أجمعت غالبية الصحف المصرية الصادرة يوم الأحد على وصف أحداث فجر السبت أمام السفارة الإسرائيلية ومديرية أمن الجيزة بـ«الفوضى» وجاءت تصريحات كل الأطراف للصحف مستندة إلى نظرية المؤامرة عبر حديثهم عن «أياد خفية» سواء كانت لـ«مصادر أمنية»، بحسب الجرائد أو ناشطين سياسيين أو محللين وخبراء، حيث غسل الجميع يده من تلك الأحداث، ولم يكن تبنى هذا الرأى أو الموقف من قبل معظم الصحف والسير فى الاتجاه نفسه هو الأمر اللافت ولكن اللافت أيضا هو أنها لجأت إلى المصادر نفسها للوصول إلى النتيجة نفسها. وهى وإن كانت نتيجة منطقية إلا أن الصحف لم تبذل مجهودا لكى تؤكدها للقارئ عبر معلومات مؤكدة أو مستندة إلى مصادر موثوق فيها.
جاء المانشيت الرئيسى لجريدة الأهرام «الدولة تواجه الفوضى»، وفيه استندت «الأهرام» إلى جميع البيانات الرسمية التى صدرت عن الجهات الرسمية ذات الصلة بالأحداث سواء وزير الإعلام أسامة هيكل أو مصدراً أمنياً لم تحدده، إضافة إلى نشطاء سياسيين آخرين مثل سامح عاشور أو جورج إسحق، وتنوعت المادة الصحفية بها ما بين الخبر والتقرير الخبرى متضمنا تصريحات لمصادر أمنية وسياسية، ورأت المصادر الأمنية أن ما حدث مخطط لتوريط القوات المسلحة، فيما أكدت قوى سياسية لجريدة أن «أيادى خفية تحاول إجهاض الثورة»، وتحت عناوين التحقيقات الصحفية نشرت «الأهرام» تحقيقين أحدهما بعنوان «جمعة تصحيح المسار.. انحرفت عن المسار» و«براءة شباب الثورة المسالمين من العنف والتعدى على رجال الشرطة.. تدخلات خارجية وداخلية للالتفاف حول الثورة والقضاء عليها»، وفى الوقت الذى جاء فيه «رأى الأهرام» بعنوان «الثورة والفوضى» خلت مقالات وأعمدة الجريدة من تناول الأحداث.
أما جريدة «الجمهورية» فقد جاء المانشيت الخاص بها «الأحداث الجارية تهدد بتأجيل جلسة محاكمة مبارك اليوم»، وهو ما حدث بالفعل. ونشرت الجريدة تقريراً بعنوان «الجمهورية ترصد لحظات رعب الإسرائيليين فى المطار.. العشرات وصلوا دون حقائب إلى صالة السفر للعودة إلى تل أبيب».
وجاء المانشيت الرئيسى لجريدة «الأخبار» «العين الحمراء.. تطبيق قانون الطوارئ وإحالة المتورطين فى أحداث الجمعة لمحكمة أمن الدولة»، وفى التغطيات الإخبارية والتقارير رفض جميع الأطراف ما حدث، مؤكدين أن الحادث نتيجة «مؤامرة على الوطن»، وتناول بعض كتاب الجريدة أحداث فجر السبت على رأسهم ياسر رزق، رئيس التحرير، فى مقال بعنوان «الثوار والفوضويون»، وهو عنوان يقترب من افتتاحية «الأهرام» بما يعيدنا مرة أخرى إلى الصحافة القومية فى عصر صفوت الشريف عندما كانت تتشابه مادتها خاصة تلك التحليلية، وكان بالأخبار موضوع لافت خاص بالحوار الذى أجرى مع أحد الذين اقتحموا السفارة، وتصريحاته تختلف عن النتيجة التى أجمعت عليها الصحف، وهو ما كان يتطلب من محرر الموضوع أن يطرح على الشاب أسئلة أخرى قد تفيد فى تأكيد نظرية المؤامرة، التى استندت لها القوى السياسية حول الأحداث.
ولم يختلف الأمر كثيرا فى جريدة «الوفد»، التى جاء المانشيت الرئيسى بها «الفوضى تهدد الثورة» فيما حملت صفحتهاً الأولى عناوين أخرى مثل «معركة اقتحام السفارة تعبير صادق عن رفض المصريين للغطرسة الإسرائيلية والأمريكية» و«1049 مصابا فى الأحداث.. والخبراء: مؤامرة كبرى علينا تقودها إسرائيل» و«محاولات الاعتداء على الداخلية ومديرية أمن الجيزة وبعض أقسام شرطة الإسكندرية انحراف بالثورة عن مسارها».
«اليوم السابع» كان المانشيت الرئيسى بها «الحكومة ترفع عصا الطوارئ لمواجهة الفوضى»، ونشرت تقريرا بعنوان «ليلة الدم والنار أمام مديرية أمن الجيزة.. الأمن المركزى ترك المتظاهرين يقتحمون السفارة ثم فوجئ بالمولوتوف على المديرية وإشعال النار فى السيارات».
واستبقت جريدة «روز اليوسف» التحقيقات وجاء المانشيت الرئيسى لها «موقعة الجمل الثانية». رموز النظام السابق المحبوسون مولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية وحرق مديرية أمن الجيزة»، وجاء فى ذك التحقيق الصحفى «300 بلطجى أدلوا باعترافات تفصيلية عن تورط فلول الوطنى» و«البلطجية يعترفون: طلبوا منا إحداث فوضى لتشويه ثورة 25 يناير»، وهذه المعلومات المهمة لم تنشر فى أى صحيفة أخرى بما يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول معايير «روز اليوسف» فى تدقيق أخبارها.