يتساءل الكثير من الأمهات والآباء عن الطريقة المثلى لخلق علاقة صحية بين الطفل وجسده.. للإجابة عن هذا السؤال سنبدأ بتعريف حدود العلاقة الصحية بين الإنسان وجسده.
تتسم هذه العلاقة السليمة بينك وبين جسدك بالقبول والاحترام؛ لا توجد أعضاء قذرة ولا توجد أجزاء منفرة ولا يوجد شيء مشين أو معيوب بجسدك.
هذا التعريف هو الصعب الممتنع في المجتمعات الشرقية التي تتبنى تابوهات الجسد وتنميها في الأطفال منذ نعومة أظافرهم، وهذه بعض الأمثلة للتصرفات التي تشوه صورة الجسد:
- منع الطفل الذكر من اللعب بالدمي ومنعه من المشاركة في الأعمال المنزلية ومنعه من البكاء ومنعه من ارتداء حذاء حريمي أو تنورة أثناء اللعب التخيلي ومنعه من كل ما هو بمبي.
- منع الطفلة الأنثى من القفز وركوب الدراجات ورياضات التلاحم ورياضات الدفاع عن النفس خوفا على بكارتها. منعها من اللعب مع الأطفال الذكور ومنعها من ألعاب النجارة والزراعة ومنعها من الجري بمجرد بلوغها.
- العقاب بالضرب أو القرص أو اللسع أو السباب أو الزعيق عندما يداعب الطفل – ذكرا أو أنثى – أعضاءه التناسلية، مع أن هذه مرحلة طبيعية تبدأ ما بين عامين وستة أعوام.
- الإشارة إلى الأعضاء التناسلية بأسماء حركية بدلا من استخدام الاسم الحقيقي لها مثل قضيب وخصية ومهبل وفرج.
- الخجل من أسئلة الطفل المتعلقة بالجسد والتهرب من الإجابة عنها.
- انتقاد جسد الطفل أو الطفلة سواء وصفه بالقصر أو الطول أو السمنة أو النحافة أو أي صفة سلبية.
اهتزاز علاقة الإنسان وجسده تسبب العديد من المشاكل النفسية في مراحل العمر المختلفة، وتظهر في اضطرابات الأكل وإدمان جراحات التجميل والرغبة في الاختفاء خلف مساحيق التجميل أو المنتجات، التي تعد المستخدم بجاذبية فائقة للجنس الأخر أو بفحولة خارقة أو بأنوثة طاغية، تستمر المشكلة في العلاقات العاطفية التي تتسم بالتخبط والقلق الدائم من الهجر والصراعات بين رغبات الجسد ومخاوف النفس، أما العلاقات الجنسية، فهي تخرج عن نطاق الغريزة والفطرة لتتحول إلى كابوس – كابوس يرعب الأنثى والذكر على السواء فتمتلئ عيادات أمراض الذكورة وعيادات أمراض النساء بآلام وشكاوى الخوف والألم والفشل وعدم القدرة على الاستمتاع.
وتقول الكاتبة مروة رخا عن رد فعل الأهل تجاه الطفل وجسده: «تأكد أن طفلك أو طفلتك في طفولته المبكرة غير مستثار جنسيا ولا يفكر بالجنس كما تعرفه أنت. دافع طفلك هو الفضول! طفلك يتعامل مع القضيب، أو الفرج في حالة الأنثى، مثلما يتعامل مع أذنه أو أنفه، يصر طفلك على لمس نفسه عندما يدرك أن هذا الفعل يثير حفيظتك! يرى الطفل حرجك وانتفاضك وغضبك ويسمع نبرة صوتك الناهية الفزعة ويقرأ ملامحك المشمئزة فيقرر استفزازك وابتزازك!
عندما يلمس الطفل أعضاءه، عرفه باسم ما يمسك: قضيب/ خصية أو فرج/ مهبل. لماذا؟
لأنك عودته على تسمية أجزاء جسده عندما يشير إليها وهذه أعضاء مثلها مثل باقي الأعضاء لها اسم أيضا.
ولا تقدم الاسم الدارج ولكن قدم الاسم العلمي الصحيح بكل هدوء وكل ثقة ودون شرح.
إذا وجدت طفلك يداعب أعضاءه، اسأل بكل هدوء: «هل تريد الذهاب إلى الحمام؟».
يمكنك دائما تشتيت الطفل بشيء آخر. طفلك يداعب نفسه بينما هو سرحان تماما، اعرض عليه نشاطا: «هيا بنا نرسم لوحة فنية» أو «هل تريد أن تصنع معي كعكة؟» أو «هل تريد أن تبني عمارة طويلة بالمكعبات؟».
إذا وجدت طفلك يداعب نفسه قبل أن ينام، لا تعلق! اعرض عليه أن تحكي له حدوتة. إذا وجدت طفلك يحك أعضاءه التناسلية بوسادة أو مرتبة أثناء النوم، لا تفعل شيئا! طفلك نائم ولا يعي ما يحدث.
إذا وجدت طفلك يلمس نفسه في وجود ضيوف، أشركه في الحديث واجعله محور الحدث.
إذا لاحظت أن طفلك يداعب نفسه طوال الوقت ويفضل العزلة للاستمناء عن اللعب مع أقرانه أو المشاركة في الأنشطة الأسرية فاعلم أن هناك مشكلة! قد تكون المشكلة الملل بسبب ترك الطفل وحده لفترات طويلة والانشغال عنه أو عدم توافر الأنشطة المناسبة لسنه ومهاراته.