ضامناً لمطالب الشعب وألا يسمح بالالتفاف عليها حتى لا تعود عقارب الساعة إلى الوراء».
واهتمت وسائل الإعلام العالمية بالتعليق على تطورات الأحداث السياسية الأخيرة في مصر التي انتهت بتنحي الرئيس حسني مبارك.
وكتبت الصحيفة في عددها الصادر السبت: «ستفهم شعوب العالم العربي هذا الدرس جيداً حتى وإن كانت فرصة تحقيق البداية الجديدة وانتصار مشابه لانتصار الشعبين المصري والتونسي ، مختلفة من بلد لآخر».