x

تونس تبدأ عهداً جديداً.. و«بن علي» يجوب سماء المنطقة بطائرته بحثاً عن مأوى

السبت 15-01-2011 01:10 | كتب: وكالات |
تصوير : رويترز

 

تدخل تونس صباح السبت، عهداً سياسياً جديداً بعدما أطاحت الاضطرابات الدامية التي تعصف بالبلاد منذ شهر بالرئيس زين العابدين بن علي الذي غادر العاصمة الجمعة إلى جهة غير معلومة فيما أعلن رئيس الوزراء محمد الغنوشي تولي السلطة موقتاً.

وجاء الإعلان عن مغادرة بن علي (74 عاما) والذي يحكم تونس بيد من حديد منذ 23 عاما، بعد ساعات من إعلان حالة الطوارىء عقب صدامات عنيفة شهدتها العاصمة التونسية ومدن أخرى، ورغم قراره حل الحكومة والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة.

ولم تحدد الوجهة التي قصدها بن علي، وهو أول زعيم عربي تطيح به انتفاضه شعبية.

إلا أن متحدثا باسم الحكومة المالطية أعلن أن طائرة بن علي حلقت في أجواء مالطا «في اتجاه الشمال».

وفي باريس نفى قصر الإليزيه معلومات تحدثت عن وصوله إلى فرنسا بل إن مصدراً قريبا من الحكومة أكد أن فرنسا «لا ترغب» في مجيء بن علي إلى أراضيها.

وذكرت صحيفة لو موند الفرنسية أن طائرة قادمة من تونس وصلت إلى مطار لو بورجيه بضواحي باريس الساعة 1830 بتوقيت جرينتش تقل ابنة وحفيدة لابن علي.

فيما ترددت أنباء عن وصول طائرة بن علي إلى إيطاليا للتزود بالوقود، وقالت قناة الجزيرة إنه سيتوجه إلى دولة خليجية.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن باريس «أخذت علماً بالعملية الدستورية الانتقالية» في تونس وأنها «تقف إلى جانب الشعب التونسي في هذه المرحلة الحاسمة».

وفي واشنطن أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما الجمعة بـ«شجاعة وكرامة» الشعب التونسي، داعيا إلى إجراء انتخابات نزيهة وحرة في البلاد.

أما الاتحاد الأوروبي فدعا إلى «حل ديموقراطي دائم» في تونس.

وأعلن الغنوشي في بيان قرأه عبر التلفزيون الرسمي محاطا برئيسي مجلس النواب فؤاد المبزع ومجلس المستشارين عبد الله القلال عن تسلمه الحكم «طبقا لأحكام الفصل 56 من الدستور» الذي يتناول «تعذر رئيس الجمهورية القيام بمهامه بصفة وقتية».

وأضاف: «وباعتبار تعذر على رئيس الجمهورية ممارسة مهامه بصفة وقتية، أتولى من الآن سلطات رئيس الجمهورية وأدعو كافة أبناء الشعب من مختلف الحساسيات الفكرية والسياسية والفئات والجهات بالتحلي بالوحدة لتمكين بلادنا التي تعز علينا جميعا من تخطي هذه الصعاب».

كما تعهد الغنوشي بـ«احترام الدستور» والقيام بـ«الإصلاحات السياسية والاجتماعية التي تم الإعلان عنها بكل دقة بالتعاون مع الأحزاب ومكونات المجتمع المدني».

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية أن الغنوشي تولى مهامه بناء على «أمر تفويض» من بن علي.

وسمع صوت إطلاق رصاص من أسلحة رشاشة مساء الجمعة في تونس العاصمة بعيد مغادرة بن علي إلا أنه لم يكن بالإمكان معرفة مصدر إطلاق النار بدقة في العاصمة التي خلت إلا من قوات الأمن.

وهتف كهل تونسي في قلب العاصمة: «الشعب هب وبن علي هرب» و«عاش الشعب التونسي العظيم» قبل أن يمسك به عناصر الأمن.

وقال محمد فاضل النشط النقابي المحلي إن نحو 5000 شخص تجمعوا في شوارع بلدة منزل بوزيان في جنوب البلاد للاحتفال برحيل بن علي.

وكانت السلطات التونسية أعلنت حالة الطوارىء «في كامل أنحاء الجمهورية .. حفاظا على سلامة الأشخاص والمملتكات من الشغب»، كما أعلن الجيش عصرا سيطرته على مطار تونس قرطاج الدولي وإغلاق المجال الجوي.

وقد تواصلت منذ صباح الجمعة التظاهرات والتجمعات في وسط تونس بمشاركة آلاف المتظاهرين قبل أن تفرقهم قوات الأمن بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع.

وأعلن المتظاهرون عزمهم على مواصلة الاحتجاج «لحين سقوط النظام» ورفعوا لافتات كتب عليها «بن علي ارحل» و«خبز وماء بن علي لا».

وطالبت أحزاب المعارضة الرئيسية المعترف بها والمحظورة، الجمعة بـ«تنحي بن علي وتشكيل حكومة موقتة تكلف خلال ستة أشهر إجراء انتخابات حرة»، وذلك في بيان مشترك صدر في باريس.

وكان الرئيس التونسي وبضغط من الشارع ألقى خطابا مساء الخميس حاول فيه نزع فتيل الاحتجاجات، وطلب التوقف عن إطلاق النار على المتظاهرين وأعلن عدم ترشحه مجددا للرئاسة في 2014 كما أعلن عن إجراءات لضمان الديموقراطية وحرية الإعلام وتدابير أخرى لخفض الأسعار.

إلا أن المواجهات استمرت بعد هذا الخطاب موقعة 13 قتيلاً مدنياً برصاص قوات الأمن، إضافة إلى 66 آخرين قتلوا منذ بدء المواجهات بحسب الاتحاد الدولي لروابط حقوق الإنسان.

واندلعت الثورة الاجتماعية في تونس في 17 ديسمبر ضد غلاء المعيشة والبطالة والفساد إثر انتحار الشاب التونسي محمد البوعزيزي (26 عاما) بإضرام النار في نفسه في سيدي بوزيد احتجاجا على مصادرة عربته لبيع الخضار.

وقال شقيقه سالم البوعزيزي بعد الإعلان عن مغادرة بن علي: «الحمد لله ظهر حق أخي، ولم يذهب دمه هدراً»، وأضاف في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس: «هم الذين قتلوه، النظام والسلطة» مؤكداً «أخي أصبح رمزا وأنا لا أجد الكلمات للتعبير عما حصل اليوم».

وكانت الحكومة التونسية حاولت عبثا تهدئة الاوضاع باقالة العديد من المسؤولين آخرهم وزير الداخلية وإعلان الافراج عن جميع الموقوفين «باستثناء المتورطين في اعمال نهب».

وأثار العنف والتحول السريع في مسار الأحداث قلقا في أنحاء العالم العربي حيث تواجه أنظمة حكم ضغوطا مشابهة من أعداد متنامية من الشبان والمصاعب الاقتصادية وتزايد التشدد.

وقالت مؤسسة «ستراتفور» الأمريكية لاستشارات المخاطر السياسية: «يمثل سقوط ابن علي أول سقوط لنظام استبدادي في مواجهة انتفاضة شعبية في العالم العربي»، وأضافت: «سينظر الآن الزعماء في أنحاء العالم العربي لاسيما في منطقة شمال افريقيا إلى المثال التونسي بقلق بشأن كيف يمكن أن يتكرر الوضع في بلدانهم».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية