وضع الدكتور محمد البرادعى، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، المرشح المحتمل فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، 5 نقاط أساسية، قال إنها لإخراج مصر مما سماه «النفق المظلم» الذى دخلت فيه، معرباً عن قلقه البالغ للتردى المستمر فى أوضاع البلاد، والتقليص المتزايد لمؤسساتها، معتبراً أن جزءاً كبيراً من هذا التردى يعود إلى سوء إدارة المرحلة الانتقالية، بما فى ذلك غياب الرؤية، والشفافية، والتردد فى ممارسة الصلاحيات، واتخاذ القرارات، وعدم التواصل والمصارحة مع الشعب.
وطالب «البرادعى»، فى بيان أصدره الاحد، المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن يعيد تقييم إدارته للبلاد فى الفترة الماضية، بما يضمن العمل على التحقيق الفورى للمطالب الأساسية والبديهية للثورة، وقدم خطة عمل من 5 محاور، أولها وضع خطة طريق منطقية وواضحة للانتقال إلى نظام ديمقراطى مدنى، يقوم على إجراء انتخابات حرة ونزيهة وممثلة لجميع طوائف الشعب وفئاته، ويتطلب ذلك إعادة النظر فى الإعلان الدستورى إضافة وتعديلاً، للبدء من حيث بدأت جميع الدول التى مرت بظروف مماثلة بداية بانتخابات مجلس الشعب، ومروراً بلجنة تأسيسية تمثل جميع قوى الشعب رجالاً ونساء، وجميع طوائفه الدينية، والعرقية، والفكرية لوضع دستور جديد، أو على الأقل الاتفاق على الملامح الرئيسية للدستور، ومعايير انتخاب اللجنة التأسيسية فى إعلان دستورى يستفتى عليه الشعب.
وقال «البرادعى»: «الإنتهاء من تلك المرحلة الانتقالية لن يستغرق أكثر من العام، إذا ما بدأنا من اليوم، وهى المدة التى ستستغرقها أى مرحلة انتقالية مهما يكن تسلسلها، وبعد أن أضعنا 7 شهور فى انقسام وتشرذم فإن أكثر ما نحتاجه خلال تلك المرحلة الانتقالية هو حكومة إنقاذ وطنى لها جميع الصلاحيات لإدارة شؤون البلاد داخلياً وخارجياً، بالتنسيق مع المجلس العسكرى، والذى نحتاجه أكثر ما نحتاجه لحماية الوطن من الأخطار الخارجية التى تهدده».
وتقضى النقطة الثانية التى وضعها «البرادعى» بالهيكلة الفورية للجهاز الأمنى بجميع فروعه، وليس معنى هذا تطهير تلك الأجهزة من العناصر الفاسدة فقط، وإنما الأهم هو التغيير الكامل لثقافة تلك الأجهزة وعقيدتها، بحيث تفهم أن دورها هو أن تكون حامية للشعب ومحترمة حقوقه وحرياته فى إطار القانون، وليس كما كانت أداة لقمعه والسيطرة عليه، وأضاف: «يجب أن نفهم أنه دون عودة الأمن إلى ربوع البلاد فلن تقوم لمصر قائمة، بما فى ذلك تداعيات اقتصادية واجتماعية». وطالب فى النقطة الثالثة بتطهير الإعلام الحكومى من كل العناصر التى وصفها بالمأجورة، وساهمت بشكل فج فيما سماه تغييب العقول عن طريق الكذب والعمل فى الوقت نفسه على وضع نظام يضمن استقلالية الإعلام بشقيه العام والخاص.
وشدد «البرادعى» فى النقطة الرابعة على ضرورة تطهير السلطة القضائية، وإصدار قانون جديد لها بشكل سريع، يضمن استقلالها الكامل عن السلطة التنفيذية، كما هو معمول به فى جميع الدول الديمقراطية. فيما تمثلت النقطة الخامسة فى ضرورة البدء فوراً فى وضع خطة اقتصادية قصيرة الأجل لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية الطاحنة، عن طريق تهيئة الظروف والقوانين والإجراءات الجاذبة للمستثمرين، وكذلك بذل الجهد لإحياء حركة السياحة مرة أخرى دون تعقيدات أمنية أو أى إجراءات من شأنها أن تكون قوة طاردة للسياحة.
وأضاف «البرادعى»: «إن أولوياتنا اليوم أن نضع نصب أعيننا أحد أهداف الثورة الأساسية، وهو العدالة الاجتماعية وألاننساها فى خضم الجدل السياسى الحالى، فمن حق نصف الشعب على الأقل الذى يعيش تحت مستوى الحياة الإنسانية، العمل، والتعليم، والرعاية الصحية، وكل مقومات الحياة الكريمة، وهذا الشعب يجب ألا ينتظر انتهاء الفترة الانتقالية»، مشيراً إلى أن الحرية ليس معناها الفوضى، ومسؤولية السلطة هى معاقبة كل خارج عن القانون بحزم، وهو ما لم يحدث حتى الآن مع ظاهرة البلطجة، ومع مراعاة الحق الطبيعى لكل مصرى فى أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعى.
وتابع «البرادعى»: «إن مصارحة الشعب بالحقيقة كاملة غير منقوصة جزء أساسى فى بناء الثقة بينه وبين السلطة، وإذا كان هناك الكثير من الأسباب لإدانة سياسات إسرائيل فى مواجهة الشعب الفلسطينى، والتى ولَّدت ومازالت تولد الكثير من الغضب فى نفوس الشعوب العربية، فإن معرفة تفاصيل ما حدث فى سيناء، ومقتل 6 من أبنائنا المجندين على الحدود، وبالتالى الإجراءات والتدابير التى يجب اتخاذها فى مواجهته، كان ولايزال أمراً ضرورياً، وفى إطار هذا التعتيم وما خلَّفه من انطباعات لدى الشعب المصرى، فقد كان علينا أن نتوقع للأسف تلك العمليات غير المسؤولة التى تمت أمام السفارة الإسرائيلية، والتى - وإن كانت تعبر عن مشاعر غضب - فإنها وضعت مصرموضعاً مخالفاً لالتزامتها الدولية وهو الأمر الذى كان يجب على الحكومة أن تنبه الشعب إليه».