وصف الدكتور عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادى، الأرقام التى تعلنها الحكومة لدعم الطاقة، بأنها أكذوبة كبيرة قائمة على لعبة محاسبية، وأوضح فى حواره مع «المصرى اليوم» أن مصر تواجه خطراً شديداً فى الفترة المقبلة، بسبب ارتفاع الدين المحلى من 12 مليار جنيه فى بداية عهد الرئيس مبارك، إلى 88 ملياراً حالياً، وقال إن ذلك قد يؤدى إلى حالة شبيهة بما جرى فى الأرجنتين وروسيا، حينما هاجم المواطنون البنوك.. وإلى نص الحوار.
■ معدل التضخم فى مصر الذى أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء يراه الخبراء مؤشر خطر، ويراه وزير التنمية الاقتصادية أقل من الأعوام الماضية.. فكيف تقرأ معدل التضخم؟
- معدل التضخم الذى أشار إليه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء (10.3) أقل من الواقع، لأن الجهاز المركزى يحسب الرقم بناء على حصر متوسط تحرك الأسعار فى 9 مجموعات، منها مجموعة الطعام والشراب ومجموعة المسكن ومجموعة النقل والمواصلات، ومجموعة التعليم إلى آخره، وبالتحليل العلمى الأدق نجد أن الأثر المترتب على ارتفاع أسعار مجموعة الطعام والشراب هو الأعلى، وبالتالى معدل التضخم الحقيقى الذى يمس الطبقات الفقيرة، لأنها أكثر طبقة تتعامل مع هذه المجموعة بأعلى من المعلن بكثير.
■ كيف تقرأ وصول الدين العام إلى ما يقرب من 900 مليار جنيه؟
- فى أول عهد الرئيس مبارك كان حجم الدين الداخلى لا يزيد على 12 مليار جنيه، أما اليوم فإنه يصل إلى 880 مليار جنيه
■ ماذا يعنى ذلك؟
معناه أن هناك لغماً ضخماً جداً جداً، يمكن أن ينفجر فى أى لحظة، ونجد أنفسنا فى حالة شبيهة بحالة الأرجنتين، عندما خرجت الناس بالحلل إلى الشارع، وبدأت تهاجم البنوك، أو مثلما حدث فى روسيا فى أواخر التسعينيات من إفلاس.
■ هل هذا يعنى أن مصر معرضة للإفلاس؟
- طبعا.. لأن مجمل الهيكل الاقتصادى العام دخل فى مرحلة الخطر الشديد.
■ لماذا؟
- لأن الموارد الأربعة الرئيسية الكبرى لمصر ضعفت، فمثلا البترول سعره غير مستقر، كما أننا نتصرف فى البترول بشكل غير مسؤول، فى التسويق وتسعير الغاز، حيث يقدم المسؤولون على عمل خصومات كبيرة لبعض الشركات الأجنبية، على الجانب الآخر توجد عمليات تهريب للأموال متزايدة ومتسارعة من خلال النظام المصرفى نفسه، حيث يوجد ما يسمى حسابات المصريين فى الداخل، وحسابات المصريين فى الخارج التى يتم من خلالها تلاعب بالأموال وتهريب للعملات الأجنبية، إضافة الى حالة عدم الاستقرار السياسى فى الداخل.
■ إلى ماذا تؤدى تلك الأمور؟
كل هذه أمور تجعل المجتمع المصرى معرضاً إلى هزة عنيفة وانهيار مالى ضخم، بمعنى أن تندفع الناس إلى البنك للحصول على إيداعاتها فلا تجدها، وذلك قد يحدث لأن جزءاً كبيراً من تمويل الدين المحلى يتم من خلال اقتراض الحكومة أموالاً من البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين.
■ هذا بخلاف أموال التأمينات التى تم الاستيلاء عليها وتعد ديناً على الحكومة للمواطنين؟
- استيلاء الحكومة على أموال التأمينات غير دستورى، فهم علقوها كسندات دين، داخل وزارة المالية، حتى يظهروا الدين المحلى إلى الناتج المحلى الإجمالى فى حدود الأمان، وفى بعض السنوات لا يضعون لها فائدة، وفى سنوات أخرى يضعون فائدة ضعيفة أقل من السعر السائد فى السوق.
■ هناك زيادة 7 مليارات جنيه متوقعة فى الدعم هذا العام -على حد قول الحكومة- فهل سيزيد ذلك الديون؟
- الدعم أكبر أكذوبة فى تاريخ الاقتصاد المصرى، ومناطق التلاعب فى الموازنة العامة فى الدولة لا حدود لها، فمثلا نجد الحكومة تقول إنها تدعم المشتقات البترولية بحوالى 70 مليار جنيه، فى تلاعب منقطع النظير لأنها تقول مثلا إن سعر لتر السولار فى السوق الخارجية دولار واحد تطرحه هى فى السوق المصرية بـ1/8 دولار والفرق بين السعرين هو رقم الدعم
■ كيف؟
هذه لعبة محاسبية مكشوفة لأننا لا نستورد مشتقات البترول من الخارج ليتم حسابه بسعر الخارج، فحوالى 95% من مشتقات البترول تنتج داخليا والدعم فقط يتم على بعض المشتقات التى نستوردها من الخارج ونسبتها ضئيلة، من ناحية أخرى نجد أن حوالى 70% من الدعم الافتراضى لمشتقات الطاقة تذهب لكبار المستثمرين بما يعادل نحو 40 مصنعاً الذين يستحوذون على الدعم فى المقابل يبيعون منتجاتهم بالسعر العالمى فى الداخل رغم دعم الدولة لهم..
■ وماذا عن دعم السلع الغذائية؟
- هذا هو الدعم الوحيد الذى يمكن اعتباره حقيقياً وقيمته 13 مليار جنيه.. لكن الحكومة مجبرة عليه.