شدد اللواء أحمد ضياء الدين، محافظ المنيا، على أن الخطاب الإعلامى «المؤجج» والخطاب الدينى «الجاهل» من جانب بعض المشايخ والقساوسة، من أهم المشكلات التى تواجه مصر حاليا، والتى أدت إلى خلق حالة من الاحتقان بين المسلمين والأقباط.
وقال «ضياء الدين»، فى حواره لـ«المصرى اليوم» إن من يدعى وجود فتنة طائفية فى مصر، عليه أن يقدم الدليل عليها، وإن ما حدث من مشاحنات بين الطرفين، مجرد جرائم عادية نتيجة تعايش المسلم مع المسيحى، فى مجتمع واحد، مثلما يحدث فى أى مكان بالعالم. ونفى تقصير المؤسسة الأمنية فى القيام بواجبها الكامل للحفاظ على الأمن وتوفير الأمان. وطالب بإحكام الرقابة على النوافذ الإعلامية، التى قال إنها «تجرأت الى حد إهدار وجود مصر وتطاولت عليها»، وقال إن ذلك يمثل «قمة الخيانة العظمى للبلاد».
وتابع: «إن حادث قطار المنيا همجى ارتكبه شخص موتور بهدف بث الرعب، ومن يقرأ الدلائل سيتأكد أنه لم يقصد المسيحيين بالذات وحادث الإسكندرية غير عادى فى التوقيت والإعداد».
وقال «زمان كان المسلم والمسيحى لما يشوفوا الشيخ أو القسيس يقبلوا أيديهم والعولمة رفعت درجات العنف وصنعت إرهابيين جدداً لأنها وفرت أدوات التأهيل والإعداد ووسيلة التنفيذ».
أضاف: «المواطن دائما هو بطل المعلومة الأمنية، لكن فى مصر البعض يؤثر السلامة». وعلق قائلا: «عايز تقولى إن ما فيش حد خالص شاف مرتكب حادث الإسكندرية، أكيد حد شافه لكن قال (يا عم وأنا مالى).. وإلى نص الحوار:
■ فى البداية.. هل أنت قلق بشأن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين فى ظل التوترات الأخيرة؟
- أنا غير قلق إطلاقا على مصر، أنا قلق فقط بسبب استمرار البعض فى محاولة توجيه الدفة إلى ما يريده لتحقيق مآرب خاصة.
■ من تقصد؟
- أقصد بعض رجال الدين من الطرفين، مسلمين ومسيحيين، والقلق سيزيد لو استمرت المسألة من هذا التأجيج الإعلامى، الذى أراه فى بعض الأحيان وكأن بعض الإعلاميين ينامون ويقومون يقولون «يارب تحصل مصيبة فى مصر»، لأن بعضهم أصحاب مصلحة فى زيادة الشحن والتوتر، وهم الشاحن الأول والمثير والمؤجج، وأنا قلت سابقا إننى يمكن أن أتناول حدثاً كى أحدث أثرا يؤدى إلى أقصى اليمين، وهو نفس الخبر الذى يمكن أن أتناوله بما يؤدى إلى أقصى اليسار، والأمر هنا متوقف على صاحب القلم وصاحب المشروع الإعلامى، وأنا هنا لا أقصد مطبوعة بعينها أو وسيلة إعلامية محددة، لكننى أتهم كل من يتناول الأحداث بطريقه غير موضوعية، تؤدى إلى وجهة معينة، لأنه بالقطع مستفيد فى تحقيق سبق وزيادة التوزيع أو استمراره فى دائرة القبول من قبل صاحب المشروع الإعلامى، لكن لو تم تناول هذا الحدث بشكل هادئ وموضوعى فلن يكسب شيئا، من وجهه نظره.
