يخوض العديد من الحكومات والشركات والخبراء الأمنيين حول العالم سباقا مع الزمن لاحتواء تداعيات موجة الهجمات الإلكترونية «الأكبر في التاريخ»، التي اجتاحت نحو 100 دولة بالعالم أمس خلال ساعات قليلة، في الوقت الذي تعطلت فيها أعمال لمؤسسات أعمال ومؤسسات خدمية جراء الهجمات التي استخدُمت فيها برمجيات خبيثة لابتزاز الأموال «رانسوم وير»، فيما تتصاعد مخاوف بشأن عدم إمكانية الأفراد دفع الفدية المطلوبة قبل تدمير بياناتهم وملفاتهم المقرصنة.
وكان ما يقرب من 100 دولة في العالم قد تعرضت، أمس، لهجمات إلكترونية مكثفة عبر برمجيات خبيثة نشرتها مجموعة من القراصنة الإلكترونيين بغرض ابتزاز أموال من الضحايا من خلال حجب إمكانية الإطلاع على الملفات الموجودة على أجهزة الحاسوب الخاصة بهم، وفي الوقت الذي اختلف فيه خبراء على ما إذا كانت البرمجيات تُنقل عن طريق البريد الإلكتروني من عدمه، يرجح العديد منهم أن يكون القراصنة استغلوا ثغرة في نظام تشغيل «ويندوز» كان قد كُشف عنها في وثائق -تمت قرصنتها- لوكالة الأمن القومي الأمريكية.
ووقعت بعض المؤسسات والهيئات الحكومية الكبرى بالعالم ضحية لهجمات الأمس، ومن بينها وزارة الداخلية الروسية وخدمات الصحة الوطنية البريطانية وشركة «فيديكس» بالولايات المتحدة، فضلا عن آلاف الأفراد والمؤسسات الأخرى.
وتقوم تلك البرمجيات بتشفير المعلومات المخزنة على أجهزة الحواسيب المستهدفة، ويطلب القراصنة من المستخدمين دفع فدية لا تقل عن 300 دولار من العملة الافتراضية «بيتكوين» لتمكينهم من إعادة الوصول لملفاتهم قبل تدميرها.
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إن الهجمات المتزامنة والمنسقة، التي كانت بريطانيا أول من أعلنت وقوعها ضحية له أمس قبل أن ينتشر الأمر سريعا في عشرات الدول، أثار مخاوف من استمرار تأثير تلك التهديدات لأشهر، إن لم يكن لأعوام، مقبلة، كما أثارت تساؤلات أيضا حول نوايا منفذي الهجوم، حيث قد تكون لهم أسباب غير معلومة لشن الهجمات المكثفة غير المكاسب المادية.
ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إن المسؤولين عن الهجوم قد يجمعون أكثر من مليار دولار من المستخدمين المستهدفين حول العالم قبل حلول الموعد النهائي المحدد من جانبهم لتدمير ملفات المستخدمين، في الوقت الذي يتردد فيه المضارون بشأن دفع الفدية المطلوبة من عدمه، لا سيما أن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية حذرت الأفراد والمؤسسات من دفع أية أموال، مؤكدة أن ذلك لن يضمن استعادة بياناتهم مجددا.
من جانبه، قال روبرت بريتشارد الخبير في الأمن الإلكتروني بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إن «الهجمات الإلكترونية تحدث كل يوم، لكن ما يجعل هذا مختلفا هو حجم وجسارة الهجوم»، مضيفا أنه على الرغم من بذل أشخاص قصارى جهدهم «لكن هذه القابلية للإصابة تستمر، ويسعى أشخاص لاستغلالها».