«لا حرب مستقبلية بين مصر وإسرائيل والسلام البارد مع إسرائيل أفضل من الحرب معها، وإذا كانت مصر قد وقعت 22 اتفاقية مع إسرائيل فإنها آخر المطبعين معها».. كانت هذه آخر التصريحات الصحفية التى أدلى بها السفير محمد بسيونى، سفير مصر الأسبق فى إسرائيل، الذى وافته المنية صباح الأحد عن عمر يناهز الـ74 عاما.
ولد السفير محمد بسيونى عام 1937، وقد التحق بالكلية الحربية، ومنها إلى المخابرات، التى عمل بها من بداية تخرجه حتى وصل إلى رتبة عميد عام 1973، ثم انتقل منها للعمل كملحق عسكرى بسفارة مصر فى دمشق، ثم انتقل للعمل كملحق عسكرى فى سفارة مصر بطهران، ثم عين نائباً لسفير مصر فى تل أبيب عام 1979، وعندما تم سحب السفير المصرى، احتجاجا على الممارسات الإسرائيلية، تم تكليفه بإدارة السفارة هناك منذ عام 1982، وحتى 1986، إلى أن صدر قرار بتعيينه سفيراً رسمياً لمصر فى إسرائيل، حيث استمر فى هذا المنصب حتى عام 2000، عندما قررت الحكومة المصرية سحبه من إسرائيل، احتجاجا على الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطينى، أثناء الانتفاضة الثانية، وبعد 5 شهور من وجوده فى مصر، تم تعيينه رئيساً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى، ليقدم ثانى يوم من صدور قرار التعيين الرئاسى، طلبا لوزارة الخارجية لإحالته للمعاش ولينهى مسيرته الخارجية بإرادته.
ظل السفير بسيونى طوال حياته مثاراً للجدل، بسبب طبيعة الأماكن التى عمل بها، والقضايا الشائكة التى عمل بها، حتى إن نشطاء «فيس بوك» طالبوا مؤخرا بضمه إلى قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل، ووضعوا صفحة فى الموقع الإلكترونى «فيس بوك» تحمل نفس المعنى.
ونظرا للقضايا الشائكة التى عمل عليها والأماكن التى عمل بها، كان له دور قومى مهم، فقد شارك فى التنسيق بين مصر وسوريا فى هجومهما على إسرائيل عام 1973، وقبل ذلك شارك فى أربع حروب مرت بها مصر، وهى حروب 56، و67، والاستنزاف، و73، وكان يقوم على تأليف أربعة كتب عن مسيرته العملية، أحدها عن إسرائيل التى قضى بها أكثر من 20 عاما، وآخر عن الثورة الإسلامية - الإيرانية، وكتابان عن سوريا».
كان له الكثير من الآراء التى حركت الرأى العام معه، أحيانا وضده فى أحيان أخرى، منها «أن عملية السلام بين إسرائيل ودول العالم العربى متعثرة وأنه لابد من التركيز على موضوع واحد فقط هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وانسحاب إسرائيل من جميع الأراضى العربية المحتلة»، و«أن مصر لم تضع عوائق أمام تطبيع العلاقات الذى أقرته معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، حيث قامت مصر بتوقيع 22 اتفاقية تطبيع، لكنها واقعيا كانت آخر من طبع».
وقد دافع بسيونى عن مواقف مبارك تجاه إسرائيل طوال حياته قائلا إنه لم يقدم أى تنازلات لإسرائيل وإن كل ما فعله كان بسبب الحفاظ على السلام، وأن مرشحى الرئاسة المحتملين دائما ما يتحدثون عن اتفاقية كامب ديفيد، لأن الرأى العام المصرى يرضيه إثارة موضوع إسرائيل، والمرشحون يحاولون اللعب على ذلك الوتر الحساس لإرضاء الجمهور، ولكن لابد من أن يعالج الموضوع بطريقة أكثر جدية».