«مستنيين إيه» هكذا كتب مسؤول صفحة «كلنا خالد سعيد» على «فيس بوك» مطالبا 300 ألف مشترك في الصفحة بالتحرك والنزول للشوارع للمشاركة في مظاهرات «يوم الغضب».
كانت صفحة «كلنا خالد سعيد» أول الداعين لمظاهرات يوم الغضب، وربما أكثرهم تأثيرا في الشبكة العنكبوتية، فمنها إنطلقت الدعوة الرئيسية، وتابعتها مجموعات عديدة منها دعوات حركة 6 أبريل التي بدأت بتجمع مماثل على «فيس بوك» في 2008، وخرج نشطاء الحركة من حيز الانترنت إلى أرض الواقع عبر توزيع 35 ألف بيان في الـ 48 ساعة التي سبقت المظاهرات الحاشدة.
وبعد نحو ساعتين من الهدوء الأمني، بدأت الاحتكاكات تتوالى، واستخدمت قوات الشرطة القنابل المسيلة للدموع، وخراطيم المياه والسيارات المدرعة لتفريق المتظاهرين، في الوقت نفسه، تم حجب مواقع جريدتي «البديل» و«الدستور» على شبكة الانترنت.
وفيما كان «فيس بوك» يقود التظاهرات، كان شقيقه «تويتر» يقوم بدور وكالة أنباء الشارع، فالمتظاهرون، وعبر هواتفهم المحمولة، بدأوا في نشر تفاصيل وخطوات المسيرات والاحتجاجات لحظة بلحظة على صفحاتهم الشخصية، كما بدأت أولى الصور تظهر من «ميدان الغضب» على الموقع بعد دقائق من بدء المظاهرات في ناهيا وشارع جامعة الدول. وبعد ثلاث ساعات تقريبا من المظاهرات، فوجئ مستخدمو الموقع بحجبه، كما أصبحت جميع جميع هواتف محاميي «جبهة الدفاع عن متظاهري مصر» مغلقة وغير متاحة.
في ميدان التحرير، كان المشهد يعيد أجواء 20 مارس 2003، حيث تجمع عشرات الآلاف احتجاجا على غزو العراق، لكن 25 يناير، وبعيدا عن القضايا العربية، استطاع حشد آلاف المتظاهرين في نقطة تجمع واحد، ليسيطر نحو 15 ألف متظاهر على الميدان الرئيسي في القاهرة لنحو 7 ساعات، تنتهي في الواحدة فجرا بهجوم أمني بالقنابل المسيلة للدموع، ليتفرق الآلاف في شوارع القاهرة، وتبدأ لعبة كر وفر بين شرطة متوترة، ومتظاهرون يشعرون بـ«النجاح» رغم إرهاق «مظاهرات الغضب» التي انطلقت من «الفضاء الافتراضي» ليستجيب لها عشرات الآلاف، ويعلنوا أقوى احتجاج شعبي منذ انتفاضة الخبز في 18 و19 يناير 1977، وحتى «غضبة الإنترنت».
قبل إنطلاق المظاهرات بساعات، كان عدد الذين أكدوا عزمهم الإشتراك في الاحتجاجات على صحفة «يوم الغضب» على موقع «فيس بوك» قد تجاوز رقم الـ100 ألف، فيما رفض قادة أحزاب التجمع والناصري المشاركة في الاحتجاجات وقالوا:«لن نشارك في احتجاجات دعا لها مجهولون على الانترنت»، واتخذت جماعة الإخوان المسلمين مواقف متضاربة من المشاركة، فيما ظهر بعض رموزها في الشارع دون حشودها المكررة في المعارك الانتخابية.
في 25 يناير ووسط «قلق أمني» نجح «الإنترنت» في تغيير قواعد اللعبة، وكان المشهد الأكثر غرابة، هو تجمع عشرات الآلاف المتظاهرين عبر دعوات إلكترونية على «فيس بوك» وينحجوا في اقتحام الحواجز الأمنية، وكردونات الأمن المركزي، التي كان مجرد وجودها ، يكفي ويزيد.