أعلن الرئيس الفلسطينى محمود عباس أن القيادة الفلسطينية ستتخذ قرارا لم يخطر على بال أحد إذا فشلت الخيارات المطروحة بشأن عملية السلام وهى: المفاوضات، أو الذهاب لمجلس الامن للاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو الذهاب للجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد قمة الاتحاد من أجل السلام، أو الذهاب لمجلس الأمن لفرض الوصاية على الأراضى الفلسطينية.
وقال عباس خلال لقائه مساء الأحد مع رؤساء تحرير الصحف المصرية ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط ومدير مكتب وكالة الأنباء الفلسطيية بالقاهرة: «إننا لن نعلن عن هذا الخيار إلا بعد شهر سبتمبر القادم بعد ان يتم الانتهاء من ثلاثة استحقاقات».
وأوضح أن الاستحقاق الأول هو إعلان الرئيس الامريكى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر الماضى أنه يأمل أن يرى دولة فلسطين عضوا كاملا فى الأمم المتحدة فى سبتمبر القادم
أما الاستحقاق الثانى فهو أن الرباعية الدولية اتفقت على أن تبدأ المفاوضات فى سبتمبر الماضي وتنتهى فى سبتمبر القادم.
وأما الاستحقاق الثالث، بحسب عباس فهو «فلسطينيا فنحن تعهدنا إننا خلال مدة عامين تنتهى فى سبتمبر أن ننشيء كل مقومات الدولة الفلسطينية ونحن فى سبتمبر نكون قد انتهينا من إقامة كافة مقومات هذه الدولة ومؤسساتها».
وتابع عباس: «إذا لم يتم تنفيذ هذه الخيارات فإننا سنتخذ فى سبتمبر قرارا لم يخطر على بال أحد». ورفض أن يعلن عن فحوى هذا القرار.
ونفى عباس الأنباء التى ترددت بأن مصر تفكر فى توجيه الدعوة للفصائل الفلسطينية خلال الشهرين القادميين للحوار فى القاهرة حول مستقبل القضية الفلسطينية، وقال: «لا أعتقد أن هذه الانباء صحيحة. وإذا فكرت مصر لدعوة الفصائل فسيكون من أجل المصالحة الفلسطينية. فمصر عندما تتحدث عن مستقبل القضية الفلسطينية والسلام فى الأراضى الفلسطينية تتحدث معنا فقط. وكثير من الدول العربية تتخذ موقف مصر؛ لا يتحدثون عن مستقبل القضية الفلسطينية وعملية السلام إلا معنا».
شروط العودة للمفاوضات
وحول إمكانية العودة إلى المفاوضات، قال الرئيس الفلسطيني «إننا على استعداد للعودة مرة أخرى للمفاوضات، إذا أعادت الادارة الأمريكية الحالية برئاسة باراك أوباما التأكيد على موقف الإدارة السابقة برئاسة الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن التى أعلنتها وزيرة خارجيته كونداليزا رايس».
وأوضح أن رايس أكدت للوفدين الفلسطينى والإسرائيلى فى ذلك الوقت أن موقف الإرادة الأمريكية من الأراضى المحتلة هو أنها تشمل قطاع غزة والضفة الغربية التى تتضمن القدس الشرقية والبحر الميت ونهر الأردن والمنطقة الميتة ويجب بدء المفاوضات على هذا الأساس من أجل التوصل إلى اتفاق.
وقال: «إننا على استعداد عندما نتوصل إلى اتفاق بشأن قيام الدولة الفلسطينية القبول بقوة أمنية دولية شريطة ألا يكون فى دولتنا إسرائيلي واحد مدني أو عسكري وهذا الموقف طلبنا من الإردة الأمريكية الحالية التأكيد عليه مرة أخرى ولا زلنا نتحدث معهم حتى الآن وقريبا سيقوم الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة شئون المفاوضات بالتوجة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وقبل عشرة أيام كان هناك من أجل هذا الغرض».
وقال عباس: «إذا أعادت الإدارة الأمريكية الحالية التأكيد على موقف الإرادة السابقة بشأن الأراضى المحتلة والأمن ربما نفكر فيها جديا، فنحن لا يمكن أن نذهب إلى مفاوضات ليست لها أرضية قانونية فنحن الآن ننتظر اجتماع الرباعية الدولية ونطلب منهم أن يعيدوا المواقف التى اتخذتها دول الاتحاد الأوروبى بشئ من التطوير ويمكن أن تكون أساسا وأرضية للمفاوضات».
المصالحة الفلسطينية
وحول المصالحة الفلسطينية، شدد عباس على أن القيادة الفلسطينية وحركة فتح جادتان في تحقيق المصالحة، وأن حركة حماس تتحمل مسئولية استمرار
الانقسام، مذكرا بأن حركة فتح وقعت على وثيقة المصالحة التي أعدتها مصر في الخامس عشر من أكتوبر من العام قبل الماضي وأن من تهرب من ذلك هو حركة حماس.
