أفادت وثيقة أمريكية جديدة بتاريخ 16 سبتمبر 1986 كتبها السفير الأمريكى بالقاهرة حينها، فرانك جى ويزنر، بأن السفارة اتخذت ثلاثة انطباعات قوية عن جماعة الإخوان المسلمين يوم 10 سبتمبر من العام نفسه، والانطباعات هى: أن القيادة الجديدة لجماعة الإخوان «حريصة على إقامة حوار مع سفارة الولايات المتحدة» وأن هذه الرغبة قد تكون «محاولة لإضافة شرعية للإخوان باعتبارها كياناً سياسياً»، والثانى أن الجماعة فى الوقت ذاته «قلقة للغاية» بشأن تجنب إحداث مشاكل مع وزارة الداخلية، أما الانطباع الثالث فهو أن المرشد الجديد حامد أبوالنصر يبدو دوره «صوريا»، وأن نائبه مصطفى مشهور هو الذى يمتلك «السلطة الحقيقية».
وقالت الوثيقة إن القيادة السابقة للإخوان كانت أقل اهتماماً بتجنب المشاكل مع الحكومة المصرية، موضحةً أن «عمر التلمسانى» لم يطلب موافقة مسبقة على مقابلة أى موظف من السفارة، على الأقل ليس من خلال المسؤولين فى السفارة، رغم اتصالاته المتكررة مع المسؤولين بها.
وأوضحت الوثيقة أن الاتصال الرسمى الأول مع القيادة الجديدة لجماعة الإخوان المسلمين الجديدة جاء بعد وفاة المرشد الأسبق عمر التلمسانى فى مايو 1986، بعد 4 شهور وبالتحديد يوم 10 سبتمبر من العام نفسه، مضيفةً أن اللقاء الرسمى كان فى مكتب «مجلة الدعوة» التابعة للإخوان فيما سبق.
وتابعت: «اللقاء كان قصيراً ولكنه كان ودياً ولم يكن مطولاً كما كان مخططاً له». وأفادت الوثيقة بأن نائب المرشد، مصطفى مشهور، تجاوب لطلب السفارة يوم 9 سبتمبر بدعوة المرشد الجديد وقتها محمد حامد أبوالنصر، لكنه طالبها بضمان عدم وجود مشكلات مع وزارة الداخلية.
وأصر مشهور وأبوالنصر مراراً على الحصول على إذن خطى كى يجتمع المرشد بالسفير، بجانب ترحيبهم بالاتصال المستمر مع السفارة، وأعربوا عن استعدادهم لتلبية طلب المقابلة فى لقاء مطول فى أسرع وقت ممكن، أو حتى فى وقت لاحق من نفس اليوم، أو خلال الأيام التالية، فى حال وجود إذن كتابى من وزارة الداخلية.
وأشارت الوثيقة إلى أن مندوبى الجماعة أكدوا أن الحكومة المصرية كانت تقدم موافقتها شفهياً للجماعة من أجل إجراء اتصالات مع السفارة البريطانية، لكنها تعتبر تلك الاتصالات بمثابة أنشطة «غير قانونية» ويمكن استغلالها ضد الجماعة.
فيما أعرب المسؤول الأمريكى الذى قابل مندوبى الجماعة عن احترامه الكامل للقانون المصرى وتفهمه لموقف الإخوان المسلمين فى مصر، معبراً عن أمله فى أن يتم حل القضية بسرعة مما يسمح بلقاء سريع بهدف تعزيز التفاهم المتبادل بين الجانبين.
وتابعت الوثيقة «مشهور وأبوالنصر كانا مرحبين بحرارة بالاتصالات مع السفارة، سواء كمسلمين أو كعرب»، وأشارت السفارة فى تعليقها على اللقاء بشكل عام إلى أن قيادة الجماعة تفتقر إلى الثقة بالنفس والتماسك، وهو ما قد يدفعها إلى توخى الحذر دائماً، وقالت الوثيقة إن «أبوالنصر» كان «ضعيفاً بدنياً وصورياً أكثر من كونه شخصاً مهماً فى الاجتماع»، وأن «مشهور» كان «أكثر من مجرد شكل» وأنه بدا «محترما» وكان يسيطر على الحوار بشكل واضح وبصوت ثابت وبتواصل بصرى عال.
كانت تعليقات موظفى المكتب حول أسفهم لخسارة التلمسانى تبدو وكأنها تهدف إلى نقل تصور عام عن عدم كفاءة أبوالنصر لخلافته.
وأشارت السفارة إلى أنها لا تنوى التدخل بين القيادة الهشة للإخوان والحكومة المصرية، موضحةً أن القيادة التالية للتلمسانى تحاول استخدام الولايات المتحدة لاختبار ما إذا كانت مستعدة لإضفاء الشرعية على جماعة الإخوان.