الزائر لقرى النوبة لا يحتاج لمن يقول له: «أنت صاحب بيت»، فهو كذلك بالفعل حتى لو كان غريباً عن أهلها، وذلك بسبب جو الدفء العائلى الذى يعيش فيه أهل القرى النوبية عامة.. وهو ما يجعلك تتأكد أن للبيت النوبى مذاقاً خاصاً..
تتميز بيوت النوبة بألوانها الزاهية الزرقاء والخضراء، والتى يحمل كل منها معنى يعتز به ساكنه، فالأول تعبير عن مياه النيل البعيدة عن قرى التهجير، أما الثانى فهو لون الخضرة التى نقلوها إلى الصحراء بعد 45 عاما من السكن فى وادى الجن، على بعد 60 كيلو من أسوان والتى جعلتهم يحولونها إلى نوبة جديدة.
يقسم النوبيون حجرات بيوتهم بطريقة تجعل حجرة الضيوف «المندرة» مطلة على كل معالم البيت، وفى خلفيتها يوجد الحمام، وفى مقابلها الجنينة الداخلية للمنزل، والتى يتم زراعتها بالنخيل ذى المكانة المقدسة فى نفوس النوبيين، والصبار ذى الدلالة الواضحة على البيئة الصحراوية، أما أثاث المندرة، فيغلب عليه اللون الأخضر.
للنوبيين طريقتهم الخاصة فى إلقاء التحية على بعضهم، فالنوبى يسلم على النوبى مثله بقبلة على الكتف من الجانبين، ولا مانع من السلام على النساء من كبار السن، بنفس الطريقة، فالسلام عبارة عن انحناء بالرأس كأنها ستقبل الكتفين، دون التلامس، وهذا السلام يؤكدون به أن النوبيين جميعا إخوة.
بيوت النوبيين لا تجدها مغلقة أبداً طوال النهار، فجلسات النساء لا تنتهى، أما الرجال فإنهم دائمو التواجد سويا، حتى إنه فى حال سفر بعضهم للعمل خارج قريته، فإنه ينتهز فرصة الحاجة إلى عمال، ليستقطب أكبر عدد ممكن من أهله، وجيرانه.
فى البيت النوبى يعد النخيل هو النبات الأكثر أهمية، فمنه يُصنع السقف الخاص بوسط المنزل، ويصنع منه «العنجرية» وهو السرير النوبى القديم، ومن النخيل أيضا تُصنع الأطباق وأغطيتها التى لا يمكن لعروس أن تتزوج دونها، إضافة إلى استخدام هذه الأطباق فى تزيين الحوائط، وهناك «الحُصر» التى يتم فرشها على الأرض، والمقاطف التى تستخدم فى أعمال الزراعة، والمقشات ولوف الاستحمام.
فى الجزء المغطى بالجريد وسط البيت، يتم تجهيز المكان الذى يستريح فيه أهل المنزل، _ بعد عودتهم من العمل فى أراضيهم، حيث يعمل 35% من شباب قرى نصر النوبة بالزراعة، وفى هذا المكان يتم رص الأسرّة الصغيرة التى لا يزيد عرضها على متر واحد، كى ينام عليها أهل المنزل فترة الظهيرة، مستمتعين بالهواء النقى، وبشكل الخضرة الذى يواجههم، إضافة إلى قربهم من «الزير»، حيث المياه النقية الباردة، لكن ذلك لم يمنع من وجود مراوح وتكييفات فى بعض البيوت وكذلك ثلاجات وديب فريزر أيضا.
فى القرية النوبية تبدأ الحياة مع صلاة الفجر، حيث يستيقظ الأهالى مع صلاة الفجر، ثم يبدأون فى ممارسة طقوس حياتهم، حيث يتناولون طعامهم، بعد أن تطهو النساء «المديد»، مع الجبن، والبيض والبطاطس المقلية، بعدها يذهب الأطفال والشباب إلى مدارسهم وجامعاتهم، فيما يذهب الرجال إلى أراضيهم، فالعمل فى النوبة يقتصر على الزراعة والتدريس، إضافة إلى العمل كسائقين، وهو الأمر الذى جعل الغالبية من الشباب بمجرد انتهاء تعليمهم، يهاجرون من قراهم إلى القاهرة، أو أسوان، بحثا عن فرصة عمل، بينما تنتظر الفتيات فرصة عمل أو زواج مناسبة، أما النساء الكبار، فإن حياتهن تقتصر على رعاية المنزل، وشؤونه، ورعاية الأبناء، وبعد الانتهاء من دورهن، فإنهن يخرجن للجلوس مع باقى نساء الشارع على «المصطبة»، وهى عبارة عن «كنبة» من الطوب والأسمنت، موجودة أمام كل منزل، يجلسون عليها للسمر ليلا، ويجلس عليها الرجال والنساء والأطفال سويا، يتبادلون الأحاديث، ولا مانع من الغناء أحيانا، فالغناء والرقص بالنسبة للنوبى كالماء والهواء، والرقص فهو عبارة عن عادة لا تتوقف عنها حتى إذا بلغت من العمر أرذله، وهو لا يزيد عن حركة الجسد بأكمله يمينا ويسارا ضمن فريق كبير، حيث يجمع الفريق الرجال صغيرهم وكبيرهم، وهو الأمر نفسه بالنسبة للنساء، ورغم وجود التليفزيون والدش، فإن القرى النوبية تحتفظ بطقوسها فى النوم مبكرا، حتى إنه بعد التاسعة مساءً تتوقف المواصلات من وإلى القرية تماماً
بسبب الطبيعة الحارة سعى النوبيون إلى ابتكار مشروب مرطب يعمل على ترطيب الجسم وإراحة المعدة لما فيه من مواد متخمرة، فلا تخلو مائدة منه طوال الصيف وشهر رمضان، ويتكون من: دقيق القمح - مياه - ليمون.
الإعداد:
يتم عجن كمية من الدقيق مع الماء، ويترك ليخمر لمدة أسبوع، يتم تخفيف العجين الذى يصبح ثقيلا بكمية من الماء ثم يخبز كشرائح رقيقة جدا، وتتم تسويته على نار هادئة، ويقطع قطعاً صغيرة ويضاف إليه عصير الليمون.
«الإتر» هى أكلة نوبية فاجكية تتكون من: كيلو من أى نوع من الخضروات الآتية ( سبانخ - سلق - ورق بسلة- خبيزة - ملوخية) - حزمة من الشبت والقدونس وحزمة من الكسبرة الخضراء 3 ملاعق كبيرة بامية ناشفة - بصلتان مفريتان 3 أكواب من الماء 4 فصوص ثوم مفروم - ملح وفلفل،الطريقة: يتم تقطيع أوراق الخضار، ثم تضاف إليه أوراق الشبت والبقدونس، ويتم تشويح البصل والثوم فى قليل من الزيد، ثم يضاف إليهما الماء ويترك حتى الغليان، وتضاف الخضروات التى تترك أوراقها دون «خرط» إلى الماء، ويتم التقليب، كل فترة، مع إضافة البامية الجافة تدريجيا إلى الإتر، مع الضغط بالملعقة على المكونات بحيث يتحول الخضار فى الإناء إلى شكل الخليط، ويرفع عن النار بعد 25 دقيقة.
الجكود:
الجكود هو نفس أكلة الإتر، ولكن عند النوبيين الكنوز..