x

جمال سليمان: تجربة «الشوارع الخلفية» منحتنى الحرية

الثلاثاء 06-09-2011 16:29 | كتب: أحمد الجزار |
تصوير : أدهم خورشيد

بثقة واضحة، نجح جمال سليمان فى تجسيد شخصية «شكرى عبدالعال»، الضابط المصرى الذى رفض إطلاق النار على المتظاهرين فى مسلسل «الشوارع الخلفية»، الذى اعتبره النقاد أحد أفضل المسلسلات هذا العام، وفى هذا الحوار أكد جمال سليمان انه نجح فى هذه التجربة بأن يتحرر من بعض القيود وأنه أصبح لديه ثقة فى نفسه، كما يرى أن غيابه عن السينما لا يفقده الكثير وأن هناك أعمالا تليفزيونية توازى نصف ما أنتجته السينما سواء المصرية أو السورية عن الفن وكان لنا هذا الحوار مع جمال سليمان:


 

■ كيف تعايشت مع شخصية شكرى عبدالعال؟


- «شكرى» ليس شخصية وطنية وحسب بل مجموعة من الشخصيات المترابطة وأحيانا المتناقضة. وهذا حال كل شخص فينا. فشكرى عبدالعال له أكثر من وجه فهو بطل فى نظر الشارع الذى يسكن فيه وحاول أن يخدم هذه الصورة ولكنه مع بناته الأب المكسور العاطل عن العمل الذى لن يستطيع تزويجهن كما يتمنى بسبب وضعه. أما مع حبيبته فهو العاشق الخمسينى الذى يريد أن تطغى مشاعره النبيلة على غرائزه كرجل وحدانى يعيش بلا امرأة منذ زمن. مع شباب الشارع هو البطل والقدوة والمثل والأب الروحى كل هذه الصور يريد أن يحافظ عليها بأى ثمن ولكنه أحيانا يخفق. كانت الصعوبة أنه كيف تقدم كل هذه الوجوه مع الحفاظ على وحدة الشخصية ورغم ذلك فإن الشخصية تعد جذابة بالنسبة لى لأنه من غير الجذاب أن تقدم شخصية نمطية.


■ ولكن تبدو فى هذه التجربة أكثر تحررا من الأعمال السابقة؟


- قد يكون ذلك حقيقياً لأننى سعيت لأن أحصل على حيز كبير من التلقائية وتعلمت مع الزمن أن أثق فى نفسى وأتركها على سجيتها. وأعترف بأننى لم أكن كذلك فى البدايات. كنت أحسبها جدا وكان يسيطر الطابع العقلانى على أدائى، ورغم أن ذلك ليس سيئا فإنه كان ينقصه جزء من الروح، ولكنى اكتسبت هذه الثقة بعد أن نجحت فى تقديم أعمال كبيرة وبلهجات مختلفة عن اللهجة التى اعتدت عليها.


■ ولكنها المرة الأولى فى مصر التى تقدم فيها عملاً مأخوذاً عن رواية أدبية؟


- أرى أن الرواية العربية أفضل مصدر للعمل التليفزيونى حتى إن المخرج هيثم حقى قد أطلق عليها «الرواية البصرية» وأعتقد أن ذلك وصف دقيق للمشروع التنويرى والثقافى الذى يجب أن يقوم به التليفزيون، وأعتقد أن الدراما قد نجحت لسنوات طويلة فى تحقيق قفزات بفضل الرواية.


■ وهل توقعت ردود الفعل التى حققها المسلسل أثناء عرضه؟


- بصراحة توقعت من البداية أن يحقق العمل مشاهدة جيدة ولكن لا أنكر أننى أقلق من المشاهد الرمضانى لأنه أحيانا يتعامل مع الأعمال مثل الأطعمة ولكن رغم ذلك فهو نفسه المشاهد الذى قد يهتم اهتمام عظيماً بالعمل بعد رمضان مثلما حدث فى مسلسل «قصة حب»، الذى اعتبره مغامرة أكثر من «الشوارع الخلفية» ولكننى أقتنع بأن هناك نقطة التقاء تحدث بين العمل الفنى والمشاهد سواء اليوم أو غدا.


