x

خبير علاج الأورام يكشف الطرق الجديدة لعلاج «المرض الخبيث»: العلاج المناعى أصبح خط الدفاع الأول

السبت 04-02-2017 22:07 | كتب: محمد منصور |
المصري اليوم تحاور«الدكتور ياسر عبدالقادر»، أستاذ لعلاج الأورام السرطانية بكلية الطب جامعة القاهرة المصري اليوم تحاور«الدكتور ياسر عبدالقادر»، أستاذ لعلاج الأورام السرطانية بكلية الطب جامعة القاهرة تصوير : سمير صادق

يعمل الدكتور ياسر عبدالقادر أستاذًا لعلاج الأورام السرطانية بكلية الطب جامعة القاهرة، وهو أحد خبراء العلاج الكيماوى فى مصر. يشرح الدكتور عبدالقادر خلال حواره مع «المصرى اليوم» الأسس العلمية التى يبنى عليها تقنيات العلاج المناعى، كما ينتقد أساليب العلاج المعروفة بـ«الطب البديل»، ويتحدث عن الآمال الكبرى التى تنتظر مرضى الأورام الخبيثة.. وإلى نص الحوار.

المصري اليوم تحاور«الدكتور ياسر عبدالقادر»، أستاذ لعلاج الأورام السرطانية بكلية الطب جامعة القاهرة

■ ما أهم التقنيات الحديثة لعلاج السرطان؟

- يعد عام 2016 عام اكتشاف أدوية السرطان، إذ تمكن العلماء من اكتشاف مجموعة من الأدوية الجديدة كليًا، وابتكار طرق حديثة لعلاج الأورام الخبيثة.

فمنذ أن استخدم العلاج الكيماوى عام 1945، كانت استراتيجية العلاج واحدة، وهى قتل الخلايا سريعة النمو والانتشار، وهو ما يؤدى إلى قتل الخلايا السرطانية وباقى الخلايا التى تتكاثر بسرعة، فمثلاً يتسبب العلاج التقليدى فى تساقط الشعر، إذ إن خلايا الشعر تنمو بصورة أكبر من خلايا السرطان، وحيث إن ذلك النوع من العلاج يستهدف الخلايا سريعة التكاثر، يصبح الشعر هدفًا له مع الخلايا السرطانية، وهو الأمر الذى يسبب أضرارًا نفسية للمريض، أما فى عام 2016؛ فقد دخل نوع جديد من العلاج إلى ملعب السرطان، وهو العلاج المناعى.

■ وما هو العلاج المناعى؟

- يُعد العلاج المناعى علاجًا حيويًا يقوم باستثارة الخلايا المناعية ورفع كفاءتها وإنتاجها لتمييز السرطانات وتحفيز جهاز المناعة لمقاومة المرض الخبيث، وذلك عن طريق استخدام مركبات حيوية يتم إنتاجها معمليًا وتشبه تلك التى تفرزها الخلايا المناعية ويتم حقنها داخل المريض لمساعدته على تحفيز جهازه المناعى وتدمير السرطان.

■ وهل نجح العلاج المناعى فى علاج أى نوع من أنواع السرطان؟

- يتم استخدام العلاج المناعى بالفعل كخط دفاع أول فى سرطان الرئة، كانت الآمال المتعلقة بعلاج سرطان الرئة المتقدم بالطرق التقليدية ضعيفة للغاية، والآن؛ وبفضل العلاج المناعي؛ أصبحت تلك الآمال معقولة للغاية، وأصبحت نسب السيطرة على المرض عالية للغاية، فمريض السرطان فى المرحلة الرابعة على سبيل المثال والذى يستخدم الأطباء الأسلوب المناعى لعلاجه أصبح يعيش لفترات قد تمتد لسنين، بعد أن كانت مجرد شهور، مع الأخذ فى الاعتبار أن السرطان هو السبب الثانى للوفيات فى العالم بعد أمراض الشرايين التاجية، ويُعد سرطان الرئة هو السبب الأول للوفيات فى أنواع السرطان المختلفة، ويتساوى فى ذلك مع 4 أمراض سرطانية أخرى هى البنكرياس والبروستاتا والثدى والقولون.

