بعد مرور 10 سنوات على أحداث 11 سبتمبر 2001، يبدو أن مسلمى الولايات المتحدة باتوا أفضل حالاً من ذى قبل، إذ كشف مركز «جالوب» للبحوث فى أبوظبى، فى دراسة نُشرت مؤخراً، عن تفاؤل المسلمين الأمريكيين تجاه مستقبلهم، رغم استمرار معاناتهم من التمييز.
كان تقرير لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية «كير»، المنظمة المعنية بحماية حقوق وحريات المسلمين فى الولايات المتحدة، رصد فى 2002 ثلاث صور أساسية من الضغوط السلبية التى تعرض لها مسلمو أمريكا بعد الهجمات، وهى تصاعد لهجة العداء للمسلمين، وتزايد أعداد جرائم الكراهية ضدهم، وصدور بعض القوانين والسياسات التى سلبتهم بعض حقوقهم، وأظهر استطلاع للرأى أجراه المجلس فى العام نفسه أن 57% من مسلمى أمريكا تعرضوا للتمييز منذ هجمات 11سبتمبر، وأن 87% من مسلمى أمريكا يعرفون مسلماً واحداً على الأقل تعرض للتمييز خلال الفترة نفسها.
وبعد مرور عقد على الأحداث، أظهر استطلاع «جالوب» أن المسلمين الأمريكيين يشعرون بأن حياتهم أصبحت أفضل، حيث زادت نسبة المسلمين الذين يقولون إن أحوالهم تزدهر إلى 19% منذ 2008، وقال 3% فقط من المستطلعة آراؤهم إنهم يقاسون، بينما قال 37% إنهم يجدون صعوبات فى الحياة داخل المجتمع الأمريكى.
وأرجع القائمون على الدراسة التى حملت عنوان «الانتماء السياسى والاجتماعى والروحانى لمسلمى الولايات المتحدة بعد 10 سنوات من أحداث 11 سبتمبر»، توقعات مسلمى أمريكا بمستقبل أفضل إلى تحسن الأحوال الاقتصادية والإحساس بالمزيد من التحرر منذ انتخاب الرئيس الأمريكى باراك أوباما، المسيحى من جذور إسلامية، واعتماده سياسة تقضى بالتواصل مع المجتمعات الإسلامية فى أنحاء العالم، حيث أظهرت الدراسة أن الأمريكيين المسلمين هم على الأرجح الأكثر ميلاً للموافقة على أداء أوباما من أى جماعة دينية رئيسية بنسبة 80%، مقابل 7% وافقوا على أداء الرئيس الأمريكى السابق، جورج بوش، فى أواخر 2008، وعلقت مديرة مركز «جالوب»، داليا مجاهد، قائلة: «يشعر الأمريكيون المسلمون اليوم بإحساس أكبر بالانتماء لبلدهم».
ويقدم استطلاع «جالوب» الذى أجرى على مجموعات دينية أمريكية، نقيضاً للصورة الذهنية الشائعة التى توحى بأن المسلمين فى أمريكا يعيشون حياة منعزلة، لأنهم لا يشعرون بالارتياح فى الاندماج بالثقافة الأمريكية، حيث يرسم صورة لمجتمع متفائل، لكنه ما زال يسعى إلى نيل تقبل الآخرين له، وبينما يظهر الاستطلاع أن 92% من المسلمين الأمريكيين لا يتعاطفون مع تنظيم القاعدة، يرى أفراد المجموعات الدينية الأخرى شيئاً آخر، إذ قال 56% من البروتستانت، و63% من الكاثوليك، و70% من اليهود، إن المسلمين الأمريكيين يتعاطفون فعلاً مع التنظيم، الأمر الذى يعكس معاناة المسلمين الأمريكيين جراء هذا الاعتقاد، ويقول نصف المستطلعة آراؤهم من المسلمين الأمريكيين إنهم لاقوا تمييزاً دينياً أو عرقياً خلال العام الماضى، بالمقارنة مع خُمس اليهود والكاثوليك والبروتستانت.
وقال القيادى فى مركز «أدامز» فى سترلنج غربى واشنطن، رضوان جاكا، لصحيفة «المغربية» إن وتيرة الاعتداءات اللفظية والأعمال التخريبية والتدابير الاستفزازية بحق المسلمين تراجعت على مدار الأعوام الـ10 السابقة، لكنها لم تختف تماماً، فحسب أرقام الشرطة الفيدرالية الأمريكية (إف بى آى) التى نشرتها الصحيفة، جرى تسجيل 481 حالة من جرائم الكراهية فى 2001، مقابل 280 فى 2000، ونحو 150 حتى 2006، ثم تراجع العدد إلى 100 حالة منذ ذلك الحين.
ويرى كثيرون من مسلمى أمريكا أنهم يدفعون ثمن هجمات المتطرفين الذين يسيئون للإسلام والمسلمين، ويقول حسن القزوينى، إمام المركز الإسلامى فى أمريكا، أكبر المراكز الإسلامية فى الولايات المتحدة، لموقع «سويس إنفو» الإخبارى السويسرى إن مسلمى أمريكا عليهم جزء من عبء تغيير تلك الصورة النمطية السلبية، موضحا أن ذلك يتم من خلال مشاركتهم فى الحياة العامة والعمل السياسى، وبذل جهود منظمة لشرح الوجه الحضارى الحقيقى للإسلام، وإظهار التزامهم باحترام القانون الأمريكى. ويوصى محللو معهد «جالوب» الحكومة الأمريكية بإشراك مسلمى الدولة فى السياسة الخارجية للبلاد، والاستفادة من خبراتهم، ويدعون قادة المجتمع المدنى إلى زيادة المنح للصحفيين والمعلمين، الذين يدرسون فى الجامعة برامج تعليمية عن الإسلام والمجتمعات الإسلامية، ومراقبة التغطية الإعلامية للإسلام والمسلمين، والتعامل مع الهوية الدينية الإسلامية والهوية الإسلامية الأمريكية كمفاهيم متكاملة وليست متنافسة.