وذكر بأن العرب بعد حدوث الانقلاب اجتمعوا وكلفوا مصر برعاية الحوار، موضحا دعمه لأي جهد عربي أو دولي يبذل لإنهاء حالة الانقسام يتم من خلال مصر، مشترطا أن يتم التوقيع على اتفاق المصالحة في مصر.
ونفى وجود تدخل سوري سلبي في هذا الموضوع. وقال: «دليل على عدم وجود تدخل سوري سلبي هو عقد جلستي حوار بين حركتي فتح وحماس في دمشق، وكان من المقرر أن تعقد جلسة ثالثة في الثامن والعشرين من الشهر الماضي، ولكن حماس اختلقت الذرائع وأعلنت إلغاء هذه الجلسة من الحوار بزعم أن لهم معتقلين لدينا» .
وردا على سؤال حول المعيقات الفعلية التي تواجه الحوار وتوقيع حماس على الورقة المصرية، قال الرئيس عباس: «ستوقع حماس على هذه الورقة عندما يسمح لها، فإيران ما زالت تمنعهم من القيام بذلك».
لا دولة بدون غزة
وشدد الرئيس الفلسطيني على أنه لا دولة بدون قطاع غزة، وأنه لا يقبل بأن تجرى الانتخابات دون قطاع غزة، لافتا إلى أنه في حالة توقيع حماس على ورقة المصالحة سيتم تشكيل حكومة لتقوم بأمرين هما: إعمار غزة، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية «ومن يفوز مبروك عليه وسيستلم البلد، ونحن مؤمنون بالديمقراطية» .
تفجير كنيسة القديسين
وردا على سؤال حول تعقيب القيادة الفلسطينية على الاتهامات التي وجهت لتنظيم جيش الإسلام بالمسؤولية عن تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية، قال عباس: «لا أدري بالضبط هل ألقي القبض على أحد أم أنها معلومات، ومهما كان الفاعل، فما جرى عمل مشين نرفضه وندينه بأشد العبارات» .
وأضاف: «هذا شيء معيب لنا جميعا، ولا يجوز أن يحصل هذا ضد الأخوة المسيحيين، ويجب أن يلقى المسؤول عن هذا العمل عقابا كبيرا، ولا يجوز التهاون معه».
تسريبات «الجزيرة»
واستغرب الرئيس الفلسسطينى في مستهل اللقاء مما ترده قناة «الجزيرة» القطرية عن وجود وثائق سرية لديها تخص الوضع الفلسطيني وعملية السلام، وقال: «كل ما قمنا به من نشاطات مع الجانب الإسرائيلي، والأمريكي يبلغ بها العرب بالتفاصيل من خلال لجنة المتابعة، أو الاتصالات الثنائية أو من خلال أمين عام الجامعة العربية الذي لديه علم بكل شيء ويبلغ الأشقاء بتطورات الأوضاع باستمرار».
وأضاف: «لا أعلم من أين جاءت الجزيرة بأشياء سرية، ولا يوجد شيء مخفي على الأشقاء العرب، وعندما يحصل شيء نتصل بعدد من الدول، وبالسيد عمرو موسى ونطلعهم على ما يجري» .
لا إملاءات أمريكية
وبخصوص عملية السلام، والجهد الأمريكي وتقييم القيادة الفلسطينية للمساعي الأمريكية، وبخاصة بعد فشل واشنطن بفرض وقف الاستيطان على إسرائيل، قال : «لا زلنا نثق بحكومة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ونأمل أن تعمل شيئا كبيرا من أجل السلام، وخاصة أنها هى التي قالت إن إقامة الدولة الفلسطينية فيها مصلحة استراتيجية لأمريكا».
وأشار الرئيس الفلسطينى إلى تصريحات الإدارة الأمريكية الواضحة في بداية تسلم الرئيس أوباما للحكم بشأن الاستيطان، مضيفا: «نحن نريد أن تطبق هذه المقولات» .
وقال إن «أمريكا تساعدنا بمبلغ 460 مليون دولار سنويا، وهذا لا يعني أنهم يملون علينا ما يريدون، فنحن نعمل ما نرى به مصلحة لقضيتنا، وأذكر بأنهم قالوا لا تذهبوا إلى القمة العربية في دمشق وذهبنا، وطالبونا بعدم التوقيع على ورقة المصالحة المصرية وأرسلنا الأخ عزام الأحمد ووقعها».
المبادرة العربية هي الحل الأمثل
وأكد الرئيس الفلسطيني على رفضه للدولة ذات الحدود المؤقتة، مشددا على أنه مطلوب إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس ضمن حدود الرابع من يونيو عام 1967.
وأوضح أن المبادرة العربية للسلام تعتبر الحل الأمثل لحل الصراع العربي - الإسرائيلي، وفي إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين . وقال إن السلطة الوطنية نشرت مبادرة السلام في وسائل الإعلام الإسرائيلية «وفي الشوارع» لتعريف المجتمع الإسرائيلي بها .
وحول إمكانية سحب هذه المبادرة، قال عباس: «العرب يجمعون على هذه المبادرة، وإذا سحبوها يجب أن يكون هناك بديل، وسحبها بدون بديل سيجعلنا في حالة فراغ (لا سلم ولا حرب)».
«لا أستطيع الحرب وحدي»
وشدد على أنه مع الخيارات التي يتخذها العرب، مضيفا: «أنا قلت أكثر من مرة إذا أراد العرب الحرب فنحن معهم، وأنا لا أستطيع الحرب وحدي، وجربنا العمل العسكري خلال الانتفاضة الثانية وخلال العدوان على غزة في نهاية عام 2008، وبداية عام 2009 بعد رفض تجديد التهدئة في غزة (في إشارة إلى حماس)، وجلب لنا هذا الدمار، وما زالت 25% من منازل غزة مدمرة».
وقال إنه ضد العمل العسكري، وأنه يرى أن التحركات الشعبية لمقاومة الاستيطان وضد الجدار تأتي بمردود إيجابي واضح لصالح القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن 50% من المشاركين بهذه المظاهرات هم من الإسرائيليين و25% منهم من الأجانب .
وأضاف: «هذا النشاط مصممون على استمراره، ونحن لا نريد الذهاب إلى الكفاح المسلح لأن إمكاناتنا لا تسمح والجو الدولي لا يسمح، ورغم ذلك يأتي (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو ويقول يجب أن نتخلص من هذا الرجل (أي التخلص مني)، ويحرض الولايات المتحدة الأمريكية لتمنع المعونات عنا».
وأكد عباس أن القيادة الفلسطينية جادة في طرح موضوع الاستيطان بمجلس الأمن، لافتا إلى أن «مشروع القرار حول هذا الموضوع قدم باللون الأزرق» .وقال: «السفراء العرب يتحركون بشكل جاد لتجنيد الدعم لهذا المشروع، ويعمل الجميع بتوافق وتنسيق كامل ولا توجد مواقف متباينة بين الدول العربية على هذا المشروع»، مشيرا إلى أن «المجموعة العربية ستحدد خلال اليومين المقبلين وقت تقديم هذا المشروع للتصويت».
دعم القدس
وردا على سؤال حول عدم الالتزام العربي بما اتفق عليه في قمة سرت بخصوص تخصيص مبلغ نصف مليار دولار لدعم القدس، وتأجيل البت في مشاريع دعم القدس من القمة الاقتصادية إلى القمة العربية العادية في بغداد، قال الرئيس الفلسطيني: «لم يصل البنك الإسلامي إلا 37 مليون دولار، وسمعت أن الكويت تريد أن تدفع 15 مليونا، وبذلك سيصل المبلغ إلى 52 مليون دولار من أصل 500 مليون أقرتها قمة سرت العربية» . وأضاف الرئيس عباس: «في هذا الموضوع (دعم القدس) يوجد تقصير عربي، والمدينة المقدسة بوضع صعب وهي بحاجة لمئات الملايين من الدولارات» .
القمة العربية الاقتصادية
ورفض الرئيس الفلسطينى ما تردد بأن سبب عدم مشاركته في القمة العربية الاقتصادية في شرم الشيخ عدم رضاه من الدعم العربي للقدس، وقال: «أنا لا يمكن أن أغيب عن قمة عربية مهما كانت، وسبب الغياب كان لوجود الرئيس الروسي لدينا في أريحا وهو غادر فلسطين في السابعة مساء، ولو غادرت بعدها واتجهت إلى شرم الشيخ عبر الأردن لما وصلت إلا مساء يوم 19، وبذلك تكون القمة قد انتهت، ولذلك طلبت من رئيس الوزراء الفلسطيني تمثيل فلسطين في القمة على رأس وفد رفيع ضم عددا من المسؤولين في مقدمتهم وزيرا الخارجية والاقتصاد الوطني».
الخلاف مع دحلان
وبشأن ما يثار عن خلاف مع النائب محمد دحلان، قال عباس: «توجد اتهامات ضده، وهي ليست شخصية أو سببها الرأي أو الموقف أو التصريح، والأمر عرض على اللجنة المركزية لحركة فتح بأكملها، وهي التي قررت تشكيل لجنة للتحقيق معه، ولا أنوي الخوض أكثر بهذا الموضوع، ولكن أشدد على أن القضية ليست شخصية، والتحقيق مستمر، ومحمد دحلان يسافر ويذهب ويأتي دون قيود، وقد تكون الاتهامات باطلة ولا يوجد أزمة فتحاوية داخلية».