تعهد الرئيس السودانى عمر البشير بالتنحى عن السلطة، إذا ما تأكد أن الشعب لا يريده. وقال - فى خطاب جماهيرى حاشد، مساء الثلاثاء، بمدينة الدامر عاصمة ولاية نهر النيل - إنه لن ينتظر أن يقول له الشعب «غادر».
أضاف «البشير» أنه لا يخشى انتفاضة السودانيين عليه، وأكد أنه فى حال حدوث ثورة شعبية مماثلة لتونس، فإنه سيخرج لشعبه ليرجمه الشعب بالحجارة. وحيّا البشير ثورة الشعب التونسى، وقال إنه لن يهرب خارج البلاد فى حال ثار السودانيون عليه، وأوضح: «سنبقى هنا وندفن فى هذه الأرض»، وأضاف: «عندما نعلم أن الشعب لا يريدنا سنترك الحكم دون أن يقول لنا أحد غادروا».
ووصف «البشير» تحالف المعارضة بـ(الواهمين)، واستهجن مقارنتهم واستشهادهم بما حدث فى تونس، وأكد أن الشعب السودانى خيب آمال (الواهمين) الذين يظنون أن زيادة أسعار الوقود والسكر ستؤدى إلى اندلاع المظاهرات فى الشوارع كما حدث فى تونس، وقال: نحن شعب الانتفاضات، وتعلَّم الناس ذلك منا ولم نكن مقلدين، فى إشارة إلى ثورة أكتوبر 1964، وانتفاضة أبريل 1985 السودانيتين اللتين خلعتا الرئيسين إبراهيم عبود وجعفر نميرى.
وأكد «البشير» دعم الحكومة للسلع تدريجياً ومصاحبة ذلك بزيادة الرواتب والمعاشات ودعم الأسر الفقيرة. وأعلن عن برنامج لتطوير السكة الحديد، ومد الخطوط لأنحاء البلاد ودول الجوار، كما وعد بإحداث ثورة تنموية شاملة مع توفير الخدمات للمواطنين والاهتمام بالطفرة الزراعية، وأكد الاستمرار فى سياسة رفع الدعم غير المباشر عن السلع، وتحويله لدعم مباشر لشرائح الطلاب الفقراء والمساكين والعاملين بالدولة ووصفهم بـ(الناس المنسيين).
واعتبر «البشير» أن انفصال جنوب السودان لن يكون نهاية التاريخ، لكنه بداية جديدة لبناء السودان، مجدداً تأكيده أن الشمال لن يقيم «سرادق عزاء» على الجنوب لكنه سيذهب إلى جوبا للاحتفال مع الجنوبيين بالدولة الجديدة.
جدد تمسك حكومته بالشريعة الإسلامية، وأضاف: لن نتخلى عن الشريعة ولا مساومة فيها.
ومن جانبه، اشترط تحالف قوى الإجماع الوطنى المعارض، للحوار مع حزب المؤتمر الوطنى الحاكم الذى يقوده البشير، تشكيل فريق واحد للتفاوض وعقد مؤتمر دستورى وإطلاق سراح المعتقلين وإلغاء الزيادات على أسعار السكر والوقود. وأكد المؤتمر الوطنى عزمه عقد لقاءات مع أحزاب المؤتمر الشعبى والشيوعى والحزب الاتحادى الديمقراطى «الأصل» بعد الجولة السابقة مع حزب الأمة القومى بقيادة الصادق المهدى، للتوافق حول ثوابت المرحلة المقبلة، والمشاركة فى الحكومة «ذات القاعدة العريضة»، التى طرحها الرئيس عمر البشير.
واعتبر مراقبون سودانيون موافقة المعارضة على الحوار تراجعاً عن خيارها تحريك الشارع لقيام انتفاضة شعبية لإسقاط الحكومة، معتبرين أن لقاء حزب الأمة مع المؤتمر الوطنى «كان ضربة قاضية للتحالف» لأنه جعل خيار الإطاحة بالنظام ثانويا، إضافة إلى توصل بعض قيادات التحالف إلى أن خيار الانتفاضة الشعبية سيؤدى إلى عدم استقرار البلاد.
ومن جهته تمسك حزب المؤتمر الشعبى، الذى يتزعمه الترابى، بخيار إسقاط الحكومة عبر انتفاضة شعبية، وأكد فى بيان له استمرار التعبئة والتنسيق.
وقال فاروق أبوعيسى، الناطق الرسمى باسم التحالف عقب اجتماع التحالف بدار حزب الأمة مساء الثلاثاء، إن قوى الإجماع أصدرت بياناً تحت عنوان (المؤتمر الدستورى وتهيئة المناخ وإلغاء الزيادات وإطلاق سراح المعتقلين)، وأضاف أن الاجتماع توصل إلى التأكيد على وحدة قوى الإجماع للعمل من أجل حل شامل، وأشار إلى أن المؤتمر الوطنى درج على البحث عن الحلول الفردية والحوارات الثنائية التى لا تقدم حلاً شاملاً للأزمة، وأضاف أن التحالف يؤمن بأن المدخل السلمى هو إدارة حوار شامل مع القوى كافة يؤدى لمؤتمر دستورى لكيفية حل أزمة البلاد. وقال أبوعيسى إن التحالف كلف وفد حزب الأمة بنقل استعداد التحالف للتفاوض وفق مبادئ الأجندة الوطنية بفريق موحد يمثلها جميعاً. وأوضح أن الحوار يتطلب تهيئة المناخ الوطنى وإلغاء الزيادات على أسعار السلع الغذائية والمحروقات (ووضع خط أحمر تحته)، وتقليل ظل أجهزة الدولة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم (الترابى)، إضافة لإلغاء قانون النظام العام، ووضع آليات لإشراك القوى السياسية لوضع حل شامل لقضية دارفور بعيداً عن الحلول الأمنية والعسكرية الحالية، فَضْلاً عن عقد مؤتمر للحوار بين القوى السياسية لرسم خارطة طريق لعلاقات استراتيجية بين الشمال والجنوب، وأضاف: إذا أصر المؤتمر الوطنى على الانفراد بالحكم واتباع سياساته القديمة، فإنّ ذلك سيقود للمواجهة.
من ناحيته، نفى د. غازى صلاح الدين، مستشار رئيس الجمهورية، مسؤول ملف دارفور، فى توضيح صحفى الأربعاء، تخصيص منصب نائب الرئيس لدارفور بعد انفصال الجنوب، وأوضح أن ما ورد حول موقف الحكومة فى هذه القضية وما ذكر حول موافقتها على اختصاص دارفور بوضعية إقليم ليس صحيحاً، وأوضح أن موقفها هو تقوية نظام الحكم الفيدرالى دون اختصاص لجهة على حساب أخرى. كانت بعض وسائل الإعلام قد قالت إن الحكومة وافقت فى إطار مباحثات الدوحة على تخصيص منصب نائب رئيس جمهورية لدارفور، وأنها أيضاً وافقت على إنشاء إقليم لدارفور بصلاحيات خاصة.