وسط الزحام، داخل أجنحة البيع المُتسعة في معرض القاهرة الدولى للكتاب، يمكن تمييز ضيوف المعرض من الجاليات الأجنبية بسهولة، رغم انخراطهم في أنشطة مُماثلة لنظرائهم من المصريين، يطالعون الأرفف بحماسة، يتصفحون بعض الكتب المُرشحة للشراء بإخلاص، يهتمون كذلك بإعداد ميزانية لشراء كافة الاحتياجات الثقافية والتعليمية، أو أغلبها على أسوأ تقدير، إلا أنهم يختلفون أخيراً عن المصريين لحظة شراء مُبتغاهم، وتسديد ثمنه للبائع، حيث تتصاعد حدة الحواجز اللغوية، ويبرز ضعف عربيتهم حديثة التشكل، لتتم عملية الشراء بشق الأنفس في بعض الأحيان دون أن تفقد لذة الانتصار.
مع مجموعة من الصديقات وزميلات الدراسة، أتت ماريانا إلى معرض القاهرة الدولى للكتاب، بميزانية تتسع لكتب ثقافية متنوعة، فضلاً عن أدلة تعلم اللغة العربية، تُقيم الفتاة العشرينية في القاهرة لفترة مؤقتة، بديلاً عن موطنها الأصلى هولندا، حيث تدرس اللغة العربية والثقافة المحلية، رحلتها التعليمية القصيرة للقاهرة من المتوقع أن تكفل لها خبرة لا بأس بها بالعربية، لذا تُقرر الحديث مع «المصرى اليوم» بالعربية: «جئنا أملاً في العثور على كتب رخيصة، الكتب بالفعل رخيصة جداً ما إذا قورنت بهولندا». عقدت «ماريانا» عددا من الصفقات الشرائية الناجحة، من منافذ بيع مُتباينة، بينها المنفذ الرسمى للجامعة الأمريكية، حيث اشترت عددا من الكتب باللغة الإنجليزية، بينما تسعى للحصول على كتيبات تعليم اللغة العربية عبر النصوص المُترجمة: «الكتب رخيصة، لكن سعر شحنها على الطائرة إبان العودة لهولندا يؤرقنى كثيراً»، تتوقع العودة في شهر مايو المُقبل مع غنيمتها الثقافية.
تستطيع تمييّزه بملامحه الآسيوية، في جماعة من أصدقائه، والذى يعرِف اللغة العربيّة وحده بينهم، الأمر الذي يرشحه لتولى مهمة مرشد رحلة الفريق الأولى لمعرض القاهرة الدولى للكتاب. رغم أنه حديث في صف اللغة العربية التمهيدى للدراسة في جامعة الأزهر، إلا أنه أتقن سريعاً مهارة نظم الكلمات إلى جوار بعضها لتكوين جمل عربيّة ومفهومة، رغم محدودية القاموس العربى الذي يمتلكه.. جعفر، الاسم العربى الذي يُقدم نفسه به بعد تعذُر استعادة اسمه التايلاندى الأول، فيما يستغرق التحدُث إليه وقتاً، إذ يحرِص على شرح مضمون حواره العربى بالتايلاندية إلى رفاقه المشدوهين لمهارته.
كُتب التراث المتصلة بصُلب دراسته المُستقبلية لأصول الدين- بعد الانتهاء من فصل اللغة العربية التمهيدى- كانت ضالة جعفر المنشودة في معرض القاهرة الدولى للكتاب. يرى جعفر أن معرض الكتاب أمر جيّد، يتعثر قليلاً في وصف شعوره تجاه المعرض ومدى جدواه، ثم ينتهى لأمنية شارحة «بلادى لا يوجد بها معرض للكتاب، إن شاء الله أريد أن يكون المعرض مرات كثيرة في العام».
خِلاف جعفر، فهذه ليست زيارة نصر الله وصديقه أشرف الأولى لمعرض الكتاب، فهو يعيش بالقاهرة للعام الثالث على التوالى، كطالب بجامعة الأزهر، لتُعد بذاك زيارته الثالثة للفعالية السنوية المصرية المُحتفية بالكتاب. وبالتوازى مع تعدُد زياراته لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، على مدار الأعوام السابقة، يستطيع جعفر رصد التزايد السنوى في أسعار الكُتب الواصل لذروته هذا العام «هذه مشكلة، كل سنة سعر الكتاب يكون أعلى من السنة السابقة».