x

الطبقة الوسطى.. أحلام غربية فى مواجهة الأصولية الإسلامية

الخميس 25-02-2010 15:22 | كتب: سها السمان |
تصوير : أ.ف.ب

50  عاما تقريبا مرت على طرح «سيد قطب» منظر الإخوان المسلمين، أفكاره حول تهديد النظام العلمانى الأمريكى للإسلام. وعلى الرغم من إعدامه عام 1966 فإن أفكاره ظلت أساسا ترتكز عليه الجماعات الأصولية الإسلامية على اختلاف أطيافها، وتحدد على أساسها علاقتها بالغرب والولايات المتحدة تحديدا، ومازالت هذه الأفكار أيضا تجتذب اهتمام الكتاب والباحثين، وهو ما بدا واضحا فى كتاب Forces of Fortune «قوى الثروة» الذى يحمل عنوانا فرعيا The Rise of the New Muslim middle class and what it will mean for our world «صعود الطبقة المسلمة الوسطى وما يعنيه لعالمنا» للباحث الإيرانى «ولى نصر» أستاذ العلاقات الدولية بجامعة فليتشر ومستشار الرئيس باراك أوباما للعلاقات الإيرانية الأمريكية، وهو الكتاب الذى يحاول رصد صعود طبقة وسطى فى دول الشرق الأوسط تحتفظ بتراثها الدينى وفى الوقت نفسه تؤمن بجدوى الأسلوب الرأسمالى الغربى.

فى كتابه يؤكد نصر أن «سيد قطب» نصف مخطئ لأن غالبية أفكاره عن الغرب واقتصاديات السوق الحرة باعتبارها الخطر الأعظم على الإسلام ليست صحيحة وإن كان لديه بعض الحق فى أطروحاته، أما الخطأ الفادح فهو الرؤية الشمولية للإسلام التى يحاول معتنقو أفكاره فرضها الآن استنادا الى ما طرحه قطب عن الغرب، فخلال 32 شهرا تفصل بين عودة الخمينى الى إيران عام 1979 واغتيال الرئيس المصرى أنور السادات على يد جماعة الجهاد عام 1981 حدث العديد من التغييرات فى منطقة الشرق الأوسط أبرزها صعود التيار الإسلامى المعادى للولايات المتحدة خاصة فى شمال أفريقيا، وظهرت آثارها فى اندلاع ثورات عنيفة أو هجمات إرهابية سواء على الدول الغربية أو على الغربيين المقيمين داخل الدول الإسلامية، وبالطبع فى مواجهة هذه الاضطرابات أصبح التزام الولايات المتحدة تجاه احتواء وهزيمة التيار الإسلامى فى منطقة الشرق الأوسط أكثر جدية فيما يسمى بالحرب على الإرهاب.

ويرى المؤلف أن هذا القرار الأمريكى كان تبسيطا فادحا للأمور، وتجاهلا للأوضاع الداخلية فى هذه الدول، بل إن الطريقة الأمريكية فى المواجهة أغفلت إمكانية وجود أى فرصة لتحسين العلاقات بدلا من الحرب، الأمر الذى أقحم الولايات المتحدة داخل دائرة من الغضب والعداء، ويركز المؤلف على فكرة أن قادة الولايات المتحدة يتجاهلون غالبا حقيقة أن الشرق الاوسط ليس منطقة لصدام الحضارات فقط أو مجرد معقل للأفكار المتطرفة، ويتجاهلون العديد من النماذج من دول المنطقة تستحق الانتباه خاصة أن قضاياها الأساسية ترتبط بالأعمال التجارية والانفتاح على العالم، ويطرح الكاتب ولى نصر نموذجين أساسيين فى هذا السياق وهما تركيا وإمارة دبى، ففى الأولى بدأ صعود الطبقة الوسطى بقيادة مجموعة من رجال الأعمال والخبراء المؤيدين لحزب العدالة والتنمية أصحاب الأفكار المتزنة بشأن وضع تركيا كدولة إسلامية تحافظ على التقاليد الدينية وفى الوقت نفسه تضع نموذج الاقتصاد الأوروبى الحر أمامهما فى الطروحات الاقتصادية للنهوض بالوضع الاقتصادى التركى.

أما النموذج الثانى فهو إمارة دبى التى استطاعت خلال السنوات الاخيرة إنشاء بنية تحتية قوية ووضع تنظيم إدارى حقيقى لمؤسساتها، كما أن الجيل الجديد من أبنائها يهتم بأفكار الحرية واحترام الآخر ومحاولة إحياء الديمقراطية، ويمكن ان نلمح انتشار الإعجاب بإمارة دبى فى المنطقة بوجود الرغبة الدائمة لدى سكان دول الشرق الأوسط فى الهجرة اليها باعتبارها مدينة نابضة بالحياة تحمل مفتاح الفوز بمستقبل أفضل للمنطقة.

ولى نصر أشار فى كتابه «قوة الثروة» الى وجود مثل هذه الطبقة الوسطى التى بإمكانها صنع التغيير، ولكن بأعداد قليلة غير مؤثرة فى دول مثل إيران وباكستان، ولكنها فى كل الأحوال تحاول المزج بين الرأسمالية والحفاظ على تقاليد الإسلام، ويتنبأ المؤلف أنه رغم العراقيل التى تواجه هذه المجموعات حاليا فإنها قد تؤدى فى النهاية الى تغيير جذرى فى التفكير الغربى تجاه الصراع مع الإسلام.
 

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية