x

عباس الطرابيلي وزارات.. مقابر للكفاءات!! عباس الطرابيلي الجمعة 28-04-2017 21:13


شدتنى كثيراً.. ولكن أزعجتنى، كلمات أعلنها الرئيس السيسى فى ورش عمل المؤتمر الدورى الثالث للشباب، فى الإسماعيلية، قال الرئيس والمرارة تكسو كلماته.. وإن حاول أن يغلفها ببسمة خفيفة.. قال: «بجيب مسؤولين كتير.. وأول ما يخشوا فى الوزارة.. يغطسوا.. ما يطلعوش تانى!!».. بل كم من وزير كانت أفكاره براقة.. وأعماله أيضاً - قبل الوزارة - فإذا دخل الوزارة.. وتحمل المسؤولية.. تاه البعض.. بل تاهت الوزارة!!

هل معنى ذلك أن هناك وزارات هى بكل تأكيد مقابر للكفاءات.. أى تقتل كل إمكانيات القادرين، على العطاء.. أكاد أعترف بذلك.. إذ من هذه الوزارات.. وزارات الخدمات، وفى مقدمتها التموين، والصحة، والتعليم، والقوى العاملة. وإن كانت هناك وزارات تتلقى الطعنات، واللعنات.. والهجمات، فى مقدمتها بكل أسف وزارة الداخلية، رغم خطورة المهمة الموكلة لها.. وهى المحافظة على الأمن.

ونعود إلى مقابر الكفاءات، أقصد وزارات الخدمات.. إذ ينتظر الناس منها الكثير.. بينما هى مجرد منفذ لسياسة دولة.. مثل التموين.. بل فى مقدمتها التموين.. لارتباطها بما يأكل الناس.. سواء ممن يحملون بطاقات تموين.. أو يحصلون أكثر على الدعم.. أو من لا يستفيدون.. ولكن ضعف رقابة الوزارة على الأسعار ليس من مهمة الوزارة، بقدر ما هى سياسة دولة. فالدولة مثلاً تطبق سياسة ديناميكية السوق، أى العرض والطلب.. ولا تريد أن تتدخل باستخدام نظام التسعير الجبرى للسلع الحيوية.. وإذا كانت الوزارة تملك أكثر من جهاز للرقابة التموينية والتفتيش، إلا أن كل ما تعمل به الوزارة هو «إقناع» التجار بالإعلان عن الأسعار!!

ولكن ليس دائماً من يتولى مسؤولية التموين، من هؤلاء الفاشلين.. مثلاً الرئيس السيسى يعلن أكثر من مرة عن أهمية زيادة منافذ توزيع السلع الحيوية.. وعندما لم يجد استجابة شاملة من التموين.. دفع بإمكانيات القوات المسلحة لتنزل بقوافل توزيع السلع إلى الأحياء الشعبية والميادين.. وأيضاً إلى قلب المناطق العشوائية، وما أكثرها.. إن الحل هو زيادة منافذ توزيع السلع.

وهنا أتذكر وزيراً رائعاً للتموين - هو الدكتور أحمد جويلى، الذى ردد البعض أنه جاء ليغلق أبواب وزارة التموين، وأن يصفى دورها.. فإذا بالرجل ينطلق لكى يحيى «دور» الجمعيات أو المجمعات الاستهلاكية.. ويضع برنامجاً لتطويرها وتحديثها.. ويحولها إلى «سوبر ماركتات عصرية» تقدم ما تقدمه السوبر ماركتات الشهيرة.. وإذا كان الرجل قد نجح فإنه رحل حتى لا يتهمنى أحد بالنفاق.. ولكن أمام وزير التموين الحالى الدكتور على المصيلحى فرصة ذهبية ليدخل قلوب الناس، قبل عقولهم.

أمامه أن «يحيى» من جديد دور هذه المجمعات.. وهى كثيرة.. ومنتشرة فى كل مكان.. ولن تتحمل الوزارة أكثر من بعض التجديدات.. وأن يسأل الناس.. لماذا يقبلون على السوبر ماركت.. ولماذا يبتعدون عن المجمعات الاستهلاكية. هل العيب فى القائمين على إدارة هذه المجمعات.. أم على العقول التى تشرف عليها.. ولا تعرف كيف تديرها. بعد أن تدبر لها السلع الحيوية.. أم هم لا يؤمنون بنظرية البيع بكميات كبيرة مع ربح قليل - هامشى - يعطى فى النهاية أرباحاً هائلة.. وعليه أن يدرس أسباب نجاح محال البيع بسعر الجملة التى انتشرت كثيراً أخيراً.

■ ■ وأعلم أن قطاع التموين يمكن أن يسقط حكومة.. ويمكنه أن ينقذها، وأعلم أكثر أن الدكتور المصيلحى عنده الرغبة.. بل ضحى بموقعه النيابى ليقبل هذه المهمة الخطيرة.. فلماذا لا يسير على خطى الدكتور جويلى أو يطورها.. ليسحب البساط من تحت أقدام الجشعين من التجار ويعيد الزحام إلى هذه المجمعات.. وأمامه فرصة لتوفير فرص عمل لكثير من الشباب.. ليعملوا فى هذه المجمعات.

■ ■ أم نترحم على أيام كنا فيها نتزاحم على الجمعيات انتظاراً لفرخة مجمدة أو طازجة.. أو طبق للبيض أو كيلو لحمة مستوردة.. أو حتى وجبة سمك مشوى أو مقلى.. وكانت هناك بعض المجمعات تقدم ذلك بالفعل.. ولا يشترط مثلاً أن تملك بطاقة تموين لكى تحصل على كيلو سكر، فقد رفض بائع الجمعية أن يسلمنى كيلو سكر فى عز الأزمة لأننى لا أملك بطاقة تموين.

■ ■ وليست وزارة التموين وحدها من الوزارات التى تحولت إلى مقابر للكفاءات.. هناك أيضاً الصحة.. وهناك الإسكان.. وكذلك النقل، أو بالذات السكة الحديد ومترو الأنفاق.

وكان الله فى عون الرئيس، الذى لم يعد يجد من يملك الشجاعة الكافية ليتولى المسؤولية.. الوزارية؟!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية