رغم إعلان الحكومة فى عام 2009 عن البدء فى تنفيذ برنامج لتنمية القرى الفقيرة بسوهاج ليسهم فى رفع مستوى معيشة السكان والحد من نسبة الفقر، واعتماد 2 مليار و98 مليون جنيها لتلك البرامج، إلا أنها فى نظر أهالى القرى المستهدفة لم تحقق الهدف المرجو منها فى تحسين مستوى معيشتهم أو خفض نسب الفقر.
وتقول منى مقار مسؤول مشروع الاستهداف الجغرافى للقرى الأكثر احتياجا بمحافظة سوهاج إن مشروع تنمية القرى الفقيرة بالمحافظة بدأ تنفيذه عام 2009 على مرحلتين بجميع المراكز واستهدفت المرحلة الأولى منه 26 قرية بمراكز المراغة وطما وطهطا.
وتضيف: «تم الانتهاء من تنفيذ المشروعات بقرى هذه المرحلة فى جميع القطاعات بنسبة 100% باستثناء قطاع الصرف الصحى الذى يتضمن إدخال خدمات الصرف لجميع قرى المرحلة حيث تم إدخال الصرف فى 3 قرى بالكامل وجار العمل فى 23 قرية متبقية بنسبة تنفيذ بلغت 37 %، وباقى المشروعات بقرى هذه المرحلة تضمنت إقامة 300 وحدة سكنية وإنشاء 13 مدرسة جديدة وإحلال وتوسعة وتعلية 11 مدرسة أخرى وإحلال وتجديد وإنشاء 24 وحدة صحية، وإنشاء مركزين اجتماعيين ومكتبين للبريد ورصف طرق بطول 18 كيلو و500 متر وإنشاء مدفن صحى للمخلفات الصلبة بالمنطقة الصناعية بغرب طهطا وتوريد معدات للنظافة و886 صندوقا لجمع القمامة وزراعة 8250 شجرة وتوريد 4 عربات مطافئ وتنفيذ 121 مشروعا صغيرا و7 آلاف و881 مشروعا متناهى الصغر بتكلفة 37 مليون جنيه إلى جانب محو أمية 3300 أمى فى الشريحة العمرية من 15 إلى 35 سنة».
وأوضحت مقار أن المرحلة الثانية من البرنامج يتم تنفيذها فى باقى مراكز المحافظة بحسب 3 أسبقيات حيث تضمنت الأسبقية الأولى من هذه المرحلة 93 قرية وتم تنفيذ المشروعات التنموية فى القرى المستهدفة بنسبة 100 % باستثناء قطاعى الصرف الصحى والتربية والتعليم، وبلغت نسبة التنفيذ فيهما 76% وتضمنت الأسبقية الثانية 51 قرية، وتم الانتهاء من تنفيذ المشروعات فى هذه القرى بالكامل بنسبة 100% أما الأسبقية الثالثة والأخيرة والمقرر الانتهاء منها فى عام 2018 المقبل فتضمنت 99 قرية وتم الانتهاء من المشروعات المقررة فيها فى قطاعى الإسكان والصحة وقروض الصندوق الاجتماعى للتنمية بنسبة 100% بينما تراوحت نسب التنفيذ فى قطاعات الشباب والرياضة والطرق والكهرباء والتربية والتعليم والتضامن الاجتماعى ومحو الأمية ما بين 21% و 67%.
ولم تغير الأموال التى أنفقت فى الواقع كثيرا، ففى عرب بنى واصل، إحدى قرى مركز ساقلتة، يعيش الأهالى حياة الفقر المدقع، نظرًا لندرة الموارد الاقتصادية، إضافة إلى الانهيار التام فى المرافق والخدمات؛ حيث لا كهرباء ولا صرف صحى، ولا حتى شربة ماء تبلل الشفاه الجافة سعيًا وراء لقمة العيش المغمسة بالبؤس. ويعد «الزير» ذا أهمية خاصة فى هذه القرية، فهو بديل «الثلاجة» و«فلتر الغلابة» المضطرين لتجرع مياه الشرب على حالتها، حيث لا بديل مجانى فى قرية يعيش سكانها حياة الضنك بكل مآسيها.
