x

«حافة الكوثر».. رواية كاشفة لأزمة جيل

الخميس 02-02-2017 22:36 | كتب: خالد عزب |
رواية حافة الكوثر رواية حافة الكوثر تصوير : آخرون

الرواية الأولى لروائي قد تكون كاشفة لقدرات الروائي في السرد، لكن الأكثر أهمية هي أن تقدم رؤيته للحياة. في رواية «حافة الكوثر» للأديب على عطا الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية نجد مستويات متعددة من الحكي، باستدعاء الماضي تارة أو بإثرائها بالشخوص والأحداث.

هنا أستطيع أن استدعي عبر صفحات الرواية شيء آخر هام، هو قدرة الراوي في التعبير عن أزمة جيله، هو يدخل مصحة نفسية للاكتئاب، لكنه يؤكد أن الاكتئاب مرض شائع، وقد لا يكون ضرورياً أن يدخل صاحبه مصحه، لكن شيوع الاكتئاب له أسباب متعددة، في حالة الراوي، هي سبب اجتماعي وفي حالات أخرى قد يكون اقتصادي أو سياسي، فهل عبر الراوي عن أزمة جيل في حقيقة الأمر، إن من ولدوا في ستينيات القرن العشرين في مصر وامتد بهم العمر إلى الآن مروا بأزمات واضطرابات اجتماعية وسياسية عديدة، وتحولات اقتصادية، فضلاً عن انسداد أفق الصعود السياسي لمن هم يطمحون لممارسة العمل السياسي، أو انسداد أفق الصعود الاجتماعي لتحول المجتمع لطبقية جديدة، هي طبقية الوظائف المغلقة على أسر معينة، فهل كان على عطا في حافة الكوثر يعبر عن هذا بصور مختلفة عبر مصحة الكوثر التي يرتادها عدد من شخوص روايته، سؤال لا تجيب عنه الرواية.

الراوي يتركك لكي تسأل نفسك، فالراوي هنا يترك قارئة لكي يتخيل أحداثاُ اضافية، فالراوي يترك مساحات للقارئ ليبني مع الراوي أحداثاً، فهل على عطا هنا يستخدم تقنيات السرد الرقمي التي يشترك فيها المبدع والقارئ في بناء واستكمال العمل الأدبي، لعله قصد ذلك. لكن في ثنايا الرواية قد تستطيع أن تقرأ أن المؤلف بصدد عمل روائي آخر يمهد له، فهو بقدر ما أعطى فقرات متناثرة مترابطة مع النص عن ذكرياته في مدينة المنصورة إلا أنه ترك القارئ شغوفاً لكي يعرف المزيد على ذكرياته الراوي في هذه المدينة.

حافة الكوثر جسدت جزءاً مهماً من تاريخ أعماق المجتمع المصري عبر قرونهوتشبكاته، فالرواية شبه سير ذاتية لشخص الراوي، الزمان والمكان كلاهما حاضران، لكن على قدر بطولة الراوي تبدو بطولة المكان وهو المصحة النفسية، الرواية تجعل من المرض النفسي مرض يشفي منه الإنسان، لكن الراوي يرى أن العلاج بالكتابة قد يكون هو الحل، إننا هنا أمام أزمة طبقة متعلمة في مصر، طبقة مبدعة، لم تستطع أن تعبر عن نفسها، فاعتصرها الاكتئاب، فهل الراوي يحذرنا، أم أنه يبحث عن شفاء، فأزمته حتى في سكنه الذي حلم به تعاني من إهمال الدولة، وأزمته في صراعات المجتمع بين زوجته الأولى والثانية تعكس اضطراب العلاقات الزوجية، وأزمته في التواصل مع موطنه، حيث ولد جسدها بأنها أصبحت إرسال الأموال للأهل أو الذهاب في حالات الوفاة، فهل هو يعبر عن لحظة تفكك المجتمع؟، أسئلة عديدة تطرحها هذه الرواية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية