x

عبد الناصر سلامة النُّخبة تبحث عن نفسها عبد الناصر سلامة الإثنين 03-04-2017 21:18


جهود حثيثة أراها الآن تبحث عن النخبة المصرية، ذلك أنها اختفت فى ظروف غامضة، على ما يقرب من أربع سنوات، تحديداً بعد الثالث من يوليو ٢٠١٣، الغريب أن النخبة هى التى تبحث عن نفسها، تحاول لملمة أشلائها، كان من المفترض أن تبحث عنها الدولة الرسمية، عندما تكتشف فى لحظة ما أنها فى حاجة إليها، فى حاجة إلى المشورة، أو الرأى الآخر، إلا أن ذلك لم يحدث، ومن المؤكد أنه لن يحدث، فى ظل هذه الظروف، التى استأثر فيها التنفيذيون بصناعة القرار، فى غياب برلمان حقيقى مقنع للرأى العام، واعتماداً على دعم مجموعات من الحنجوريين، ما بين مقدمى برامج غريبة الشكل والمضمون، ومجموعة ممن يطلقون على أنفسهم خبراء استراتيجيين، تحولوا بمرور الوقت إلى فصول من الكوميديا، بعد أن بدت سطحيتهم هى الأكثر وضوحاً للعامة.

فى معظمها، تعترف النخبة بأخطائها الآن، الخطأ فى حق نفسها، والخطأ فى حق الوطن، الحزن يخيم على الوجوه، كما الخجل أيضاً، الندم عامل مشترك، بالتأكيد لكل قاعدة استثناء، هناك القلة القليلة التى راحت وأراحت واستراحت، حصلت على جزء من الكعكة، تعاطت الشاى بالياسمين، اعتبرت أن ذلك كافياً، السعى منذ البداية كان لمصالح فردية، وليذهب الوطن إلى الجحيم، أما الغالبية العظمى فأراها تراجع نفسها بقوة، محاولات اللملمة صعبة، ذلك أننا بالفعل أمام أشلاء، سوف تحتاج العملية إلى جهد كبير، أيضاً إلى إعادة الثقة واستعادتها، إلى الإيمان بحق الجميع فى الحياة، إلى نبذ سياسات الإقصاء، إلى مفاهيم جديدة للعمل الوطنى.

صحوة النخبة لم تأت من فراغ، الإحساس بالخطر ربما كان كافياً لذلك، الخطر على الوطن، كما الخطر على المستقبل، الإحساس بالفشل أيضاً يعد أمراً كافياً، الفشل السياسى، كما الاقتصادى، كما الاجتماعى، الفشل العام، هناك من يرى أن السفينة تغرق، هناك من يراه أمراً متعمداً، هناك من يراه قصر نظر، أيضاً هناك من يرى أن الأمر فى حاجة إلى تقويم وإصلاح من خلال ضغط النخبة وضغط الشارع، وأن ذلك هو الهدف من جمع قواها، وهناك من يرى أن الأمر لم يعد صالحاً لذلك، وأنه لا بديل عن التغيير الشامل، الفرق شاسع بين وجهتى النظر، إلا أن هناك ما يجمع بينهما، وهو النية الطيبة، نية الإصلاح.

سوف نرى خلال الفترة القليلة المقبلة، تجمعات جديدة وعديدة، سوف نرى بيانات تصدر، وأخرى تشجب، سوف نرى دعوات كثيرة للإصلاح وتدارك الموقف، سوف نشهد اجتماعات ومؤتمرات، قد نشهد هتافات ومسيرات تتعارض مع ذلك القانون الذى يمنع ذلك، الأمر جد خطير فى ظل ما يصدر عن الدولة الرسمية من ممارسات غريبة، أهمها الإصرار على التنازل عن جزيرتى البحر الأحمر، من خلال إجراءات غريبة وغير قانونية، إضافة إلى ذلك الصمت على الممارسات الإثيوبية بحق نهر النيل من خلال إنشاء ذلك السد على مجرى النهر، أيضاً تلك القوانين المشينة، التى تسعى الدولة إلى استصدارها، والتى تتعلق بالقضاء بصفة خاصة، ناهيك عن الأوضاع اليومية، من ارتفاع أسعار وتضخم وبطالة، إلى غير ذلك من كثير.

ربما جاء تحرك النخبة متأخراً، إلا أنها فى موقف لا تحسد عليه، فقد تم تشويه نسبة كبيرة منها على مدى الأعوام الأربعة الماضية، بالتأكيد هناك نسبة مشوهة أصلاً، لذا يجب استبعادها قدر الإمكان، لن يثق الناس أبداً فيمن شاهدوهم على كل الموائد، لن يثق الناس فى أصحاب الوجوه المتعددة، لذا تأتى أهمية الانتقاء، لذا تأتى أهمية الفرز، شاشات التليفزيون كشفت الكثير، لا يجب أبداً إعادة التدوير، ليكن التدوير من فعل القمامة فقط، نحن الآن نتحدث عن نخبة بمعناها الحرفى واللفظى، بمعناها شكلاً ومضموناً، لا يحب أبداً أن تشوبها شائبة، كُتاب التقارير كما الأمنجية أساءوا لمصر على امتداد تاريخها، أضروا أيما ضرر بكثير من الشرفاء، بدءاً من المراحل الجامعية، وحتى أرقى الوظائف، من المهم استيعاب دروس الماضى.

على الجانب الآخر، تصبح الدولة مطالبة باحترام إرادة الناس، احترام إرادة الشعب، الاعتراف بالفشل أول مقومات النجاح، المرحلة بائسة من كل الوجوه، الشكوى أصبحت عاملاً مشتركاً بين كل فئات الشعب، من المهم الاستماع والإنصات واحترام الرأى الآخر، السجون والمعتقلات لم تكن حلاً على امتداد التاريخ، سجلت فشلاً ذريعاً فى أعتى الأنظمة، أيضاً مستشارو السوء، كما أهل الثقة، لم يحققوا أى نتائج إيجابية فى أى من المجتمعات، لنتعامل مع المستجدات على قدرها، أراها نهاية مرحلة وبداية أخرى، ربما كانت العد التنازلى، الكُرة دائماً وأبداً فى ملعب الشعوب، مهما طالت سنوات الغفلة والتغييب.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية