x

هشام جبر رئيس غرفة سياحة الغوص: «تدمير يومى لكنوز مصر البحرية.. ولا أحد يتدخل»

الثلاثاء 28-02-2017 19:34 | كتب: يوسف العومي |
السياحة السياحة تصوير : اخبار

أكد هشام جبر، رئيس غرفة سياحة الغوص، عضو الاتحاد المصرى للغرف السياحية، أن كنوز مصر فى المحميات الطبيعية، تسرق وتدمر بشكل يومى أمام أعين كامل السلطات المحلية والوزارية المصرية، بل أمام ضيوف مصر من السياح، دون أدنى اعتراض أو حتى محاولة لتطبيق القانون، وأن هذا التخريب مستمر طوال السنوات الستة الماضية، وأن ظاهرة الصيد الجائر والتدمير اليومى لكنوز المحميات البحرية تضاعفت بشكل غير قانونى.

■ بداية ما حجم السياحة التى تقوم على هذا النشاط؟

- السياحة الشاطئية، تمثل حوالى ٦٦٪ من إجمالى الحركة السياحية بمصر، حوالى ٩ ملايين سائح، حسب إحصائية وزارة السياحة لعام ٢٠١٠، حققت دخلا حوالى ٨ بلايين دولار، وتتركز هذه السياحة على شواطئ البحر الأحمر فى محافظتى جنوب سيناء والبحر الأحمر.

■ وما طبيعة هذه الثروات، وأين تتركز؟

- ثروات مصر الطبيعية تحت الماء كثيرة، منها شعاب مرجانية وأسماك ملونة وتنوع حياتى بحرى بالغ الثراء والجمال، تعيش بمحمياتنا البحرية، أو فى حالات كثيرة فى محيط الحيز المرجانى المنتشر أمام شواطئ أغلب فنادقنا بهاتين المحافظتين، وتشكل عنصر الجذب الرئيسى والأساسى لهذا النوع من السياحة، لذا يفرض علينا أن نحتضن، ونحمى بالقانون وبوطنية هذه الثروات الطبيعية، فهى أهم عناصر التنافسية فى معترك هذا النوع من السياحة على مستوى العالم.

■ وما عدد السياح الذين يقصدون هذا النوع من السياحة؟

- تقدر أعداد السياح الغواصين الذين قاموا برحلات بحرية لزيارة مواقع الغوص المختلفة خلال ٢٠١٠ بحوالى ٣ ملايين سائح ينفقون ضعف المعدل الذى ينفقه السائح العادى. أما باقى أعداد السياحة الشاطئية، وهو ٦ ملايين سائح، فأغلبهم يقومون برحلات للغوص السطحى (السنوركل) بسواحل المحميات أو بالنطاق البحرى أمام فنادقهم، حيث يوجد أمام معظمها تجمعات للشعاب المرجانية الغنية بالحياة البحرية، وتبقى رحلات المراكب ذات القاع الزجاجى أو النوافذ الزجاجية الجانبية لإشباع رغبات الذين لا يعرفون السباحة فى التمتع بمشاهدة هذه الثروات. مما سبق يتضح لنا أهمية سياحة الغوص كقاطرة للسياحة الشاطئية وأثرها فى الدخل القومى وحصيلة النقد الأجنبى للبلاد.

■ وكيف نعظم دخل هذا المنتج وننتشله من حالة التردى التى ضربته طوال السنوات الستة الماضية؟

- بداية لا بد أن نعرف أن مصر فازت لثلاث سنوات متتالية بالمركز الأول على مستوى العالم، وحققت دعاية سياحية غير مسبوقة للمقصد المصرى، وكما هو معروف لابد من توفر الجودة لهذا المنتج حتى يسهل تسويقه، وحتى نستطيع ليس فقط الصمود فى مواجهة المنافسة الشرسة للمقاصد السياحية الأخرى، بل الاستئثار بحصة متزايدة، تتناسب مع القيمة الحقيقية لكنوزنا الطبيعية البحرية.

