سادت حالة من التوتر السياسي في العاصمة السودانية الخرطوم بعد ساعات من اعتقال السلطات لزعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور حسن الترابي وعدد من قيادات حزبه، في الوقت الذي لم تمض فيه سوى ساعات قليلة على تهديد د.نافع على نافع مساعد الرئيس السوداني لفصائل المعارضة بشل حركتها وتقييد حريتها، كرد فعل على محاولتها التحريض على انتفاضة شعبية جديدة لتغيير النظام.
يأتي اعتقال الترابي «الشريك السياسي السابق لثورة الإنقاذ الحاكمة في السودان»، بعد ساعات قليلة من إعلان الترابي أن قيام انتفاضة شعبية في السودان على غرار ما حصل في تونس أمر «مرجح».
وقال بيان لحزب المؤتمر الشعبي تلقت «المصري اليوم» نسخة منه، الثلاثاء، أن الاعتقال طال الترابي إلى جانب 6 آخرين من قيادات الحزب منهم الدكتور الأمين عبد الرازق، نائب الأمين السياسي للحزب، ورجل الأعمال عثمان عبد الله، المتهم بتمويل الحركات المسلحة بدارفور، وقال البيان إن توقيت اعتقال الترابي للمرة الخامسة مع قرب بلوغه عامه الـ79 يهدف في الأساس لإرهاب المعارضة وشق صفها المنتظم ويعبر في الوقت نفسه عن البؤس الأخلاقي والوهن السياسي للسلطة.
وقالت السيدة وصال المهدي، زوجة الترابي وشقيقة زعيم حزب الأمة الصادق المهدي، لـ«المصري اليوم» إن قوات الأمن داهمت المنزل في وقت متأخر من مساء الاثنين، مصطحبة عدد كبير من سيارات الشرطة واعتقلت زوجها وضربوا أحد معاونيه وألقوا القبض عليه، معتبرة اعتقاله ردة في طريق الحريات.
وبينما اعتبر مراقبون ومعارضون الاعتقال يأتي على خلفية حالة التهديد المتبادل بين الحكومة والمعارضة، قالت أجهزة الأمن أنها حصلت على وثائق تُؤكِّد ارتباط حزب المؤتمر الشعبي بحركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور.
وفى رد فعل سريع على عملية اعتقال الترابي، اعتبره رئيس حزب الأمة القومي ورئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي، إشارات سلبية للمعارضة باتخاذ النظام قراراً بالقمع وتنفيذ تهديداته للمعارضة، ودعا المهدي في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم» النظام إلى تقديم الترابي إلى محاكمة عادلة في حالة إذا ما كان اعتقاله راجعاً لأسباب أمنية، ولوجود وثائق حقيقية حول تورطه في عمل مسلح مع جماعات دارفور، مشيراً إلى أنه سبق واتهم الترابي بمثل هذه الاتهامات ولم يثبت ضده شيء.
وأضاف المهدي إن التفسير السياسي للعملية، غير الذي أعلنته أجهزة الأمن، يجعل الأمور في السودان تتجه نحو مواجهة حادة بين النظام والمعارضة، قدي تؤدي لانفلات الوضع مع تمادي النظام في تنفيذ تهديداته بقمع المعارضة على جميع أطيافها.
وبدورها أكدت مريم الصادق المهدي مساعد الأمين العام لحزب الأمة القومي السوداني، أن المعارضة جميعها ستنزل للشارع وأنها على الاستعداد للاعتقال في أي وقت، وقالت «نريد أن نشهد العالم كله عليهم فهم يريدون تفجير الاستفتاء، ولن نساعدهم في هذا الأمر لأن في ذلك خطر كبير على السودان».
كانت المعارضة السودانية هددت الأحد الماضي بتنظيم تظاهرات شعبية ما لم تقيل الحكومة وزير ماليتها، وتحل البرلمان،÷ وذلك على خلفية قراراتها برفع الأسعار، وأصدر ائتلاف المعارضة الذي يضم نحو عشرين حزباً بياناً هدد فيه بالنزول إلى الشارع.
وكان الترابي قبل اعتقاله بأيام استبعد في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم» أن يكون السودان قادراً علي الانضمام والوحدة مصر بعد انفصال الجنوب، وقال «نحن ننفصل الآن وأفكار وحدة الشمال مع مصر عسيرة في ظل هذه الظروف».
ودعا الترابي إلى تكوين منظومات اتحادية مع دول جوار السودان بعد جمع شماله وشرقه وغربه وقال:«حتى لا يلحق آخر بمن خرج من السودان»، وتابع «أؤمن بأن نجتمع في منظومات دولية مع مصر وتشاد وأثيوبيا واريتريا، لأن أوروبا الغربية تجتمع الآن كلها»، مشيراً إلى أنه يسعى لأن يتم حكم البلاد على أساس شوري حر، ورفض الترابي فكرة تشكيل حكومة علمانية بالسودان قائلاً «لا أشارك في حكومة علمانية بالمنهج الغربي، لأنني أعبد إلهاً يهديني في سياستي واقتصادي ومعاشي وعلاقاتي، وفي حربي وسلمي وفني ورياضتي، هذا هو الله الواحد الذي أعبده»، واعتبر رئيس حزب المؤتمر الشعبي أن الحكومة الموجودة بالسودان الآن غير إسلامية، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءته التوجيهات بأن لا تكون جباراً في الأرض، والتسلط ليس من حكم الإسلام، وكذلك جاءت التوجيهات الربانية بإقامة الشورى بالنيابة وليس بالتعيين وعدم خيانة العهود والمواثيق.