قال المستشار الحسن البدراوى، نائب رئيس مجلس الدولة، أمين صندوق نادى القضاة، عضو مجلس إدارة نادى قضاة المجلس، إن المجلس الخاص مازال يناقش طريقة التواصل مع رئيس الجمهورية، فى ضوء التفويض الذى منحته الجمعية العمومية للمجلس فى هذا الشأن، من حيث مخاطبة أو مقابلة الرئيس، والاحتكام إليه فى أزمة قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، وإن التواصل سوف يكون من خلال المقابلة الشخصية أو إرسال مذكرة توضيحية شارحة بالاعتراضات على القانون والمخالفات التى تشوبه، الأمر الذى تركته الجمعية العمومية تحت تصرف المجلس الخاص.
وأضاف البدراوى، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن هناك بعض النواب نجحوا فى إشعال فتنة بين السلطتين التشريعية والقضائية، واستغل بعضهم حمية مجلس النواب بوصفه صاحب سلطة التشريع فى تفسير اعتراض الهيئات القضائية على مشروع القانون، بأنه تدخل فى أعمال سلطتهم التشريعية، وللأسف لاقت هذه الفتنة قبولا لدى البعض، حتى إن أحدهم قال نصا: «هو كل جهة عاوزة تشرع لنفسها، إحنا كده مش هنشرع غير للعمال والفلاحين».. وإلى نص الحوار:
■ بداية ما رأيك فى تقديم تعديلات من قبل البرلمان على مشروع قانون السلطة القضائية فى هذا التوقيت؟
- موقف مجلس النواب، المتمثل فى تقديم 10% من أعضائه مشروع قانون يغير من المستقر عليه لعقود طويلة فى اختيار رؤساء الهيئات القضائية، خاصة أن التوقيت يأتى مع اقتراب انتهاء ولاية الرؤساء الحاليين، أصابنى بحالة من الدهشة، وتعلمنا فى كل المدارس القانونية والتشريعية أن القوانين تطرح للتعديل أو تستحدث إذا كانت هناك حاجة إلى تنظيم مسألة ثبت من التطبيقات العملية أن النص القائم يحتاج إلى تعديل، وهو ما لم يحدث طيلة العهود السابقة، وأجزم أنه لم يكن ليحدث، فلم تظهر أى سلبيات من تطبيق النص القائم يستدعى تدخل المشرع للتعديل أو التغيير.
والدستور المصرى الذى وافق عليه الشعب أسس لمبدأ الفصل بين السلطات، فكيف تأتى اليوم بقانون يسمح لرئيس الجمهورية أن يختار رئيس الهيئة القضائية أى أعلى قمة هرمها، فهذا تدخل واضح من السلطة التنفيذية فى صميم عمل السلطة القضائية، ورغم يقيننا بأن الرئيس عبدالفتاح السيسى يكن كل احترام وتقدير للسلطة القضائية، إلا أننا فى هذا الصدد نتحدث عن شاغل منصب الرئاسة، فهو رئيس للسلطة التنفيذية، وببساطة رئيس مجلس الدولة، رئيس الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا، ورئيس دائرتى الأحزاب وتوحيد المبادئ، والأولى تنظر طعونا ضد رئيس الجمهورية ذاته، فكيف إذن أن يختار الخصم قاضيه الذى يحاكم قراراته ويفصل فى قانونيتها؟!
■ تردد كثيرا منذ الإعلان عن تقديم اقتراح مشروع التعديلات أنه يريد إبعاد أسماء بعينها عن رئاسة بعض الهيئات على رأسها المستشار يحيى الدكرورى الذى أصدر الحكم ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية.. ما تعليقك؟
- أربأ بالمجلس التشريعى أن يكون هذا هدفه أو نهجه أو غايته من استصدار هذا القانون، لأن ذلك يبطله ويصل به إلى درجة الانعدام، لكون الباعث على إصدار القانون باعثا باطلا، وهذه مسألة تدخل فى صميم النوايا، ونحن لا نستطيع الحكم على ما فى القلوب، لكن ما يستوقفنا أن كل الشواهد حول هذا المشروع تثير الريبة وتضع علامات استفهام كبيرة بسبب الطريقة التى جرى بها محاولة إصدار القانون، خاصة المدى الزمنى الفاصل بين الانتهاء من مناقشته فى اللجنة التشريعية، حتى إن أحد عقلاء مجلس النواب قال فى كلمته، وهو النائب جمال الشريف، إن التقرير لم يوزع علينا إلى الآن، ونحن نناقش مشروع قانون له أهميته، فلذلك أطلب منكم تأجيل مناقشة المشروع لمدة يومين فقط، وهو ما لم يحدث.
