صوت الكثير من الأمريكيين لصالح رئاسة دونالد ترامب، لأنه سياسي جديد. لقد أرادوا رئيسا يحكمهم من خارج الدائرة السياسية الأمريكية المعروفة. ولكن ما هي السياسة الخارجية التي اتبعها ترامب حتى الآن؟التقييم الأكثر تسامحا- في حوارات DW مع باحثين في الولايات المتحدة- تجاه سياسة ترامب في البيت الأبيض يدلي به الباحث إريك غوميز من مركز «كاتو» الأمريكي البحثي ذي الاتجاه المحافظ، حين يقول إن «تعامل ترامب في مجال السياسة الخارجية يكاد لا يختلف عن تعامل الرئيس السابق باراك أوباما».
ويرى غوميز أن سياسة ترامب تقوم على استخدام خليط من الضغوط السياسية والدبلوماسية والعسكرية. لكن الأمر الأكثر إشكاليةً هو أنه لا يمكن التنبؤ بسياساته. وذلك لأن ترامب يغير رأيه باستمرار. والسبب في ذلك هو أن ترامب لا يفهم سياقات السياسة الخارجية الأمريكية، بحسب رأي غوميز. سياسة خارجية غير محددة ميشائيل فيرتس من مركز أبحاث التقدم الأمريكي ذي التوجه الليبرالي يرى ذلك أيضا. فقد بدأ ترامب العلاقات الصينية الأمريكية بتساؤل صادم حين ألقى سؤالا شائكا حول ما إن كانت تيوان تنتمي إلى الصين أم لا. ويقول فيرتس إن ترامب محاط بمستشارين لديهم أجندة محافظة ويمينية متطرفة.
ومنهم الكثير من العسكريين مثل وزير الدفاع جيمس ماتيس، بالإضافة إلى مستشاره لشؤون الأمن القومي ماكماستر وغيره من العسكريين المحيطين مباشرةً بترامب. فهل تهدد العسكرة السياسة الخارجية الأمريكية؟ السياسة الخارجية الأمريكية.. إلى أين؟ ويرى الباحث إريك غوميز أن ترامب لن يتردد في استخدام القوة العسكرية، «وقد رأينا ذلك جليا في استخدام ترامب للقوة العسكرية ضد قاعدة جوية سورية وضد مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في أفغانسان»، كما أن الولايات المتحدة تدعم المملكة العربية السعودية بالأسلحة، بحسب تعبيره، مضيفاً أن استخدام ترامب للقوة- في أفغانستان وقبلها في سوريا بعد الهجوم الكيماوي في خان شيخون- لا يدل على سياسة خارجية متسقة ومحددة. تشابه مع الأزمة الكوبية-الأمريكية عام 1962 ويحذر جاك جيمس- الباحث في المعهد الأمريكي للدراسات الألمانية المعاصرة- من تفاقم التوتر الأمريكي مع كوريا الشمالية. فكوريا الشمالية تمتلك قنابل نووية، وليس ذلك فقط، بل إنها تطور صواريخ بعيدة المدى. ويشبّه جيمس مشكلة كوريا الشمالية بالأزمة الأمريكية- الكوبية عام 1962، حين أرادت الحكومة الأمريكية منع إقامة صواريخ سوفييتية حاملة للرؤوس النووية في كوبا. غير أن الرئيس الأمريكي الأسبق في ذلك الوقت جون كينيدي طلب الاستشارة من عدد كبير جدا من الخبراء وموظفي الوزارات. لكن ترامب يفتقر إلى استشاريين لديهم خبرة في هذا المجال وكما أنه يفتقر إلى خيارات المبادرة، بحسب جيمس.
ناهيك عن أن هناك الكثير من المناصب الوزارية ما زالت شاغرة، ولذلك فإن «الغريزة هي ما يوجه حتى عملية اتخاذ القرار لدى ترامب»، كما يقول جاك جيمس. ويصف ميشائيل فيرتس الرئيس الأمريكي ترامب بأنه «غير قابل للتعلم بنيوياً»، ويرى أن مدى تركيزه قصير وأنه يفتقر إلى التعليم وإلى الفضول الإيجابي والاهتمام بالعالم، وأنه ما زال- كما كان في السابق- يتلقى معلوماته من القنوات التلفزيونية الأمريكية المحافظة، وأن دوافعه مرتكزة على حب الذات والحاجة النفسية لأن يعترف الآخرون بإنجازاته. مضيفا أن ترامب إنسان غير سياسي تماما، وأن هذه «خاصية فتاكة لشخص يتحكم بأهم منصب في العالم». م.ز/ ع.م