وفى قرية «الحديقة» بمركز طما إحدى القرى المدرجة فى مشروعات المرحلة الأولى للتنمية تضمنت المشروعات، التى نفذتها الحكومة لتطوير القرية التى يزيد عدد سكانها على 10 آلاف نسمة، إنشاء وحدة صحية مطورة من المفترض أنها تعمل بنظام طب الأسرة وتطوير مبنى مركز الشباب ورصف طريق على أطراف القرية بطول 2 كيلو متر وتركيب مواسير للصرف الصحى منذ عدة سنوات وتوزيع صناديق قمامة فى عدد من الشوارع.
الأهالى أكدوا أن هذه المشروعات لم تحقق الفائدة المرجوة منها ولم تغير شيئا فى مستوى معيشة الأهالى الذين يعمل معظمهم بالزراعة والعمالة غير المنتظمة، لافتين إلى أن الوحدة الصحية المطورة نادرا ما يتواجد فيها طبيب أو أدوية تذكر، وأنه رغم توصيل مواسير للصرف بالقرية منذ عدة سنوات إلا أنها ما زالت كما هى بدون أى منفعة لتعطل تنفيذ المشروع وما زال الأهالى يحفرون آبارا ويدقون أيسونات لعملية الصرف ما تسبب فى تلوث مياه الشرب إلى جانب ضعف المياه الممتدة فى القرية من محطة مياه مقامة منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر دون تطوير أو إحلال وتجديد لخطوطها.
ويشدد الأهالى على أن القرية وباقى قرى المركز فى حاجة إلى مشروعات إنتاجية حقيقية بجانب المشروعات الخدمية التى توفر فرص عمل لهم ولأبنائهم، وتحقق لهم دخلاً مادياً يقضى فعلياً على الفقر، ويحد من هجرة الشباب إلى القاهرة أو الخارج للبحث عن عمل.
وفى قرية «السلامونى» إحدى القرى الفقيرة بمركز أخميم أكد الأهالى أن المشروعات التى أقامتها الدولة لتحقيق التنمية تمثلت فى إحلال وتجديد مدرسة التعليم الأساسى وتوسعة مدرسة إعدادى وإحلال وتجديد وحدة الصحية وتنجيل ملعب ثلاثى بمركز شباب القرية لم يكن منها الفائدة المرجوة لرفع مستوى معيشتهم، لافتين إلى أن أكثر من 800 أسرة تحت خط الفقر وأنهم كانوا ينتظرون من الحكومة أن تؤمن حياتهم وتحقق استقرارهم، بحل مشكلتهم فى تمليكهم المنازل التى يقيمون فيها منذ عشرات السنين بمبالغ تتناسب مع دخولهم وظروفهم المعيشية الصعبة، إلا أنه بدلاً من تمليكهم المنازل فوجئوا بمسؤولى المحليات يحررون إنذارات طرد لهم.
ويقول بعض الأهالى: «ورثنا هذه المنازل المقامة على أرض صحراوية ملك للدولة عن آبائنا وأجدادنا وندفع للوحدة المحلية حق انتفاع نظير الإقامة بها وفوجئنا فى السنة التى سبقت قيام الثورة بتشكيل لجنة من المحافظة لتقدير ثمن الأراضى المقامة عليها هذه المنازل وبيعها لنا وتحديد سعر المتر بـ200 جنيه للمنازل التى لا تزيد على 100 متر مربع و300 جنيه للمنازل التى تزيد على هذه المساحة وتقدمنا بشكاوى للمسؤولين وطلبنا تحديد سعر المتر بـ50 جنيها بما يتناسب مع ظروفنا المعيشية الصعبة ولم نصل إلى حل مع المسؤولين وازداد الأمر تعقيداً بتشكيل لجنة أضافت فوائد بنكية على الأسعار المحددة سلفاً، ما يعنى أن هناك صاحب منزل فى القرية مطالب بسداد مبلغ 55 ألف جنيه قيمة المنزل و45 ألف جنيه فوائد بنكية»، مؤكدين أنهم عندما لجأوا إلى قطع الطريق كوسيلة لسماع صوتهم اعتقلت الشرطة 4 أشخاص منهم وحررت لهم محاضر وسجنتهم.