بعد أن حسم الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن» التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على عضوية دولة فلسطينية كاملة فى المنظمة الدولية فى 23 سبتمبر الجارى، متجاهلا ضغوط اللحظة الأخيرة الأمريكية والإسرائيلية لإثنائه عن استحقاق سبتمبر - تخشى الدولة العبرية اندلاع انتفاضة ثالثة فى الأراضى المحتلة دعما للخطوة الفلسطينية، التى تواجه رفضا من قبل حركتى حماس والجهاد الإسلامى، مؤكدتين أن المقاومة هى الخيار الوحيد لإنهاء الاحتلال.
وفشلت جهود اللحظة الأخيرة من قبل الإدارة الأمريكية لإثناء «أبومازن» عن التوجه إلى الأمم المتحدة، إذ بدا ذلك واضحا خلال لقائه مع المبعوث الأمريكى دافيد هال ومستشار الرئيس الأمريكى لشؤون الشرق الأوسط دنيس روس. ووفقا لمصدر مشارك فى اللقاءات فإن الفلسطينيين كانوا يأملون أن يصل المبعوثان الأمريكيان ومعهما اقتراحات لحلول وسط ترضى الفلسطينيين من جهة، وتعفى واشنطن من مأزق التصويت بـ«الفيتو» من جهة أخرى. ووفق ما ذكر مقربون من «أبومازن» فإنه كان غاضبا جدا من الاقتراحات الأمريكية.
وعرض الموفدان الأمريكيان على أبومازن «دعوة جميع القوى الفلسطينية إلى الاعتراف بإسرائيل، ونبذ العنف، وقبول الاتفاقات السابقة كاملة»، وطالبا استئناف المفاوضات فورًا حول الأمن والحدود معا، واعتماد مبدأ ربط أى ترسيم لحدود الدولة الفلسطينية المستقبلية بالاحتياجات الأمنية لإسرائيل، وأن تكون حدود 1967 مرجعية المفاوضات، وأن تراعى هذه الحدود التغيرات الديموجرافية التى حدثت خلال الـ44 عاما الماضية من الاحتلال». وطرح المبعوثان أن تكون «الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح»، وأن يكون لـ«إسرائيل» خلال المرحلة الانتقالية «الحق فى الدفاع عن نفسها بشكل مباشر، وأن يكون الانسحاب الإسرائيلى بعد تلك المرحلة التى لم تحدد مدتها مرحليا وتدريجيا». وقدم «هال» توصية لـ«أبومازن» للاعتراف بـ«إسرائيل» كوطن قومى لليهود، وفلسطين وطن للشعب الفلسطينى، وأن تحل قضية اللاجئين داخل حدود الدولة الفلسطينية، وهو ما رفضه «أبومازن»، معتبرا أن الشروط تعنى إلغاء مبدأ العودة إلى حدود 4 يونيو 1967، وإهمال قضية اللاجئين الفلسطينيين.
فى المقابل، تعيش إسرائيل حالة من الرعب بسبب التأكيد الفلسطينى على التوجه للأمم المتحدة. وذكرت القناة العاشرة الإسرائيلية أن ما يخيف تل أبيب أن صورتها حول العالم تغيرت منذ انطلاق الربيع العربى، وأصبحت تعيش فى عزلة متزايدة، موضحة أن حكومة بنيامين نتنياهو تحاول القيام بخطوات شبه مستحيلة لإقناع الإسرائيليين بأن الخطوات الفلسطينية لا تهدد كيانهم. وقالت القناة إن الخطر الحقيقى الذى تخشاه إسرائيل هو ثورة الشعب الفلسطينى واندلاع مواجهات حامية تكون نتائجها وخيمة، إلى جانب الخشية من اندلاع «انتفاضة ثالثة».
وبدأت بوادر تلك المخاوف فى الضفة بعد دعوة القيادى بفتح زكريا الأغا الفلسطينيين للخروج فى مظاهرات فى جميع الأراضى المحتلة لدعم قرار أبومازن، إذ خرجت مظاهرات نسائية فى الضفة والقدس أمس لنفس الغرض. وأشارت صحيفة «ديلى تليجراف» البريطانية إلى أن جيش الاحتلال عزز قواته فى الضفة وتم استدعاء 3 كتائب احتياط والقوات العاملة فى الأراضى المحتلة، وعزل الاحتلال مدينة القدس المحتلة، وأغلق المعابر والحواجز العسكرية على مداخلها تحسبا لتحركات شعبية بعد خطاب «أبومازن».
وفى واشنطن، قال نائب المستشار للأمن القومى الأمريكى «بن رودس» إن الفلسطينيين لم يطلعوا الولايات المتحدة بشكل رسمى على برنامجهم فى الأمم المتحدة، موضحا أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما سيتطرق فى كلمته فى الجمعية العامة إلى الصراع، واعتبار المفاوضات الخيار الوحيد للسلام.
وذكرت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية أن الكونجرس الأمريكى بصدد اتخاذ إجراءات عقابية بحق السلطة الفلسطينية تتضمن إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن.
بدورها، قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية إن أوباما يقف محاصرا بين دعمه لإسرائيل ووعده للفلسطينيين بتحقيق حلمهم.وأضاف أن أوباما ينفق قدرا كبيرا من رصيد الدبلوماسية الأمريكية.