فجأة.. تحولت الأضواء فى الجزائر عن انتخابات البرلمان التى تجرى غداً، إلى طالبة عمرها ١٧ عاماً لاتزال هى حديث الدنيا هناك!
الطالبة اسمها فاطمة غولام، وكانت فى طريقها قبل يومين إلى سباق عربى للقراءة فى العاصمة، فتعرضت لحادث طريق أنهى حياتها!
وفى الطريق إلى العاصمة، كانت قد قطعت ١٨ ساعة بالسيارة من أجل اللحاق بالسباق، بعد أن كانت قد وصلت إلى مستويات متقدمة جداً فيه، ولو عاشت لربما كان المركز الأول من نصيبها!
والسباق كان قد دعا إليه قبل سنوات، الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبى، من خلال وزارة التربية والتعليم فى دولة الإمارات العربية، وهو سباق يشمل العواصم العربية كلها، وتقول المعلومات المتاحة عنه إن عدد المشاركين العرب فى جولاته هذه السنة وصل إلى سبعة ملايين مشارك!
ويرفع السباق شعار: تحدى القراءة العربى.. ولا أعرف عدد المشاركين من عندنا فيه، ولكن الغريب أن الفائز بالمركز الأول فى أول دورة منه كان جزائرياً، وكان عمره سبع سنوات!
وعندما لقيت فاطمة غولام مصرعها، فإن محمد بن راشد قرر تجهيز عشر مكتبات تحمل اسمها، وقال عبارة فى نعيها ذات معنى.. قال: كما أن للكلمة قراء، فإن لها شهداء!
وحين يصل عدد المشاركين هذا العام إلى سبعة ملايين، فالمعنى أن القراءة لايزال لها جمهورها المتمسك بها والحريص عليها، وأن القول بأن وسائل الاتصال الحديثة قد انتصرت للصورة على حساب الكلمة، كلام ليس دقيقاً، وأننا يجب أن نتوقف عن الترويج لمثل هذا الكلام فى إعلامنا، وأن نروج فيه للكلمة باعتبارها قيمة باقية!
ولا تعرف من أين جئنا بحكاية تراجع الكتاب.. مثلاً.. لصالح وسائل وأدوات الثقافة الأخرى.. لا تعرف.. لأنك ما إن تكون موجوداً فى أى بلد خارج مصر حتى تكتشف أن إنساناً هناك لا يخرج من بيته إلا والكتاب فى رفقته، وما إن يستقر فى المترو، أو فى القطار، أو فى أى وسيلة مواصلات عامة، حتى تكون عيناه بين الصفحات تطالعها فى انشغال تام عن كل ما عداها!
وعندما فكر بعض محبى القراءة فى تحميل الكتاب على جهاز الآى باد، لمطالعته بسهولة، فى أى وقت، خرجت دراسة علمية تقول إن القراءة فى الكتاب أفضل للعقل، من حيث قدرته على التحصيل، وإن الذين يحبون المطالعة إذا أرادوا متعة وفائدة معاً فالكتاب الورقى يأتى فى المقام الأول، وإنه بلا منافس!
لا سبيل إلى وضع أفضل لبلدنا إلا بالاستثمار فى الإنسان، ولا حصيلة يمكن انتظارها من الاستثمار فيه إلا إذا كان استثماراً فى عقله، لا فى جسده، ولا فى بطنه!.. والذين خططوا لمستقبل أحسن لبلادهم حول العالم بدأوا من هنا على وجه التحديد!
إننا مدعوون إلى أن نستثمر فى المكان الصحيح.. هذا ما تقول به حالة فاطمة غولام، ومعها تقوله كل حالة مماثلة!