■ هل يشمل اتهامك وسائل الإعلام الخارجية؟
- الجميع فى الداخل والخارج، الكل عندى يستوى، لأن الإعلام الدولى ينقل ما يدور على صفحات الصحف والقنوات الفضائية المحلية، وسأضرب لك مثلا: إنه بعد حادث القطار بنصف ساعة تقريبا كنت وقيادات المحافظة فى موقع الحدث، وكان حجم التسابق من قبل بعض الإعلاميين، حول كل من يدلى بمعلومات شاذة حول الحادث، رهيبا، وبقيت واقفاً مستغرباً وأشك وأقول: معقولة إن إحنا بالطريقة دى نكون بنحب مصر اللى هى صاحبة الفضل على الجميع وعلى الدنيا كلها وفى الوقت اللى مجدى يعقوب وصل صيته الدنيا كلها، نجد البعض كل همه أن يتناول حادثة القطار، ليدلل على أنه حادث طائفى.. طيب النتيجه إيه.. مزيد من الاشتعال والخراب لكن لمصلحة من؟
والتسامح والجيرة الطيبة والعلاقات الحسنة بين المسلمين والمسحيين فى مصر، كانت وستظل طيبة، لكنك ستسألنى إذا كانت العلاقات بين الطرفين بهذا الشكل، إذاً ما الذى استجد لكى تدخل هذه العلاقة فى دوامة الاحتقان.. الذى استجد هو الخطاب الإعلامى المؤجج، الذى يكمله الخطاب الدينى الجاهل من البعض، وأركز على كلمة البعض، حتى لا يصطادنى أحد فى كلمة، فهناك بعض من يدعون الدين يقولون أى كلام حول نفس الشىء، وهناك البعض من القساوسة يقول أى كلام، وهذا السبب هو أساس المشكلة حاليا،
والدليل أنه قبل 20 عاما لم يكن الخطاب الدينى الجاهل أو الخطاب الإعلامى المؤجج موجودا فى مصر، لأنه فى هذه الفترة لم يكن عندى فى الإعلام سوى برنامج (نور على نور) وكان يتسم بقمة الموضوعية والعمق والعلم والتأهيل، وكثير من الإخوة المسيحيين كانوا يستمتعون بحديث الشيخ متولى الشعراوى، انظر ما الذى استجد الآن، وعد كام قناة دينية إسلامية ومسيحية، الأولى تشتم والثانية ترد على الشتيمة والعكس وهلم جرا، ولذلك تجد درجة الشحن والاحتقان عالية، عند من هم بين 20 و30 عاما، لأن هؤلاء هم الذين يستخدمون «اللاب توب»، الذى يضع العالم كله بأحداثه بين أيديهم.
■ نفهم من كلامك أنك تدعو للرقابة على المؤسسات الدينية المسيحية والإسلامية ووسائل الإعلام؟
- لا.. ليس من الإنصاف أن توجد رقابة على صاحب اللسان أو القلم، وإنما يجب أن توجد رقابة على وسيلة نشر القلم واللسان، لأنه من غير المعقول أن نضع عسكرى أمن على كل قلم، لكن لديك نوافذ إعلاميه تمادت وتجرأت على مصر، لماذا تركت تعبث كل هذه الفترات وتقوم بإغلاقها الآن، لماذا لم تغلقها من قبل، مع احترامى الكامل لصاحب القرار فى هذا الشأن، وهى مستمرة فى تجرؤها على مصر، إلى أن وصلت إلى مرحلة إهدار وجود مصر، وتطاولها المستمر على مصر، ولا توجد دولة ترضى على نفسها أن يستبيح أحد مصلحتها العليا، فهذه ترقى إلى درجة الخيانة، وللأسف هناك كثير من البرامج التى تتباهى بالتطاول على مصر ورموز مصر، وسأترك لك الأمثلة لأنك تعلمها يقينا.
■ ما ردك على ما يقال من أطراف خارجية بأن هناك اضطهاداً للمسيحيين فى مصر؟
- لا أتصور إطلاقا أن هناك اضطهاداً للمسيحيين فى مصر، وسأذكر لك مثالا بسيطا: فى مكتبى ثلاثة من الإخوة المسيحيين انتهت خدمتهم بالمحافظة، لبلوغهم السن القانونية، لكنى تمسكت بهم كمعاونين لى ورفضت أن يتركونى، فأين إذاً الاضطهاد، والمسيحى والمسلم يعيشان معا طول العمر فى حب ووئام، وللعلم أصحاب هذه الادعاءات الكاذبة، لهم مآرب أخرى، يريدون أن يصلوا إليها عن طريق إثارة كلمة الاضطهاد، غير الموجودة أصلا فى مصر، وإلا بماذا تفسر الحدث الأخير، الذى شهد منح الدكتور مجدى يعقوب، أعلى وسام فى مصر، أليس هذا التكريم فى حد ذاته، رداً على هؤلاء الكاذبين، فالبعض فى الخارج يصور حدث ما تم بالمخالفة للقانون، على أنه اضطهاد لغرض فى نفس هؤلاء والغرض دائما مرض.
■ ما تفسيرك لحادث تفجير كنيسة «القديسين»؟
- هذا الحادث ليس الأول، الذى يحدث فى مصر، لكن كما قلت الإعلام قام بتأجيجه وتضخيمه لغرض فى نفس هؤلاء، وقد حدث من قبل فى «الحسين» و«الأزهر» و«ميدان عبدالمنعم رياض»، وأقول بكل صراحة، إن الإحكام الأمنى الكامل لم يخلق بعد، إذ وقعت عدة حوادث تفجيرية من قبل فى أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وليست مصر وحدها، والأمن فى أى مكان لا يستطيع أن يمنع إنساناً ما يفقد القدرة على الإدراك والتمييز وتستوى لديه الحياة والموت، من أن يرتكب جريمته، خاصة إذا وضعنا إلى جانب ذلك، العولمة التى جاءت بكل شىء من حيث التدريب وغسيل الدماغ والشحن والتأهيل والإعداد، ومن حيث المد بالوسيلة، جرب الدخول على أى موقع من هذه المواقع حاليا، ستصبح إرهابيا لو عندك نسبة من الإجرام معدلها 5%، ولو احترفت الدخول على هذه المواقع تزيد هذه النسبة إلى 95% وكانت أسباب التأهيل والنشأة والتربية، فيما مضى أسرية و5% عوامل خارجية، الآن انقلبت المسألة لتصبح عوامل التأهيل والنشأة والتربية 95% منها عوامل خارجية و5% أسرية، إن وجد البيت، لذلك لا أستطيع أن أتهم الأمن بالتقصير، لأن المؤسسة الأمنية تقوم بواجبها تماما، وفى حالة كنيسة الإسكندرية أنت أمام جريمة ارتكبها مجرم بلا معالم جريمة لا تصل فيها الخيوط إلى شخص بذاته، لأن الشخص أصبح بقايا والأداء الأمنى دائما يعتمد على المعلومة الأمنية من النفس البشرية، لأنها أساس كل شىء فى المنع والضبط، والنفس البشرية فى حادث الكنيسه غير موجودة، بمعنى لما ألاقى أشلاء بشرية، إذن هاوصل إلى صاحبها إزاى، فالأمن معذور وهو يقوم بدوره على أكمل وجه،
وبنظرة إنصاف قل لى حجم المتحقق من نعمة الأمن فى المجتمع الآن، وهل فكرت أنت أو أنا أو أى مواطن آخر، عندما تريد الخروج من البيت فى الفجر، هل راجعت نفسك قبل أن تخرج وجاءك خاطر بأنك لو خرجت «حد هيصطادك أمنيا أو إجراميا؟». أعتقد لم يحدث هذا وهذه نعمة، والنعمة ليست وليدة صدفة أوحظ وإنما ثمرة مجهود من المؤسسة الأمنية فى مصر، وهذه نعمة عظيمة، لأن المولى عز وجل حينما أراد أن يغرينا لنعبده، لم يغرنا بشىء إلا بالأمن (فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، لكننا دائما ما نركز على كل ما هو سلبى.
وأنا أندهش حين يقارن البعض إمكانيات مصر الأمنية مع أمريكا، رغم الفجوة بيننا وبينهم، وحدث منذ أيام أن قام شخص «موتور» هناك بالاعتداء على نائبة وقتل 6 أشخاص، ومع ذلك لم تقم الدنيا ولم تقعد، فلماذا دائما التربص بمصر؟ للأسف كل منا عليه دور أن يتقى الله فى مصر، وكما قلت سابقا إن الخطاب الإعلامى مع قدرته على التأجيج والخطاب الدينى الهادف للتأجيج والإثارة المستمرة، سببان رئيسيان فيما نحن فيه حاليا.
