أكد القائد العسكرى للثوار الليبيين فى طرابلس عبدالحكم بلحاج، أحد أبرز قادة التيار الإسلامى فى ليبيا، أن الثوار وبينهم الجماعات الإسلامية ليست لديهم أى أجندة خاصة تخيف لا الغرب ولا الشرق، مشدداً على أن ليبيا لن تتحول إلى عراق ثان. وقال بلحاج: «لم نرتبط فى يوم من الأيام مع تنظيم القاعدة بوحدة فكرية، كل ما فى الأمر أننا وُجدنا فى ساحة واحدة فى وقت واحد وهذا لا يعنى أن نكون على ارتباط فكرى». ويأتى تصريح «بلحاج»، دفاعا عن التيار الإسلامى فى ليبيا، الذى تحدثت تقارير غربية كثيرة عن ارتباطه بتنظيم القاعدة.
«بلحاج»، أحد مؤسسى الجماعة الليبية المقاتلة، الذى قاتل فى صفوف المقاتلين الأجانب فى أفغانستان فى تسعينيات القرن المنصرم وألقى القبض عليه من قبل الولايات المتحدة فى ماليزيا عام 2003 وتعرض للتعذيب فى تايلاند قبل أن يتم ترحيله إلى لبيبا عام 2004، يلفت إلى الدور البارز الذى لعبه الإسلاميون فى نجاح ثورة 17 فبراير فى الإطاحة بحكم القذافى.
كما حدث فى مصر عقب الإطاحة بنظام حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك من تفشى النفوذ الإسلامى بكل أطيافه السياسية فى الشارع، فإن طرابلس تعيش هذه الأيام مرحلة جديدة فى تاريخها المعاصر تمثل تحديا كبيرا لكل من راهنوا على أن الإطاحة بنظام القذافى سيمثل بداية جدية وأكثر ديمقراطية فى البلاد.
وشكا نشطاء وكتاب وإعلاميون ليبيون، أغلبهم من التيار الليبرالى لصحيفة الشرق الأوسط، مما وصفوه بمحاكم التفتيش التى شكلها محسوبون على جماعة الإخوان المسلمين، الذين باتت لهم اليد العليا فى تسيير الأمور، داخل ائتلاف ثورة 17 فبراير الماضى. وقال أحد أعضاء الائتلاف للصحيفة إن الإسلاميين اختطفوا قيادة الائتلاف الذى يعتبر الشيخ على الصلابى زعيمه الروحى فى هدوء، مشيرا إلى أن سطوة الإسلاميين وصلت إلى ردهات أول مجلس محلى تم تشكيله مؤخرا فى طرابلس، لتفجر خلافات عنيفة بين الكثير من التيارات السياسية.
وفى المقابل، يرى المراقبون أن تصدُّر «بلحاج» للمشهد فى طرابلس أعاد للواجهة مخاوف البعض من سيطرة مقربين من القاعدة على الحكم فى ليبيا، ويفند المراقبون هذه المخاوف، مؤكدين أن الجماعة الإسلامية دشنت مراجعات فكرية وأعلن «بلحاج» ورفاقه من داخل السجن قبل سنوات رفضهم إعلان قادة الجماعة فى أفغانستان القاضى بالانخراط تحت لواء القاعدة. ويرى محللون أن الإسلاميين فى النهاية لا يشكِّلون أحد الملفات المهمة التى تواجه ليبيا فى المرحلة المقبلة، لأنهم جزء من النسيج الاجتماعى، وحتى إذا ما ظهرت جماعات متشددة بينهم فإن التركيبة القبلية قادرة على الحدِّ من خطورتها.
وتعود صحوة الحركة الإسلامية فى ليبيا إلى أوائل الثمانينيات، حيث انقسمت إلى مجموعتين، استمرت إحداهما تحت اسم «الجماعة الإسلامية الليبية»، والتى أصبحت «جماعة الإخوان المسلمين»، بينما واصلت المجموعة الأخرى العمل تحت اسم «الحركة الإسلامية الليبية».
أما الجماعة الإسلامية الليبية (الإخوان المسلمون حالياً) فهى امتداد للحركة الإسلامية التى أسسها حسن البنّا فى مصر، ولذلك هى تتبع منهج جماعة «الإخوان المسلمين»، بدأ نشاطها كجماعة إخوان مسلمين فى ليبيا بعد قدوم عدد من المعلمين من إخوان مصر للتدريس فى ليبيا فى أربعينات القرن الماضى. والمراقب العام الحالى للجماعة فى ليبيا هوالمهندس سليمان عبد القادر ويعيش الآن فى سويسرا ويرأس رابطة مسلمى سويسرا.
وبدأ أول تشكيل رسمى للإخوان فى ليبيا عام 1968 وبعد قيام ثورة الفاتح عام 1969 شارك أعضاء من الإخوان المسلمين بشكل فردى فى الوزارات المختلفة التى شُكلت حتى العام 1973، وفى هذا العام قبض على قادة الإخوان الذين أُجبروا على الظهور تليفزيونيا والإعلان عن حل الجماعة. وفى عام 1980 عاد طلاب ليبيون من الدراسة فى الخارج، حاملين فكر الإخوان وأعادوا بناء الجماعة، وظلوا يعملون سرا حتى اكُتشفوا فى يونيو 1998 حيث تم اعتقال أكثر من 152 من قياداتهم على خلفية اكتشاف تنظيم الإخوان، باعتبار أن النظام الليبى يحظر قيام تنظيمات سياسية. وفى 16 فبراير من 2002 أصدرت محكمة الشعب الخاصة التى شُكلت لمحاكمتهم حكمها بالإعدام على المراقب العام للإخوان المسلمين فى ليبيا وحُكم على 73 متهما آخرين بالمؤبد.