أكد وزير الخارجية المصري السابق، نبيل فهمي، أن مصر تعد شريك تعاون طبيعي للصين في مبادرة «الحزام والطريق» التي تهدف إلى إحياء طريق الحرير التجاري القديم، الذي شكل منذ ألفي عام مضت وشاجا يربط بين الشعب الصيني والشعوب العربية.
وجاءت كلمات الوزير السابق، خلال ندوة حول التعاون الإستراتيجي بين مصر والصين، عقدت في جامعة بكين بالعاصمة الصينية، وحضرها لفيف من الدبلوماسيين السابقين والأكاديميين والإعلاميين من الجانبين الصيني والمصري وكذا طلبة صينيون متخصصون في دراسة العلاقات الدولية.
من جانبه، لفت آن هوي هو، الذي سبق أن عمل سفيرًا لدى مصر ولبنان وفلسطين والجزائر، خلال الندوة التي عقدت أمس، إلى أن مصر ساهمت- بكونها أول بلد عربي يقيم علاقات دبلوماسية مع الصين- في تدشين عهد جديد للعلاقات بين الصين والدول العربية وبين الصين والدول الأفريقية، مضيفا أنه بعد مرور 61 عاما على إقامة العلاقات الثنائية، تسير الصين ومصر جنبا إلى جنب وتثقان كل منهما بالأخرى وتنخرطان في تفاعل ودي، رغم التغيرات الكبيرة التي يشهدها العالم، لذا يمكن القول إن علاقاتهما تحمل سمات مميزة وتمثل نموذجا للتعاون بين بلدان الجنوب.
ونوه السفير السابق إلى ما اتخذه الرئيس عبدالفتاح السيسي من خطوات منذ توليه رئاسة مصر ترمي إلى تحقيق الاستقرار والنهوض بالاقتصاد القومي، قائلا إنه «رغم أن مصر تشهد عمليات إرهابية أحيانا، لكنها تمكنت بوجه عام من الحفاظ على الاستقرار المجتمعي واستطاعت في غضون عام واحد فقط الانتهاء من مشروع توسعة قناة السويس الذي كان من المخطط إنجازه في ثلاث سنوات وارتفع معدل النمو السنوي للاقتصاد المصري ليتراوح ما بين 4 و5%».
وأضاف أنه رغم أن مصر مازالت تواجه الكثير من الصعوبات، لكن اقتصادها يواصل زخم نموه، معربًا عن اعتقاده أنه وبفضل انتهاج السيسي لسياسة دبلوماسية نشطة، فإن مصر ستتمكن من استعادة مكانتها تدريجيا في المنطقة.. كما أثنى الدبلوماسي الصيني على دعوة السيسي إلى تجديد الخطاب الديني لإظهار جوهر الإسلام الحقيقي، ووصفها بأنها تعكس جرأة وحكمة رجل سياسي.
وتابع بقوله إن الصين ومصر تبذلان جهودًا على طريق التنمية، فالصين تسعى حاليا جاهدة إلى بلوغ الهدفين المئويين، بعدما استطاعت تحقيق إنجازات ملموسة على مدار أكثر من 30 عاما من الإصلاح والانفتاح، فيما تنفذ مصر الآن برنامجا قويا للإصلاح الاقتصادي.
وقال آن هوي هو إنه وبالرغم من الأوضاع الدولية المعقدة، إلا أن الصين ومصر تواصلان سعيهما إلى تحقيق التنمية والرخاء لشعبيهما وتواجهان فرصا وتحديات في آن واحد، منوها بمؤازرة الدولتين لبعضهما البعض في الشؤون الدولية وحفاظهما على تعاون إستراتيجي وإلى كون مصر حلقة هامة لا غنى عنها في مبادرة الحزام والطريق.
وأكد أن العلاقات متبادلة المنفعة بين الصين ومصر ازدادت اتساعا وعمقا بعد زيارة الرئيس السيسي للصين في ديسمبر 2014 وهي الزيارة التي شهدت الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى شراكة إستراتيجية شاملة وحضوره في عام 2015 الاحتفال الذي أقيم في بكين بمناسبة الذكرى الـ70 للانتصار في الحرب العالمية الثانية وحرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني، مشيرا إلى أن توجيه الصين الدعوة للسيسي لحضور قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية عكس اهتمامها بمكانة ودور مصر وعلاقات الصداقة وطيدة العرى بين البلدين.
وشدد على أن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ التاريخية لمصر في يناير 2016 وسعت آفاق التعاون بين البلدين، ورسم خلالها الرئيس شي عبر خطاب ألقاه من جامعة الدول العربية في القاهرة، مسارا للتعاون «الصيني- العربي» يقوم على المساهمة في تحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة والتعاون متبادل المنفعة، في إطار مبادرة الحزام والطريق ودفع إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
كما أكد خلال الخطاب أن الصين لا تسعى إلى تنصيب وكلاء في الشرق الأوسط ولا تحاول سد أي فراغ وتدعو جميع الأطراف إلى الانضمام إلى دائرة أصدقاء مبادرة الحزام والطريق وتقوم ببناء شبكة شراكة تعاونية ترتكز على تحقيق نتائج مربحة للجميع.
وخلال الندوة، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والجامعة الأمريكية الدكتور مصطفى السيد، أهمية التعاون الإستراتيجي بين مصر والصين ووجود قواسم مشتركة بين البلدين، تمثلت في إقامة علاقات تضرب بجذورها في أعماق التاريخ ووجود العديد من الأهداف المشتركة، وفي السعي المشترك إلى إيجاد حل سلمي للصراعات الإقليمية وإصلاح المؤسسات متعددة الأطراف وتعزيز التنمية الاقتصادية في بلدان الجنوب باعتبار ذلك وسيلة لضمان إحلال السلام والاستقرار.
وتابع قائلا إن مصر تعد شريكًا تجاريًا هاما للصين وبوابة لها إلى أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا، فيما تعد الصين أكبر بلد مصدر للمنتجات ومستورد هام بالنسبة لمصر وأكبر مستثمر في مشروع تنمية محور قناة السويس، حيث تولى الدولتان اهتماما بتوسيع التعاون في المنطقة الاقتصادية الصينية بالعين السخنة وزيادة عدد المشروعات الصينية من 68 في الوقت الحالي إلى أكثر من 100 في المستقبل القريب.
ودعا الدكتور مصطفى السيد إلى تحسين آليات المتابعة الخاصة بالتعاون الثنائي الذي يشمل العديد من المجالات ومن بينها التجارة الخارجية والبنية التحتية والطاقة والتصنيع والاستثمار والتدريب والتعليم وتكنولوجيا المعلومات.
وثمن الجهود التي تبذلها الصين في توضيح أن النفع المترتب على مبادرة الحزام والطريق لا يقتصر على الصين وحدها وإنما يمتد إلى الدول الأخرى المشاركة فيها وسوف يثمر عن رفع مستوى تنمية جميع الدول الواقعة بطول الطريق، ملمحا إلى مكانة مصر الهامة في مبادرة الحزام والطريق ومدى محورية دور قناة السويس في ربط آسيا بأوروبا، في إطار هذه المبادرة التي ستسهم في دفع النمو والتعاون على نحو سيرسي بدوره أساسا لدعم الأمن في دول الحزام والطريق.