■ وهل حصل العلاج المناعى على الموافقات اللازمة لتطبيقه؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور ياسر عبدالقادر»، أستاذ لعلاج الأورام السرطانية بكلية الطب جامعة القاهرة

- طبعًا، فالجمعيات الأوروبية والأمريكية أعطت الضوء الأخضر لاستخدام العلاج المناعى كخط دفاع أول فى سرطان الرئة، وكخط دفاع ثان فى سرطان المثانة، وسرطانات الجلد. جيمى كارتر على سبيل المثال عانى من سرطان الجلد والمخ فى فترة من الفترات، وحصل على العلاج المناعى، وهو حى يرزق إلى الآن، ويُعد أبرز مثال على نجاح تقنيات العلاج المناعى.

■ هل هناك عيوب للعلاج المناعى؟

- تعد التكلفة أحد أهم عيوب العلاج المناعى، فالتقنية تُعد جديدة نسبيًا، ولا تُسبب الأعراض الجانبية سيئة السمعة التى تنتج عن العلاج بالطرق التقليدية والتى تشمل القىء وتساقط الشعر، وبالتالى فهو باهظ الثمن، ولا يُمكن أن يتحمل كلفته سوى الأغنياء.

وهناك عدد من الأعراض الجانبية الأخرى، والتى تشمل التهابات القولون والتهابات الرئة، الطفح الجلدى، لذا يجب أن يكون الطبيب على دراية كاملة بتلك الأعراض، مع شرحها للمريض حتى لا يفاجأ بها.

■ هناك عدة طرق أخرى لعلاج السرطان، منها التحليل الجينى وما يعرف بالعلاج بالغذاء.. فهل يُمكن أن تساهم تلك الطرق فى رفع نسب الشفاء؟

- بالنسبة لتقنيات التحليل الجينى والتى يطلق عليها الخبراء التشخيص الجزيئى، فهى تقنية تهدف إلى فحص الحمض النووى للمريض للبحث عن مسببات المرض، يحمل 30 % من المصريين المرضى بالسرطان جينًا يُسبب الإصابة بالمرض، وفى تلك الحالات؛ يُفضل استخدام العلاج بالأقراص، عوضًا عن العلاج الكيماوى أو العلاج المناعى، لكل مريض بالطبع حالة خاصة تستوجب نوعًا من العلاج يحدده الطبيب المختص، وقد أضاف لنا العلم فى الآونة الأخيرة تلك الطريقة، لرفع المعاناة عن مرضى السرطان.

أما ما يعرف بالعلاج الغذائى، والذى يعتمد على تناول أنواع معينة من الخضروات وتجنب البروتين الحيوانى، فهذا لا يساهم بأى شكل من الأشكال فى علاج أمراض السرطان، النمط الغذائى قد يُساهم فى الوقاية من سرطانات الجهاز الهضمى فحسب، فالمجتمعات التى تستهلك كميات كبيرة من اللحوم وتقلل من الألياف تزيد بها سرطانات الجهاز الهضمى، والعكس صحيح، لكن لا علاقة لسرطانات المخ والجلد والثدى والكبد مثلاً باتباع الأنظمة الغذائية.

رغم عدم وجود بحث قاطع فى ذلك المجال، إلا أن الأنظمة الغذائية المتوازنة قد تُحسن صحة المريض وجودة حياته أثناء تلقيه العلاج، لكن، وبشكل مؤكد، لم يثبت العلم إلى الآن إمكانية المعالجة باتباع أنظمة غذائية، وكل المروجين لتلك الأنظمة نصابون، ولا يجب الالتفات لطريقة علاجهم.

هناك أيضًا من يقول إن هناك نظاماً للعلاج بالأعشاب، وأنا أحذر من كل تلك الأنظمة لأنها تضر المريض وتساهم فى تدهور حالته ولا تنفعه على الإطلاق، لدينا كتاب وقواعد لعلاج السرطان، يلتزم بها المجتمع العلمى، ويجب على المريض الالتزام هو الآخر بها، إن أراد الشفاء.

■ وما تكلفة العلاج بالأقراص؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور ياسر عبدالقادر»، أستاذ لعلاج الأورام السرطانية بكلية الطب جامعة القاهرة

- لا تُقارن بتكلفة العلاج المناعى على الإطلاق، إذ أنها أرخص سعرًا بكثير، وقد تم تسعيرها بالفعل من وزارة الصحة وهى مطروحة بالصيدليات حاليًا، لكن نرجو أن يرتفع وعى أطباء الأورام ويقومون بالتوصية بعمل التحليل الجينى للمرضى قبل اختيار تقنية العلاج.

■ يهدف علاج السرطان إلى شفاء المرضى، أو السيطرة على المرض، تقليل حجم الورم، أو حتى مجرد تلطيف الأعراض.. فإلى أى مدى تنجح التقنيات الجديدة؟

- العلاج المناعى يستطيع الوصول إلى الأهداف الأربعة فى ذات الوقت، فهو قادر على السيطرة بصورة أكبر، مع أفضل نتائج تعجل نسب البقاء على قيد الحياة أكبر بكثير، وهو سريع المفعول، ففى حالة الأورام الكبيرة التى تقوم بسد المجارى التنفسية على سبيل المثال، يعطى العلاج المناعى نتائج إيجابية فى جلسة واحدة فقط.

■ هناك علماء يسعون إلى تعميم تقنية العلاج الشخصى للسرطان.. فما هو ذلك العلاج؟ وهل يُمكن أن يساهم فى السيطرة على ذلك المرض؟

- يُعرف العلاج الشخصى بكونه إحدى التقنيات التى تعتمد على تشخيص المرض عبر فحوصات جينية مفصلة، للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعلومات عن طبيعة المرض، إذ أردنا أن نبسط الأمر، يشبه العلاج الشخصى عمل مزرعة حيوية للبول، إذ تُمكننا تقنيات العلاج الشخصى من معرفة مدى حساسية المرض للعلاجات المختلفة، وقد يُظهر لنا العلاج الشخصى أن الدواء اللازم لعلاج سرطان الرئة مثلاً هو علاج مخصص لسرطان المخ، وبالتالى نعطى هذا الشخص بعينه دواء مُخصصاً أساساً لعلاج سرطان المخ لمداواة مرضه- سرطان الرئة- لكن هناك شرطًا أساسيًا فى استخدام العلاج الشخصى، وهو عدم البدء بتلك التقنية على الفور، فهناك خبرة للعلم، تجعلنا نبدأ بالطرق التى اعترف بها العلم، فلا يُمكن أن نستخدم العلاج الشخصى كخط دفاع أول ولا حتى ثان فى علاج السرطان.

■ أين تقع مصر على خريطة الأبحاث فى مجال العلاجات الجديدة للسرطان؟

- يسعدنى أن أقول إن هناك مراكز بحثية تعمل على قدم وساق لعمل أبحاث مصرية فى مجال علاج السرطان، خبرتنا كبيرة للغاية، ونتداول ونعرض آخر الأبحاث مع العلماء الأجانب.

■ وهل تم التعامل بأنظمة العلاج المناعى فى مصر؟

- بالطبع، دخل العلاج المناعى كخط دفاع ثان لعلاج سرطان المناعة، ونحن فى انتظار مجموعة من الأدوية المناعية المسجلة لاستخدامها كخط دفاع أول فى حالات سرطان الرئة.

■ ومن سيتحمل كلفة العلاج المنتظر؟

- الدولة بالطبع عليها أن تتحرك فى مسار الضغط على شركات الأدوية، مثلما فعلنا مع أدوية فيروس سى، وإلى الآن يتحمل المريض الراغب فى تجربة العلاج المناعى كل التكاليف.

■ هل هناك أى احصائيات واضحة عن أعداد وفيات مرضى السرطان فى مصر؟ ونسب الشفاء على وجه التحديد؟

- لا أملك إحصائيات خاصة بأعداد الوفاة الناجمة عن مرض السرطان، أما بالنسبة لنسب الشفاء ففى مصر تقترب نسب الشفاء من 50%، وهى قريبة من النسبة العالمية المقدرة بـ57%.

■ ولماذا لا نقترب أكثر من النسب العالمية؟

- ليس بسبب تقنيات العلاج، لكن بسبب الظروف الاجتماعية التى تجعل اكتشاف المرض متأخرًا، فالسيدات المصابات بمرض سرطان الثدى على سبيل المثال يكتشفن إصابتهن بالمرض فى مراحل متأخرة، وهو ما يحد من نسب الشفاء، وهكذا بالنسبة لباقى أنواع السرطان.

■ ارتفعت فى الآونة الأخيرة وتيرة الأبحاث فى محاولة لابتكار طرق جديدة لعلاج السرطان.. فمتى سينتهى السرطان من العالم؟

- فى غضون من 5 إلى 10 سنوات، أعتقد أن هناك موجة ثالثة لعلاج السرطان، وسيتحول السرطان إلى مرض مزمن كالسكرى والضغط، علاجه سيكون بقرص واحد يوميًا.. الأمل كبير جدًا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية