ثلاث تحولات جذرية حدثت للصحافة المصرية على امتداد تاريخها. بدأت مع بداية دخول الطباعة فى مصر. انتعشت فى مرحلة لاحقة. هذه المرحلة بدأت بصدور صحيفة «المؤيد». أسسها الشيخ على يوسف. فى 1 ديسمبر 1889. فى بداية التجربة. ظهرت صحف كثيرة. اندثر معظمها لسبب أو لآخر. لم يبق فى مصر تقريباً غير مؤسسة الأهرام. تأسست فى عام 1875. مؤسسة أخبار اليوم التى أنشئت عام 1944. دار الهلال التى أنشئت سنة 1892. كانت هناك صحف متنوعة. حزبية. مستقلة. منحازة للوفد أو للقصر. كان هذا من طبيعة المرحلة. كانت هناك انتعاشة كبيرة عقب ثورة 1919. تطورت الصحافة تطورا كبيرا فى الشكل والمضمون.
التحول الأول
جاء فى أعقاب 1952. أصدر مجلس قيادة الثورة مجلة «التحرير». كان يرأسها أحمد حمروش. ظهرت فى 16 سبتمبر 1952. أيضاً جريدة «الجمهورية» التى رأسها محمد أنور السادات. وجريدة «المساء» كان يرأسها خالد محيى الدين. وكانت هذه الصحف الناطقة بلسان الثورة. لكن سرعان ما ضاق صدر الثوار بالصحف الأخرى فصدر قرار بتأميم جميعها. لتصبح ملك الدولة يوم 24 مايو 1960. ومنذ ذلك اليوم أصبحت الدولة هى من لها حق اختيار من يرأس مجلس الإدارة أو تحرير الجرائد.
جعل من الصحف مرآة للسلطة. أقرب الصحفيين إلى الرئيس عبدالناصر أصبح مبشراً بكل أفكاره. مقالته صباح كل جمعة «بصراحة» كانت البوصلة السياسية لمصر.
استمر الحال طوال حكم السادات ومبارك. الإخوان أتوا برجالهم أيضاً فى الصحافة والإعلام.
التحول الثانى
حدث هذا بعد ثورة 30 /6. استولى فصيل جديد يسيطر على أغلب صحف الدولة. فصيل يعبر عن رأيه بأمانة. لا أشكك فى نواياه. إنما فى نظريات يتبناها عفى عليها الزمن. ثبت أن تحقيق العدالة يا سادة لا يتحقق إلا فى الدول التى تتبنى اقتصاد السوق.
التحول الثّالث
جاء بإعلان تشكيل المجلس الوطنى للإعلام والصحافة. تم اختيار مكرم محمد أحمد رئيسا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. كرم جبر رئيسا للهيئة الوطنية للصحافة. الاثنان من خبراء المهنة. محل احترام الجميع. الاثنان من رجال المواقف. لذلك سعد الوسط الصحفى باختيار الاثنين. كما أدهشهم فى الوقت ذاته حسن الاختيار. أتوقع أن يكون هذا اختيار الرئيس شخصيا. بقية الأعضاء غالبا من اختيار الأجهزة.
الصحف جميعا تصارع من أجل البقاء. صحف الدولة أو ما تبقى من الصحف الأهلية. بعبارة أخرى ما تبقى من الصحف الأهلية بعد أن سيطرت الأجهزة على معظمها.
المهمة الكبرى الآن حماية هذه الصناعة برمتها. اليوم تعانى من ارتفاع سعر الورق ثلاثة أضعاف. لم يعد فى وسع القارئ تحمل المزيد من زيادة السعر. كما أن التعليم مثل الماء والهواء فإن الصحافة التى تقدم للقارئ الأخبار والمعلومات مثل رغيف الخبز يجب دعمها بكل أشكالها بعدالة. حتى نصلح الخلل الذى ترتب على زيادة سعر الورق بالتعويم.
تحقيق العدالة أمر سهل. يجب أن يتناسب مع توزيع كل صحيفة. باقى المهمة يترك لكفاءة التحرير والإدارة.