■ ماذا لو تم التصديق على القانون وأصبح ملزما لكل الهيئات القضائية؟
- أتمنى ألا نصل إلى نقطة اللاعودة لما فى ذلك من خطورة على العمل القضائى بالكامل، لأن الأمر سوف يترك أثرا بالغ السوء فى وجدان كل قاض، ويتخطى ما حدث فى مذبحة القضاء 69، فكيف للقاضى أن يقضى ويفصل بين الخصوم وهو لا يشعر باستقلاله، فعواقب ذلك ستكون وخيمة ليس على القضاة ولكن على جموع المتقاضين.
■ النائب محمد أبو حامد قدم مقترحا لتعديل قانون السلطة القضائية.. ألا ترى فى ذلك استهدافا للقضاء؟
- للأسف مشروع القانون الذى تحدث عنه النائب محمد أبوحامد، لتخفيض سن المعاش للقضاة أعتبره «مناورة» لا يصح أن يقودها أحد أعضاء السلطة البرلمانية فى توقيت يوجد فيه خلاف يرى القضاة فيه أن السلطة التشريعية تحاول النيل من استقلال القضاء وإدخاله تحت طوع السلطة التنفيذية، فليس من الحكمة أن تكون النار مشتعلة ثم نأتى ونسكب عليها البنزين لنزيدها اشتعالا.
وأتمنى من مجلس النواب أن يعيد جدولة أولوياته بالشروع فى الانتهاء من قانون المجالس المحلية، وقوانين الشباب الرياضة، وتعديلات قانون الإجراءات الجنائية، وتمنى عليهم رئيس الجمهورية سرعة الانتهاء منها، وإخراج مشروع تعديل قانون مجلس الدولة الذى وافق عليه مجلس النواب فى أغسطس الماضى على النحو الذى أرسله مجلس الدولة لتحقيق سرعة الفصل فى القضايا، وإعادة توزيع الاختصاصات بين المحاكم، ليعود لكل ذى حق حقه، وينهى مشكلة بطء التقاضى التى تعانى منها منظومة العدالة فى مصر.
■ هل ترى تحركات على نفس المستوى كرد فعل من جانب الهيئات القضائية الأخرى؟
- لدينا فى مصر جهتان قضائيتان وهيئتان إلى جانب المحكمة الدستورية العليا، معنيتان بمشروع القانون، وبالفعل هناك تنسيق بين النادى ونادى قضاة مصر ونادى هيئة النيابة الإدارية، وهناك مشاورات مع نادى هيئة قضايا الدولة، ولمسنا بعض ردود الفعل، إلا أنه يظل الجزء الأكبر والظاهر فى مجلس الدولة، لأن المشروع يمثل فى المقام الأول اعتداء على الدستور وعلى مبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء فى المقام الأول ضمانة للمواطن وليس للقاضى، ومجلس الدولة بوصفه قاضى الحقوق والحريات والحصن والملاذ لها، كان الأكثر استشعارا لحجم الجرم الذى يهدر حماية الحقوق والحريات.
■ هل عرض أى طرف أو جهة التدخل لإنهاء الخلاف؟
- حتى الآن لم يعرض أحد بشكل رسمى وصريح محاولة تقريب وجهات النظر أو التوسط لحل الأزمة، لكن كل ما حدث فى هذا الشأن كان من قبيل استطلاع لوجهات النظر فقط، وسبب غضب القضاة، لكن لم يرتق أى منها إلى عرض صريح أو وعد حقيقى بحل الأزمة.
المجلس الخاص مازال يناقش طريقة التواصل مع رئيس الجمهورية، فى ضوء التفويض الذى منحته الجمعية العمومية للمجلس فى هذا الشأن، من حيث مخاطبة أو مقابلة الرئيس، والاحتكام إليه فى أزمة قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، والتواصل سوف يكون من خلال المقابلة الشخصية أو إرسال مذكرة توضيحية شارحة بالاعتراضات على القانون والمخالفات التى تشوبه، الأمر الذى تركته الجمعية العمومية تحت تصرف المجلس الخاص.
وهناك بعض النواب نجحوا فى إشعال فتنة بين السلطتين التشريعية والقضائية، واستغل بعضهم حمية مجلس النواب بوصفه صاحب سلطة التشريع فى تفسير اعتراض الهيئات القضائية على مشروع القانون، بأنه تدخل فى أعمال سلطتهم التشريعية، وللأسف لاقت هذه الفتنة قبولا لدى البعض، حتى إن أحدهم قال نصا: «هو كل جهة عاوزة تشرع لنفسها، إحنا كده مش هنشرع غير للعمال والفلاحين».