■ هل يمكن الربط بين تهديدات تنظيم القاعدة التى كان أطلقها قبل أسابيع وما حدث فى الإسكندرية؟
- حتى أكون موضوعيا ويحترم القارئ كلامى ويستوعبه، أقول إنه ليست أمامى كل المعطيات، التى تجعلنى أحدد الجهة مرتكبة الحادث، فالموضوع فى يد المحققين، وليست أمامى الآن معلومات دقيقة أستطيع أن أصل من خلالها إلى نتيجة نهائية حول مرتكب الحادث، لكن يقينا ماحدث فى الإسكندرية «غير عادى» من حيث الإعداد والتخطيط واختيار التوقيت وتوفير العبوة الناسفة، والمسأله إذاً غير عادية، وتتجاوز حدود التفكير الفردى الشخصى، الذى يجعلنى لا أستطيع أن أحدد هذه الجهة، لكننى أقول إن المؤسسة الأمنية، تبذل قصارى جهدها للوصول إلى الجهة التى نفذت هذه الجريمة، التى هزت قلوب المسلمين قبل المسيحيين.
■ البعض يرى أن حالة الاحتقان الداخلى والمشاحنات الموجودة والاستفزازات من قلة من الطرفين كان لها دور فى الأحداث الأخيرة؟
- بفهمى الشخصى، وليس بفهم العامة، أقول إنه لابد أن أميز بين الفتنة والتفتين والاحتقان والتحقين، وأنا لست أمام فتنة، لأنى عندما أقول فتنة، يجب أن أحدد معناها، حتى نكون متفقين على المصطلح، فعندما أقول إن صاحب دين معين عمد إلى إخراج صاحب الدين الآخر من دينه وإدخاله فى ملته عنوة، فإن هذه هى الفتنة، فهل حدث هذا فى مصر؟ لم يحدث على الإطلاق، وكل ما يحدث فى مصر، عبارة عن جريمة أو نموذج إجرامى يتكرر كل يوم فى أى مكان، كإفراز طبيعى لمعيشة المسلم والمسيحى فى مجتمع واحد، والمشاحنات فى ظروف هذا المجتمع أمر طبيعى، فلو أنك تسكن غرفة بجوار غرفة جارك المسيحى، فمن الوارد وأنتما خارجان من الغرفتين، أن تصطدما ببعضكما بالكتف مثلا، فتحدث مشكلة فتقوم الدنيا ولا تقعد، رغم أنها لم تقم عندما قام شاب ألمانى بقتل مروة الشربينى.
لماذا لم تقم الدنيا حينها وقلنا مثلا إنه يجب أن نتدخل فى شؤون ألمانيا لنحمى المسلمين، لماذا لم نقل هذا، ببساطة لأننا لسنا متربصين بألمانيا، واحترمنا سيادة الدولة وحكم المحكمة، لكن لأنهم متربصون بمصر، ينطبق عليهم المثل الذى يقول (حبيبك يبلعلك الزلط وعدوك يتمنالك الغلط). وأحد المحاورين الأفذاذ زارنى فى مكتبى، وقبل أن يدخل ليصافحنى قال لى «أخبار الفتنة عندك إيه يا سيادة المحافظ؟»، ونفس القصة لما تأتى إحدى الصحف القومية وتقول فى خبر فى الصفحة الأولى «مصرع بقرة امرأة مسيحية نتيجة اصطدامها بموتوسيكل شاب مسلم»، إدينى عقلك، واقعة كهذه ما دخل الدين فيها وأنا عندى فى المنيا 11 مطرانية ويأتى إلى مكتبى كل يوم مواطنون من المسيحيين، ووارد جدا أن تحدث مشاكل بشكل طبيعى، نتيجة المشاحنات، التى غالبا ما تنتهى بجرائم وكل جريمة يقولون عنها إنها فتنة طائفية.
■ البعض يقول إن الملف الأمنى للتعامل مع هذه المشكلة ليس الوحيد.. وعلى أطراف أخرى أن تدخل على الخط؟
- الأمن بحكم اختصاصه، ترتد إليه كل التداعيات، والمسؤول الأول عن أمن البلاد هو وزير الداخلية، فهو الذى ترتد إليه كل التداعيات والآثار والنتائج، هذه هى النقطة التى يجب أن نعيها جيدا، والحوار الدينى، كما قلت سابقا، من قبل البعض دون المستوى المأمول، وكان زمان عندنا مواطنون كثيرون من المسلمين لما كانوا يشوفوا القسيس يقوموا يبوسوا يده وكان عندنا مواطنين كثيرون من المسيحيين، لما كانوا يشوفوا شيوخ، كان يقبلون أيديهم، فأين هذا السلوك حاليا؟ وأسأل بعض من يروجون أكاذيب: هل الأمن هو الذى خلق هذا الوضع الشاذ، الإجابة هى «لا على الإطلاق»، لأنه صاحب المصلحة الأولى، فى ألا يحدث ما يعكر صفو العلاقة بين الطرفين، وبعدين هل نفهم أن التعامل الأمنى فيه اختيارات؟ لو الأمن لم يتعامل مع هذه الأحداث لحدثت كارثة، وفى كل موقف من المواقف، يتعرض رجال الأمن لاعتداءات، وتعليمات وزير الداخلية تطالب بضبط النفس، إلى أقصى درجة، حتى لو حدث اعتداء عليهم ومثلما قلت سابقا إن الإنسان يمكن له أن يستغنى عن الكثير من نعم الحياة، إلا نعمة الأمن، لأنك لن ترحم الأمن لو - لا قدر الله - قمت فى الصباح ووجدت أحد أولادك مخطوفا.. هل ستغفر للأمن ذلك؟.
الأمن عليه حمل ثقيل وغير عادى، لذلك فإن الدول تعتمد على أن رجل الأمن الأول فى المجتمع، هو الجمهور، لأنه مصدر المعلومة الأمنية، وفى حالة حادث الإسكندرية، عايز تقول لى إن مافيش ولا مواطن شاف الجانى؟. أكيد فيه ناس شافته، لكنها آثرت السلامة وقالت «يا عم وأنا مالى».
■ ربما يكون المواطن لديه خوف من أن يشتبه به؟
- المواطن الذى يعرف دوره الوطنى، ولديه معلومة، يكون لديه معلومات عن كارثة أو حادث، ولم يبلغ عنها، لا يعذر على الإطلاق، والأمن يؤدى دوره كمؤسسة وطنية وفى كل فئة من فئات المجتمع، هناك قلة ترتكب تجاوزات، والذى ارتكب حادث قطار المنيا، مندوب شرطة، وهو شخصية غير سوية ولا أقصد هنا بـ«غير سوية»، أن الجانى مريض، لكنه لا يحب نفسه ولا يحب بلده فما الذى حققه لنفسه من هذه الفعلة النكراء؟
■ لكن البعض يقول إن عربة القطار كانت مزدحمة بالركاب فلماذا يكون القتيل والمصابون مسيحيين؟
- هذا التحليل ملفت للنظر يقينا حينما يود البعض أن يستنبط من هذا الحدث نتائج ما يسعى إليه، بأن الجانى استهدف المجنى عليهم بالذات، لكن غير ملفت يقينا لو أنك قلت إن هذا الرجل أفرغ ما فى جعبته من الرصاصات السبع ولو كان معه 10 رصاصات، لكان قتل مسلمين أيضا، لأن اللى جرى وراه ومسكه هو محمود المسلم، واللى ساهم فى القبض عليه مسلم أيضا، ومن يتابع أماكن الإصابات، سيجد العشوائية فى إطلاق النار وأن هذا الشخص، لم يكن له سابق معرفة بالمجنى عليهم وركب القطار فى لحظة ليست لها علاقة بلحظة ركوب المجنى عليهم، لأنه ركب من محطة أخرى، وإذا كان البعض يريد أن يتوقف عند أن هذا الشخص أراد قتل مسيحيين، سيصل إلى النتيجة التى ترضيه هو، لكن علينا أن نرى الحادث عشوائياً وهمجياً، ليس مقصودا به إلا إحداث الرعب والترويع، لكن لكل منا تأويلاته التى تجعله يصل إلى ما يريد هو. وسأضرب مثلا ففى القضاء الذى نجله ونحترم قدسيته، قد تجد قاضياً يحكم ببراءة ما أو الأشغال الشاقة أو الإعدام وآخر بعد الطعن على الحكم الأول، يحكم بحكم مغاير؟.. لماذا لأن المعطيات مختلفة والأسباب التى استند إليها كل منهم مغايرة، لذلك حسنا فعل المشرع، حينما ربط بين القضاء الجنائى وما يسمى «مبدأ ضرورة اقتناع القاضى بحكمه»، فى الجنائى فقط وليس المدنى، لأن الجنائى عقوبته قد تصل إلى حد الإعدام، ما يعنى أن الحكم يهدم حقك فى الحياة أو تحبس فيهدم حقك فى الحرية ومن الممكن أن يكون القاضى يتوافر لديه حسن تقدير الأسباب فيعطى حكما مغايرا، نفس الشىء فى حادث القطار، لو أنك مصر على أن الجانى كان يستهدف المسيحيين فقط، ستصل إلى هذه النتيجة، التى ترضى مآربك أنت، أما إذا قلت إن إطلاق النار عشوائى والطلقات كانت منثورة فى كل مكان وإن القاتل عندما أطلق النار لم يسأل الضحايا عن دينهم، حتى يتجنب قتل المسلمين، ساعتها ستخلص إلى أنك أمام جريمة عادية، ارتكبها شخص موتور وغير طبيعى، لا يحب نفسه أو أهله أو بلده، وهناك حادث مماثل فى أمريكا هو الهجوم على النائبة وقتل عدد كبير من الناس.
■ فى الفترة الأخيرة تتعرض لهجوم مباشر من قبل مواقع إلكترونية قبطية تتهمك بأنك ضد المسيحيين؟
- أولا علاقتى بجميع المطارنة والأقباط فى المنيا وغير المنيا طيبة جدا، وطبيعى عندما تأخذ أى قرار يكون له ضحايا من وجهة نظر البعض، فإذا كان القاضى الذى ينطق باسم الله عدواً لنصف البشر، فما بالك بمحافظ يأخذ قرارات كل يوم، أكيد لها ضحايا، تفتكر هيكون معك أم ضدك.. يمدحك أو يشتمك ويلسن عليك، لما أسترد أراضى الدولة من المعتدين عليها، ولما أعمل تحكم على المخابز، اللى عددها 2000، لمنعها من تسريب الدقيق المدعم، هيكون المتضرر معى أم ضدى، ولما تكون مستودعات البوتاجاز تبيع الأنبوبة بـ20 و30 جنيهاً وأغلقها واسحب ترخيصها، ولما ألاقى كل الأبراج والمبانى مخالفة للقانون 119 فأوقف توصيل المرافق إليها ولما أنتج فطيرة مدرسية أديها للتلميذ الغلبان المسكين اللى مش لاقى ياكل فى القرى، وأمنع توريد البسكويت المعفن والمسوس هتكون معايا ولا ضدى، ولما أفاجئ المدارس وأجد المديرين لا علاقة لهم بالعملية التعليمية، رغم التنبيه عليهم باستعداد المدارس لاستقبال التلاميذ وأجد دورة المياه مغلقة منذ إنشائها، والتلاميد يقضون الحاجة على الأرض، ولما ألاقى إدارة تعليمية واحدة بها 1000 عنصر تعليمى، يتقاضون كل المخصصات الخاصة بقانون المعلم دون أن يؤدوا حصة واحدة فى الفصول، ولما ألاقى معلمة تستمد قوتها من منصب زوجها، فمن الطبيعى حينها أن يكون كل هؤلاء ضدك ومن الطبيعى أيضا أن يكونوا مسلمين ومسيحيين، لذلك أنا أنظر دائما فى كل قراراتى لمصلحة مصر والمنيا وليس لمصلحة هؤلاء.
■ أنت إذاً دخلت «عش دبابير»؟
- بل قل «وكر تماسيح»، لكن لا يهمنى، لأننى أعمل لمصلحة البلد وأتوكل على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه.