قال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إن دار الإفتاء تعاملت مع الفتاوى التى تصدر من المتشددين فى حق غير المسلمين بالرد والتحليل، مشيرًا إلى دراسة أجرتها الدار حول 3 آلاف فتوى تحرض على هدم الكنائس وترفض التعايش المشترك بين جناحى الوطن مسلمين ومسيحيين، والتى خلصت إلى أن 90% من أحكام فتاوى المتطرفين تحرض على عدم التعامل مع غير المسلمين وتحض على الصراع بينهم، وتخالف مع أمر به الله تعالى من حسن التعامل معهم وبرهم.
وشدد المفتى، خلال لقائه الأسبوعى فى برنامج «حوار المفتى»، على أن الأقوال المتشددة المحرضة على التعايش مع شركاء الوطن تصدر من أشخاص يعشقون الصراع، وأن الحوادث التى تقع بين جناحى الوطن، مسلمين ومسيحيين، لا توصف بالطائفية، مضيفًا أن التجربة المصرية فى التعايش تجربة رائدة والتى ترجمت فى بيت العائلة الذى يعد مظلة للعلاقات الطيبة بين المسلمين والمسيحيين ويدعم قضية العيش المشترك.
وتابع أن وثيقة المدينة المنورة كانت أول دستور للتعايش بين الأجناس المختلفة فى الوطن الواحد، وهذا يعكس حرص الرسول «صلى الله عليه وسلم» بعدم إقصاء أحد، والتواصل مع الجميع، فالرسول رفض مفاهيم الإقصاء حتى مع الذين لهم تاريخ فى الإساءة إليه ومناهضته فى طريق دعوته، مشيراً إلى أن التنوع البشرى أمر حتمى ومقصد إلهى، مؤكدا على أن الإكراه على العقائد مرفوض شرعًا، فالتعارف الإنسانى صيغة إلهية لتحقيق التعايش البشرى ونبذ الخلاف والشقاق، لافتاً إلى أن نموذج الحبشة بين المسلمين والمسيحيين أثبت مدى الرقى الذى تعامل به كل من المسلمين والمسيحيين، وهو نموذج وقف أمام محاولات قريش للوقيعة بين الطرفين، ما يثبت أن محاولات الوقيعة بدأت منذ العصور الأولى لكنها كانت دائمًا تبوء بالفشل.
وأكد المفتى أن النموذج المصرى فى التعايش رفض أى محاولة للوقيعة بين طرفى الأمة وقدَّم نموذجًا وتجربة يحتذى بها، مشددًا على أهمية دراسة أسباب الفرقة لتجنب الوقوع بها فى المستقبل، ولفت إلى أن الأعداء يضربون دائمًا على وتر العقيدة للوقيعة بين أى إنسان وآخر وهذا ما فعلته قريش بين المسلمين والمسيحيين فى الحبشة وما يفعله أعداء الوطن اليوم لإيقاع الفرقة بين المسلمين والمسيحيين، مضيفًا أن جميع محاولات الوقيعة بين مسلمى مصر ومسيحييها باءت كلها بالفشل والخيبة.
وتابع: «لكى نتفادى ذلك لا بد من إعمال الحكمة، وهذا ما فعله طرفا الوطن فى التغلب على الفتن، والأمة المصرية تتعامل مع مثل هذه القضايا بمنتهى الحكمة، وكذلك القيادة المصرية أيضًا تحتوى أطياف المجتمع وتقف على مسافة واحدة من الجميع دون تفرقة ما يسهم فى وأد الفتن الطائفية، وكل من يريد أن يوقع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين سيرجع خائبًا ولن تنجح مؤامراته»، مشددًا على التأسى بفعل الصحابة حينما تغلبوا على هذا الأمر، وطالب بإيجاد صيغ متعددة للتعايش بين أبناء الوطن الواحد.
وأوضح المفتى أن المسلمين بعد فتحهم البلدان لم يتعاملوا مع أى نوع من التراث بمبدأ الهدم مثلما تفعل داعش والمتطرفون، وتابع: «اكتشفنا فتاوى تحرض على هدم آثار القاهرة والجيزة فى مخالفة صريحة للفهم الإسلامى فى التعامل مع التراث».