x

عباس الطرابيلي الحصاد.. مواسم للزواج! عباس الطرابيلي السبت 08-04-2017 21:11


لماذا ارتبط الزواج دائماً بمواسم الحصاد؟. والحصاد يكون إما من الأرض أو البحر أو السماء.. وهل ذلك ــ فقط ــ بسبب العائد المادى لمواسم الحصاد.. أم لأن الجو العام عموماً مملوء دائماً بالبهجة، أم لأن المصرى يستريح بعد اكتمال موسم الحصاد.. وحانت أيام الراحة والاسترخاء والفرحة؟.

ومواسم الحصاد ــ أقصد الزواج ــ فى الصعيد تختلف عما هى عليه فى الدلتا.. وما كان قديماً موسماً للحصاد لم يعد كذلك هذه الأيام.. ومن ذلك موسم صيد السردين من أمام الدلتا من العريش شرقاً إلى إدكو ورشيد غرباً.. وكذلك موسم جنى القطن، عندما كان القطن المصرى هو تاج الاقتصاد المصرى.

وفى الصعيد ــ مثلاً ــ تعتبر عملية «كسر القصب» أفضل مواسم الزواج، وكذلك موسم صناعة العسل الأسود فى المناطق المشهورة بصناعته.. وكذلك موسم إنتاج «الملوحة»، وهى الفسيخ الصعيدى الأسوانى الذى ينافس موسم الفسيخ عند أهل نبروه والقرى المحيطة بها.

ويعتبر موسم جمع محصول الزيتون أهم مواسم الزواج فى سيناء وسيوة وغيرهما من مناطق زراعة الزيتون وتخليله.. وعصره لاستخراج زيوته.. مثلما يحدث فى موسم جنى البلح وتجفيفه وتصنيعه وتحويله إلى عجوة.. وهناك من يعمل فى حرفة صنع دبس العسل من التمور، ويتفرع عنها صنع أنواع من الخمور والخل وغيرهما.. وكان موسم البلح ــ قديماً ــ فى قرى النوبة القديمة، وكان عددها ٤٥ قرية، قبل أن تغرق تحت مياه بحيرة السد العالى، إذا كان هذا الموسم الذى كانت تنشط فيه عملية جمع البلح النوبى، وأشهره السكوتى والإبريمى والدقلة، استعداداً لتسويقه قبيل شهر رمضان، فإن هذا الموسم هو أفضل أيام الزواج.. وهذه الأمور مستمرة حتى الآن فى قرى الواحات.. وكذلك ظلت بعض القرى المتخصصة فى زراعة أنواع معينة من النخيل لإنتاج البلح الأمهات أو البلح السمانى، وهى مواسم للزواج، تماماً كما يحدث ذلك مع موسم جنى بلح الزغلول حول مدينة رشيد، وحول إدكو أيضاً.. وإلى شمال غرب محافظة كفر الشيخ.. حتى وإن نشطت صناعة التمور وتعليبها، كما نجد الآن فى سيوة والوادى الجديد وسيناء.

وفى السنانية ــ نسبة إلى سنان باشا، القائد العسكرى العثمانى، ثانى ولاة تركيا على مصر ــ كان موسم جنى البلح والجوافة والليمون البنزهير الشهير هو أهم مواسم للزواج، فى القرية المواجهة لمدينة دمياط، حيث واحدة من أكبر وأفضل مناطق النخيل فى شمال مصر كلها.. كذلك كان ــ ومازال ــ موسم صيد الطيور المهاجرة من شمال أوروبا إلى شواطىء مصر من أهم مواسم الزواج فى العريش شرقاً وبورسعيد ودمياط.. وحتى العلمين، غرب الإسكندرية، وهى مناطق اشتهرت بصيد البلبول والشرشير والغر والحمراى والزرقاى والخضيرى.. ولا ننسى السمان!! وإن امتدت مناطق الصيد من الساحل الشمالى إلى البحيرات.. حتى قارون جنوب غرب القاهرة.. وبركة العباسة بمحافظة الشرقية.

وضاع على أبناء عزبة البرج والشيخ درغام ــ أمام رأس البر ــ أهم مواسم الزواج عندما كان السردين هو الكنز الذهبى للصيادين هناك.. وهو ما توقف وصوله إلى شواطئنا بعد إنشاء السد العالى.. وكذلك فإن موسم الفسيخ ــ فى أعقاب شهر رمضان ــ وفى شم النسيم هو أهم مواسم الزواج والرواج الاقتصادى لأبناء منطقة نبروه، وكل ما جاورها من قرى ولا يساوى عشق المصرى للفسيخ.. إلا عشقه لكعك العيد أيام عيد الفطر المبارك.

■ ■ وهناك مواسم أخرى للزواج ارتبطت بالحصاد.. مثلا قرية العمار بمحافظة القليوبية، وهى أشهر قرية لزراعة المشمش تتحول فيها أيام الحصاد إلى رواج اقتصادى عظيم، رغم أن مدة حصاد المشمش قليلة، ولا تزيد على أسبوعين.. على عكس موسم حصاد الرمان فى قرى ومنطقة منفلوط بسبب قدرة الرمان على الصمود لأسابيع عديدة.. ومن المؤكد أن إيرادات حصاد الرمان فى منفلوط بمحافظة أسيوط هى الأكثر تأثيرا على عمليات الزواج هناك!.

■ ■ وحرفة العمل فى الشواطئ بالذات فى رأس البر وجمصة وبلطيم هى الأكبر أمام الشباب، سواء لتدبير تكاليف الدراسة لمن يدرس.. أو للزواج. ومن نراهم من الباعة ــ مثلاً ــ فى كل هذه المصايف وأيضاً فى شواطئ الإسكندرية يؤكدون هذه النظرية.. التى لا تخيب!!

■ ■ وإذا كنا نترحم على مواسم للزواج انتهى عصرها مثل موسم جنى القطن وموسم صيد السردين.. فإن اختراع مواسم جديدة للعمل يأتى طلباً للرزق.. حتى ولو كان من خلال استخدام سعف النخيل فى الشعائر والأعياد المسيحية.. كما هى هذه الأيام.. مع عيد السعف.. وكل عام وإخوتنا فى الوطن بكل خير.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية