تحولت منطقة السفارة الإسرائيلية، الجمعة والسبت ، إلى محور الأحداث والمصدر الرئيسى للأخبار خلال أكثر من 14 ساعة من البث المباشر، بدأت باستخدام الشواكيش وأعمدة الإنارة التالفة لكسر الجدار العازل وانتهت بمواجهات ساخنة بين الأمن المركزى والمتظاهرين.
«المصرى اليوم» كانت هناك من بداية الأحداث وحتى نهايتها ورصدتها فى 13 مشهداً من فوق كوبرى الجامعة وأمام السفارة الإسرائيلية وخلفها وأمام مديرية أمن الجيزة والسفارة السعودية وميدان نهضة مصر.
المشهد الأول: الساعة تتخطى الثالثة عصرا عندما بدأ المئات يتوافدون إلى السفارة الإسرائيلية.. الشواكيش سيطرت على الموقف.. ووقف المتظاهرون وسط هتافات متفرقة.. مرة: «خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود» يرددها أشخاص عاديون ملتحون.. ومرات: «ارفع راسك فوق إنت مصرى».. ويرتفع الهتاف والتصفيق معا.. وتبدأ عمليات هدم السور.
المشهد الثانى: الساعة تقترب من الخامسة مساء.. تبدأ معها عمليات سقوط أجزاء من السور.. الأجزاء بدأت من الناحية القريبة من ميدان النهضة فى الاتجاه الشرقى من الجيزة إلى المنيل.. العشرات يدفعون السور بأيديهم وبشواكيش وحبال و«مواسير» طويلة.. البعض منهم يصعد أعلى السور.. كانت أشبه بمنافسة.. يسقط جزء من السور ويعلو الهتاف والتصفيق وتبدأ العمليات من جديد للهدم.. والتصفيق لا يتوقف.
المشهد الثالث: قوات الأمن المركزى كانت واقفة أمام السور من الناحية المؤدية إلى المنيل.. وعندما بدأت عمليات الهدم اختفوا.. كان واضحا أن قرارا صدر لهم بالانسحاب.. وانطفأت الأنوار فى محيط السفارة نهائيا وساد الظلام.. لكن عمليات الهدم تستمر بقوة دون توقف.. ويظهر أشخاص مفتولو العضلات.. بعضهم يحمل «مرزبات» والآخرون كانوا يحملون ماسورة أشبه بـ«عمود إنارة».. كانت تنطلق إلى الجدار العازل على طريقة «هات وخد» حتى تسقط أجزاء من الجدار.
المشهد الرابع: ليس بعيدا عن الموقف.. لكنه امام باب العمارة المؤدى إلى السفارة.. مدرعتان أمام الباب وعليهما مجندان.. بينما يقف العشرات على باب وسلم العمارة وتسقط بجوارهم أجزاء من السور ولا يتحركون.. يبدو أنهم كانوا ينتظرون فقط من يقتحم أو يحاول دخول المبنى.. وقبل حلول التاسعة مساء.. كان السور كله على الأرض.. وتعلو الهتافات والتصفيق، وتنطلق الشماريخ التى لا تتوقف.. احتفالا بسقوط الجدار العازل.
المشهد الخامس: عقب انقطاع التيار الكهربائى يتمكن 4 من المتظاهرين أمام السفارة الإسرائيلية من تسلق مبنى السفارة وإسقاط العلم الإسرائيلى للمرة الثانية، مثلما فعل أحمد الشحات، الذى تسلق مبنى السفارة وقام بإنزال العلم الإسرائيلى، بينما قامت قوات الأمن المركزى والشرطة العسكرية، المسؤولة عن تأمين المبنى باستعمال الصواعق الكهربائية لمنع المتظاهرين من اقتحام السفارة، وهو الأمر الذى أثار المتظاهرين وجعلهم يرشقون قوات الأمن بالحجارة، وبعدها انسحبت مجموعات الأمن المركزى من أمام السفارة تلبية لمطالب المتظاهرين.
المشهد السادس: أشعل المتظاهرون النار فى سيارتين للأمن المركزى، وتحطمت أربع سيارات أخرى فى شارع أحمد نسيم خلف السفارة الإسرائيلية، بعدما قام المئات من الألتراس ومتظاهرى السفارة الإسرائيلية بالاشتباك مع قوات الأمن المركزى وتبادلوا إلقاء الحجارة، وبعدما تزايدت أعداد المتظاهرين انسحبت قوات الأمن المركزى من المكان وتركت سيارتين تابعتين لها، قام المتظاهرون بإشعال النيران فيهما.. المنطقة تشهد ارتفاع ألسنة اللهب والأدخنة، حيث اشتعلت النيران فى شجرتين بالشارع، ودفعت قوات الجيش بمدرعات لتأمين السفارة الإسرائيلية من جانب السفارة السعودية، التى شهدت أحداث عنف واشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن المركزى، واستقبلها المتظاهرون بالهتاف «الجيش والشعب إيد واحدة».
المشهد السابع: بعد اختراق السيارتين، وأثناء تواجد المتظاهرين أمام السفارة الإسرائيلية، لفظ لواء شرطة سابق يدعى رضا سعد الدين أنفاسه الأخيرة.. كان يسير بسيارته أمام السفارة الإسرائيلية، وقد أصيب بأزمة قلبية من جراء ما شاهده من إصابات ومناظر الدماء فى أحداث السفارة أثناء توجهه من الجيزة إلى منطقة المعادى، ونقل إلى مستشفى أم المصريين، وقررت النيابة تسليم جثته لأسرته، بعد انتقال فريق من النيابة لمعاينة الجثة.
المشهد الثامن: المتظاهرون يحتفلون أمام السفارة الإسرائيلية بنجاحهم فى هدم الجدار العازل أمام السفارة الإسرائيلية، وأطلقوا مئات الصواريخ أعلى كوبرى الجامعة، احتفالاً بهدم الجدار الذى يصل طوله إلى قرابة 100 متر وارتفاعه يصل إلى 3 أمتار والذى استغرق هدمه ما يقرب من 4 ساعات.. وردد المتظاهرون هتافات «الله أكبر الله أكبر» «الشعب يريد طرد السفير» «على سيناء رايحين شهداء بالملايين» «يا شهيد نام وارتاح وإحنا نكمل الكفاح»، وشكل المتظاهرون مجموعات ليرددوا الأغانى والأناشيد الوطنية.
المشهد التاسع: فى الحادية عشرة مساء اقتحم عشرات الشباب شقة تابعة للسفارة الإسرائيلية بعد أن قاموا بإنزال العلم الإسرائيلى، وألقوا جميع الأوراق والمستندات الموجودة فيها من الشرفة بالدور الـ18، إلى الشارع، خاصة أن السفارة تمتلك 3 طوابق، وتبين أن الشقة التى اقتحمها المتظاهرون هى شقة تمتلكها السفارة الإسرائيلية لأعمال السكرتارية.. وكشفت بعض الأوراق، التى ألقاها المتظاهرون الذين اقتحموا مقر السفارة الإسرائيلية، أن السفارة تقدمت بطلبات للموافقة على استخراج تراخيص سلاح لعدد من العاملين بالسفارة، وحملت المستندات أرقام جوازات السفر الخاصة بالعاملين فى السفارة وأنواع السلاح المطلوب ترخيصه، وتضمنت الأوراق صورا للبطاقات الشخصية لبعض موظفى السفارة من المصريين، وكذلك طلبات من أسرة الجاسوس عزام عزام بزيارته اثناء حبسه فى مصر.
المشهد العاشر: شب حريق هائل أمام السفارة السعودية فى إحدى الحافلات التابعة للسفارة فى الثانية عشرة صباح السبت ، وقام المتظاهرون بإطفائه، وبعدها بدقائق قليلة وقعت مشادات بين أفراد الأمن بمديرية أمن الجيزة وبعض المتظاهرين، بعد أن ألقى المتظاهرون زجاجات المولوتوف والحجارة والزجاجات الفارغة على مقر المديرية، فردت أجهزة الأمن عليهم بعدد كثيف من قنابل الغاز، ومجموعة طلقات نارية فى الهواء، وحاولت الأجهزة الأمنية تطويق المنطقة ومنع المتظاهرين من التواجد بها، إلا أنهم فشلوا فى بداية الأمر، بسبب إصرار المتظاهرين على اقتحام مبنى المديرية، وبعدها بدقائق، شب حريق آخر فى عدد من أشجار حديقة الأورمان المطلة على السفارة الإسرائيلية والمجاورة لمبنى المديرية، لأسباب مجهولة، وأعقبه حريق آخر فى حديقة الحيوان، ثم ارتفعت ألسنة اللهب من إطارات السيارت، وبعض الأشجار واللوحات الإعلانية.
المشهد الحادى عشر: من الواحدة وحتى الثالثة صباحاً، شهد كوبرى الجامعة معارك عنيفة بين الطرفين، بدأتها الأجهزة الأمنية عندما قامت بقطع التيار الكهربائى عن «الكوبرى» والمبانى المجاورة للسفارة، وألقت نحو 100 قنبلة من الغاز المسيل للدموع الذى وصفه المتظاهرون بأنه أصعب وأشد من غاز الأيام الأولى للثورة، وقالوا إنه لا يقاوم بالخل أو بالمياه الغازية، أو البصل، فيما سقط نحو 20 قنبلة فى النيل، مما أسعد المتظاهرين الذين هتفوا: «الله أكبر.. الله أكبر» و«تسقط تسقط الداخلية» و«يسقط يسقط حكم العسكر.. فيه حرية وناس بتفكر»، وتم إطلاق أكثر من 15 قنبلة فى شرفات المنازل والعمارات المطلة على السفارة والكوبرى، ونتيجة الدخان الكثيف سقط المئات من المتظاهرين فى حالة إغماء وإعياء تام، وتم نقلهم عبر سيارات الإسعاف التى انتشرت بأعداد كبيرة فى ميدان «نهضة مصر» والشوارع المؤدية إليه، إلى مستشفيات بولاق الدكرور والشرطة بالعجوزة، وأم المصريين بالجيزة.
المشهد الثانى عشر: رفض المتظاهرون فى بادئ الأمر نقل المسعفين الحالات التى فقدت الوعى خوفا من احتجازهم أو القبض عليهم بعد إسعافهم، إلا أن نفاد مواد الإسعاف الأولى أجبرهم على الاستعانة بسيارات الإسعاف، ومع استمرار إطلاق الغاز والرصاص الحى اضطر المتظاهرون إلى الاحتماء بمسجد الرحمة المواجه للسفارة الإسرائيلية، وقاموا باستخدام مكبرات الصوت فى محاولة منهم لحث المتظاهرين وتشجيعهم على الاستمرار والصمود ورددوا هتاف التكبير داخل المسجد «الله أكبر الله أكبر.. الله أكبر ولله الحمد.. والله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله»، وغنوا «بسم الله الله اكبر بسم الله»، فيما استخدموا المسجد لإسعاف المصابين، وحالات الإغماء نتيجة تواجدهم وسط الدخان الكثيف لقنابل الغاز المسيل للدموع، واثناء خروج بعض المتظاهرين من المسجد ألقت الشرطة العسكرية القبض عليهم مما أغضب المتظاهرين الذين شاهدوا احتجاز أفراد الشرطة لزملائهم، وقاموا بنزع اللافتات وإشارات المرور والعلامات الإرشادية وحاولوا إحراق مسرح الجامعة «فاطمة رشدى»، والسيارات المتواجدة بشارع المنيل، وصرخ سكان العمارات المواجهة للمسرح الذين شاهدوا الأحداث منذ بدايتها، مما جعل أصحاب تلك السيارت ينقلونها إلى أماكن بعيدة عن منطقة الأحداث، وفى تلك الأثناء نجحت مجموعة أخرى من المتظاهرين فى اقتحام نقطة شرطة إطفاء الحرائق بالمنيل وتمكنوا من تشغيل إحدى السيارات وانطلقوا بها نحو مقر السفارة بهدف تجديد المواجهة مع أفراد الأمن المركزى والشرطة العسكرية كرد فعل على احتجاز مجموعة من زملائهم، إلا أنهم فشلوا فى تشغيل خراطيم المياه، فتحول الأمر إلى حالة من الهرج بين مستقلى السيارة.
المشهد الثالث عشر: فى الرابعة صباحا ظهرت مجموعة كبيرة من البلطجية وحارسى العقارات وقاموا بسرقة بعض الأمتعة الخفيفة من نقطة شرطة المطافئ والسيارات التى تم تحطيمها حتى إن أحدهم قام بنزع موتور سيارة، وفى ذلك التوقيت نجحت إحدى المدرعات فى اختراق صفوف المتظاهرين قادمة من قصر العينى، فى اتجاه السفارة الإسرائيلية عن طريق كوبرى الجامعة، وقامت بإطلاق الرصاص الحى فى الهواء والقنابل المسيلة للدموع، مما أدى إلى تفريق المتظاهرين من جديد، وتراجعهم إلى أول كوبرى الجامعة من ناحية شارع عبدالعزيز آل سعود، فقرر المتظاهرون تشكيل ما أطلقوا عليه فريق بحث واستشكاف لأماكن تواجد الشرطة العسكرية والأمن المركزى، مستخدمين الدراجات البخارية.