■ وما هى حقيقة تقديمك لعمل بعنوان «أنا وصدام»؟


- بالفعل كنت سأقدم العمل لولا أنه لم ينجز فى الوقت المناسب. كما لاحظت أيضا أن معظم الفضائيات العربية تتجنب هذا الموضوع دون أن أعرف السبب الحقيقى ولكن رؤية المحطات أن الموضوع حساس وأنهم يخشون أن يخوضوا فى مثل هذه القضايا الإشكالية والتى قد لا تتفق مع فكرهم السياسى. والمسلسل تدور أحداثه حول شخص يتعرف على صدام حسين فى إحدى مراحل حياته وبعد وفاة صدام حسين يذهب ليبحث عن ابنه فى العراق الذى انضم للمقاومة وقد انعكس لقاؤه مع صدام فى عملية البحث عن ابنه. ومن خلال رحلته نرى كيف تحولت الحياة فى العراق، وأؤكد أن العمل لا يدافع إطلاقا عن صدام ولكن المشكلة أن أى تفكير حول العراق أصبح يقتصر على إدانة صدام أو الدفاع عنه. هذا لم يكن موضوعنا ولكن المسلسل يتعرض للعراق اليوم الذى تحول فيه إلى دولة طائفية وأصبح شبح التقسيم قائماً مادام هناك نزاع عرقى وطائفى وأى شخص يتأمل المشهد يرى ذلك.


■ وما رأيك فى اعتقال مجموعة من الفنانين والمثقفين بعد مشاركتهم فى المظاهرات؟


- هذا ما أزعجنى للغاية وأرى أنه خطوة فى الاتجاه الخاطئ بالنسبة للنظام ومن وجهة نظرى فهو مدان.


■ هل ترى أن الإعلام السورى يقع فى الخطأ نفسه الذى وقع فيه الإعلام المصرى أثناء الثورة؟


- هذا حقيقى، وأحد أسباب انفجار الأزمة هو الإعلام الضعيف الذى يخضع لوصايا ليس لها أفق.


■ هل فكرت فى النزول إلى هذه التظاهرات؟


- الحكاية ليست فى أن أنزل المظاهرات وأعتقد أن ما أقوم به من نشاط عبر وسائل الإعلام وإن كان محدودا بسبب حساسيتى المفرطة من أى شخص الآن يحاول أن يصنع نجومية على حساب تضحيات الناس وحساسيتى المفرطة من أى شخص حاول أن يركب الموجة ويصنع من نفسه بطلا. أنا لا أريد أن أصور نفسى على أننى بطل وفى الوقت نفسه لا أريد أن يصور رأيى الحر على أنه خيانة للناس. أريد أن أقول قناعاتى ولكن فى حدود أراها مناسبة وقد يكون ذلك مفيداً فى هذه المرحلة أكثر من النزول إلى المظاهرة.


■ أنت متهم من قبل السلطات السورية بأنك أيدت التظاهر وفى الوقت نفسه يضعك الثوار ضمن القوائم السوداء لعلاقتك بالنظام كيف ترى موقفك الآن؟


- أنا موجود فى قوائم الشرف والعار. لا أعرف إن كان الثوار الحقيقيون هم من يضعون هذه القوائم أم مجرد أشخاص يمارسون الفعل الثورى فى أوقات الفراغ على الفيس بوك. فى البداية قلقت جدا من ذلك لأنى لا أحب أن يخيب أمل الناس ولأنى أحمل قناعات قلتها فى السر والعلن دون أن أغير بها شيئا وكان حولى من يخاف على ويطلب منى أن أتجنب ذلك خوفا على وضعى كفنان لأنك تعرف ويعرف الناس أنه أصبح من السهل أن تنظم حملات تشويه سمعة لأى شخص عبر وسائل الاتصال الحديثة. الموضوع لا يكلفك أكثر من شخصين بلا ضمير وبلا أسماء حقيقية يجلسون على النت ساعتين كل يوم لمدة خمسة أيام وتتم تصفية الشخص المطلوب. لكنى وبصراحة تجاوزت هذا الأمر ولم أعد أتابع مواقع القوائم، لأن الأمر بالنسبة لى أكبر بكثير من ذلك. أضف إلى ذلك أن هذه القوائم تحمل بالنسبة لى رائحة الإرهاب الفكرى وتذكرنى بعقلية العصور الوسطى. هذه حرب إعلامية كبيرة يخوضها هواة ومحترفون، شرفاء وأنذال. لكنى كشخص أريد أن أتحرر من ذلك وأقول ما أقتنع ولو كنت غير ذلك لما كان هذا الحوار. وقد أكون مخطئا فى بعض القناعات ولكنها فى النهاية قناعاتى ولن أضطر إلى أن أجامل أى طرف على حساب الحقيقة، كما أراها بحثا عن مكان فى قائمته.


■ هل تضطر أحيانا إلى تقديم أعمال سورية حتى لا تتهم بالانحياز للأعمال المصرية؟


- بالتأكيد لا لأننى أحب الدراما السورية وأعتبر نفسى واحدا من الذين ساهموا فى بنائها وهى بيتى الأول ولها فضل على لأنها جعلت منى نجماً على مستوى العالم العربى، كما أننى أحب طريقة العمل بها ولكن الناس تعلم بأننى مقل بطبعى فى الأعمال وأقدم عملاً واحداً فقط فى العام أو عملين على الأكثر، أحدهما تاريخى والآخر معاصر ولكن عندما حضرت إلى مصر كان من الصعب أن أقدم عملين لأن العمل المصرى يتطلب منى وقتاً ومجهوداً كبيرين جدا وفى العام الذى لا أعثر فيه على عمل مصرى مناسب كما حدث فى عام 2008 قدمت مسلسلين «أهل الراية» و«فنجان الدم» وكان من المقرر هذا العام أن أقدم مسلسل «أنا وصدام» لولا ظروف كتابته، لذا فأنا لا أتأخر عن الدراما السورية ولكن إذا توافرت لى الفرصة.


■ ولماذا رفضت عرضا مغريا من إحدى شركات الإنتاج مقابل عرض أقل لشركة العدل فى مسلسل «الشوارع الخلفية»؟


- أعتقد أن قرارى احترافى من الدرجة الأولى لأن العمل أهم من المادة من وجهة نظرى، وعندما قررت العمل مع شركة العدل كنت أضمن على الأقل جودة العمل وأنه سيخرج على مستوى فنى مرض، ولكن اختيارى للأجر الأكبر كان سيحرمنى من أى ضمانات تخص العمل نفسه لذا عندما طلب منى جمال العدل تخفيض أجرى بسبب الثورة لم أتردد لأنه من مصلحتى أن تظل هذه الشركات تعمل لأنها لو توقفت عن الإنتاج سأتوقف وأجلس فى بيتى ومن الواجب أن نساند بعضنا البعض فى هذه الظروف لأننا نعمل فى منظومة واحدة، كما أننى أرى أن مسلسل «الشوارع الخلفية» هو مغامرة كبيرة فى ظل الأوضاع العادية فكيف عندما أرى منتجا متحمسا له فى هذه الظروف هل أتخلى عنه وأتركه؟.


■ ولكن ترى لماذا ينظر لمثل هذه الأعمال التليفزيونية بأنها بلا ذاكرة أو تاريخ مقارنة بالأعمال السينمائية؟


- أرى أنها مقاييس غير صحيحة بالمرة فهناك أعمال تليفزيونية لها أثر أهم بكثير من أعمال سينمائية عديدة وأرى من وجهة نظرى أن مسلسلاً مثل «الجماعة» أفضل من نصف السينما المصرية كما أرى مسلسل «التغريبة الفلسطينية» أفضل من ثلاثة أرباع ما أنتجته السينما السورية، وأرى أن صناعة الدراما التليفزيونية لها عدة طرق فى صناعتها مثل الفيلم السينمائى أيضا له عدة طرق، وهناك أفلام تصنع فى 15 يوما فقط لتعرض فى العيد وأعتقد أنها ليست سينما كما أن المسلسلات الآن أصبح بها لغة سينمائية متطورة وأعتقد أن الأيام المقبلة ستشهد تطورا كبيرا على مستوى الدراما التليفزيونية بينما ستظل السينما المصرية فى مكانها، وأرجو أن أكون مخطئاً إلا لو حدث تغير كلى فى نمط التفكير فى عملية إنتاج الفيلم السينمائى وسيكون المخرج الوحيد لها هو الموضوع وليس النجم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية