x

الأمير الحسن بن طلال: الثورات العربية تجسد إرادة الشعوب.. والتسلط أبعدنا عن حلم العروبة

الخميس 08-09-2011 18:15 | كتب: اخبار |


قال المفكر العربى الأمير الحسن بن طلال، إن الأنانية وحب السلطة والتسلط أدت إلى انكفاء العرب، وابتعادهم عن الحلم الجامع للعروبة من المحيط إلى الخليج، وانتقد ما يسمى بعلم الأديان المقارن، لافتا إلى ضرورة تنافس الإسلاميين على استعادة مكانتهم، ودورهم فى قيادة الحركة الفكرية فى العالم.


واعتبر الثورات العربية الأخيرة تجسيداً لإرادة الشعوب من مسلمين ومسيحيين.


وقال فى حواره لبرنامج الطبعة الأولى مع الإعلامى أحمد المسلمانى والذى يذاع على قناة دريم إنه يتفق مع الأزهر الشريف فى إصداراته التى تناولت الحديث عن الدولة المدنية، لافتا إلى أن الدولة عليها دور فاعل فى إغلاق فجوة الكرامة والحريات، مشيرا إلى أنه آن الأوان لكى نواجه العجز بالإرادة.


واعتبر بن طلال أن النهضة العربية فى بدايات القرن العشرين كانت نهضة فكرية من أجل الهوية العربية، موضحا أن هذه الهوية اشتقت من بقايا الدولة العثمانية، بعد انتهاء حركة الاستقلال لكثير من القوميات التى أتت لتؤكد القومية المتنوعة من عرب ومسلمين ومسيحيين، ووصف الثورة المصرية عام 1952 بأنها ثورة قومية، رغم قيادة الضباط الأحرار لها بقيادة عدد من العسكريين، منهم محمد نجيب وجمال عبدالناصر، بحثت عن المفهوم العربى ومن ثم العربى الاشتراكى والعربى القومى والعربى البعثى، بدلا من أن تقف عند الشأن الداخلى لمصر


وقال إن الحركة الوطنية انتهت فى مرحلة من المراحل، ومن الصعب أن تجد الآن هذه المصطلحات، أما الثورة الثالثة والمعروفة باسم «الشعب يريد» فإنها ثورة شعبية خالصة، جمعت الشباب الواعى المسلم والمسيحى لتصل بنا فى النهاية إلى أن الجميع يتحدث عن مصريته لا عن ديانته.


وتابع الحسن قائلا إن فكرة العروبة هى فكرة رومانسية لا مؤسسية مثل الجامعة العربية، ولا سياسية من حيث الاتفاق بين دول تشمل جمهوريات ومملكيات وسلطويات تستطيع التعبير عن الإقليم، وهذا ما أدى إلى قيام مراكز قوى جديدة منها تركيا وإيران والفيل المحتل أو الفيل الإسرائيلى».


وأشار إلى أن الأنانية العربية وحب السلطة والتسلط أدت إلى انكفاء العرب وابتعادهم عن حلمهم الجامع للعروبة من المحيط إلى الخليج، واعتبر ثورة مصر وتونس، بعثاً للدولة المدنية، التى تحافظ على باقى مؤسسات الدولة وتسمح لصوت الشباب، وهذه المرة عندما يتحدث الأجانب عن نبض الشارع فإنها حقيقة، وبطبيعة الحال ليبيا والتى تبحث عن كيانها بنفسها.


وأضاف: «أن مراكز القوى الجديدة فى طهران وأنقرة مع استمرار معضلة العرب الأزلية فى فلسطين وغياب الحل لفترة طويلة، يعيدنا إلى حقيقة أن المهم فى هذه المنطقة هو بيع السلاح والارتزاق من ورائه، وارتفاع أسعار البترول، مشيرا إلى أنه لا توجد محفظة عربية مالية سيادية تعمل لصالح العرب فى إقامة مثلا صندوق للتضامن الاجتماعى على الصعيد العربى وهو ما ينفى الإرادة العربية».


ووصف شعوره بأنه متفائل نحو المستقبل، معتبرا أنه لا حياة بلا أمل، وقال إنه ليس صحيحا الاعتقاد بأن الدولة العثمانية فى الحقبة الأولى كانت تستطيع استقطاب مسلمى العالم، وأن الخلافة كانت من الممكن أن تدحض طموحات الصهاينة.


وأكد على أن الثورة العربية بدأت كفكرة للنهضة فى نهاية القرن التاسع عشر بين كبار المفكرين المسيحيين والمسلمين معا، وكانت قضية تكوين الشخصة العربية تحظى باحترام الآخر، وإقامة توجه يحترم الضعفاء ويحميهم وبهذا المفهوم عمل الشريف حسين بن على، على وجوب حماية الأرمن فى الديار العربية، وتابع الحسن: «الثورة جاءت بمشروع نهضة على حساب الدولة العثمانية وقدمت البقاء فى السلطة على التحالف مع اسطنبول، ولفت إلى أنه من وقت أن صرح الباب العالى بأنه لا يستطيع أن يحافظ على رقعة الأرض فى المجال العربى خاصة فى الموصل بشمال العراق فكانت تلك المنطقة ساحة للاستغلال. والمملكة العربية السعودية هى الدولة العربية الوحيدة التى لم يدخلها أجنبى فى تلك الفترة، وعشنا فترات انتداب فى مصر وسوريا ولبنان، وحتى الحفاظ على شكل الدولة لم يكن متاحاً ولكن فرض التعبير الإرادى العربى نفسه من خلال النهضة ثم الثورة والرغبة فى تحديد المصير.


وأضاف: لو كان هناك أمل فى استمرار الدولة المسلمة بمعنى الحفاظ على الاستقلال المتكافل بين الدويلات لتكوين تلك الامبراطورية لكنا عدنا لتلك الفترة ولكن الزمن أمامنا.


وذكر أن الدولة العثمانية فشلت فى التعامل مع الدول الكبرى فالحرب العالمية الأولى أدت إلى انهيار الامبراطورية الروسية، وكذلك الامبراطورية العثمانية، والقاسم المشترك بين الامبراطوريات هو التوازن فى تحالفات القوى مع الدول الواعدة الجديدة، فدخلت فرنسا فى تلك الفترة وبريطانيا وأمريكا لاستخراج الموارد النفطية.


ولفت «بن طلال» إلى أن التفكير فى إقامة كومنولث إسلامى مرن لم يطرح حتى الآن، موضحا أن هذا التصور كينونة استراتيجية منافسة لمتطلبات هذا العصر.


وقال إنه يتفق مع شيخ الأزهر فى كتابه الأخير عند الحديث عن الدولة المدنية، لافتا إلى أن الدولة عليها دور فاعل فى إغلاق فجوة الكرامة والحريات، مؤكداً أنه آن الأوان لكى نواجه العجز بالإرادة، وأن نتآمر على الصفات السيئة فى نفوسنا بالطموح السريع، وكفانا قولا بأننا أغنى دول العالم وأفقرها فى آن واحد، موضحا أن الإسلام السياسى لن ينتعش إلا بالقضاء على الفقر.


وأكد الحسن أننا بحاجة إلى بنك عربى لإعادة الإعمار والمصالحة، مؤكدا أنه وسط محاولة إعادة بناء الدولة الإسلامية فإننا نأخذ من الدولة العباسية مثلا بيت الحكمة الذى كان يسعى لفهم طباع القبائل، ونأخذ من العصر الأموى نهضة الأمم من خلال إقامة ممالك مستقلة وإدخالها للغير مع احترام الحقوق المتبادلة وكان ذلك أفضل ما حدث - حسب قوله.


وأضاف «الحسن» أن الإسلام لم ينتقل بالسيف وإنما بالتجارة والفكر المبدع، وبهذا يصبح أهم ما ننقله عن الإسلام كتوجه هو الخلق الجامع، وآداب المجلس والتواصل مع الآخرين».


وذكر أن فكرة إقامة الممالك فى بداية العصور الإسلامية كان لها ظروفها فالخليفة عمر اعتقد أنه من الضرورى إبقاء بنى هاشم فى مكة لكى لا تنتشر الحملات العربية، ووصف الرسالة الهاشمية بأنها أخلاقية ورسالة نهضة، وتوجه الملك لابد من أن يخدم هذه الرسالة فى إطار ما يواجهه الإنسان من تحديات، فأبناء الحسن والحسين لم يسارعوا لبناء دولة مادية يوما ما، ولكن الدولة المعاصرة تأثرت بالثورات العلمانية فى فرنسا وروسيا، إلا أن العلمانية فى نطاقنا كانت تحاول أن تبتعد عن الإسلام، نصاً وروحا، علما بأنهم قالوا إنها ثورة عربية، فالرسالة الخالدة هى رسالة السماء، واعتبر الفصل بين الدين والدنيا فى الوقت الحالى مستحيلا فى مجتمعنا اليوم وربما لبعض عقود.


وتسائل «الحسن»: لماذا لا يتنافس المتنافسون فى إقامة صندوق عالمى للزكاة مقابل المؤسسات المدنية، وفى إحياء فكرة الحماية للحفاظ على البيئة؟ لماذا لا نستعيد السلطة المعنوية والسلطة الفكرية لنعيد فى الذاكرة أن الإسلام له فضل على الكثيرين فى هذا العالم ومنهم اليهود.


وقال «الحسن» إن نهايات القرن التاسع عشر ودخول النفط إلى هذه المنطقة من العالم أدى إلى نهاية الصبر والتواصل والشورى فيما بيننا، مشيرا إلى أن موسم الحج لابد أن يكون موسم حوار وشورى بين أصحاب المذاهب الأربعة فى هذه الفترة الحرجة، وذكر أن الأزهر فى وقت الشيخ شلتوت عندما تحدث عن الشيعة والسنة استطاع أن يحيى حقيقة وأنه لا يوجد مبرر للخلافات الموجودة، وأكد أن قضية الإسلام السياسى كانت تستبعد، خاصة من الإعلام الغربى، كما أن البعض كان يسعى لتسميتها بأشكال مختلفة، ففى إيران مثلا يتحدثون عن الإسلام الإيرانى وكأنه إسلام وطنى، وإذا رأينا هذا النموذج الآن فإنه يتحول إلى سلفية جهادية.


وإذا كنا نتحدث عن تأكيد الهوية، فلابد أن نتأكد من أنه لن يزدهر الإسلام فى غياب الشورى بين 56 دولة فى مؤتمر العالم الإسلامى، ولكن الإسلام المتعدد الذى لن يختلف بتعدد الزمان والمكان، هناك تجارة مختلفة ولابد من التعرف عليها وإحيائها ضمن المفهوم السليم لإذكاء الفكرة الأساسية.


وذكر أنه لا يؤمن بأن هناك ميثاقاً يسمى الديانة المقارنة، كأن هناك منافسة فى المقارنة، على حد وصفه، ولكنه يؤمن بالإنصاف الذى يعطى كل ذى حق حقه، وهناك دراسة فى فرنسا بجامعة السوربون اختصت فى مفردات الإسلامية واليهودية والمسيحية كالصدقة والبر، ولكن مع الأسف فإن النصوص التاريخية لدينا تخلو من التحليل المناسب. وطالب باستعادة ذلك الاعتزاز فى تجارب المسلمين عبر العصور، ولكن إذا كانت المنافسة مع أصحاب الديانات الأخرى فى الإطار السياسى وبأنهم يحكمون رقعة معينة من الأرض، فإننا نعود إلى أسباب الاحتكاك والحروب والويلات، وهناك مجال واسع للفكر الإسلامى باستعادة مكانته الطبيعية فى قيادة الحركة الفكرية فى هذا العالم.


وقال: علينا أن نتفهم الآخر وأن نتفاهم معه وأن ندرك منطلقاته الحياتية والفكرية، وفى هذا المجال تحدثنا عن الإعلاميين المزروعين فى أماكن الحروب المختلفة، ولكن لماذا لا نعتمد على علماء لأن الإعلام نهم، ويحتاج إلى كتاب النصوص، وتساءل: لماذا لا ننتهج حركة السلم الإعلامى حتى يعرف الإنسان أن الشبكة الفكرية والعلمية هى ليست شبكة الإنترنت ولكن تلك الشبكة الفكرية الداخلية التى توجد بداخلنا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية