يحمل الاستفتاء على التعديلات الدستورية، الذى يجرى، اليوم، فى تركيا مخاوف غير مسبوقة على مستقبل الديمقراطية وحرية التعبير فى البلاد، إذ يعزز قبضة الرئيس رجب طيب أردوغان على السلطة، ويجعله يحكم بشكل منفرد، ويتحكم فى المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية، إذ تنص على التحول من النظام البرلمانى إلى النظام الرئاسى، بعد أن سعى الرئيس التركى منذ وصوله للسلطة قبل 13 عاما كرئيس للوزراء، إلى أسلمة المجتمع التركى، وقمع المعارضة والحريات، وكثف الإجراءات القمعية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، منتصف العام الماضى، والتى على إثرها شن حملة تطهير غير مسبوقة طالت كل المؤسسات ومعارضى النظام.
وبينما يرى مؤيدو التعديلات أنها ضرورية لضمان استقرار الحكم، وتعزز للنمو الاقتصادى، يرفض المعارضون تلك الحجج ويحذرون من انزلاق تركيا نحو الديكتاتورية والفوضى، ورغم الحملة الشرسة لأنصار «نعم» و«لا»، سخرت الدولة الإعلام والشارع والمؤسسات لصالح التعديلات، مما منح أنصار أردوغان الأفضلية بما يرجح كفتهم.
وأيا كانت نتيجة الاستفتاء، فإنها ستضع تركيا على أعتاب حقبة جديدة، فمرحلة ما بعد الاستفتاء، لن تكون كما قبلها، فالعودة للنظام البرلمانى تعنى دخول البلاد فى جولات انتخابية، وفى حال إقرارها، ستكون هناك انعكاسات على الداخل المضطرب والمصالحة الداخلية والسلام مع الأكراد، والعلاقات المتأزمة مع الغرب وأوروبا، وقد تنهى التعديلات مساعى أنقرة للانضمام للاتحاد الأوروبى، فضلا عن رسم مستقبل العلاقات الخارجية المتوترة مع العديد من دول المنطقة، خاصة مصر وإيران وسوريا.
[image:2]
لاتزال تركيا تحكم وفق دستور 1982 الذي صكته المجموعة العسكرية التي قامت بانقلاب عام 1980، وصوت الناخبون الأتراك لصالحه بنسبة 91.4%، ورغم إجراء 18 تعديلاً دستوريًا على هذا الدستور، 9 منها في عهد حزب العدالة والتنمية، تناولت 108 مواد فيه، إلا أن البلاد تنتظر التصويت مجددًا على تعديلات توسيع صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان، ومنحه سلطات كاسحة تبقيه في منصبه حتى 2029، وصولاً إلى زيادة عدد النواب، ويعتبر الاستفتاء الحالى أهم الاستفتاءات التي مرت في تاريخ الجمهورية التركية، والأكثر حساسية بينها، إذ يتضمن تغيير نظام الحكم من برلمانى إلى رئاسى، كما سيؤدى إلى أكبر تغيير في نظام الحكم في تركيا منذ تأسيس الجمهورية التركية الحديثة قبل نحو قرن، إذ يستبدل بالنظام البرلمانى نظام رئاسة تنفيذية. المزيد
[image:3]
«من سمح لمهاجر يبيع الليمون بالسعى إلى الانفراد بالحكم فى بلد ليست بلاده؟».. سؤال ممزوج بنكهات الاستفهام والتعجب والسخرية والحسرة فى آن واحد، ردده صديق تركى، كان من المحظوظين الذين أفلتوا للحياة خارج تركيا عقب مسرحية «الانقلاب» التى أخرجها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان للتخلص من كل معارضيه. المزيد
[image:4]
منذ نشأة تركيا الحديثة، كان الجيش هو حامى العلمانية، ونجحت المؤسسة العسكرية فى الإطاحة بـ4 حكومات مدنية إلا أن السياسات والإجراءات المتتالية التى اتخذتها حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم، قلمت أظافر الجيش وأبعدته عن دوره السياسى، حتى أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بعد محاولة الانقلاب الفاشل، نقل تبعية الجيش والمخابرات لمؤسسة الرئاسة، بما يسمح له بتعيين قائد الجيش، ليصبح الجيش خاضعا للرئيس، لمنع ظهور أى سلطة موازية تهدد حكم أردوغان. المزيد
[image:5]
عكست الحملة الانتخابية للرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، وأنصاره، وتدلى صوره على واجهات المساجد والمراكز الثقافية والجسور، تصميما غير معتاد للفوز بالمعركة، مدعوماً بالعديد من المشروعات التى أعلنها للترويج لنفسه. المزيد
[image:6]
سعى الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، إلى إثارة الأزمات مع مصر، بعد ثورة 30 يونيو 2013، وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، ووجه انتقادات لمصر، ولم يحترم إرادة الشعب في الإطاحة بالإخوان، بل طالب بالإفراج عن قيادات الإخوان المعتقلين في السجون والمتهمين بقضايا إرهابية، وهاجم القضاء على أحكامه بحق المعتقلين، وهو ما ردت عليه مصر بإجراءات عديدة، أهمها سحب السفير المصرى من أنقرة في 2014. المزيد
[image:7]
شن الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، وحكومته، هجوما ضاريا على أوروبا، قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وأشار أردوغان إلى أن العديد من الدول الأوروبية يزعجها التقدم الذى تحرزه تركيا، وأنها تبذل كل ما فى وسعها كى لا تكون نتيجة الاستفتاء «نعم» لعلمها أن النظام الجديد سيساعد على تقدم وازدهار تركيا، متهماً ألمانيا وهولندا ودولاً أخرى فى الاتحاد الأوروبى بأنها «نازية وفاشية». المزيد
[image:8]
من أجل كسب المعركة، لم يتردد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فى زيارة قبر مؤسس الحركة القومية التركية الحديثة، ألب آرسلان توركيش، إحياء للذكرى العشرين لوفاته، الشهر الجارى، فى خطوة مثيرة للاستغراب قبل الاستفتاء، بما يؤكد مغازلة أردوغان للقوميين الأتراك فى حسم معركة «نعم» فى مواجهة المعارضة العلمانية. المزيد
[image:9]
نفذت السلطات التركية حملة قمع وتطهير واسعة فى أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة التى جرت فى يوليو 2016، طالت عشرات الآلاف من العسكريين ورجال شرطة والقضاة والموظفين والصحفيين، وأغلقت المئات من وسائل الإعلام، بزعم تورطها فى محاولة الانقلاب، واعتبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، وحكومته، وظّفا محاولة الانقلاب لـ«تضييق الخناق على حقوق الإنسان». المزيد
[image:10]
يمكن لنتيجة التصويت على الاستفتاء الدستورى فى تركيا أن تؤثر فى مستقبل البلاد والعلاقات مع الغرب وعملية السلام مع الأكراد، إضافة إلى العلاقة داخل المجتمع. وهناك 5 نتائج متوقعة بإمكان الاستفتاء من خلالها إعادة تشكيل تركيا وهى كالتالى: المزيد