■ وماذا حدث؟

- لقد أساء الاتحاد المصرى للغوص والإنقاذ أداء مهمته، وأصبح كل المطلوب هو سداد مبلغ ٧٥٠ جنيها لمقر الاتحاد بالقاهرة للحصول على شهادة الصلاحية الفنية، دون أى معاينات ولا أى معايير أو مواصفات يلزم اتباعها للتشغيل ونتيجة لذلك انتشرت عشوائيات مراكز الغوص، ومنحت شهادات الصلاحية الفنية للعديد من المحال والدكاكين، وزادت الحوادث مع الانعدام التام للرقابة، وظل الحال هكذا حتى ٢٠٠٧، بالرغم من النداءات المتكررة لمراكز الغوص الجادة ومطالبة وزارة السياحة بإعادة الأمور لنصابها القانونى بإنشاء غرفة لسياحة الغوص والأنشطة البحرية أسوة بغرفة الفنادق وغرفة شركات السياحة تساند الوزارة لإصلاح هذا القطاع، خصوصا بعد أن تضاعف عدد مراكز سياحة الغوص ومركبات السفارى البحرية عدة مرات.

■ وهل تدخلت الدولة لإنقاذ هذا النشاط فى الفترة الماضية؟

- نعم، ففى منتصف ٢٠٠٧ أصدر زهير جرانة، وزير السياحة فى ذلك الحين، قراراً بإنشاء الغرفة، وسعت الغرفة منذ نشأتها على اتباع أعلى المعايير الدولية للأمان والجودة لمقدمى خدمة سياحة الغوص فى العالم، ونجحت فى ٢٠٠٨ فى التوقيع على اتفاقية مع الاتحاد الأوروبى للغوص، من خلال المعهد النمساوى للمعايير- وهو هيئة التوثيق الوحيدة الدولية المعنية بإصدار شهادة مطابقة جودة مقدمى خدمة سياحة الغوص الترفيهى والمسجلة بالمنظمة الدولية لمعايير الجودة، تحت رقم أيزو ٢٤٨٠٣، وشملت بنود هذه الاتفاقية أن يقوم المعهد النمساوى بتدريب عدد ٨ مفتشى جودة مصريين- تختارهم الغرفة من ذوى الخبرة فى مجال سياحة الغوص الترفيهى- على أصول التفتيش على مراكز الغوص للتأكد من الالتزام بتطبيق هذا المعيار للجودة من عدمه، وكذلك على تقييم أداء هؤلاء المفتشين بشكل دورى.

■ ماذا حدث بعد ذلك؟

- بعد نجاح التدريب الذى مولته وزارة السياحة أصدر وزير السياحة زهير جرانة قرار وزارى رقم ٢٥٠ لسنة ٢٠٠٨ بإلزام مقدمى خدمة سياحة الغوص الترفيهى بضرورة تطبيق معايير أيزو ٢٤٨٠٣ كشرط لتجديد أو الحصول على ترخيص وزارة السياحة مع إعطاء مهلة سنة للتنفيذ قامت غرفة سياحة الغوص خلالها بتنظيم ٨ ندوات فى محافظتى جنوب سيناء والبحر الأحمر لشرح هذه المعايير.

فى ٢٠٠٩ صدر أيضا قرار وزارى رقم ٢٠٠٩ بشأن تحديد وتصنيف أنشطة سياحة الغوص ومراكز الأنشطة البحرية وأكد مرة أخرى فى الفقرة الرابعة منه على ضرورة الالتزام بتطبيق معيار الجودة أيزو ٢٤٨٠٣ كحد أدنى للحصول على شهادة الصلاحية الفنية.

وبدأ التطبيق الفعلى عام ٢٠٠٩ وحصلت مراكز سياحة الغوص ومراكب سفارى الغوص التى طبقت معاير الجودة أيزو ٢٤٨٠٣ على شهادات دولية من المعهد النمساوى للمعايير.

هذه الشهادات كانت رسالة لهواة سياحة الغوص فى العالم أن هناك صحوة فى مصر وأعلى معدلات الأمان. قامت غرفة الغوص بدعم من هيئة تنشيط السياحة آنذاك بحملة ترويجية لتطبيق مصر لأعلى معايير الجودة، ما نتج عنه أن حصدت مصر جوائز دولية عدة كأحسن مقصد غوص فى العالم، ولمدة ٣ سنوات متتالية.

■ لكن أين المشكلة؟

- المشكلة حدثت مع تولى منير فخرى عبدالنور مقاليد وزارة السياحة، عقب أحداث يناير 2011 فقد بدأ هدم كل هذه الإنجازات بقرار وزارى حمل رقم ٤٤٤، نص على إلغاء القرار الوزارى رقم ٧٣٠ لسنة ٢٠٠٩، وشكل وحدة خدمات فنية بالوزارة للقيام بأعمال الرقابة والتفتيش الفنى بالوزارة، رغم انعدام وجود الكادر الفنى بالوزارة والمؤهل للإشراف على هذه الوحدة، والتى قوامها عدد ٢ مفتش من الذين كان قد سبق تدريبهم، من خلال المعهد النمساوى للمعايير تحت إشراف الغرفة وإدارتها الفنية. لم يتضمن قرار ٤٤٤ على نص يلزم باتباع معيار أيزو ٢٤٨٠٣ كشرط للترخيص.

■ حدثتنى عن فشل حكومى وهجمات وسرقات وتدمير للكنوز المصرية فى المحميات ممكن تذكر ذلك؟

- نعم فقد فشلت وزارة البيئة فشلا تاما خلال آخر ١٧ عاما فى حماية وإدارة المحميات البحرية، خصوصا محمية رأس محمد، فهذه المحمية تنتهك بشكل يومى بمخالفات صيد مدمرة للشعاب المرجانية والثروة السمكية، وقد فشلت إدارة المحمية فى التعامل معها، لأنها لا تقوم بدوريات يومية، ولكثرة الأعذار مثل عدم توفر كوبونات وقود أو أعطال لنشات الدوريات أو حرس الحدود منع تحركاتهم.

طوال السنوات الستة الماضيه تضاعفت ظاهرة الصيد الجائر وغير القانونى مع التدمير اليومى لكنوز المحميات البحرية أمام أعين كامل السلطات المحلية والوزارية، وأمام ضيوف مصر من السياح، دون أدنى اعتراض أو حتى محاولة تطبيق القانون، وتصل هذه المخالفات ذروتها فى شهور إبريل ومايو ويونيو خلال مواسم تزاوج أسماك الشعور والبهار والبياض، وفى تلك الفترة من كل عام يصل عدد «فلايك» الصيد التى تتسلل وبها أبناء محافظات وادى النيل داخل محمية رأس محمد إلى أكثر من مائة «فلوكة» كل سنة تتسبب فى إبادة الزريعة السمكية وتحطيم الشعاب المرجانية بشباكهم.

■ وهل كانت هناك آثار سلبية لظاهرة الصيد الجائر.. وهل أثرت على التدفقات السياحية؟

- نعم، لعلك تذكر هجمات أسماك القرش على السياح السابحين، التى حدثت خلال أربعة أيام عام ٢٠١٠ أمام سواحل شرم الشيخ ما نتج عنها صدور قرار بحظر السباحة لمدة أسبوع، وتسبب ذلك فى ركود سلبى لمدة أربعة شهور، ولذا قامت فى ذلك الحين غرفة سياحة الغوص باستدعاء أهم خبراء علم القروش فى العالم لمدة أسبوع لدراسة أسباب هذه الظاهره الشاذة، وتم تحديد عدة أسباب أهمها النقص الحاد للثروة السمكية مصدر غذاء القروش فى هذا القطاع، بسبب الصيد اليومى الجائر أمام سواحل جنوب سيناء، ما دفع هذه الكائنات ترك المياه العميقة إلى المياه الضحلة قرب الشواطئ، بحثا عن الغذاء، وهو ما دفع غرفة سياحة الغوص ووزارة السياحة ووزارة الزراعة والهيئة العامة للثروة السمكية ووزارة البيئة لعقد اجتماعات مكثفة دامت ستة أشهر كاملة توصلوا فى نهايتها لاتفاق يفرض حظر الصيد تماما طوال شهور تزاوج الأسماك وعدة شروط صارمة تطبق على أساليب الصيد بالنطاق البحرى لجنوب سيناء مع رصد تعويض مادى مناسب للصيادين أبناء محافظة جنوب سيناء، وللأسف لحظة تفعيل هذه المنظومة قام محافظ جنوب سيناء بإلغاء كل هذه الترتيبات ليبقى الحال كما هو فى تردٍّ دائم.

فى ظل غياب قرار حظر الصيد خلال هذه الشهور تسمح مكاتب مخابرات حرس الحدود بالصيد فى الأماكن المسموح بالصيد فيها خارج المحميات، لكن الصيادين يخالفون خطوط السير ويدخلون المحمية، حيث لا توجد دوريات لردعهم على الإطلاق.

■ وما الحل؟

- تفعيل قرار الحظر فى موسم التزاوج المذكور أعلاه وإنشاء وحدة بحرية تابعة للقوات البحرية من لنشات سريعة قادرة على المناورة بالقرب من الشعاب ومجهزة للقيام بدوريات نهارية للتعامل مع مخالفات اللنشات السياحية ودوريات ليلية للتعامل مع اختراقات فلايك الصيد على أن تكون متفرغة فقط لهذا الغرض، ولا يطلب منها مهام أخرى، وتتحمل وزارات السياحة والبيئة والزراعة مجتمعين تكلفة تشغيلها وذلك بالإضافة إلى منع أى عائمات، أيا كان نوع ترخيصها من سقالة رأس كنيسة، خلال الشهور من أول إبريل حتى نهاية يونيو من كل عام.

■ وهل هناك برنامج من أهل الصناعة أو مبادرة لحماية هذه الثروات؟

أولا: طالبنا بالإسراع ببرامج التدريب لتأهيل العمالة المصرية مهنيا فى مجال الغوص والأنشطة البحرية كى تستطيع المنافسة، لكن للأسف لم يتم اتخاذ أى خطوات إيجابية لتنفيذ برامج التدريب التى تم إعدادها من الغرفة بالتعاون مع وحدة التدريب والموارد البشرية، بوزارة السياحة لرفع المستوى المهنى للعاملين بالقطاع، بالرغم من اهتمام الوزارة بتدريب كافة القطاعات السياحية الأخرى، باستثناء قطاع سياحة الغوص والأنشطة البحرية، مع العلم بأن هناك ميزانية من وزارة السياحة للصرف على المشروعات التدريبية، إلا أنها تهمل قطاع سياحة الغوص والأنشطة البحرية والبرامج التدريبية المعدة من قبل غرفة سياحة الغوص والأنشطة البحرية والتى سبق تقديمها لوزارة السياحة ووحدة التدريب بالاتحاد المصرى للغرف السياحية فى أعوام 2010 و2011 و2015.

ثانيا: طالبنا أيضا بتحديث المنظومة الورقية لتراخيص اللنشات السياحية فى البحر والمطبقة، منذ أربعين عاما فى مكاتب مخابرات حرس الحدود واستبدال منظومة رقمية بها تحقق سهولة ويسرا فى الإجراءات، وتوفر، لأول مرة، قاعدة بيانات دقيقة عن هذا النشاط توضح أهم جنسيات السائحين وأعداد المترددين على كل من منطقة غوص ونوع الغوص الذى يمارسه كل منهم، وأى تفاصيل أخرى تهم من يريد وضع استراتيجيات موضوعية علمية للارتقاء بهذا النشاط. نرى ضرورة توقيع برتوكول تعاون لتنفيذ هذا المشروع الطموح، ما بين قيادة قوات حرس الحدود، ووزارة السياحة وغرفة سياحة الغوص، وبتمويل من وزارة السياحة فى أسرع وقت ممكن.

ثالثا: ضرورة إصدار قانون منظم لنشاط سياحة الغوص الترفيهى، يضمن الارتقاء بهذا النشاط السياحى، ويمنع منازعة بعض الجهات بمصر لوزارة السياحة فى الولاية على النشاط، ويتضمن عقوبات رادعة للكيانات المنتشرة وغير المرخصة والتى تتسبب فى حوادث غوص كثيرة أدت لوفيات سائحين وإساءات لسمعة السياحة المصرية.

تقدمت غرفة سياحة الغوص والأنشطة البحرية عدة مرات لوزارة السياحة بمسودة مشروع قانون سياحة الغوص والأنشطة البحرية إيماناً بضرورة وجود تشريع قوى يحافظ على المكتسبات التى تم إنجازها، ويعيد تنظيم القطاع، إلا أن الوزارة لم تتخذ أى خطوات إيجابية فى هذا الشأن مهملة تماما للقطاع.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية