يعيش صغار المدخرين السكندريون حالة من الخوف والهلع، بعد الأحداث التونسية، التى وقعت عقب إقدام أحد المواطنين على حرق نفسه أمام مجلس الشعب وانتحار آخر بالمحافظة، حيث أثرت هذه الأحداث المتعاقبة على أداء التعاملات بالبورصة المصرية، وهو ما دعا عدداً كبيراً من حاملى الأسهم التابعين للشركات المقيدة بالبورصة المصرية بالإسكندرية، إلى الاتجاه لبيع أسهمهم بخسارة بلغت حوالى 30%، وفقا لعدد من الخبراء والمحللين الماليين والاقتصاديين.
قال المحاسب عبدالعزيز سعد، أمين صندوق رابطة البورصة المصرية، إن الخاسر الوحيد فى الفترة الحالية، هم حاملو أسهم الشركات المقيدة فى البورصة، مشيراً إلى أن المحافظة بها ما يتراوح بين 20 و25 شركة مقيدة، ويبلغ عدد حاملى أسهم هذه الشركات ما لا يقل عن 200 ألف فرد، موضحاً أن عدداً كبيراً منهم باعوا الأسهم الموجودة لديهم، تخوفا من حدوث انخفاض آخر لأسعار الأسهم التى يحملونها.
وأضاف أمين صندوق رابطة مستثمرى البورصة أن حوالى 90% من حاملى أسهم الشركات المقيدة بالبورصة باعوا الأسهم بخسارة تقدر بحوالى 30%، مقارنة بأسعار الشراء، تخوفا من حدوث مزيد من انخفاض أسعار الأسهم، متهما الميكارات «المضاربين» بالتسبب فى حدوث أزمة البيع الحالية، من خلال إيهام صغار التجار بأن الحل الوحيد للسيطرة على انخفاض أسعار الأسهم هو بيعها، حيث يقوم المضاربون الذين يملكون عدداً كبيراً من الأسهم ببيع جزء من أسهمهم حتى يشعر المستثمر الصغير، الذى يملك عدداً أقل من الأسهم، أن البيع هو المنقذ لهم للحد من الخسارة المتوقعة فى حال استمرار الهبوط، وذلك أسوة بما يقوم به كبار المضاربين، مشيرا إلى أن هؤلاء يشترون الأسهم بالأسعار المنخفضة، لوجود ملاءة مالية تساعدهم على ذلك، مستغلين الحالة النفسية التى أصابت صغار المستثمرين خلال الفترة الحالية ليتحولوا بعد ذلك إلى ضحية.
وأوضح سعد أن عدداً كبيراً من المتعاملين مع البورصة، خاصة الشباب يفتقرون لخبرات التحليل المالى، والفنى، والنفسى، حيث يوفر التحليل المالى الخبرة اللازمة، لتحديد الأسهم التى يتم شراؤها، بينما يفيدهم التحليل الفنى بمعلومات مهمة عن تحديد الوقت المناسب للشراء، أما التحليل النفسى فيعمل على ضبط نفس المستثمرين وكيفية التعامل خلال فترات الصعود والهبوط، مؤكدا أهمية الدورات التى توفر جميع المعلومات اللازمة للمستثمرين والمتعاملين مع البورصة، وذلك للتغلب على انعدام ثقافة البورصة لأغلب المتعاملين مع البورصة، والتى تجعلهم فريسة لكبار المضاربين.
من جانبة أكد الدكتور عبدالواحد سليمان، رئيس جمعية مستثمرى منطقة النهضة الصناعية، التى تضم عدداً كبيراً من الشركات المقيدة بالبورصة أن خروج المستثمرين الأجانب، والهبوط الذى شهدته البورصة خلال اليومين الماضيين، أصاب صغار المستثمرين بالمحافظة، بما يسمى بـ«خوف المجهول»، وهو ما دعاهم إلى البيع بخسارة تخوفا من أى خسائر مستقبلية.
وأوضح رئيس جمعية مستثمرى النهضة أن تدنى فائدة البنوك حولت عدداً كبيراً من صغار المستثمرين والمدخرين إلى التعامل مع البورصة، واعتبروها المخرج الوحيد لتدنى مستوى العائد من البنوك، حيث دخل عدد كبير منهم مجال لا يدركون عنه المعلومات اللازمة، التى تجعلهم قادرين على مواجهة الأزمات التى تمر بها البورصة خاصة الأوقات التى يهبط بها سعر الأسهم بسبب أحداث سياسية، مشيراً إلى أن تعميق الخسائر كان سببه الأول هو هروب المستثمرين الأجانب وخروجهم من السوق، تحسبا من حدوث انخفاض أكبر، مما أضر بالمستثمر الصغير، مطالبا بضرورة تدخل مسؤولى البورصة وسوق المال وتهدئة المستثمرين، خاصة الصغار للحد من اتجاههم للبيع بخسائر كبيرة، لافتا إلى أن الخاسر الوحيد خلال الفترة الحالية هم حاملو الأسهم فقط، حيث لا يعبر سعر السهم عن القدرة الشرائية للشركة.
وتوقع تعافى البورصة خلال الفترة المقبلة، وصعود أسعار الأسهم لتعود إلى نفس المستوى قبل الهبوط، مشيراً إلى أن المشاهد الأكثر غرابة التى تؤكد أن وقت التعافى قريب- هو أن الأسعار المتداولة فى بورصة النيل مستقرة، ولم تشهد أى تذبذب فى الأسعار، داعيا المستثمرين إلى عدم الاندفاع إلى بيع الأسهم والاحتفاظ بها.
وأكد المحاسب محمود فرج، رئيس جمعية مستثمرى البورصة، ضرورة عقد مؤتمر يحضره كبار المحللين الماليين ومسؤولى البورصة وسوق المال، لتوضيح موقف السوق المحلية وسلامته، ليتأكد المتعاملون مع البورصة أنه لا توجد مبررات للمخاوف، التى دبت فى قلوب المستثمرين ودعتهم إلى البيع، مشيرا إلى أن «الشائعات الكاذبة» لكبار المضاربين كان لها دور كبير فى حدوث الانخفاضات والأزمة الحالية للبورصة، مشيراًً إلى أن غموض الموقف السياسى، من أهم الأسباب التى ساهمت فى خروج نسبة كبيرة من الأجانب، متوقعا تفاقم الأزمة إذا لم يتدخل المسؤولون والعمل على حلها، من خلال تهدئة الرأى العام وتفنيد الشائعات، التى أثرت على سوق المال.